العلامة الدكتور السيد الجميلي - الأَلفَاظُ الكِتَابِيَّة...

الكاتب عبد الرحمن بن عيسى بن حماد الهمذاني، أديب وشاعر ولغوي ونحوي عاش في العصر العباسي
وكتابه "الألفاظ الكتابية" المعروف أيضا باسم "ألفاظ عبد الرحمن" .. من أنفع الكتب في مليح الألفاظ التي يحسن استخدامها في الكُتب والرسائل .. فهو يغذي المفردات الأدبية، حيث يفرد "الهمذاني" لكل مفردة أو تعبير في كتابه "الألفاظ الكتابية" عدداً من المرادفات والشروح التي تهدف لتوجيه القارئ نحو فهم أفضل للخصائص المعجمية واللغوية والنحوية للغة العربية الفصحى، التي يستخدمها الأدباء والصحفيون في كتاباتهم حتى الآن، فضلا عن المتردافات والمتشابهات المهجورة، التى يمتلك أبى رحمه الله تعالى منها نسخة نادرة تبلغ من العمر أكثر من مائة عام ..

1728638316999.png


- قال الذهبي : هذا الكتاب المشهور "الألفاظ" قال فيه الصاحب بن عباد : لو أدركت عبد الرحمن بن عيسى مصنف كتاب "الألفاظ" لأمرت بقطع يده .. فسئل عن السبب فقال : جمع شذور العربية الجزلة في أوراق يسيرة، فأضاعها في أفواه صبيان المكاتب، ورفع عن المتأدبين تعب الدرس والحفظ الكثير والمطالعة الكثيرة الدائمة.
- وقال القلقشندي في "صبح الأعشى" : قال ابن الأثير في "المثل السائر" : الكُتّاب غربلوا اللغة، وإنتقوا منها ألفاظا رائعة إستعملوها، وهذه الألفاظ : أسماء وأفعال .. وفي كتاب "الألفاظ" للهمذاني كفاية من ذلك.
- وقال فيه أحد الشعراء :
سقاك الله غيثا يا ابن عيسى
وأسكنك القصور من الجنان
لقد أتحفت أهل العلم طُرّا
بألفاظ حوت غُرّ المعاني
إخترت لكم قرائى الأعزاء من هذه الألفاظ ما يلى :
[الثلب والطعن]
تقول : ما زال فلان يذكر معايب فلان ومناقصه ومعايره ومخازيه ومقابحه ومثالبه ومشاينه .
قالت ليلى الأخيلية في المعاير :
لعمرك ما في الموت عارا على الفتى *** إذا لم تصبه في الحياة المعايرُ
ويقال : ثلب فلان وتنقصه وعابه وقدح فيه وطعن عليه ويقال عيرته كذا لا بكذا .
ويقال : ندَّد به وزرى عليه وشتر به وشتر عليه، وَضَرَّسَهُ، ووقع فيه، وَقَرَّعَ صفاته، واستطال في عرضه (والفحش والخنا والرفث والقذع القبيح من الكلام).
وتقول : فلان بذيء اللسان مِلْحَبٌ وسبَّاب، وأَلْحَمْتَهُ عرض فلان إذا مكنته من شتمه.
وتقول : كانت من فلان شتائم وقوارص ونواقر، نعوذ بالله من نواقره وقوارعه وقواذعه وقوارص لسانه.
[المدح]
تقول : أطريت الرجل وأطرأته ومدحته وقرظته وزكيته في الدين وتقول : ما زال فلان يذكر محاسن فلان ومحامده ومناقبه وفضائله ومكارمه ومفاخره ومآثره ومعاليه.
[البعد]
تقول : بعدت الدار بيننا ونأت وشَطّتْ وشحطت وتراخت (والبعيد والنازح والقاصي والنائي والشاسع واحد)
وتقول : بعدت نواهم وانشقت عصاهم إذا تفرقوا، واستقرات نواهم إذا اقاموا ويقال : مكان سحيق ومحلة نازحة ومسافة شاسعة وخطوة نائية وطية بعيدة، ومزار قاص ودار متراخية.
[قرب المسافة والخطوة]
تقول : قربت الدار بيننا وتدانت وكربت وكثبت ويقال : فلان بقربي وبمرأي مني ومسمع، وكان ذلك بعين فلان وسمعه وتقول : ازف الرحيل وحان وآن.
[التقصير]
تقول : ضَجَّعَ فلان في الأمر وغبب فيه، وفتر وونى وقصر وتراخى وفشل وتهاون .
وفي الأمثال : أقصر لما أبصر وأقصر إذا نزع عن الأمر وهو يقدر عليه
وتقول : ثبط فلان الأمور وريثها وربثها، (والتقصير والتفريط والتضجيع والتغبيب والتهاون والتواني واحد).
[الجهد والسعي]
تقول : اجتهد فلان في الأمر وجد ودأب ولم يأتل وصرف في الأمر عنايته، واستنفذ وسعه وافرغ مجهوده، وحاول جهد استطاعته ولم يأل ولم ين وبذل جهده وطاقته وتقول : لم يأل في الأمر جهدا.
[انتظام الأمر]
يقال : قد انتظم لفلان الأمر والتدبير، واتسق واستتب واستقام والتأم وتهيأ واستذف وهو من الذفيف أي السريع.
[التواتر وضده]
تقول : تواترت الكتب بيننا وتوالت وترادفت وتداركت وتتابعت وتواصلت وتعاقبت وتكاثفت
وتقول : انثالوا عليه إذا تتابعوا إليه وتهالكوا عليه وجاؤه ارسالاً وَتَتْرَى
وتقول : أاقبلوا جماعات وشتى وفرادى ومثنى
وتقول : في الضد تأخرت الكتب وتراخت وتباعدت وغبت وانقطعت وتباطأت.
[التباس الأمر]
يقال : التبس الأمر والتدبير وأشكل واشتبه واختلط واستعجم واستبهم واستغلق وأعضل والتوى والتات والتبك
وتقول : لبست على فلان الأمر، وفلان على غمة من أمره، ولبس من أمره وهو فى حيرة من أمره وقد تحير فى أمره وتاه
وتقول : قد ركب المغمضة والمعمة أي ركب الأمر على غير بيان.
[وضوح الأمر]
تقول : قد انكشف الأمر ووضح وأضاء وعلن وأشرق وزهر وأزهر وأسفر وبان واستبان وانجلى
وتقول : قد افترت الأمور عن كذا وانجلت وأسفرت .. وفي الأمثال صرح الحق عن محضه، وقد تبين الحق لذي عينين، وقد أبدت الرغوة عن الصريح أي انجلى الأمر
وتقول : قد أحققت الأمر إذا جعلته حقا، وحققته أذا تيقنته
وتقول : قد وقفت على حقيقة الأمر وجلية الأمر وتبيانه
وتقول : انكشف الغطاء وأسفرت الظلمة، وزال الإرتياب وبرح الخفاء، ووضح الحق وحصحص ولاح المنهاج واستوى المسلك.
[إعتياص الأمر وصعوبة المرام]
تقول : قد اعتاص عليه الأمر فهو معتاص، وعسر فهو عسير، وتوعر فهو متوعر، وعضل وتعذر وإلتاث وتشدد وألتوى وتلكأ تلكواً ويقال : تلكأ عن الأمر اي تباطىأ عنه
وتقول : هذا أمر منيع المطلب، صعب المرام، بعيد المتناول، وعر الملتمس، صعب المزاولة، شديد المراسة، عزيز المطلب، كؤود المطلب، معجز الدرك
وتقول : واللّه ليرومن فلان من ذلك مراما بعيدا، وليكابدن منه صعودا باهظا .. وكتب بعض الكتاب أما معروفك فغير وعر على ملتمسه، ولا حَزْنٍ على طالبه .. وفي الأمثال شر ما رام امرؤٌ ما لم ينل
ويقال : كلفتي عرق القِرْبَةِ أي أمرا صعبا.
[إنقياد الأمر]
تقول : انقاد له الأمر وتيسر له وتسهل
وتقول : هذا أمر قريب المتناول، سهل المرام، سلس المطلب، داني الملتمس
وتقول : أتاه الأمر عفوا صفوا لم يخلق له وجها ولم يمد إليه يدا ولا تجشم فيه مشقة ولا خاض فيه غمرة .. وفي الأمثال : هذا الأمر على حبل ذراعك (يراد أنه قريب) وهو على طرف الثمام فيبعد متناوله، والثُّمَام شجرة لا تَطُول
وتقول : سآخذ ذلك من كثب أي قريب.
وتقول : إنقاد له ما تصعب من أمر، وأمكن ما امتنع وعفا ما تعذر وسهُل ما توعر.
[كرم المحتد والأصل]
تقول : فلان كريم المحتد والعنصر والمنبت والأصل والمغرس واللأرومة (والجمع منابت ومحاتد ومغارس وعناصر والأرومة والمنتمى والأبوة والجرثومة واحد)
يقال : فلان معمم مخول أي كريم الأعمام والأخوال، وفلان مقابل ومدابر إذا كان شريف الطرفين
ويقال : هو متردد في الشرف وراسخ النسب
ويقال : فعل ذلك لتناسله في الشرف ورساخته في العلم .
والمقرف هو الذي أبوه غير عربي، والهجين الذي أمه غير عربية
يقال : هو هجين بين الهجنة
ويقال : فلان كريم الضئضىء والآصرة.
[الشرف والتسامي]
يقال : فلان غرة مضر وسنامها
وتقول : هو شهاب قومه الساطع ونجمهم الثاقب وبدرهم الطالع وسهمهم النافذ.
وتقول : فلان نبعة أومته، وأبلق كتيبته، ومدرة عشيرته، وعميد بيته، وفريع أهله، وناب عشيرته ملاذهم، ولسان قومه هو نظامهم وقوامهم وملاك أمرهم وحرزهم وكهفهم وملجأهم ومعقلهم الذي يلجأون اليه.
وتقول : قد طال قومه وفاقهم فوقا وسادهم وزانهم وفضلهم ورجحهم وأحياهم أي سبقهم في العلم.
[النسب]
يقال : فلان قريبي ونسيبي إنما نحن فرعَا نبعة، وغصنَا دوحة، وشعبتَا أصل، سليلا أبوة وركيضة أمومة ورضيعا لبان
وتقول : نشأ فلان وفلان في عش، ودرجَا من وكر، وِمُهِدَا في جحر، نجلتهما أبوة ونتقتهما أمومة وهما ينتسبان إلي جرثومة واحدة
وتقول : شعبة من شعبك وغصن من أغصانك وجارحة من جوارحك وسهم من كنانتك وغرس من غرس يدك
ويقال : هما اخوا صفاء وسليلا وفاء وأليفا مودة ورضيعا أخوة.
[القرابة]
تقول : حامة الرجل وأسرته ولحمته وعشيرته وأهله وأدانيه وبينهم ضربة رَحِمْ ووشيجة رَحِمْ
ويقال : وشجت بك قرابة فلان ومست بك رَحِمُه
وتقول : بينهما واشج قربى وآصرة رحم
وتقول : بينهم قرابة وآصرة ولُحْمَةٌ ورحم ووشيجة
وتقول : بين القوم صهر وبينهم خؤولة وتجمعهم الأبوة
وتقول : ابن عمي دِنْيًا ولَحًّا أي لاصق النسب .. تقول لححت عينه إذا التصقت.
ويقال : أنت أخي في نسب الأدب، وبيني وبينه نسب الرضاع ونسب المودة ونسب الصناعة ونسب الكلالة
ويقال : هؤلاء أصهار فلان تريد قوم زوجته، وهؤلاء أحماء فلانة تريد قوم زوجها.
[الإنتساب]
يقال : انتمى فلان إلى أب وانتسب واعتزى ..
وتقول : عزوت فلانا إلى أبيه
وتقول : ادعى فلانا نسبا لم يعلقه له سبب ولا أظلته له دوحة.
وتقول : انتخل فلانا قبيلة تحقق بها واختارها، وتنحل ادعى وليس منها
قال الفرذدق يهجو البعيث أنه سرق شعره :
إذا ما قلت قافيةً شرودا .. تنحلها ابن حمراء العجان
ويقال : للرجل يدخل في القبيلة وليس منها دعي
ويقال : استلحق فلانا فلان إذا أنكره ثم عاد ونسبه إلى نفسه.
[التجربة]
يقال : جربت الرجل واختبرته وامتحنته وعجمته وعجمت عوده أي بلوت أمره وخبرت حاله، والعجم العض
تقول : عجمت عوده إذا عضضته لتعلم صلابته من خوره، والعواجم الأسنان
ويقال : سبرته وبلوته واستبرأته وغمزت قناته.
ويقال : ستحمد مختبر فلان ومخبره ومسبره واسبر لي ما عند فلان، وأصله من سبرت الجرح إذا نظرت كم غوره.


* من كتاب "الأَلفَاظُ الكِتَابِيَّة" ألَّفه عبد الرحمن بن عيسى الهمذاني - راجعه وقدَّم له سماحة العالم الموسوعى الجليل الدكتور السيد الجميلي رحمه الله تعالى رحمة واسعة
🤲



اللهم تقبل من أبى صلاته، وصيامه لك، وسائر طاعاته، وصالح أعماله، وأثقل بها ميزانه يوم القيامة، وثبِّته على الصراط يوم تزل الأقدام، واجعله من الفائزين، وأسكِنه في أعلى الجنات في جوار نبيِّك ومصطفاك محمد ﷺ .. يا رب العالمين

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى