عرض /محمد عباس محمد عرابي
لقد تحدث الشعراء في كل العصور عن الحج، ومن هؤلاء الشعراء أبو نواس ابن القيم الشاعر البرعي، والشاعر أحمد شوقي،وفيما يلي بيان ما قالوه في ذلك :
يقول الشاعر أبو نواس
إِلَهَنا ما أَعدَلَك مَليكَ كُلِّ مَن مَلَك
لَبَّيكَ قَد لَبَّيتُ لَك لَبَّيكَ إِنَّ الحَمدَ لَك
وَالمُلكَ لا شَريكَ لَك ما خابَ عَبدٌ سَأَلَك
لَبَّيكَ إِنَّ الحَمدَ لَك وَالمُلكَ لا شَريكَ لَك
وصف ابن القيم حال الحجيج في بيت الله الحرام:
قال ابن القيم رحمه الله يصف حال الحجيج في بيت الله الحرام،وفيهاويتمنَّى الشاعر لو كان مِمَّن حضر مع النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم حجَّة الوداع فيقول:
فَلِلَّهِ كَمْ مِنْ عَبْرَةٍ مُهَرَاقَةٍ
وَأُخْرَى عَلَى آثَارِهَا لا تَقَدَّمُ
وَقَدْ شَرِقَتْ عَيْنُ الْمُحِبِّ بِدَمْعِهَا
فَيَنْظُرُ مِنْ بَيْنِ الدُّمُوعِ وَيَسْجُمُ
وَرَاحُوا إِلَى التَّعْرِيفِ يَرْجُونَ رَحْمَةً
وَمَغْفِرَةً مِمَّنْ يَجُودُ وَيُكْرِمُ
فَلِلَّهِ ذَاكَ الْمَوْقِفُ الأَعْظَمُ الَّذِي
كَمَوْقِفِ يَوْمِ الْعَرْضِ بَلْ ذَاكَ أَعْظَمُ
وَيَدْنُو بِهِ الْجَبَّارُ جَلَّ جَلالُهُ
يُبَاهِي بِهِمْ أَمْلاكَهُ فَهْوَ أَكْرَمُ
يَقُولُ عِبَادِي قَدْ أَتَوْنِي مَحَبَّةً
وَإِنِّي بِهِمْ بَرٌّ أَجُودُ وَأُكْرِمُ
فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي غَفَرْتُ ذُنُوبَهُمْ
وَأُعْطِيهِمُ مَا أَمَّلُوهُ وَأُنْعِمُ
فَبُشْرَاكُمُ يَا أَهْلَ ذَا الْمَوْقِفِ الَّذِي
بِهِ يَغْفِرُ اللَّهُ الذُّنُوبَ وَيَرْحَمُ
فَكَمْ مِنْ عَتِيقٍ فِيهِ كَمَّلَ عِتْقَهُ
وَآخَرُ يَسْتَسْعِي وَرَبُّكَ أَكْرَمُ
تمني حضور حجَّة الوداعمع النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم:
أَحِبَّتِي عَادَ ذِهْنِي بِي إِلَى زَمَنٍ
مُعَظَّمٍ فِي سُوَيْدَا الْقَلْبِ مُسْتَطَرِ
كَأَنَّنِي بِرَسُولِ اللَّهِ مُرْتَدِيًا
مَلابِسَ الطُّهْرِ بَيْنَ النَّاسِ كَالْقَمَرِ
نُورٌ وَعَنْ جَانِبَيْهِ مِنْ صَحَابَتِهِ
فَيَالِقٌ وَأُلُوفُ النَّاسِ بِالأَثَرِ
سَارُوا بِرُفْقَةِ أَزْكَى مُهْجَةٍ دَرَجَتْ
وَخَيْرِ مُشْتَمِلٍ ثَوْبًا وَمُؤْتَزِرِ
مُلَبِّيًا رَافِعًا كَفَّيْهِ فِي وَجَلٍ
لِلَّهِ فِي ثَوْبِ أَوَّابٍ وَمُفْتَقِرِ
مُرَنِّمًا بِجَلالِ الْحَقِّ تَغْلِبُهُ
دُمُوعُهُ مِثْلُ وَبْلِ الْعَارِضِ الْمَطِرِ
يَمْضِي يُنَادِي خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ
لَعَلَّ هَذَا خِتَامُ الْعَهْدِ وَالْعُمُرِ
وَقَامَ فِي عَرَفَاتِ اللهِ مُمْتَطِيًا
قَصْوَاءَهُ يَا لَهُ مِنْ مَوْقِفٍ نَضِرِ
تَأَمَّلَ الْمَوْقِفَ الأَسْمَى فَمَا نَظَرَتْ
عَيْنَاهُ إِلاَّ لأَمْوَاجٍ مِنَ الْبَشَرِ
فَيَنْحَنِي شَاكِرًا للهِ مِنَّتَهُ
وَفَضْلَهُ مِنْ تَمَامِ الدِّينِ وَالظَّفَرِ
يَشْدُو بِخُطْبَتِهِ الْعَصْمَاءِ زَاكِيَةً
كَالشَّهْدِ كَالسَّلْسَبِيلِ الْعَذْبِ كَالدُّرَرِ
مُجَلِّيًا رَوْعَةَ الإِسْلامِ فِي جُمَلٍ
مِنْ رَائِعٍ مِنْ بَدِيعِ الْقَوْلِ مُخْتَصَرِ
دَاعٍ إِلَى الْعَدْلِ وَالتَّقْوَى وَأَنَّ بِهَا
تَفَاضُلَ النَّاسِ لا بِالْجِنْسِ وَالصُّوَرِ
مُبَيِّنًا أَنَّ للإِنْسَانِ حُرْمَتَهُ
مُمَرِّغًا سَيِّءَ الْعَادَاتِ بِالْمَدَرِ
يَا لَيْتَنِي كُنْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ إِذْ حَضَرُوا
مُمَتَّعَ الْقَلْبِ وَالأَسْمَاعِ وَالْبَصَرِ
وَأَنْبَرِي لِرَسُولِ اللَّهِ أَلْثُمُهُ
عَلَى جَبِينٍ نَقِيٍّ طَاهِرٍ عَطِرِ
أُقَبِّلُ الْكَفَّ كَفَّ الْجُودِ كَمْ بَذَلَتْ
سَحَّاءَ بِالْخَيْرِ مِثْلَ السَّلْسَلِ الْهَدِرِ
أَلُوذُ بِالرَّحْلِ أَمْشِي فِي مَعِيَّتِهِ
وَأَرْتَوِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ بِالنَّظَرِ
أُسَرُّ بِالْمَشْيِ إِنْ طَالَ الْمَسِيرُ بِنَا
وَمَا انْقَضَى مِنْ لِقَاءِ الْمُصْطَفَى وَطَرِي
أَمَّا الرِّدَاءُ الَّذِي حَجَّ الْحَبِيبُ بِهِ
يَا لَيْتَهُ كَفَنٌ لِي فِي دُجَى الْحُفَرِ
يَا غَافِلاً مِنْ مَزَايَاهُ وَرَوْعَتِهَا
يَمِّمْ إِلَى كُتُبِ التَّارِيخِ وَالسِّيَرِ
يَا رَبِّ لا تَحْرِمَنَّا مِنْ شَفَاعَتِهِ
وَحَوْضِهِ الْعَذْبِ يَوْمَ الْمَوْقِفِ الْعَسِرِ
قصيدة البُرعي في الحج:
تقع قصيدةالبُرعيفي ثلاثة عشر بيتاً ,وفيها يصور شدة شوقه إلى مكة المكرمة ،ويتمنى حضور الموقف مع الحجيج .. فيقول:
يـا راحـلـيـن إلى منى بقيادي
سـرتـم وسـار دليلكم يا وحشتي
حـرمـتـم جـفني المنام ببعدكم
ويـلوح لي ما بين زمزم والصفا
ويـقـول لـي يا نائما جد السري
مـن نال من عرفات نظرة ساعة
تالله مـا أحـلى المبيت على منى
ضـحـوا ضحاياهم وسال دماؤها
لبسوا ثياب البيض شارات الرضى
يـا رب أنت وصلتهم صلني بهم
فـإذا وصـلـتـم سالمين فبلغوا
قـولـوا لـهـم عبد الرحيم متيم
صـلـى عـليك الله يا علم الهدى
هـيـجـتـم يوم الرحيل فؤادي
الـشـوق أقلقني وصوت الحادي
يـا سـاكـنين المنحنى والوادي
عـند المقام سمعت صوت منادي
عـرفـات تـجلو كل قلب صادي
نـال الـسـرور ونال كل مرادي
فـي لـيـل عيد ابرك الأعيادي
وأنـا الـمـتيم قد نحرت فؤادي
وأنـا الـمـلوع قد لبست سوادي
بـحـقـكـم يـا رب فك قيادي
مـنـي الـسلام أُهيل ذاك الوادي
ومـفـارق الأحـبابوالأولادي
مـا سـار ركـب أو ترنم حادي
قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي في الحج :
يقول الدكتور د. نعيم محمد عبد الغني في دراسة لهبعنوان :الحج بين شوقي أمير الشعراء وإقبال شاعر الإسلام:
قال أحمد شوقيقصيدة إلى "عرفات الله يا خير زائر" تهنئة للخديوي عباس حلمي الثاني بعد عودته من أداء فريضة الحج، وهي قصيدة تأتي اعتذاراً من شوقي للخديوي الذي دعاه لأداء فريضة الحج معه ولكنه لم يذهب، وقد قبل الخديوي اعتذاره لمكانة شوقي عنده.
يبدأ شوقي مخاطبا الخديوي خاصة ومخاطبا زائر البيت الحرام محييا إياهما وذاكرا سحائب الرحمة على هذه البقعة المطهرة فيقول:
إِلى عَرَفاتِ اللَهِ يا خَيرَ زائِرٍ"
"عَلَيكَ سَلامُ اللهِ في عَرَفاتِ
وَيَومَ تُوَلّى وُجهَةَ البَيتِ ناضِرًا"
"وَسيمَ مَجالي البِشرِ وَالقَسَماتِ
عَلى كُلِّ أُفقٍ بِالحِجازِ مَلائِكٌ"
"تَزُفُّ تَحايا اللهِ وَالبَرَكاتِ
ثم يصف ما في المناسك وصفا مجملا؛ مستشفا منها معاني وأخيلة تجمع بين المادة والروح، فعين زمزم لا تفيض ماء بل تفيض رحمات وأجرا فيقول:
وَفي الكَعبَةِ الغَرّاءِ رُكنٌ مُرَحِّبٌ"
"بِكَعبَةِ قُصّادٍ وَرُكنِ عُفاةِ
وَما سَكَبَ الميزابُ ماءً وَإِنَّما"
"أَفاضَ عَلَيكَ الأَجرَ وَالرَحَماتِ
وَزَمزَمُ تَجري بَينَ عَينَيكَ أَعيُنًا"
"مِنَ الكَوثَرِ المَعسولِ مُنفَجِراتِ
وَيَرمونَ إِبليسَ الرَجيمَ فَيَصطَلي"
"وَشانيكَ نيرانًا مِنَ الجَمَراتِ
ويلفت نظر شوقي ما يرى من مظاهر المساواة بين الناس فقيرهم وغنيهم، فالكل يقف في صعيد واحد وبلباس واحد لا فرق لعربي على عجمي إلا بالتقوى فيقول:
لَكَ الدينُ يا رَبَّ الحَجيجِ جَمَعتَهُمْ"
"لِبَيتٍ طَهورِ الساحِ وَالعَرَصاتِ
أَرى الناسَ أَصنافًا وَمِن كُلِّ بُقعَةٍ"
"إِلَيكَ انتَهَوا مِن غُربَةٍ وَشَتاتِ
تَساوَوا فَلا الأَنسابُ فيها تَفاوُتٌ"
"لَدَيكَ وَلا الأَقدارُ مُختَلِفاتِ
مهرجان الكون ..
أرى في مهرجان الكون شيئاً
عجيباً لا يُصوَّر بالكلامِ
مقامٌ جلّ عن وصفي وماذا
يقول الشعرُ عن أسمى مقامِ؟!
المراجع :
نعيم محمد عبد الغني:الحج بين شوقي أمير الشعراء وإقبال شاعر الإسلام، رابطة أدباء الشام ،31 تشرين أول 2009م
شعر عن الحج (1)
خاص شبكة الألوكة
تاريخ الإضافة: 18/11/2007 ميلادي - 8/11/1428 هجري
موسى بن سليمان
أجمل ما قيل من الشعر في الحج
06كانون1 2008رابطة أدباء الشام