494 - أقبل على سوقك
دخل أبو العتاهية على ابنه محمد، وقد تصوف فقال:
ألم أكن قد نهيتك عن هذا؟
فقال: وما عليك أن أتعود الخير، وانشأ عليه؟
فقال: يا بني، يحتاج المتصوف إلى رقة حال، وحلاوة شمائل، ولطافة معنى. وأنت ثقيل الظل، مظلم الهواء، راكد النسيم، جامد العينين. فأقبل على سوقك؛ فإنها أعود عليك. وكان بزازاً
495 - نزيل الجبال بالريش
قال ياقوت، قال أبو الرملي: حضرت مجلس أبي القاسم المرتضى وأنا إذ ذاك صبي، فدخل عليه بعض أكابر الديلم، فتزحزح له، وأجلسه معه على سريره، وأقبل عليه مسائلاً، فساره الديلمي بشيء لم نعلم ما هو. فقال له متضجراً: نعم. واخذ معه في كلام كأنه يدافعه. فنهض الديلمي، فقال المرتضى بعد نهوضه: هؤلاء يريدون منا أن نزيل الجبال بالريش. . . وأقبل على من في مجلسه. فقال: أتدرون ما قال هذا الديلمي؟ فقالوا: لا
فقال: قال: بين لي هل صح إسلام أبي بكر وعمر؟!
596 - ملائكة!!!
في (تاريخ بغداد): اشترى السري بن المغلس السقطي كر لوز بستين ديناراً، وكتب في روزنامجه: ثلاثة دنانير ربحه. فصار اللوز بتسعين ديناراً. فأتاه الدلال وقال: إن ذاك اللوز أريده. فقال له: خذه! قال: بكم؟ قال: بثلاثة وستين ديناراً. قال الدلال: إن اللوز قد صار الكر بتسعين. قال له: قد عقدت بيني وبين الله عقداً لا أحله. ليس أبيعه إلا بثلاثة وستين ديناراً. فقال له الدلال: إني عقدت بيني وبين الله ألا أغش مسلماً لست آخذه منك إلا بتسعين. فلا الدلال اشترى منه، ولا السري باعه!
597 - وشاهدي فيما ادعيت القمط والتمريخ في (وفيات الأعيان): كان المبارك بن أبي الفتح الملقب شرف الدين، قد خرج من مسجد بجواره ليلاً ليجيء إلى داره. فوثب عليه شخص وضربه بسكين قاصداً فؤاده. فالتقى الضربة بعضده فجرحته جرحة متسعة. فأحضر في الحال المزين فخاطها ومرخها وقمطها باللفائف. فكتب إلى الملك المعظم (مظفر الدين صاحب أربل) يطالعه بما تم عليه في هذه الأبيات:
يا أيها الملك الذي سطواته ... من فعلها يتعجب المريخّ
آيات جودك محكمٌ تنزيلُها ... لا ناسخ فيها ولا منسوخ
أشكو إليك (وما بُليت بمثلها) ... شنعاَء ذكرُ حديثها تاريخُ
هي ليلةٌ فيها وُلدتُ وشاهدي ... فيما ادعيت القمط والتمريخُ
وهذا معنى بديع جدا. ً
598 - ورد تفتح في فنن
قالوا: أحسن ما قيل في الضربة الدامية قول ابن المعتز:
شق الصفوف بسيفه ... وشفى حزازات الإحن
دامي الجراح، كأنه ... وردٌ تفتح في فنن
599 - لقاء الله. . .
في (طبقات الشافعية): قال الأستاذ أبو القاسم القشيري: سمعت أبا بكر بن فورك يقول: سئل الأستاذ أبو سهل محمد ابن سليمان الصعلوكي (شيخ عصره) عن جواز رؤية الله (تعالى) من طريق العقل. فقال: الدليل عليه شوق المؤمنين إلى لقائه، والشوق إرادة مفرطة، والإرادة لا تتعلق بالمحال
فقال السائل ومن الذي يشتاق إلى لقائه. . .؟
فقال الأستاذ أبو سهل: يشتاق إليه كل حر مؤمن، فأما من كان مثلك فلا يشتاق. . .
600 - لطيف. . .
في (مفاتيح الغيب): قال أبو علي الحسن الغوري: كنت في بعض المواضع فرأيت زروقاً فيه دنان مكتوب عليها: لطيف. فقلت للملاح: إيش هذا؟ فقال: أنت صوفي فضولي، وهذه خمور المعتضد. فقلت له: أعطني ذلك المدري. فقال لغلامه: أعطه حتى نبصر إيش يعمل. فأخذت المدري وصعدت الزورق فكنت أكسر دناً دناً، والملاح يصيح حتى بقي واحد فأمسكت فجاء صاحب السفينة فأخذني وحملني إلى المعتضد، وكان سيفه قبل كلامه. فلما وقع بصره علي قال: من أنت؟ قلت: المحتسب. قال: من ولاك الحسبة؟ قلت: الذي ولاك الخلافة. قال: لم كسرت هذه الدنان؟ قلت: شفقة عليك. قال: فلم أبقيت هذا الواحد. قلت: إني لما كسرت هذه الدنان كسرتها حميةً في دين الله. فلما وصلت إلى هذا أعجبت بنفسي فأمسكت ولو بقيت كما كنت لكسرته. فقال: اخرج يا شيخ، فقد وليتك الحسبة فقلت: كنت أفعله لله (تعالى)، فلا أحب أن أكون شرطياً
601 - . . . لا يلزم باب السلطان
في (مسالك الأبصار ومروج الذهب): كتب على باب (النوبهار) بالفارسية: قال سوراشف الملك: أبواب الملوك تحتاج إلى ثلاث خصال: عقل، وصبر، ومال. ثم لما ملك الإسلام مدينة بلخ كتب تحت هذه الكتابة بالعربية: كذب سوراشف؛ الواجب على الحر إذا كان معه واحدة من هذه الخصال ألا يلزم باب السلطان
مجلة الرسالة - العدد 322
04 - 09 - 1939
دخل أبو العتاهية على ابنه محمد، وقد تصوف فقال:
ألم أكن قد نهيتك عن هذا؟
فقال: وما عليك أن أتعود الخير، وانشأ عليه؟
فقال: يا بني، يحتاج المتصوف إلى رقة حال، وحلاوة شمائل، ولطافة معنى. وأنت ثقيل الظل، مظلم الهواء، راكد النسيم، جامد العينين. فأقبل على سوقك؛ فإنها أعود عليك. وكان بزازاً
495 - نزيل الجبال بالريش
قال ياقوت، قال أبو الرملي: حضرت مجلس أبي القاسم المرتضى وأنا إذ ذاك صبي، فدخل عليه بعض أكابر الديلم، فتزحزح له، وأجلسه معه على سريره، وأقبل عليه مسائلاً، فساره الديلمي بشيء لم نعلم ما هو. فقال له متضجراً: نعم. واخذ معه في كلام كأنه يدافعه. فنهض الديلمي، فقال المرتضى بعد نهوضه: هؤلاء يريدون منا أن نزيل الجبال بالريش. . . وأقبل على من في مجلسه. فقال: أتدرون ما قال هذا الديلمي؟ فقالوا: لا
فقال: قال: بين لي هل صح إسلام أبي بكر وعمر؟!
596 - ملائكة!!!
في (تاريخ بغداد): اشترى السري بن المغلس السقطي كر لوز بستين ديناراً، وكتب في روزنامجه: ثلاثة دنانير ربحه. فصار اللوز بتسعين ديناراً. فأتاه الدلال وقال: إن ذاك اللوز أريده. فقال له: خذه! قال: بكم؟ قال: بثلاثة وستين ديناراً. قال الدلال: إن اللوز قد صار الكر بتسعين. قال له: قد عقدت بيني وبين الله عقداً لا أحله. ليس أبيعه إلا بثلاثة وستين ديناراً. فقال له الدلال: إني عقدت بيني وبين الله ألا أغش مسلماً لست آخذه منك إلا بتسعين. فلا الدلال اشترى منه، ولا السري باعه!
597 - وشاهدي فيما ادعيت القمط والتمريخ في (وفيات الأعيان): كان المبارك بن أبي الفتح الملقب شرف الدين، قد خرج من مسجد بجواره ليلاً ليجيء إلى داره. فوثب عليه شخص وضربه بسكين قاصداً فؤاده. فالتقى الضربة بعضده فجرحته جرحة متسعة. فأحضر في الحال المزين فخاطها ومرخها وقمطها باللفائف. فكتب إلى الملك المعظم (مظفر الدين صاحب أربل) يطالعه بما تم عليه في هذه الأبيات:
يا أيها الملك الذي سطواته ... من فعلها يتعجب المريخّ
آيات جودك محكمٌ تنزيلُها ... لا ناسخ فيها ولا منسوخ
أشكو إليك (وما بُليت بمثلها) ... شنعاَء ذكرُ حديثها تاريخُ
هي ليلةٌ فيها وُلدتُ وشاهدي ... فيما ادعيت القمط والتمريخُ
وهذا معنى بديع جدا. ً
598 - ورد تفتح في فنن
قالوا: أحسن ما قيل في الضربة الدامية قول ابن المعتز:
شق الصفوف بسيفه ... وشفى حزازات الإحن
دامي الجراح، كأنه ... وردٌ تفتح في فنن
599 - لقاء الله. . .
في (طبقات الشافعية): قال الأستاذ أبو القاسم القشيري: سمعت أبا بكر بن فورك يقول: سئل الأستاذ أبو سهل محمد ابن سليمان الصعلوكي (شيخ عصره) عن جواز رؤية الله (تعالى) من طريق العقل. فقال: الدليل عليه شوق المؤمنين إلى لقائه، والشوق إرادة مفرطة، والإرادة لا تتعلق بالمحال
فقال السائل ومن الذي يشتاق إلى لقائه. . .؟
فقال الأستاذ أبو سهل: يشتاق إليه كل حر مؤمن، فأما من كان مثلك فلا يشتاق. . .
600 - لطيف. . .
في (مفاتيح الغيب): قال أبو علي الحسن الغوري: كنت في بعض المواضع فرأيت زروقاً فيه دنان مكتوب عليها: لطيف. فقلت للملاح: إيش هذا؟ فقال: أنت صوفي فضولي، وهذه خمور المعتضد. فقلت له: أعطني ذلك المدري. فقال لغلامه: أعطه حتى نبصر إيش يعمل. فأخذت المدري وصعدت الزورق فكنت أكسر دناً دناً، والملاح يصيح حتى بقي واحد فأمسكت فجاء صاحب السفينة فأخذني وحملني إلى المعتضد، وكان سيفه قبل كلامه. فلما وقع بصره علي قال: من أنت؟ قلت: المحتسب. قال: من ولاك الحسبة؟ قلت: الذي ولاك الخلافة. قال: لم كسرت هذه الدنان؟ قلت: شفقة عليك. قال: فلم أبقيت هذا الواحد. قلت: إني لما كسرت هذه الدنان كسرتها حميةً في دين الله. فلما وصلت إلى هذا أعجبت بنفسي فأمسكت ولو بقيت كما كنت لكسرته. فقال: اخرج يا شيخ، فقد وليتك الحسبة فقلت: كنت أفعله لله (تعالى)، فلا أحب أن أكون شرطياً
601 - . . . لا يلزم باب السلطان
في (مسالك الأبصار ومروج الذهب): كتب على باب (النوبهار) بالفارسية: قال سوراشف الملك: أبواب الملوك تحتاج إلى ثلاث خصال: عقل، وصبر، ومال. ثم لما ملك الإسلام مدينة بلخ كتب تحت هذه الكتابة بالعربية: كذب سوراشف؛ الواجب على الحر إذا كان معه واحدة من هذه الخصال ألا يلزم باب السلطان
مجلة الرسالة - العدد 322
04 - 09 - 1939