د. محمد عباس محمد عرابي - الليل في قصائد ديوان أدر الرحى نحو الوراء للشاعر عاصم علي الزهراني

إعداد /محمد عباس محمد عرابي


أبدع الشاعر القدير عاصم علي الزهراني في وصف الليل في قصائد ديوانهأدر الرحى نحو الوراء :
فها هو الليل في مفتتح الديوان "أملي في الحياة "يضئ من أنس القلب حيث يقول:
إن تسألي – أختاه-فلبي عن "أنس"
سيجيب: ليلي من سناه أضاء
غمر الفؤاد حنانه، وبدت لنا
منه المودة موثقا ووفاء
ملأ الحياة سعادة وبراءة
وأظلنا بمحبة تتراءى

ويبين في قصيدة "مثل الخزف "في صورة فنية تصويريه بلاغية معبرة عن الأحاسيس والمشاعر أن الليل من غول المواجع مُختطف وأن المواجع تلتحف ليلها
حيث يقول:
رغم النذير
ورغم إعلان الخبر
اليوم
تلتحف المواجع ليلها
الليل من غول
المواجع مُختطف
للناس أطماع وفيك مطالبٌ
فاحذر ومن شر
القريب وإن عطف

ويبين كذلك في نفس القصيدة وفي تشبيه فني رائع أن الليل قنديل الهموم لأنه يروي الأحاديث على وجه القمر حيث يقول:
الليل قنديل
الهموم لأنه
يروي أحاديثي على وجه القمر
ضدان نحن، فكيف يومًا نلتقي
لنعيد دبلجة المعاني بالصور؟

ويبين أيضا ما يعانيه البعض في الليل من عدم الدفء والسمر ويطلب منه الرفق حيث يقول في قصيدة "ما أتعس الليل ":
ما أتعس الليل لا دفء ولا سمرٌ** يُغازل الحب لما غبت يا قمري
في بردة الليل أحداثٌ أمازجها **بالحلم يا عشق،بالآمال، بالصور
مطاري الشمس إن أرخت قلائدها ** خلف المساءات تُدني موعد السفر
حقيبتي حملتني في ترحُللها **وهي التي في يدي تمشي على أثري
يا ليل ياليل رفقًا في مُنادمتي **لا تُوقظ الشوق من مُستصغر الفكر
دعني مع الصمت أُصغي في جلالته **إلى سُكون تمادى دونما خبر
لا يعرف السهدُ إلا من يصارعه **جراحُهُ نزفها ينساب كالمطر.
وها هو في قصيدة "منابع الحُلم "يتمنى زوال أحزان ليالي الأسى
متى ليالي الأسى ترمي عباءاتها **وطائر العشق بالألحان ينثال ؟
متى؟متى؟متى؟ فالوجد أنهكني **وما معي يا طيوف السعد آمال ُ

*وفي صورة كلية جامعة شاملة في بيان جمال شعره وقصائده الرائعة تلمع محاسن الجما وجمال المحاسن لركن القصيد في الليل الأرمد لوحة فنية بديعة رُسمت بريشة فنان مبدع حاذق حيث يقول:
ما زلت ياركن القصيد ملازمًا ****سحر العيون المكحلاتبأثمدِ
أجفانها سجدت على أهدابها *** وكأنها عاصٍ هوى في مسجد
يصرعن ذا البأس المُسابق في الوغى **ليعود مهزومًا لها بتودد
لم تغفل العينان عنها وهلة *** لمعت محاسنها بليل أرمد
جمعتها بعد الشتات فجُمعت ** من كل ذكر للغرام الموقد.

وها هو في قصيدة "رحلة بعد أخرى " يدعو الشاعر للتفاؤل فالبدر عنده فوق ليل السهد باسم يهدينا الفجر حيث يقول:
املأ الدنيا سرورا
أوسع الأوجاع صبرًا
مد للأفراح كفًّا
لن تعود الكف صفرًا
ثم بشر كل قلبٍ
(إن بعد العسر يسرًا )
فوق ليل السهد بدر
باسمٌ يهدينا الفجر

ونفس الروح المفعمة بالأمل والتفاؤل يبين في قصيدة "أدر الرحى نحو الورا" أن الليل يعقبه الضياء :
أدر الرحى نحو الورا
فالحب ينعشه العطاء
والعشق ينتظر المساء
والليل يعقبه الضياء
والشعر يصدر عن نقاء
أدر الرحى نحو الورا..ولا تمل
فلربما عاد الأمل
أدر الرحى نحو الورا

ويبين في قصيدة "وداعٌ للماضي" يدعو للأمل والتفاؤل حيث يتبدل ليل السهد إلى حلم مشرق حيث يقول :
لي في مدادك يا قوافي غاية ٌ** في بثها نبأ الحروف تكلما
أثقلت رمل البيد أنشد بغيتي **خلفي سراب ٌ للأمام تقدما
ألبست ليل السهد حلما مشرقًا** الليل سابقني إليه لنحلما

وفي قصيدة "قف عند قوس الدائرة " يبعث أيضًا روح الأمل والتفاؤل حيث يقول:
قف عند قوس الدائرة
ازرع بذيرات الثمر
واسأل لها بعض المطر
في صيفها: يحلالخبر!
سيسرُّسمعك والبصر
اسمع لها ماذا تقول
في عامها الثاني عشر
الليل من بعد السهر
يصحو مع الفجر الأغر
والصبح من بعد الظلام
يهدي الشروق إلى البشر .

وخلاصة الليل إنه بأسلوب بلاغي فني مميز أبدع شاعرنا القدير عاصم علي الزهراني في وصف الليل في قصائد ديوانهأدر الرحى نحو الورا وصفا معبرا بيَّنا، وهذا ليس بغريب فهو شاعر مبدع بلا منافس.يرى أن الأحزان تزول مع ظلمة الليل ويأتي الشروق بنوره


المراجع:
عاصم علي الزهراني، ديوان أدر الرحى نحو الوراء، دار الانتشار العربي بالشارقة 2022م-النادي الأدبي الثقافي بالطائف

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى