السعيد عبدالغني أحمد - السريالية المصرية... جماعة الفن والحرية

مقدمة:

تم ظهور السريالية رسميا بعد إعلان المانيفستو السريالي الأول في فرنسا في 15 أكتوبر 1924 بواسطة أندريه بريتون.

ضمت شعراء كأندريه بريتون وبول إيلوار وأبولينيير وأراغون وفنانين كبيكابيا، وأندرى ماسون وماكس ارنست و فوتوغرافيين ك مان راي ولي ميلر.

تعددت الأسباب لظهورها، وارتبطت جميعها بالحقبة الزمنية التي ظهرت فيها، كما يعبر أحد مؤسسيها أراغون" لا يمكن لأحد أن يدرس السريالية دون وضعها في إطار عصرها" [1]

وذلك مع مزامنة الاستعداد الفني بوجود شخصيات ثورية وبالأخص لصفة في ثوريتها فتريد تغيير القيم بشكل كامل. اليأس النقي الذي تجلبه الحروب على المشاعر، الذي يولد ثورة كاملة لامنطقية، تتعدى حدود كثيرة ثقافيا ومعرفيا ومجتمعيا.. أحيانا في زمن بسيط وبدون صبر.

تدمر في الأغلب تلك الثورة نفسها قبل تدمير أي شيء، لأنها تأخرت كثيرا فتدمرت معاني البناء في أصحابها، ولأن نوعية اليأس ذاك يؤذي معنى الحياة نفسه، ويتعدى الظلم البشري الذي يمكن مقاومته وتغييره.


الأسباب الرئيسية لظهور السريالية في باريس:

1. الحرب العالمية الأولى

مشاركة عدد كبير من الفنانين في الحرب العالمية الأولى، وحالة الإحباط الشديدة مع نهايتها التي أصابتهم من جراء الأعداد الكبيرة للضحايا.

فأعلنوا الثورة على المجتمع بالكامل وعلى كل النظم الذي يقوم عليها من علم وأخلاق وأديان.

فالنظر يتم دوما في حالات الفشل الكبير المتعلقة بالاوطان إلى أي نظام قائم سواء سياسي أو اجتماعي أو ديني.

بالرغم أن ذلك ليس السبب الوحيد، لكن النظام بأنواعه هو الجهة المعروفة والفطرية تاريخيا للمساءلة.

وقد يتم استثناء الاجتماعي والديني في كثير من الأحيان عمدا، وإبقاء السياسي فقط.



2. فشل الدادائية

كانت الدادائية فوضوية بشكل كبير، تقاوم الجميع فمنع ذلك احترامها من أي فصيل فني آخر أو غير فني.

فهضمت السريالية ذلك وحولت وجهتها إلى" وسيلة معرفة تساعدهم خاصة على اكتشاف متاهات مجهولة حتى الآن، لم يسبق أن تعرفوا إليها بطريقة منهجية، مثل العقل الباطن، والعجيب، والحلم.".

فتعدت إلى كونها سلوك يدخل في قراءة الواقع والمعرفة أكثر منها حركة فنية فقط تهتم بما هو لامنطقي فنيا، وذلك مع الدادائية قبلها فقط. والحركات الفنية سابقا كانت خاصة بالفن فقط بدون التعدي للعين في شتى مجالاتها.


3. فرويد ونظرياته عن اللاوعي والأحلام

استفاد السرياليون من نظريات فرويد لفهم العقل البشري، خاصة الأجزاء غير الواعية منه، واعتبروا العقل الباطن والأحلام مصدرًا غنيًا للإلهام والإبداع، واستخدموا أدوات التحليل النفسي مثل التداعي الحر في الكتابة والرسم. فاللاوعي كنز لامنطقي داخلي موجود عند جميع البشر ولا يحتاج إلى أفعال فنية لإبرازه بعد اكتشف فرويد.


جماعة الفن والحرية وآليات الانتقال:

انتقلت السريالية إلى بلاد كثيرة بعد ذلك من خلال التأثير الذي قام بها أعضاؤها في فرنسا، فظهرت في بريطانيا وبلجيكا ومصر وألمانيا.. وساعد على ذلك أنواع الاحتلالات المختلفة التي لا توحي فقط بالأنظمة القمعية بل بالهامش الحر أيضا.

فبريتون وجماعته يقاومون بلدهم فرنسا في أشكال كثيرة وخصوصا وجهها المحتل.

وكما ظهرت في فرنسا كرد فعل للواقع، ظهرت في مصر كرد فعل مع الواقع المصري الذي عانى مع نهاية الحرب العالمية الثانية من صعود الفاشية.

يتجلى ذلك في مناقشة بعض المثقفين في المجلات والصحف لمواضيع مثل فضائل الفاشية! التي تخدم الانضمام لهت*ر ضد الاحتلال البريطاني، الذي عليها أن تخدمه في الحرب، والذي نشر ١٤٠ ألف جندي في القاهرة.

وانتشر تساؤل مشهور" من أفضل؟ الاحتلال الذي جربناه" بريطانيا" أم الاحتلال الذي لم نجربه" ألمانيا"؟ بغض النظر عن الإمكانية والإرادة الحرة لاختيار الأمرين.


(٢)

الأسباب الرئيسية:

1. الشاعر المصري السريالي جورج حُنين الذي درس في باريس و أتقن خمس لغات. تعرّف هناك على بريتون وقابله في عام ١٩٢٤ وحضر اجتماعات السريالية في ١٩٣٦.

أبدى بيرتون اهتماما به وبهذا الامتداد للحركة في مصر" يبدو أن العفريت المنحرف، كما يُفضل أن يظهر لي، له جناح هنا، والآخر في مصر" [2]



2. الرسام اليوناني المصري السريالي أنطوان ماليراكيس الذي عرف باسم مايو الفني.

درس الفن في باريس وكوّن صداقات مع بعض المؤسسين هناك "كان قد أصبح معروفا بالفعل بين الدوائر السريالية في باريس مع العديد من المعارض باسمه جنبا إلى جنب مع بعض الشخصيات الرائدة في ذلك الوقت مثل أندريه ماسون وجورجيو دي شيريكو" [ 3 ]


3. الفوتوغرافر الفرنسية لي ميلر التي كانت عضوا مؤسسا في حركة باريس، انتقلت للعيش في مصر بعد زواجها من رجل الأعمال المصري عزيز علوي بك.

وأتاحت مكتبتها السريالية المتجددة لجماعة الفن والحرية" لقد أعرت مكتبتي السريالية لكل شخص في المدينة وقد بدأوا في الحصول على أفكار حول هذا الموضوع"

[4]


٤. هروب الفنانين من أوروبا

دفعت الحرب عددًا كبيرًا من فنانين وكتاب أوروبا، سواء اليهود أو المناهضين للنازية، إلى القدوم إلى مصر. شارك أشخاص منهم في معارض جماعة الفن والحرية مثل روبرت ميدلي.

أصبحت القاهرة ملاذًا آمنًا لمجموعة واسعة من النشطاء السياسيين، من الفوضويين المناهضين للفاشية إلى المثقفين اليهود الذين فروا من النازية.



٥. الحالة الفنية في مصر

سيطرت على بيئة الفن الداخلية في مصر جمعية أصدقاء الفن ممثلة في محمد محمود خليل الذي ازدري الفن الحديث ودافع عن الأساليب الفنية المحافظة، كما كان لديه ميول للفاشية وإعجاب بموسوليني.

بالإضافة إلى ذلك، كان هناك احتجاج على صالون القاهرة السنوي المحافظ الذي كان يصنف الفنانين حسب الجنسية، حيث رفضت الجماعة الخلط بين الفن والمشاعر الوطنية.

ولم يناصروا في الفنانين القدامى أو المحافظين إلا محمود سعيد، الذي حضر اجتماعاتهم



المصادر:

1. تاريخ السريالية، موريس نادو

2. Alexandrian, Georges Henein, 17

3. SURREALISM IN EGYPT MODERNISM AND THE ART AND LIBERTY GROUP SAM BARDAOUIL

4. Lee Miller to Roland Penrose, November 9, 1937 – December 29, 1937 – March 9, 1938

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى