مصطفى فودة - قراءة فى قصيدة حكاية الولد أحمد والبنت إيزيس للشاعر أحمد سماحة

(وردت القصيدة فى مقال الأستاذ سمير الفيل موجودة بعد القراءة ) .
تعتبر قصيدة حكاية الولد أحمد والبنت إيزيس من أجمل القصائد التى قرأتها فى الفترة الأخيرة ، وقد غلب علي القصيدة مفردات الطبيعة الريفية مثل المية والنسمة والنهر والنيل والمطر والشجر والهويس، والضحى والليل والطيور، كما اضفى على حبه مظاهر العبادة مثل صومى وصلاتى والسبع قرايات والتراتيل"صوتك نبى"فأضفى علي الحبيبة نوعا من الجلال والقداسة.
استخدم الشاعر صورا واستعارات غاية فى الجدة والإبداع والدهشة مثل "دلتا ابتسامتك ، بوابة العينين ، اتكحلى من كل ليل ، جُعت ونهودها بترمى على الشفايف الثمر، " وقد غلب لفظ الماء وألفاظ من الحقل الدلالى للماء المرتبط به مثل المية والنيل والنهر والدلتا واللون الأخضر والشجر والثمر والمطر الذى تكرر أربع مرات فى أربعة سطور" قلبى مطر/ دمى مطر/ حبى مطر/ وعنيه بوابة مطر " فأضفى على النص الحياة والتجدد والخصوبة .
استخدم الشاعر الحروف الأبجدية لإسمه أ ح م د وربط بينها بعبارة عبر فيها عن شوقه مثل "الألف بوابة الأُلفة اللى بيننا ، الحاء حمامة طايرة فى عروقى إليكى ، الميم مفاتيح الحياةوالطلاسم والفرح ، والدال : محطات النهاية/ اللى افتقدتك عندها /واتفرفط الحزن فى قلبى وانجرح "
عبر الشاعر عن حبه وإعتزازه بالحضارة المصرية القديمة فحبيبته إيزيس ربة السحر والحكمة والزوجة الوفية الحنون التى جمعت أشلاء زوجها من طول البلاد وعرضها ، "إنى أحبك يا إيزيس، إنى أحبك يا إيزيس" كررها الشاعر أكثر من مرة وكأنه يتلذذ بنطق اسم إيزيس، كذلك ذكر الشاعر بعضا من مظاهر الحضارة المصرية القديمة مثل مفاتيح الحياة ومفتاح الحياة رمز هيروغليفى يعنى الحياة ويعد رمزا للحياة نفسها، كذلك بوابة النهار وربما لها دلالة على كتاب الخروج إلى النهار والذى يحكى عن رحلة العبور إلى العالم الآخر عند المصريين القدماء .
كانت اللغة بالقصيدة مزيجا من العامية والعربية الفصحى وكانت لغة إبداعية جميلة زادت النص حلاوة وجمالا وهى تستحق دراسة لغوية وأسلوبيةمستقلة ، وقد استخدم الشاعر اللغة الحسية أو الإيروتيكية فى التعبير عن المرأة مثل "لعل فى نهدك الطفلى يفيض النيل" ، "واسكرى/من خمر حبى اسكرى " ( وهنا إشارة إلى لغة الحب عند الصوفية حيث الخمر والسكر تعنى الوله والحب والإنجذاب ) ، "جعت ونهودها بترمى عالشفايف الثمر" ، كما أنوه أن الشاعر متقن للغة ومن مظاهر اتفانه استعمال ذلك الاشتقاق "اخضوضرى" من اللون الأخضر أى كونى خضراء مليئة بالحياة والفرح والخصوبة، وكذلك اتفرفط "واتفرفط الحزن فى قلبى وانجرح" وهى لغة تعبيربة تصويرية بإمتياز وهى فصيحة من انفرط وتعنى تبدد وتفرق وتشتت وأظن أن الأستخدام العامى للكلمة أقوى تعبيريا ودلاليا .
كان إستخدام الشاعر لهذه الصفات السابق ذكرها للحبيبة حيث أضفى عليها نوعا من الأسطورية والقداسة والجلال والتى ربما أراد بها التعبير عن حبه للوطن وإن جاز أن يكون حبه وعشقه للمرأة أيضا وهذا من براعة الشاعر وخصوبة نصه وقابليته للإنفتاح فى التأويل .
اتسمت القصيدة بمستوى إبداعى رفيع وصفًا وتركيبُا وبناءً ولغًة واشتقاقًا وتصويرًا واستعارة عبر عن خصوبة شعرية فائقة وانفتاح دلالى بديع ومهارة وإتقان فى اللغة مما أحدث تأثيرا وتأثرا بالغا لى كقارئ عند قراءة القصيدة .
ملحوظة : لم أكن أعرف الشاعر أحمد سماحة قبل قراءة هذه القصيدة بمقال الأستاذ سمير الفيل وقد فوجئت بهذا المستوى الإبداعى الرفيع للقصيدة وقد كتبت هذه القراءة الأولية إعجابا بها .
نص القصيدة من مقال الأستاذ سمير الفيل
حكاية الولد أحمد والبنت ايزيس----------
مفتتح1
**********************
وعيتك منذ إتفتحت عينى على الرؤيه
وشلتك في دفا الشريان
نقشتك عالضحى والليل
وع الميه وع النسمه
وع النهر المعدى في صدرك الدافى
رسمتك قلب عالحيطان
وقلتك مفتتح يومى
وقومى وصومى وصلاتى
قريتك بالسبع قرايات
رفعتك رايتى وحكايتى
وخوفى وصمتى وهدايتى
حضنتك
وحتى ما داقت ما بينى وبينك المسافات
ولميتك صدى التراتيل
وغنيتك
لعل فى نهدك الطفلى يفيض النيل
لعل فى نهدك الطفلى يفيض النيل
**********
مفتتح 2
أخضوضرى
وكما الشجر أخضوضرى
اطوى حكاوى الألفه فوق الشفتين
وافتحى دلتا ابتسامتك وادفعينى
جوه بوابة العينين
واتبعينى
واسكرى
من خمر حبى اسكرى
قلبى مطر
دمى مطر
حبى مطر
وعنيه بوابة المطر
اتفجرى من كل شمس اتفتحت
واتنسمت ريحة الشجر
واتكحلى من كل ليل
شايل على اكتافه قمر
واقرى أحبك عالسطور
منقوشه بكتابة الطيور
إنى أحبك يا إيزيس
إنى أحبك يا إيزيس
***********************
-فاصلة-
ودخلت حضن الليل وحيد
اسمى على زندى صرخ
شربت حروفه الدم
واتعنقد.. طرح
الألف: بوابة الألفه اللى بيننا
بتتفتح
تكشف شرايين الزمن
والحاء: حمامه طايره فى عروقى إليكى
ضامه جناحينها على قلب انشرخ
والميم: مفاتيح الحياه والطلاسم
والفرح
والدال: محطات النهايه
اللى افتقدتك عندها
واتفرفط الحزن فى قلبى وانجرح
*********************
مفتتح 3
وبقيت مسافر فى الموانى والزمن
أتنسم الريح الخبر
عنك يا بوابة المطر
كلمينى عن حبيبتى
كلمينى واصلبينى عالشجر
لوحتنى الغربه
فى عينيها اللى ما ادتنى الأمان
جعت ونهودها بترمى عالشفايف الثمر
اوصفيلى لون عينيها وشعرها
ريحة عرقها وطميها
وازرعينى بهمسها وبلمسها
مشتاق اليكى يا حبيبتى فى غربتى
وانا تتغنى عن موتى الصحف
وألف إعلان عن نهايتى فى الطرق
وألف شارة تضلنى
مكان حبيبتك من هنا
لا.. من هنا
**********************
مفتتح مليون
ولمحت صوتك في الضلام
نازف عرق
مستنى بوابة النهار
تفتح عيونها عالشفق
ندهت باسمك وانطلقت
نفضت عن توبى الغرق
جيتلك مسافر عا النسيم
جيتلك وجوه عيونى حلم
جيتك ودمى من جروحى ينطلق
وبكيت على قلبك.. نبض
وبكيتى طلعت شمس تانيه مالضلوع
-----
صوتك نبى
ينده عليه انطلق
أفتح لمركب صبحك الجايه الهويس
وانقش على أعلى الشراع
إسمين فى قلب يضمهم
أحمد
ايزيس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى