الكوميديا قصيدة ملحمية كتبها دانتي بالعامية الإيطالية أثناء وجوده في المنفى في فلورنسا بين 1302-1321 غنية وملهمة بسحرها وسيطرتها ولها نكهة فريدة ونبضة متوهجة تنطق سطورها بكل معاني الروعة والجمال والتخييل.. مترعة بالفلسفة والرموز والصور والشخوص والايحاءات.
تتكون الملحمة من ثلاثة أجزاء رئيسية: الجحيم والمطهر والجنة، رحلة تخييلية في العوالم الثلاثة حيث يلتقي دانتي بمختلف الشخصيات والأرواح وتضمّ مئة أنشودة متكاملة؛ في الجحيم أربعٌ وثلاثون أنشودة، ويحتوي المطهر والجنة على ثلاث وثلاثين أنشودة لكل منهما.
###**بدايةالرحلة**
"في منتصف طريق حياتنا، وجدت نفسي
في غابة مظلمة، حيث الطريق المستقيم كان ضائعًا.
آه، كم كان وصفها صعبًا،
هذه الغابة الموحشة والشرسة والمُرعبة،
بحيث يستدعى التفكير فيها الخوف من جديد"
يمثل هذا المقطع بداية رحلته الروحية، يجد دانتي نفسه في منتصف حياته ضائعًا في الغابة المظلمة مكان رمزي يعبر عن الاضطراب والضياع الروحي. كان المكان مخيفًا ومليئًا بالأشواك والأشجار الكثيفة، في هذا الظلام الحالك في باطن الأرض البعيدة من سماء الآلهة حيث تتساقط الأرواح كالأوراق الجافة التي فارقت غصونها.. في الغابة المظلمة ثلاثة وحوش متربصة، فهد وأسد وذئب، وهي ترمز إلى الشّهوة والفخر والطمع، وتمنع دانتي من تسلق الجبل. عندما يتمكن اليأس من دانتي يظهر الشاعر الروماني فيرجيل مؤلف "الإنيادة" ورمز الحكمة الشعرية معلنا أنه جاء ليرشده اذ يجب عليه عبور تسع دوائر من الجحيم عبر فوهة بركان مخروطية سببها سقوط إبليس. قبل بداية الرحلة يستدعي دانتي آلهة الإلهام لإلهامه..
###**1.الجحيم**
"من خلالي تعبر إلى مدينة العذاب،
من خلالي تعبر إلى الأبدية المؤلمة،
من خلالي تعبر بين الأرواح الضائعة.
العدل ألهم خالقي العادل،
لقد صنعني قوة الحكمة الأسمى،
والحب الأول، والذكاء الأعلى.
قبل أن أوجد، لم تكن أي أشياء مخلوقة،
سوى الأبدية، وأنا أبدية،
تخلّوا عن كل أمل، أنتم الذين تدخلون"
هذا المقطع يظهر فوق بوابة الجحيم ويحذر الداخلين بأنهم على وشك دخول مكان لا أمل فيه.
الدائرة الأولى تقع في أطراف الجحيم وتضم الأرواح التي لم ترتكب خطايا ولكنها لم تتعمد بالمسيحية إذ ماتوا قبل ظهور المسيحية. شخصيات نبيلة وفاضلة مثل أفلاطون وأرسطو وجالينوس وشيشرون وأوفيد. هذه الأرواح تعيش في حالة من الحزن الأبدي لأنهم محرومون من نعمة رؤية الله.
الدائرة الثانية هنا تعاقب الأرواح التي استسلمت لشهواتها وملذاتها الجسدية تتعرض لعواصف عنيفة لا تنتهي ومن بينهم تريستان الأسطوري وايزولت والشخصية التاريخية فرانشيسكا ومعشوقها باولو شقيق زوجها بعد مقتلهما من قبل زوج فرانشيسكا عندما فاجأهما وهما يتعاطيان الحب، تجوب أرواحهما المكان بلا هدف ملتصقين معًا للابد كعقاب على الزنا.
الدائرة الثالثة تُعذب فيها أرواح الشرهين الغُلاة في الطعام والشراب (البطنة). تعيش هذه الأرواح في طين كريه، ويعاقب هؤلاء في وابل من المطر والثلج والبرد المستمر، ويُعذبون بواسطة الكلب الجحيمي سيربيروسر ذو الرؤوس الثلاثة.
الدائرة الرابعة مخصصة للجشعين والمرابين والمبذرين يقضون أبديتهم في دحرجة الأحجار الثقيلة ذهابًا وإيابًا مما يرمز إلى حياتهم التي كانت تدور حول المال والممتلكات.
الدائرة الخامسة مخصصة للغضوبين والمكتئبين يقاتلون بعضهم البعض في نهر ستيكس المستنقع، بينما المكتئبون يغرقون تحت سطح الماء ويعبرون عن حزنهم عبر الفقاعات الطافية.
الدائرة السادسة في الجحيم هي دائرة الهرطقة وتقع في المدينة الحامية “ديس” ويُعاقب فيها الهراطقة وأولئك الذين رفضوا العقائد الدينية الأساسية، يتم وضعهم قبور مفتوحة محاطة بالنار الأبدية..
الدائرة السابعة مخصصة للعنيفين وتنقسم إلى ثلاث حلقات: العنيفين ضد الآخرين ويغرقون في نهر فيليغيثون الدموي المغلي، والعنيفين ضد النفس والمنتحرين حيث تُحول أرواحهم إلى أشجار تتغذى عليها طيور الجحيم والعنيفين ضد الله والطبيعة والفن ويعانون في صحراء محترقة تحت وابل من نيران السماء.
الدائرة الثامنة مخصصة لمن ارتكبوا أنواعًا مختلفة من الاحتيال والخداع وتتكون من عشر خنادق يعاقب فيها المحتالون، المغوون، المنافقون، المزيفون، والسحرة يعيشون الأبدية معلقين رأسًا على عقب ورؤوسهم مغروزة في الخنادق لا يرى منهم سوى أرجلهم تتأرجح بجنون..
الدائرة التاسعة تُعرف بدائرة الخيانة وهي الأعمق في الجحيم حيث يعاقب الخونة لعائلاتهم ولوطنهم أو لقضيتهم السياسية والخونة لأصدقائهم وضيوفهم والخونة لأسيادهم ومُحسنيهم. ويتم تجميد الخونة في الجليد في حالات من الجمود الأبدي.
في قلب الجحيم يوجد ايضا الشيطان (لوسيفر) نفسه محتجزا في الجليد ويمضغ في فمه ثلاثة من أعظم الخونة في التاريخ وفقًا لدانتي: يهوذا الإسخريوطي الذي خان المسيح؛ وكاسيوس وبروتوس اللذان خانا يوليوس قيصر. وتعد هذه الدائرة من أكثر الأجزاء تعقيدًا ومظلمة في “الكوميديا الإلهية” حيث تجسد أعلى درجات الجحيم وأشد أنواع العقاب..
###**2. المطهر**
وجب عليهم أن يتسلقوا جانبي إبليس ليصعدوا مجددًا إلى سطح الأرض (الجنة الأرضية) للوصول إلى المطهر حيث يتم تطهير دانتي من الخطايا السبع: التكبر، الحسد، الغضب، الكسل، البخل، الشره، والتبذيرا قبل الارتقاء والصعود الى السماء..
"أيها الأحياء، أيها السائرون إلى الموت،
كان يوجد في الأرض تجويف عظيم،
يكمن هناك عبر مياه الفظيع؛
هذا هو المطهر، حيث يتطهر الناس من آثامهم،
ويتحملون العذاب لينالوا النجاة في النهاية.
تسلق الجبل، ومر عبر المراحل،
حتى تصل إلى قمة السعادة،
حيث يطهر الله أرواحهم من الخطايا،
ويغفر لهم كل الذنوب،
ليدخلوا في النهاية إلى الفردوس الأبدي"
بعد مرور يومين من الرحلة يصل الشاعر إلى المطهر وفي المدخل كان الملاك ينقش حرف الـ "P" على جبهة دانتي سبع مرات بسن سيفه قائلًا "احرص على تطهير هذه الجراح عندما تكون في الداخل". كل حرف يرمز الى الجراح الناتجة عن الذنوب. ويستغرق فيها أربعة أيام تتمثل له بجبلٍ في الأرض يقابل منطقة الجحيم وله قمة بارزة وسبع مناطق فيها المذنبون يكفرون عن ذنوبهم وتابوا إلى آلهتهم بحيث إذا نجت أرواح من المطهرين؛ ترحّلت إلى عالم الخلد والجنان..
على دانتي أن ينفض ويطهر كل واحد من هذه الجروح في مدرجات المطهر السبعة كلما غادر أحد المدرجات تائبا آسفًا مسح الملاك جبهته مزيلًا أحد الحروف..
###**3. الفردوس**
بعد أن تطهر وتجدد، دانتي الآن جاهز للارتقاء إلى النجوم فيهتز الجبل كله ويصبح الجميع ممجدين في قمة الجنة الأرضية.. يحكي دانتي عن حبيبته رمز الحب والجمال امرأة تدعى باتريسيا تأخذ مكان فيرجل وتتولى مهمة إرشاده في الجنة.. يرتقي دانتي وباتريسيا في السماوات ورؤية الجنة حيث تتواجد الأرواح المباركة في حالة من السعادة والبهجة الأبدية والنعيم..
"في سماء البهاء، حيث يتوهج النور،
رأيت الأنوار الساطعة، أرواحًا مباركة،
تتألق في حب إلهي نقي.
هناك، رأيت في وجهات النعيم،
الحب الذي يحرك الشمس والنجوم،
ورأيت كيف تسبح الأرواح في انسجام تام،
في النور الإلهي، في بهجة أبدية،
حيث المعرفة تندمج مع المحبة،
وحيث النعيم لا يعرف نهاية"
ثم يطيران بعدها إلى عرش الآلهة حولها تسع دوائر من الانوار فيها جوقات الملائكة تسبٓح للآلهة وعظمتها في ألوان ومناظر مبهرة إلى أن يصلا إلى السماء العاشرة التي تتكون من أربع مناطق تسكنها الأرواح الخالدة المضيئة...
تقترب روحي الآن من النهاية السامية،
ومن الفضاءات الأثيرية حيث يسود النور،
حيث كل شيء مشرق ومبارك ومغفور.
في تلك الدوائر النورانية، رأيت ما لا يوصف،
رأيت الحب الذي يحرك الشمس والنجوم،
رأيت النفوس المطمئنة والسعيدة في النعيم،
حيث السعادة الخالدة والسكينة الأبدية،
حيث يتوحد البشر مع الرب القدوس،
في انسجام كامل، في حب وسلام لا ينتهي.
تعتبر الكوميديا اعظم عمل أدبي أنتجته أوروبا في القرون الوسطى وتعكس رؤية دانتي للعالم الديني والفلسفي رحلة إنسانية عالمية تعكس تعقيدات الروح البشرية وسعيها نحو الحقيقة والخلاص.
عمل أدبي متعدد الطبقات في البنية واللغة والنمطية الشعرية والموضوعات الدينية والفلسفية العميقة تعكس الفكر اللاهوتي مستعينة بالفلسفة الأرسطية والأفلاطونية وتعتبر مصدرًا مهمًا لفهم الثقافة والتاريخ والسياسة في العصور الوسطى.
تذخر الكوميديا الإلهية بالرمزية والاستعارات لتمثيل الأخلاق والقيم والمعاني الدينية والتطور النفسي والنقد الاجتماعي والسياسي والديني في زمانه عبر وضع شخصيات تاريخية ومعاصرة في دوائر الجحيم المختلفة..
وتستمر هذه الرائعة الأدبية عبر العصور كقيمة فنية فريدة وعمل شائق ومحير نسبة لمضمونها الفكري وثراء محتواها بالأدب والفن والسياسة والأساطير والتاريخ والعلوم واللاهوت إذ ألهمت الكثير من الأعمال الإبداعية في مجالات الفن والعمارة والأدب والموسيقى والراديو والسينما والتلفاز والرسوم المصورة والمتحركة والفن الرقمي وألعاب الحاسوب..
تتكون الملحمة من ثلاثة أجزاء رئيسية: الجحيم والمطهر والجنة، رحلة تخييلية في العوالم الثلاثة حيث يلتقي دانتي بمختلف الشخصيات والأرواح وتضمّ مئة أنشودة متكاملة؛ في الجحيم أربعٌ وثلاثون أنشودة، ويحتوي المطهر والجنة على ثلاث وثلاثين أنشودة لكل منهما.
###**بدايةالرحلة**
"في منتصف طريق حياتنا، وجدت نفسي
في غابة مظلمة، حيث الطريق المستقيم كان ضائعًا.
آه، كم كان وصفها صعبًا،
هذه الغابة الموحشة والشرسة والمُرعبة،
بحيث يستدعى التفكير فيها الخوف من جديد"
###**1.الجحيم**
"من خلالي تعبر إلى مدينة العذاب،
من خلالي تعبر إلى الأبدية المؤلمة،
من خلالي تعبر بين الأرواح الضائعة.
العدل ألهم خالقي العادل،
لقد صنعني قوة الحكمة الأسمى،
والحب الأول، والذكاء الأعلى.
قبل أن أوجد، لم تكن أي أشياء مخلوقة،
سوى الأبدية، وأنا أبدية،
تخلّوا عن كل أمل، أنتم الذين تدخلون"
هذا المقطع يظهر فوق بوابة الجحيم ويحذر الداخلين بأنهم على وشك دخول مكان لا أمل فيه.
الدائرة الأولى تقع في أطراف الجحيم وتضم الأرواح التي لم ترتكب خطايا ولكنها لم تتعمد بالمسيحية إذ ماتوا قبل ظهور المسيحية. شخصيات نبيلة وفاضلة مثل أفلاطون وأرسطو وجالينوس وشيشرون وأوفيد. هذه الأرواح تعيش في حالة من الحزن الأبدي لأنهم محرومون من نعمة رؤية الله.
الدائرة الثانية هنا تعاقب الأرواح التي استسلمت لشهواتها وملذاتها الجسدية تتعرض لعواصف عنيفة لا تنتهي ومن بينهم تريستان الأسطوري وايزولت والشخصية التاريخية فرانشيسكا ومعشوقها باولو شقيق زوجها بعد مقتلهما من قبل زوج فرانشيسكا عندما فاجأهما وهما يتعاطيان الحب، تجوب أرواحهما المكان بلا هدف ملتصقين معًا للابد كعقاب على الزنا.
الدائرة الثالثة تُعذب فيها أرواح الشرهين الغُلاة في الطعام والشراب (البطنة). تعيش هذه الأرواح في طين كريه، ويعاقب هؤلاء في وابل من المطر والثلج والبرد المستمر، ويُعذبون بواسطة الكلب الجحيمي سيربيروسر ذو الرؤوس الثلاثة.
الدائرة الرابعة مخصصة للجشعين والمرابين والمبذرين يقضون أبديتهم في دحرجة الأحجار الثقيلة ذهابًا وإيابًا مما يرمز إلى حياتهم التي كانت تدور حول المال والممتلكات.
الدائرة الخامسة مخصصة للغضوبين والمكتئبين يقاتلون بعضهم البعض في نهر ستيكس المستنقع، بينما المكتئبون يغرقون تحت سطح الماء ويعبرون عن حزنهم عبر الفقاعات الطافية.
الدائرة السادسة في الجحيم هي دائرة الهرطقة وتقع في المدينة الحامية “ديس” ويُعاقب فيها الهراطقة وأولئك الذين رفضوا العقائد الدينية الأساسية، يتم وضعهم قبور مفتوحة محاطة بالنار الأبدية..
الدائرة السابعة مخصصة للعنيفين وتنقسم إلى ثلاث حلقات: العنيفين ضد الآخرين ويغرقون في نهر فيليغيثون الدموي المغلي، والعنيفين ضد النفس والمنتحرين حيث تُحول أرواحهم إلى أشجار تتغذى عليها طيور الجحيم والعنيفين ضد الله والطبيعة والفن ويعانون في صحراء محترقة تحت وابل من نيران السماء.
الدائرة الثامنة مخصصة لمن ارتكبوا أنواعًا مختلفة من الاحتيال والخداع وتتكون من عشر خنادق يعاقب فيها المحتالون، المغوون، المنافقون، المزيفون، والسحرة يعيشون الأبدية معلقين رأسًا على عقب ورؤوسهم مغروزة في الخنادق لا يرى منهم سوى أرجلهم تتأرجح بجنون..
الدائرة التاسعة تُعرف بدائرة الخيانة وهي الأعمق في الجحيم حيث يعاقب الخونة لعائلاتهم ولوطنهم أو لقضيتهم السياسية والخونة لأصدقائهم وضيوفهم والخونة لأسيادهم ومُحسنيهم. ويتم تجميد الخونة في الجليد في حالات من الجمود الأبدي.
في قلب الجحيم يوجد ايضا الشيطان (لوسيفر) نفسه محتجزا في الجليد ويمضغ في فمه ثلاثة من أعظم الخونة في التاريخ وفقًا لدانتي: يهوذا الإسخريوطي الذي خان المسيح؛ وكاسيوس وبروتوس اللذان خانا يوليوس قيصر. وتعد هذه الدائرة من أكثر الأجزاء تعقيدًا ومظلمة في “الكوميديا الإلهية” حيث تجسد أعلى درجات الجحيم وأشد أنواع العقاب..
###**2. المطهر**
"أيها الأحياء، أيها السائرون إلى الموت،
كان يوجد في الأرض تجويف عظيم،
يكمن هناك عبر مياه الفظيع؛
هذا هو المطهر، حيث يتطهر الناس من آثامهم،
ويتحملون العذاب لينالوا النجاة في النهاية.
تسلق الجبل، ومر عبر المراحل،
حتى تصل إلى قمة السعادة،
حيث يطهر الله أرواحهم من الخطايا،
ويغفر لهم كل الذنوب،
ليدخلوا في النهاية إلى الفردوس الأبدي"
بعد مرور يومين من الرحلة يصل الشاعر إلى المطهر وفي المدخل كان الملاك ينقش حرف الـ "P" على جبهة دانتي سبع مرات بسن سيفه قائلًا "احرص على تطهير هذه الجراح عندما تكون في الداخل". كل حرف يرمز الى الجراح الناتجة عن الذنوب. ويستغرق فيها أربعة أيام تتمثل له بجبلٍ في الأرض يقابل منطقة الجحيم وله قمة بارزة وسبع مناطق فيها المذنبون يكفرون عن ذنوبهم وتابوا إلى آلهتهم بحيث إذا نجت أرواح من المطهرين؛ ترحّلت إلى عالم الخلد والجنان..
على دانتي أن ينفض ويطهر كل واحد من هذه الجروح في مدرجات المطهر السبعة كلما غادر أحد المدرجات تائبا آسفًا مسح الملاك جبهته مزيلًا أحد الحروف..
###**3. الفردوس**
"في سماء البهاء، حيث يتوهج النور،
رأيت الأنوار الساطعة، أرواحًا مباركة،
تتألق في حب إلهي نقي.
هناك، رأيت في وجهات النعيم،
الحب الذي يحرك الشمس والنجوم،
ورأيت كيف تسبح الأرواح في انسجام تام،
في النور الإلهي، في بهجة أبدية،
حيث المعرفة تندمج مع المحبة،
وحيث النعيم لا يعرف نهاية"
ثم يطيران بعدها إلى عرش الآلهة حولها تسع دوائر من الانوار فيها جوقات الملائكة تسبٓح للآلهة وعظمتها في ألوان ومناظر مبهرة إلى أن يصلا إلى السماء العاشرة التي تتكون من أربع مناطق تسكنها الأرواح الخالدة المضيئة...
تقترب روحي الآن من النهاية السامية،
ومن الفضاءات الأثيرية حيث يسود النور،
حيث كل شيء مشرق ومبارك ومغفور.
في تلك الدوائر النورانية، رأيت ما لا يوصف،
رأيت الحب الذي يحرك الشمس والنجوم،
رأيت النفوس المطمئنة والسعيدة في النعيم،
حيث السعادة الخالدة والسكينة الأبدية،
حيث يتوحد البشر مع الرب القدوس،
في انسجام كامل، في حب وسلام لا ينتهي.
عمل أدبي متعدد الطبقات في البنية واللغة والنمطية الشعرية والموضوعات الدينية والفلسفية العميقة تعكس الفكر اللاهوتي مستعينة بالفلسفة الأرسطية والأفلاطونية وتعتبر مصدرًا مهمًا لفهم الثقافة والتاريخ والسياسة في العصور الوسطى.
تذخر الكوميديا الإلهية بالرمزية والاستعارات لتمثيل الأخلاق والقيم والمعاني الدينية والتطور النفسي والنقد الاجتماعي والسياسي والديني في زمانه عبر وضع شخصيات تاريخية ومعاصرة في دوائر الجحيم المختلفة..
وتستمر هذه الرائعة الأدبية عبر العصور كقيمة فنية فريدة وعمل شائق ومحير نسبة لمضمونها الفكري وثراء محتواها بالأدب والفن والسياسة والأساطير والتاريخ والعلوم واللاهوت إذ ألهمت الكثير من الأعمال الإبداعية في مجالات الفن والعمارة والأدب والموسيقى والراديو والسينما والتلفاز والرسوم المصورة والمتحركة والفن الرقمي وألعاب الحاسوب..
