يمكن التعامل مع سور القرآن الكريم من منظور آخر يختلف عن منظور التفسير التقليدي الذي يركز على (المعنى)، هذا (المنظور الآخر) يتعلق بمساحات الجمال الفني والسينمائي وذلك من خلال دراسة وتحليل كيفية (إخراج المشهد) (ونوع حركة الكاميرا) المستخدمة لرصد (العناصر البصرية) ، كما يمكن تحليل (البنية الصوتية والإيقاعية )المصاحبة لتلك العناصر البصرية التي تسهم في تكوين ذلك المشهد المراد تصويره وإخراجه بطريقة ما لإحداث أقصى درجات التأثير في المتلقي، وهذه اللغة السينمائية (ثلاثية الأبعاد)( وجدان – إيقاع- تصوير) هي التي أشرنا إليها قبل ذلك في قوله تعالى: إن في ذلك لذكرى لمن كان له (قلب) أو ألقى (السمع) وهو (شهيد)، فالقلب مرادف للوجدان والفكر، والسمع مرادف للإيقاع بعناصره، وهو شهيد أي ( للعناصر البصرية والتصويرية)
وسورة الرحمن (بعيدا عن فكرة مكية أو مدنية) وترتيب نزولها الزمني، وترتيبها في المصحف، بعيدا عن كل تلك المصطلحات التي( تخرجنا) عن مسألة التذوق السينمائي ، هذه السورة هي أكثر السور القرآنية التي تتكون من مفردات وعناصر بصرية بالنسبة إلى عدد كلماتها، فهي الأكثر( كثافة تصويرية)، وذلك خلافا لبقية سور القرآن التي تحتوي على عناصر أخرى سردية وحوارية ، فالسرد في سورة الرحمن قليل جدا قياسا إلى التصوير، ولا يوجد أي نوع من الحوار (الصريح)في سورة الرحمن، فهي تصوير فقط، وربما لهذا السبب جاءت الفاصلة مختلفة عن بقية سور القرآن، فالفاصلة هنا (ألف ونون) في أكثر الآيات( الرحمن- القرآن- الإنسان- البيان..) وهكذا، كما أن المخاطب في سورة الرحمن (نوعان مختلفان فيزيائيا في التلقي(إنس ) بطبيعية (طينية)، و(جن) بطبيعة (نارية)، وهذا الاختلاف (الفيزيائي) وفقا لقوانين الفيزياء يؤدي إلى طريقة مختلفة في الرصد و التلقي، فأصبح هناك منظوران لا منظور واحد ، ولذلك تكرر قوله تعالى (فبأي آلاء ربكما تكذبان) لاختلاف طريقة الرصد، ففكرة (المثنى) هنا واضحة جدا .
ولأن سورة الرحمن تحتاج إلى مجلدات لتحليل طرائق التصوير المختلفة ، والربط بينها وبين سورة الواقعة التي تناولت نفس الأقسام فيما( يتعلق بمسألة الثواب والعقاب ) في سورة الرحمن، فسورة الواقعة تحدثت عن المقربين وأصحاب اليمين و المكذبين الضالين، وسورة الرحمن تحدثت عن نفس الأقسام ، فالمقربون في الواقعة هم (من خاف مقام ربه ) في الرحمن وهم (المحسنون) في قوله تعالى: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) ، و أصحاب اليمين في سورة الواقعة هم المعنيون بقوله تعالى ( ومن دونهما جنتان)، والمكذبون الضالون في الواقعة هم (المجرمون) في سورة الرحمن (هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون)
ولأن وقت القارئ لا يتسع، فسنقوم بدراسة وتحليل مشهد و(لمن خاف مقام ربه جنتان)، وندرس حركة الكاميرا المصاحبة، فكلمة جنتان هنا نكرة مثنى وهي كلمة عامة يتأملها المشاهد عن بعد (مسافة بعيدة)، دون إدراك لتفاصيل هاتين الجنتين، فيقترب المشاهد أكثر و أكثر استكشافا لمحتوى هاتين الجنتين، وهنا تكون حركة الكاميرا هي حركة dolly أي أن حامل الكاميرا يتحرك بها في اتجاه عناصر التصوير، ويمكن لتقريب المفهوم قليلا أن نستخدم تعبير حركة الزوم و الاقتراب وذلك من خلال العدسة نفسها ، وعندما يقترب المشاهد تبدأ ملامح الجنتين تتضح شيئا فشيئا، فهما (ذواتا أفنان)، فكل جنة على حدة لها أغصان وألوان مختلفة عن الأخرى، وتأمل كلمة ذواتا التي تبرز فكرة (الذاتية) و التباين بين محتوى الجنتين، كما يتضح أن العناصر المرتفعة عن سطح الأرض تظهر قبل العناصر المنخفضة(أفنان)، ولذلك وعندما يندهش المشاهد، ويقترب أكثر فأكثر، تبدأ العناصر الموجودة على سطح الأرض في الظهور، فيجد (فيهما عينان تجريان)، و من شدة الجمال الباهر، يبدأ المتلقي في فحص أو تفحص عناصر تلك الجنتين، فيجد (فيهما من كل فاكهة زوجان)، فهي فيها كل ما يخطر ولا يخطر بباله من الفواكه، وبعد ذلك يتساءل المشاهد لمن هذه الأشياء؟، فيجول بين غرف و أماكن الجنتين، فيجد أناسا (متكئين على فرش بطائنها من إستبرق) والثمار في متناول أيديهم وهم في بيوتهم وقصورهم (وجنى الجنتين دان)، ونلحظ هنا استخدام كلمة متكئين بدلا من جالسين، فهي توحي بالراحة و الاطمئنان، كما ذكر بطائن الفرش ،أما ظواهرها، فتعجز حركة وإمكانات الكاميرا عن تصويرها والتقاطها ووصفها، ثم تلوح في تلك القصور أو الفرش حوريات جميلات(فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان)، (كأنهن الياقوت والمرجان) ، وهاتان الجنتان ليستا لكل المؤمنين بل هما للمحسنين فقط( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)، وهؤلاء المحسنون قلة في هذا الزمن ، فسورة الواقعة أخبرتنا أنهم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين.
وسورة الرحمن (بعيدا عن فكرة مكية أو مدنية) وترتيب نزولها الزمني، وترتيبها في المصحف، بعيدا عن كل تلك المصطلحات التي( تخرجنا) عن مسألة التذوق السينمائي ، هذه السورة هي أكثر السور القرآنية التي تتكون من مفردات وعناصر بصرية بالنسبة إلى عدد كلماتها، فهي الأكثر( كثافة تصويرية)، وذلك خلافا لبقية سور القرآن التي تحتوي على عناصر أخرى سردية وحوارية ، فالسرد في سورة الرحمن قليل جدا قياسا إلى التصوير، ولا يوجد أي نوع من الحوار (الصريح)في سورة الرحمن، فهي تصوير فقط، وربما لهذا السبب جاءت الفاصلة مختلفة عن بقية سور القرآن، فالفاصلة هنا (ألف ونون) في أكثر الآيات( الرحمن- القرآن- الإنسان- البيان..) وهكذا، كما أن المخاطب في سورة الرحمن (نوعان مختلفان فيزيائيا في التلقي(إنس ) بطبيعية (طينية)، و(جن) بطبيعة (نارية)، وهذا الاختلاف (الفيزيائي) وفقا لقوانين الفيزياء يؤدي إلى طريقة مختلفة في الرصد و التلقي، فأصبح هناك منظوران لا منظور واحد ، ولذلك تكرر قوله تعالى (فبأي آلاء ربكما تكذبان) لاختلاف طريقة الرصد، ففكرة (المثنى) هنا واضحة جدا .
ولأن سورة الرحمن تحتاج إلى مجلدات لتحليل طرائق التصوير المختلفة ، والربط بينها وبين سورة الواقعة التي تناولت نفس الأقسام فيما( يتعلق بمسألة الثواب والعقاب ) في سورة الرحمن، فسورة الواقعة تحدثت عن المقربين وأصحاب اليمين و المكذبين الضالين، وسورة الرحمن تحدثت عن نفس الأقسام ، فالمقربون في الواقعة هم (من خاف مقام ربه ) في الرحمن وهم (المحسنون) في قوله تعالى: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) ، و أصحاب اليمين في سورة الواقعة هم المعنيون بقوله تعالى ( ومن دونهما جنتان)، والمكذبون الضالون في الواقعة هم (المجرمون) في سورة الرحمن (هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون)
ولأن وقت القارئ لا يتسع، فسنقوم بدراسة وتحليل مشهد و(لمن خاف مقام ربه جنتان)، وندرس حركة الكاميرا المصاحبة، فكلمة جنتان هنا نكرة مثنى وهي كلمة عامة يتأملها المشاهد عن بعد (مسافة بعيدة)، دون إدراك لتفاصيل هاتين الجنتين، فيقترب المشاهد أكثر و أكثر استكشافا لمحتوى هاتين الجنتين، وهنا تكون حركة الكاميرا هي حركة dolly أي أن حامل الكاميرا يتحرك بها في اتجاه عناصر التصوير، ويمكن لتقريب المفهوم قليلا أن نستخدم تعبير حركة الزوم و الاقتراب وذلك من خلال العدسة نفسها ، وعندما يقترب المشاهد تبدأ ملامح الجنتين تتضح شيئا فشيئا، فهما (ذواتا أفنان)، فكل جنة على حدة لها أغصان وألوان مختلفة عن الأخرى، وتأمل كلمة ذواتا التي تبرز فكرة (الذاتية) و التباين بين محتوى الجنتين، كما يتضح أن العناصر المرتفعة عن سطح الأرض تظهر قبل العناصر المنخفضة(أفنان)، ولذلك وعندما يندهش المشاهد، ويقترب أكثر فأكثر، تبدأ العناصر الموجودة على سطح الأرض في الظهور، فيجد (فيهما عينان تجريان)، و من شدة الجمال الباهر، يبدأ المتلقي في فحص أو تفحص عناصر تلك الجنتين، فيجد (فيهما من كل فاكهة زوجان)، فهي فيها كل ما يخطر ولا يخطر بباله من الفواكه، وبعد ذلك يتساءل المشاهد لمن هذه الأشياء؟، فيجول بين غرف و أماكن الجنتين، فيجد أناسا (متكئين على فرش بطائنها من إستبرق) والثمار في متناول أيديهم وهم في بيوتهم وقصورهم (وجنى الجنتين دان)، ونلحظ هنا استخدام كلمة متكئين بدلا من جالسين، فهي توحي بالراحة و الاطمئنان، كما ذكر بطائن الفرش ،أما ظواهرها، فتعجز حركة وإمكانات الكاميرا عن تصويرها والتقاطها ووصفها، ثم تلوح في تلك القصور أو الفرش حوريات جميلات(فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان)، (كأنهن الياقوت والمرجان) ، وهاتان الجنتان ليستا لكل المؤمنين بل هما للمحسنين فقط( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)، وهؤلاء المحسنون قلة في هذا الزمن ، فسورة الواقعة أخبرتنا أنهم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين.