عيسى السرور: أنا مع جمعية الشعر الشعبي قلباً وقالباً... حاوَرَه – جعفر الديري:

حاوَرَه – جعفر الديري:



جيل الشعراء الذين عاصروا تكوّن جمعية الشعر الشعبي والذين التحقوا بالساحة الشعبية وبجمعية الشعر الشعبي هل هو جيل قادر على العطاء؟ وكيف ينظر هذا الجيل الى نتاجات من سبقه من الشعراء؟ وهل له رأي بخصوص الأخذ والرد بخصوص جمعية الشعر الشعبي؟ تلك مجموعة من الأسئلة تحتاج الى الوقوف أمامها والتساؤل بخصوصها لأنها تشكل لبنة أساسية في دراسة عطاء هذا الجيل من الشعراء. والشاعر الشاب عيسى السرور شاعر انضم الى جمعية الشعر الشعبي وشارك مشاركة مهمة في ساحة الشعر الشعبي وهو شاعر يلقى الكثير من الترحيب من قبل الشعراء الآخرين الذين يشهدون له بجميل ما يقدمه في قصائده. ونحن اذ نستضيفة في صفحة «تراث» يهمنا أن تكون آراؤه واضحة وصريحة وأن نخرج معه من هذا اللقاء بالكشف عن كثير مما يكتنف ساحة الشعر الشعبي في البحرين...

الشعر يمثّلني

* لماذا يكتب عيسى السرور الشعر؟ وكيف يتعامل مع قصيدة الشعر الشعبي؟

- أكتب الشعر بناء على ما يرضي ضميري وما يقنعني وما يمثل شخصيتي كشاعر، وأتعامل مع قصيدة الشعر الشعبي من خلال الفكرة أو الموضوع ومحاولة توظيفها في نص معين لا يكون مملوءا بالحشو وأن تعبر القصيدة عن المضمون الذي أريد التعبير عنه، وأن تكون القصيدة في متناول الجميع فلا تكون مباشرة ولا تكون مغرقة بالطلاسم.

* وأين تجد أهمية أن يعي الشاعر ما يجري حواليه من حوادث ووقائع؟

- إن لي أكثر من قصيدة متعلقة بفلسطين والعراق والأمة العربية والإسلامية ومن قبل كتبت في كوسوفو والبوسنة إذ إن لي مجموعة من القصائد التي تعبر عن الواقع، والوعي يتشكل للشاعر من خلال متابعته لما يدور حوله فلا يكون شعره منصبا على الغزل.

البحرين أمِّي

* فأين قصائدكم المتعلقة بما يجري في البحرين؟ وأين قصائدكم من قضاياها؟

- البحرين هي الأم ومهما كتب الشاعر فيها فلا يستطيع التعبير عن بلاده بمجرد قصيدة، فقد يخونه التعبير في طرح كل هذه الأمور، ولكنه يتفاعل مع وطنه من خلال مناسباته الوطنية، ولكن الشاعر لا يحب الكتابة في كل الأمور، إذ إن هناك مجموعة من الموضوعات لا تخدم القصيدة، لذلك يكتفي الشاعر بالكتابة عن الموضوعات التي يشعر بها أكثر والتي يستطيع أن يقدم شيئا مغايرا من خلالها وذلك أصدق للشاعر من كتابة قصيدة يخرج منها بكلام عادي متداول. ولاشك أن احساس المواطن بوطنيته موجود ونحن في هذه الفترة قد وعينا لأنفسنا، ذلك أننا اذا أردنا الرجوع الى كتاباتنا السابقة نجدها تختلف كثيرا عن كتاباتنا الآن، فلم نكن نحسب حسابا للابداع في القصيدة أو محاولة طرح شيء جديد من خلالها، فكنا نحسب القصيدة مجرد وزن فكل ما يرد على البال نكتبه طالما هو موزون، على عكس هذه الفترة التي أجدني فيها وقد قل انتاجي لحرصي على تقديم الجيد، وهو أمر يلاحظة المتتبع للساحة الخليجية وخصوصا في الكويت والسعودية إذ إن هناك الكثير من الشعراء المبدعين الذي أصبحت لهم نجومية من خلال قصائدهم وما يطرحونه على مستوى المفردات والأفكار.

* هل تقرأ نتاجات زملائك الشعراء؟ ومن من الأسماء يعجبك؟

- أنا من المتابعين للصحافة المحلية والصحافة الشعبية الخليجية، وأجد في نتاجات اخواني الشعراء تطورا ملموسا وقصائد كثيرة جيدة، ولاشك أن هناك من الشعراء من هم بحاجة الى الاهتمام بأنفسهم أكثر ويحتاجون الى تقبل النقد لأن من لا يتقبل النقد لن يتطور. ومن الشعراء الذين يعجبوني ويلفتون انتباهي فيصل الفهد، اياد المريسي، مازن الملا ومجموعة أخرى من الشعراء المبدعين.

أهميّة الثقافة

* إشكالية وجود نص شعري متميز من دون شاعر يتميز بسعة ثقافته كيف تراها من وجهة نظرك؟

- ربما يكون في عدم قدرة الشاعر على أن يعكس ثقافته مؤشرا على توجيهه من قبل الآخرين، ولكن لاشك أن الشاعر لا يقدم الجيد الا متى كان لديه شيء من الثقافة سواء من خلال اطلاعه أو قراءته أو تأثره بأحد الشعراء أو مجموعة من الشعراء الذين سبقوه، لكن الملاحظ أن هذا التأثر كثيرا ما تحول الى تقليد واستنساخ للقصائد. إذ نجد أن هناك اختلافا في الوزن والقافية، ولكن موضوع القصيدة أو توظيف الأفكار فيها مشابه لما ينتجه شعراء آخرون. وهي ظاهرة موجودة ولها حضورها في الساحة الشعبية الخليجية ككل، في الوقت الذي يجب فيه أن يكون للشاعر طريقه المستقل البعيد عن التقليد لأنه بذلك يلغي خصوصيته كشاعر له أسلوبه الخاص.

* فهل يقف دور الشاعر الشعبي عند حدود القصيدة الشعبية أم تجد أن له أهمية أكبر تتعدى ذلك؟

- لا شك في أن الشاعر الشعبي يلقى ردود فعل كثيرة من قبل متابعي ومتذوقي الشعر الشعبي وربما يكون هؤلاء المتلقون غير شعراء، ولكنهم ذوو ثقافة كبيرة ويستطيعون تمييز القصيدة الجيدة من الرديئة وهذا دليل أهميته، وأتصور أن هناك جملة من الشعراء اقتصر عطاؤهم على القصيدة الشعبية أو النبطية، بينما نجد أن هناك من الشعراء من لهم أكثر من اهتمام وهؤلاء تظهر أهميتهم من خلال أحاديثهم وفعالياتهم ومتابعاتهم، واذا أردنا ذكر أسماء نذكر الشاعر والباحث مبارك العماري وهو الشاعر المعروف بثقافته الواسعة وحضوره في الكثير من المشاركات كما أن له الكثير من المؤلفات في التراث الشعبي وكذلك الشاعر عبدالله خلف الدوسري الذي اكتشفت أخيراً أن له اصدارات قريبة في مجال الشعر الشعبي.

الشعبي أشهر من الفصيح

* وهل استطاع الشاعر الشعبي أن يثبت حضوره كشاعر مبدع أم أنه لايزال ينظر له على أساس كونه شاعرا شعبيا لا يقدم ما يوازي ما يقدمه شاعر الفصحى؟

- الشاعر الشعبي اليوم أصبحت سمعته أكبر من شاعر الفصحى، ونلمس ذلك من خلال المقارنة بين الأمسيات التي يحييها الشاعر الشعر الشعبي والأمسيات التي يحييها الشاعر الفصيح، إذ لا يمكن المقارنة بين الحضور في كلا الأمسيتين، وهذا أمر يحدث في الخليح العربي وليس في البحرين فقط، ولاشك أن هناك شعراء يكتبون بالفصحى وهم متميزون ولهم جمهورهم ولكنني هنا أتكلم عن الغالبية، فالحقيقة أن هناك من المتابعين من لا ينصف الشعر الشعبي ولديهم أفكار مسبقة عنه، وينظرون اليه على أنه مجرد كلام عامي ليس به شيء من التجديد، وهو أمر غير صحيح، إذ تجد أنه هناك من الشعراء الشعبيين من يتفوق على شعراء الفصحى فأنت تجد في السعودية والكويت مثلا الكثير من المثقفين الذين يحضرون أمسيات الشعر الشعبي ولاشك أن هناك أيضا في البحرين من النخب المثقفة من يحضر هذه الأمسيات، لكن نسبتهم قليلة.

* لماذا برأيك هذه الحملة الشرسة ضد جمعية الشعر الشعبي؟ ألا ترى أن الجمعية قدمت الكثير للشعراء؟

- جمعية الشعر الشعبي قدمت الكثير للشعراء كما ذكرت، وهي منذ أن بدأت مشوارها وهي تقدم الدعم المعنوي للشعراء من خلال الأمسيات والدورات، فالكثير من الشعراء لم يكن لهم في الشعر باع طويل فمنهم من كان يأتي الجمعية ولم يكن يعرف حتى الوزن ولكن باختلاطه بالشعراء وأعضاء الجمعية تطور، والكثير من الأسماء البارزة اليوم لم يكن لها وجود قبل الجمعية، والمعارضون لهم رأيهم الخاص وأنا لا اعلم الأسباب التي جعلتهم يتركون الجمعية وربما تكون أسبابهم غير مقنعة، ولا أحب التعرض الى احدهم. فأنا أحد أعضاء الجمعية ومع الجمعية قلبا وقالبا.

الشاعر عيسى سعد السرور

شاعر شعبي بحريني .. بدأ بنظم الشعر منذ بداية التسعينات ونشر في «صدى الاسبوع» نسيم البرايح، صفحة الشعر الشعبي بصحيفة «أخبار الخليج» وصفحة «تراث» أخيراً، ونشر في ملحق صحيفة «الاتحاد» في أبوظبي، وأجرت معه اذاعة قطر أكثر من لقاء، وكانت له أمسيتان في كلية الدراسات الاسلامية والعربية وقراءات شعرية في جمعية الشعر الشعبي ومشاركات في فعالياتها

المصدر: صحيفة الوسط البحرينية: العدد 701 - الجمعة 06 أغسطس 2004م الموافق 19 جمادى الآخرة 1425هـ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى