د. عبدالواحد التهامي العلمي - تلقي القراء القدماء لأدب الجاحظ (1)

[نسعى في هذا المقال إلى إبراز تلقي القدماء لنثر الجاحظ وأحكامهم عليه بناء على آفاق انتظاراتهم. وقد تمكنَّا من الوقوف على مجموعة من المواقف والآراء متفرقة في ثنايا مؤلفاتهم، سواء منهم الذين عاصروه أو عاشوا بعده. فقمنا بفحصها لأجل الوقوف على وجهات نظرهم ومواقفهم من أدب الجاحظ، كأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري في كتابه (تأويل مختلف الحديث)، وشهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي في (معجم الأدباء)، وعلي بن محمد بن العباس أبي حيَّان التوحيدي في كتابه (البصائر والذخائر)، وأحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان في (وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان)، وأبي إسحق إبراهيم بن يحيى بن علي الكتبي المكنَّى بالوطواط في كتابه (غرر الخصائص الواضحة وغرر النقائص الفاضحة)، و القاضي أبي علي المحسن بن أبي القاسم التَّنُوخي في كتابه (الفرج بعد الشدَّة)، والإمام الحافظ شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني في كتابه (لسان الميزان)، والإمام شهاب الدين أبي الفدء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي في كتابه (البداية والنهاية)، وأبي منصور عبد القاهر بن طاهر محمد البغدادي في كتابه (الفرق بين الفرق)، وأبي عبد الله حمزة بن الحسن الأصفهاني في كتابه (التنبيه على حدوث التصحيف)، والفقيه المتكلم أبي المظفر الإسفراييني في كتابه (التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين)، وأبي الحسن بن الحسين بن علي المسعودي في كتابه (مروج الذهب ومعادن الجوهر)، وأبي الفضل أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد المعروف ببديع الزمان الهمذاني في كتابه (المقامات)، ومصطفى بن عبد الله حاجي خليفة في كتابه (كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون).
والقاسم المشترك بين هذه المؤلفات التي أشارت إلى أدب الجاحظ، هو صدورها عن معيار أخلاقي وديني في الحكم والتقويم].




*****

(1

)
1- الجاحظ في مرآة القدماء (1)

لقد تباينت مواقف القراء القدماء وتعارضت أحكامهم؛ فبينما سار بعضهم في اتجاه تقريظ أدب الجاحظ وإبراز محاسنه ومكانته، قام بعضهم بهجاء نثره والتعرض لمساوئه ومثالبه وإبراز عيوبه، واختار آخرون موقفا وسطا بين التقريظ والتعييب.
أشار كثير من القراء القدامى إلى مقدرة الجاحظ البيانية، وثقافته الواسعة، ومعارفه الغزيرة، وإحاطته بعلوم عصره كلها، وتآليفه التي تتسم بالموسوعية. ومن بينهم خصمه اللدود ابن قتيبة. أما أبوحيان التوحيدي (تـ 414 هـ) فقد ألف كتابا يشيد ببلاغته وبراعته وبيانه سماه (تقريظ عمرو بن بحر). كما أنه نقل في كتاب (البصائر والذخائر) نصا يدل على إعجاب ثابت بن قرة ببيانه وسعة علمه وثقافته: "فسبحان من سخَّر له البيان وعلَّمه، وسلَّم في يده قَصب الرهان وقدَّمه، مع الاتساع العجيب، والاستعارة الصائبة، والكتابة الثابتة، والتصريح الْـمُغني، والتعريض الْـمُنْبي، والمعنى الجيد، واللفظ المفخم، والطلاوة الظاهرة، والحلاوة الحاضرة، إن جَدَّ لم يُسْبَق، وإن هَزَلَ لم يُلْحَق، وإن قال لم يُعَارَض، وإن سكت لم يُعْرَض له".
إن نظرة التوحيدي إلى نثر الجاحظ الأدبي كانت نظرة إعجاب حتى إنه لا يكاد يخفي ولعه ببلاغته التي تتميز ببعدها العملي والنفسي والفكري: "أنا ألهج –أيَّدك الله- بكلام أبي عثمان ولي فيه شركاء من أفاضل الناس فلا تنكر روايتي لكلامه فإن لي فيه شفاء، وبه تأدبا ومعرفة". وفي السياق نفسه يؤكِّد رأي ثابت بن قرَّة الذي أورده في كتابه (البصائر والذخائر): "وأبو عثمان الجاحظ، فإنك لا تجد مِثْلَهُ، وإن رأيت ما رأيت رجلا أسبقَ في ميدان البيان منه، ولا أبعدَ شَوْطاً، ولا أَمَدَّ نَفَساً، ولا أقوى منه، إذا جاء بيانُه خجل وجهُ البليغ المشهور، وكَلَّ لِسَانَ الْـمُسْحَنْفِرِ الصَّبُور، وانتفخ سحر العارم الجسور، ومتى رأيت (ديباجة كلامه رأيت) حَوْكاً كثيرَ الوَشْي، قليلَ الصَّنعة، بعيدَ التكلُّف، حلوَ الْـمَجنى، مليحَ العَطَل، له سلاسة كسلاسة الماء، ورقَّة كرقَّة الهواء، وحلاوة كحلاوة النَّاطِل.".
ومن الأقوال المشيدة بالجاحظ ما أورده ياقوت الحموي (تـ 626 هـ) في (معجم الأدباء) من أحاديث، فقد جاءت على لسان أبي هفَّان إشارة فيها تعلق الجاحظ بالكتب وحبه الشديد لها، إلى درجة أنه كان يقرأ كل كتاب يقع بين يديه: " لم أر قط ولا سمعت من أحب الكتب والعلوم أكثر من الجاحظ، فإنه لم يقع بيده كتاب قط إلا استوفى قراءته كائنا ما كان، حتى إنه كان يكتري دكاكين الورَّاقين ويبيت فيها للنظر".
أما المرزباني (تـ 384هـ) فأشار إلى انتمائه إلى فرقة المعتزلة، وإلى ثقافته الواسعة وتبحره في العلم، وإلى مؤلفاته الكثيرة، ومكانته العلمية والأدبية والكلامية. "قال المرزباني: قال أبو بكر أحمد بن علي: كان أبو عثمان الجاحظ من أصحاب النَّظَّام، وكان واسع العلم بالكلام، كثير التبحر فيه شديد الضبط لحدوده، ومن أعلم الناس به وبغيره من علوم الدين والدنيا، وله كتب كثيرة مشهورة جليلة في نصرة الدين، وفي حكاية مذهب المخالفين، وفي الآداب والأخلاق، وفي ضروب من الجد والهزل، وقد تداولها الناس وقرأوها وعرفوا فضلها. وإذا تدبَّر العاقل المميز أمر كتبه علم أنه ليس في تلقيح العقول وشحذ الأذهان، ومعرفة أصول الكلام وجواهره، وإيصال خلاف الإسلام ومذاهب الاعتزال إلى القلوب- كتب تشبهها، والجاحظ عظيم القدر في المعتزلة وغير المعتزلة من العلماء الذين يعرفون الرجال ويميزون الأمور".
وأمّا ثابت بن قرَّة (تـ 288هـ) فيشيد بالجاحظ إشادة كبيرة ويعلي من قدرته البيانية والحجاجية. "حدثنا أبو سعيدٍ السِّيرَافِي–وهمُّك مِنْ رَجُلٍ، وناهيك- من عالم، وشَرْعُكَ من صَدُوقٍ –قال: حدَّثنا جماعةٌُ من الصَّابئين الكتَّاب: أن ثابتَ بْنَ قُرَّةَ قال: ما أَحْسُدُ هذه الأمة العربية إلا على ثلاثة أنْفُسٍ فإنه:
عَقِمَ النِّسَاءُ فَلا يَلِدْنَ شَبيهَهُ إِنَّ النِّسَـاءَ بمِـثْـلِـهِ عُقُمُ
فقيل له: أَحْصِ لنا هؤلاء الثلاثةَ. قال: أوَّلهُم عمر بن الخطاب... والثاني الحسن البصري... والثالث أبو عثمان الجاحظ، خطيبُ المسلمين، وشيخُ المتكلمين... إن تكلَّم حاكى سَحْبَانَ في البلاغة، وإن ناظر ضَارع النَّظَّام في الجدال، وإن جدَّ خرج في مِسْكِ عامِر بنِ عبدِ قيسٍ، وإن هزل زاد على مَزْيَدٍ حبيبِ القلوب ومِزَاجِ الأرواحِ، وشيخِ الأدبِ ولسانِ العربِ... جمع بين اللسان والقلم، وبين الفطنة والعلم، وبين الرأي والأدب، وبين النثر والنظم، وبين الذكاء والفهم...".
لقد أشار ياقوت الحموي -تعقيبا على قول ثابت بن قُرَّة- إلى أنه كان موضوعيا في حكمه على الرغم من كونه ينتمي إلى الصابئة، و"لا يرى للإسلام حرمة ولا للمسلمين حقًّا". لقد قال قولا حقا بعيدا عن العصبية، وقد أخذه العجب من رجل لا ينتمي إلى ملة الإسلام والعرب، وقد "أبصر الحقَّ بعين لا غشاوة عليها من الهول"، ومع ذلك قدَّم لنا صورة مشرقة عن عمر بن الخطاب، والحسن البصري، والجاحظ، كلها إعجاب بهذه الشخصيات الإسلامية وتقريظ لها، حتى إنَّه من فرط ذلك لم يخف حسده للأمة العربية التي أنجبت مثل هذه الشخصيات.

*****

(2)

وأما أبو الفضل محمد بن الحسين بن العميد (تـ 360 هـ) فأشار إلى بلاغة الجاحظ وفصاحته وبيانه وذلاقة لسانه وقوة بديهته وحجاجه. يقول: "ومن كتاب هلالٍ قال أبو الفضل ابن العميد: ثلاثة علوم الناسُ كلُّهم عِيَالٌ فيها على ثلاثة أنفس: أما الفقه فعلى أبي حنيفة... وأما الكلام فعلى أبي الهُذَيْلِ، وأما البلاغةُ والفصاحةُ واللَّسَنُ والعَارضَةُ، فعلى أبي عثمان الجاحظ".
ومما يثبت أيضا مقدرته البيانية النص الآتي: "قيل لأبي هفَّان لم لا تهجو الجاحظ وقد ندد بك وأخذ بمُخَنَّقِكَ فقال: أمِثلي يُخْدَع عن عقله، والله لو وضع رسالة في أرنبة أنفي لما أمست إلا بالصين شُهْرَةً، ولو قلتُ فيه ألفَ بيتٍ لمََا طَنَّ منها بيت في ألف سنة".
وفي الاتجاه نفسه يثني ابن خلكان (تـ 681 هـ)، في كتابه (وفيات الأعيان) على الجاحظ ويقرِّظ كتبه في قوله: "أبو عثمان بن بحر بن محبوب الكناني، الليثي المعروف بالجاحظ البصري، العالم المشهور، صاحب التصانيف في كل فن... ومن أحسن تصانيفه وأمتعها كتاب (الحيوان)، فلقد جمع فيه كل غريبة... وكذلك كتاب (البيان والتبيين)، وهي كثيرة جدا".
وإذا كان موقف هؤلاء القراء تقريظيا، فإن مواقف أخرى كثيرة اتسمت بالتحامل على الجاحظ؛ فقد أشارت هذه المواقف إلى شخصية الجاحظ الخِلقية والخُلُقية والعلمية؛ فوُصف بدمامة الصورة، وقبح الوجه ونتوء العينين، كما جاء في هجاء أحمد بن سلامة الكتبي الذي جعله أكثر قبحا من الخنزير:
لَوْ يُمْسَخُ الْخِنْزِيرُ مَسْخاً ثَانِياً = مَا كَانَ إِلاَّ دُونَ قُبْحِ الْجَاحِـظِ
وَِإذَا الْمِرْآةُ جَلَّتْ عَلَيْهِ وَجْهَهُ = لَمْ تَخْلُ مُقْلَتُهُ بِهَا مِنْ وَاعِـظِ
ووصف من الناحية الخُلُقية ببعض الصفات كنكران الجميل، وانعدام الرضى بالواقع والحياة، وانتقاد عيوب الناس والمجتمع وتعدادها، وسوء النوايا وفسادها، وخبث النفس وغموضها، كما يتضح ذلك في قول التَّنُوخي (تـ 384 هـ): "وجدت في بعض الكتب أن الجاحظ أنفذ إلى أحمد ابن أبي دُؤَاد بعد نكبة محمد بن عبد الملك الزيَّات مقيَّدا في قميص رثٍّ فأوقف بين يديه ليأمر فيه بأمره فقال له ابن أبي دُؤَاد: والله ياعمرو ما علمتك إلاَّ سبَّابا للنعمة، جاحدا للصنيعة، معدِّدا للمثالب، مخفيا للمناقب، وأنَّ الأيام لا تُصلح مثلك، لفساد طَويَّتِك وسوء اختيارك".
ومن الناحية الدينية، ذكرت هذه القراءات انحرافه المشهور عن الدين وعن القيم الأخلاقية كمذهبه في ترك الصلاة ، أو استخفافه بالتعاليم الدينية؛ فقد ورد في قول التَّنُّوخِي: "أخبرنا علي ابن أبي علي. قال: حدثنا محمد بن العباس الخزَّاز قال: حدثنا أبوبكر محمد بن القاسم الأنباري. قال: حدثنا أبو عمر أحمد بن أحمد السَّوْسَنْجَرْدِي العسكري قال: حدثني ابن أبي الذَّيَّال المحدث بِسُرَّ مَنْ رَأَى قال:
حضرتُ وليمة حضرها الجاحظ وحضَرَتْ صلاةُ الظهر فصلينا وما صلَّى الجاحظ. وحضرت صلاة العصر فصلينا وما صلَّى الجاحظ. فلما عزمنا على الانصراف. قال الجاحظ لرب المنزل إني ما صليت لمذهب أو سبب أخبرك به، فقال له، أو فقيل له: ما أظن أن لك مذهبا في الصلاة إلا تركها".
ويتعرض ابن قتيبة (تـ 276 هـ) إلى مسألة استخفاف الجاحظ بالدين مبرزا بعض مظاهر هذا الاستخفاف، التي تتمثل في استهزائه بالحديث النبوي، و بالحجر الأسود الذي زعم أنه كان أول الأمر "أبيض فسوَّده المشركون، وقد كان من الواجب أن يبيِّضه المسلمون بعد إسلامهم". ومن المعروف أن ابن قتيبة ينتمي عقديا إلى أهل السنة، ولأجل ذلك يرجح أن يكون ذلك سببا لموقفه هذا من الجاحظ المعتزلي، وهو الموقف الذي ينكر فيه فضائله وآراءه.
يقول ابن قتيبة: "...وهو -مع هذا- من أكذب الأمة، وأوضعهم لحديث، وأنصرهم لباطل."
ووقف عديد من القراء على تصحيفه. ومن بين هؤلاء حمزة بن الحسن الأصفهاني (تـ 360هـ)، الذي يعد من القراء الذين تتبعوا ثغرات الجاحظ، مشيرا إلى التصحيف الموجود في نثره، وكأنه أراد بذلك، التهوين من شأن بلاغته والإشارة إلى قلة فهمه، وقصوره في إدراك المعاني. يقول: "سمعت ابن دريد يقول: وجدت للجاحظ في كتاب البيان تصحيفا شنيعا في الموضع الذي يقول فيه: حدثني محمد بن سلام الجمحي، قال سمعت يونس يقول: ما جاءنا عن أحد من روائع الكلام ما جاءنا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو عن البَتيّ أي عن عثمان البَتِّي، فأما النبي صلى الله عليه وسلم فلا شك عند الملِّي والذِّمِّي أنه كان أفصح الخلق، قال ابن دريد: وأخطأ في هذا الكتاب في تفسير قول مالك بن أسماء بن خارجة حين وصف جارية:
مَنْطِقٌ رائعٌ وَتَلْحَنُ أحْيا = ناً وَخَيْرُ الْحَدِيثِ مَا كَانَ لَحْناَ
فقال الجاحظ: يستطرف من الجارية أن تكون غير فصيحة، وأن يعتري منطقها اللحن، قال ابن دريد: وليس معنى اللحن ههنا ما ذكر، وإنما أراد أنها تتكلم بالشيء وتريد غيره من ذكائها وفطنتها. وهذا كما قال الله تعالى: "ولَنُعَرِّفَنَّهم في لحن القول".
أما قراءة عبدالقاهر البغدادي (تـ469 هـ) فعملت على تجريد الجاحظ من صفة الإنسانية ل"جهالاته في ضلالاته". يقول: "ذكر الجاحظية: هؤلاء أتباع عمرو بن بحر الجاحظ الذين اغترُّوا بحسن بيان الجاحظ في كتبه التي لها ترجمة تروق بلا معنى واسم يهول، ولو عرفوا جهالاته في ضلالاته لاستغفروا الله تعالى من تسميتهم إياه إنسانا، فضلا عن أن ينسبوا إليه إحساناّ".
وإذا كان ابن كثير الدمشقي (تـ774 هـ)، في كتابه (البداية والنهاية)، قد تحامل على الجاحظ، إلا أنه مع ذلك أبدى إعجابه بعقله وموسوعيته وذكائه وقيمة مؤلفاته؛ فقد أشار إلى اعتزاله، ولقبه، وبشاعة منظره، ورداءة اعتقاده، وخروجه عن الطريق القويم، كما أشار إلى شخصيته العلمية والأدبية ومكانة كتبه وقيمتها. يقول: "...الجاحظ المتكلم المعتزلي، وإليه تنسب الفرقة الجاحظية لجحوظ عينيه، ويقال له الحدقي، وكان شنيع المنظر، سيئ المخبر، رديء الاعتقاد، ينسب إلى البدع والضلالات، وربما جاز بعضهم إلى الانحلال حتى قيل في المثل: (ياويح من كفره الجاحظ). وكان بارعا فاضلا قد أتقن علوما كثيرة، وصنف كتبا جمَّة تدل على قوة ذهنه وجودة تصرفه. ومن أجلِّ كتبه كتاب (الحيوان) و(البيان والتبيين)."
وأورد ابن حجر قولين يكشفان عن موقفين يجمعان بين الثناء والتعييب؛ فيشيران إلى سلاسة لغته، وعذوبة بيانه، واتساع معرفته، إلى جانب ضلاله ، وهزله، وكذبه: "وقال ابن حزم في (الملل والنحل): كان أحد المجَّان الضلاَّل، غلب عليه الهزل، ومع ذلك فأنا ما رأيت له في كتبه تعمد كذبة يوردها، مثبتا لها، وإن كان كثيرا لا يراد لكذب غيره. وقال أبو منصور الأزهري في مقدمة (تهذيب اللغة)، وممن تكلم في اللغات بما حصره لسانه وروى عن الثقات ما ليس من كلامهم الجاحظ، وكان أوتي بسطة في القول، وبيانا عذبا في الخطاب، ومجالا في الفنون، غير أن أهل العلم ذبوه وعن الصدق دفعوه".




* جريدة الشمال، عدد يوم السبت 15 يونيو 2024 .


1718967278189.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى