علجية عيش - في الذكرى الـ: 32 لاغتيال المجاهد و الرئيس الجزائري محمد بوضياف

خبير سياسي يكشف عن أسباب اغتيال محمد بوضياف:

هناك حماية خارجية لمخطط اغتيال محمد بوضياف

(بوضياف كان يتحاشى الحديث عن الصحراء الغربية لأنه كان ضيفا عند ملك المغرب)

ها هي الذكرى الـ: 32 لاغتيال الرئيس السابق محمد بوضياف تمر و كأنها لا حدث ، ففي مثل هذا اليوم ( 29 جوان 1992 ) وقعت جريمة الإغتيال من داخل دار الثقافة بعنابة و التي سميت على اسمه و هو يلقي خطابا ، و لا تزال آثارها في نفسية الشعب الجزائري منقوشة في الذاكرة الشعبية و هو الذي كان يأمل أن يحل الأزمة في الجزائر بعد توقيف المسار الانتخابي و حلّ الجبهة الإسلامية للإنقاذ و دخول الجزائر في حرب أهلية سُفكت فيها الدماء راح ضحيتها أبرياء، كان الجدل قائما حول ظروف اغتيال محمد بوضياف و لم يمض على ترأسه البلاد سوى 06 أشهر فقط، و كأن الرجل كان على موعد مع الموت، و انتشرت الإشاعات ، كل واحد يلقي التهمة على الآخر

448643694_1181220589682697_2973988548135029025_n.png

لقد بدأ محمد بوضياف نشاطه السياسي ضمن المنظمة الخاصة، بعد انضمامه في صفوف حزب الشعب الجزائري و الحركة الوطنية، حيث عرف بوطنيته و صلابته و هي شيمة كل القادة الثوار، ليس من السهل العودة هنا الى ماضي الرجل منذ ولادته و انضمامه إلى الحركة الوطنية و صراعه مع بعض القادة بسبب مواقفه ، التي دفعته إلى تأسيس حزب سياسي سمّاه "الحزب الثوري الإشتراكي" و هو أول حزب سياسي يؤسسه الرئيس المغتال محمد بوضياف قبل أن يؤسس حسين آيت أحمد حزبه جبهة القوى الاشتراكية في 1963 ثم تحويل جبهة التحرير الوطني من منظمة سياسية إلى حزب سياسي في سنة 1964 و الذي أدى إلى نفيه، كل هذه الأسباب كانت تداعيات صراعات قديمة .
ظل محمد بوضياف منفيا بالمغرب إلى حين تم الاستنجاد به خلال المأساة الوطنية لحل الأزمة و عقد الصلح بين النظام و قادة جبهة الإنقاذ، أما قضية اختلاف بوضياف مع دائرة الاستعلامات و الأمن DRS خرج خبير سياسي عاش تلك المرحلة عن صمته و هو الخبير (س.س) الذي يتحفظ عن نشر اسمه حيث قال أنه لو كان الجهاز ( DRS ) حقيقة بكل رصيده الاحترافي وسمعته المترامية في خلاف مسبق مع بوضياف ومتورطا في عملية اغتياله فهل من الذكاء والحكمة أن يقوم بكل تلك العملية الاستعراضية الغبية ؟ ثم ما الذي كان يمنعه من القيام بتلك العملية وبوضياف في المغرب دون إثارة الشبهة حوله؟، يضيف قائلا: هذا إذا سلمنا فرضًا في تورط الجهاز في اغتياله، واستحضر هذا الشاهد كلام سعيداني الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني و نحن نعرف جيدا لصالح من يشتغل، في اتهامه للجهاز لفشله في حماية بوضياف، فلو كان الجهاز متورطًا حقيقة و بالأدلة الدامغة لما تورع في اتهامه مباشرة و أمام الملأ عوض لومه على عجزه في حماية بوضياف.

يعتقد صاحب التقرير أنه من الخساسة و الدناءة اتهام الجهاز بالتورط في عملية اغتيال بوضياف، موضحا أن مصداقية الجهاز أكبر من الوقوع في سقطة شنيعة كهذه وهو الذي حمى الثورة منذ بدايتها فكيف ليده أن تمتد نحو استهداف رموزها مهما كان هناك اختلاف في المواقف معها؟ ثم هل كان الجهاز غبيا ليقوم بعملية استعراضية كتلك و ينسبها للجماعات الإرهابية؟ لكن في المقابل ما الذي منع الجهاز من استباق الأحداث وتجنيب بوضياف تلك النهاية المأساوية، هل صحيح أن بوضياف كان مقربا من المخزن ويملك رؤية مخالفة لموقف الجهاز والنظام ككل حينها حيال قضية الصحراء الغربية كما يشيع البعض حوله، لتمرير تورط الجهاز في اغتياله؟، يضيف المتحدث أن الجهاز لم يجعل من الذين خالفوه في قضية الصحراء الغربية و نظام المخزن أعداءً له، بل كان يعرف أنّهم مغرر بهم لا غير، و بوضياف لم يكن دائمًا ضد أو مع المخزن في قضية الصحراء بل كان يتحاشى الحديث عنها كونه ضيف عند الملك، ففي زمن بوتفليقة كانت هناك تصريحات من أطراف شتى ( جزائرية) تحمل في معانيها بأنّ الطريق الصحيح يكمن في تخلي الجزائر عن القضية الصحراوية، ومع ذلك بقي الجهاز يعمل لوحده في هاته القضية رفقة رجال الدولة في مفاصلها، وترك أهل التهريج لاستكمال مسرحية ( القبطان).
448644438_2380707482118187_6802782645192961827_n.png

و رد هذا الخبير على سؤال: لماذا الجهاز عجز عن حماية بوضياف؟! و قال أن الإجابة على هذا السؤال تكمن في طرح سؤال آخر حول ردود الفعل الدولية تجاه اغتياله؟، حسب التقرير كانت ردود الفعل لا ترقى لمستوى التنديد ، فضلًا عن فرض العقوبات، وهذا دليل على وجود حماية خارجية للقتلة، من هاته النقطة يبدأ الجهاز عمله، هل القتلة مجرد موظفين لا غير؟! وهل الجهة الخارجية مستعدة لفرض خيارات أكثر قسوة من خيار اغتيال بوضياف؟ وهل الجهاز يستطيع المقاومة في تلك الفترة؟ وهل الاغتيال كان مدبرًا في الكواليس؟ أم أنّه خيار طارئ تم فرضه في آخر لحظة؟... هذه الأسئلة ظلت معلقة الى اليوم، خاصة و أن الجهاز في تلك الفترة لم يكن الفاعل الأوّل في السلطة الفعلية، بل اكتسب تلك الفاعلية بعد مرور السنوات الأولى من الفوضى، وهذا ما جعله أكثر قوة وصلابة و أصبح الفاعل الأكثر تأثيرا في فرض خارطة الطريق لتسوية الأزمة، تجدر الإشارة أن عودة بوضياف الى الجزائر، كانت مفاجأة لكثير من السّاسة، لأن الرجل كما يقال كان رافضا للسلطة حين وقع الإختلاف بين قادتها، و لكن صوت الوطن ناداه لإخراجه من الأزمة ، حيث قُدِّمَ للشعب كنموذج للنزاهة و النقاء و الزهد، ناهيك عن تاريخه النضالي الطويل و حسه الوطني و حبه للوطن.

قراءة علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى