لابد أن يلفت عنوان الديوان القارئ لغرابته بعض الشئ وهوعنوان لنص به ، يعبر فيه بلقطات مشهدية عن طبقة مهمشة فى مجتمع الميكروباس وهو وسيلة المواصلات الرئيسية والشعبية لطبقة كبيرة من المهمشين ومتوسطى الدخل ومابداخله من عذاب يشبه القتل من سائق مغيب بالترامادول وأغانى سقيمة يشغلها وتابعه الذى ينادى على الواقفين على طول الطريق ومقعد مكسور وشارع مزدحم حتى يطلب ذلك الراكب الجالس على المقعد المكسور، وربما يكون ذلك الراكب هو الذات الشاعرة "أيهم قرر أن يقتلنى، الليلة/ فليحسن القتل"وهو تصوير مشهدى بارع عن مجتمع مزدحم ومشوه ومثير للأعصاب حتى الموت وهو من جمالية القبح حيث عبر الشاعر عن ظواهر قبيحة فى المجتمع بطريقة جمالية وفنية تحمل رفضها.
هناك حضور لافت للماء بمفردات الديوان من حيث كونه بحرا أو نهرأ أو مطرا أو ما يدل على الماء مثل الشجر والبئر والغابة والسحاب ،ونستطيع أن نقول أن الماء يمثل ثيمة رئيسية بالديوان لا تغيب عن عين القارئ ، ونلاحظ أن العناوين المختارة لكثير من نصوص الديوان هى عناوين مائية بإمتياز مثل ماء حزين ،كأس ، عندما استيقظ البحر ، عندك بحرية يا ريس (أغنية لوديع الصافى)، غرق ، يلم خطواته ويرميها البحر، نحيب على ضفاف النهر، عقوبات خضراء ،عن شجرة ، أمطرت فى جواتيملا، سواقى تئن من ثقل الماء، فى وداعة نهر، نوة ، من أغانى الماء، فالس بحرى، أغنية نيلية، هذا على مستوى العنوان أما على مستوى المتن فيحوى الكثير من مفردات الماء كالشجر والغابة والبئر والسماء وكلها تدل على الماء، ويرتبط الماء فى التراث العربى بالحياة والبقاء والخلق والتطهر والخصوبة والأمل منذ الشعر الجاهلى حتى العصر الحديث وكان بدر شاكر السياب من أكثر الشعراء تعبيرا عن الماء فى دوواينه أنشودة المطر وغريبا على الخليج ،إذن للماء رصيد كبير فى التراث الشعرى العربى وبالقطع تأثر الشاعر بذلك التراث ولو على سبيل اللا شعور، وإذا كان الماء يرتبط بالحياة والخصب والنماء ويستدعى الأمل والحلم فهو ارتبط أيضا بالموت والحزن مثل قصيدة غرق :
"الرمل كثير أيها الربان/ فهل سيكفى الماء؟/ أنا ما خرمتها والله/ ولكن أهلها يغرقون/ والأسماك تقضى بوحشية/ فى القاع" .ص20 ويشير النص إلى الموت غرقا بإحدى السفن الغارقة وربما يشير النص وهو نوع من التأويل لدينا إلى غرق عبارة السلام وعلى متنها أكثر من ألف مواطن مصرى عام 2006 بالبحر الأحمر ولاشك أن النص يشير إلى الفساد الذى أدى إلى غرق السفينة وركابها وبها تناص مع قصة خرق السفينة والملك الظالم الذى يأخذ كل سفينة غصبا بالقرآن الكريم . كذلك عبر الشاعر عن أول ليلة فى القبر فى نص ليلة واحدة يقول الشاعر:
بالمناسبة كيف يكون حالنا / فى الموت/ وهل يعرفنا أحد فى المقابر/ هل تأتينا زيارات قد ينوء بها؟ / أم نتخفف تماما من عبء ارتداء / ثياب لائقة بالضيوف / لا نرتديها ربما احتفاء بانفسنا / وهل طعام هناك ؟ / كيف يكون/ كنت نباتيا فى الواقع / فهل أجد طعاما يناسبنى/ أم لابد لحم طير مما يشتهون"ص83 وبالنص تأمل لما بعد الموت واستحضار الحياة هناك وتساؤل عن ما نرتديه و نأكله كما به تناص عن طعام اهل الجنة وهو لحم طير مما يشتهون، ورغم براعة النص إلا أننا نفضل عدم تفسير الشاعر النص بقوله أول ليلة لنا فى القبر إلى آخر تفسيره حيث أنه مفهوم من النص ، كما أن التعبير بضمير الجماعة يبعد النص عن التجربة الفردية الخاصة بالشاعر ويجعله أقرب إلى التصور الفكرى الجماعى .
حفل النص بالرشاقة والرقص والغناء والإحتفاء بالحياة مثل نص عطور مختبئة "عندما يصرخ الضوء فى الغرفة / عندما يرقص الهواء / فى الشرفة / عندما تميل الستائر / وترتعد المرايا / عندما تنحنى الموسيقى / على أطراف الأصابع / وتخبئ العطر عن عينيَّ الساهيتين / لا تحتاجين لان تغيرى من صوتك مثلا/ أو تختبئى فى الظلام/وأنت تسالين من أنا؟"ص64 كما بالنصوص نزعة رومانسية مثل نص يوغل فى العتمة كى يضئ الضحكات "عشبك ذاكرة الاصابع/ وارضك خضراء / ووردك ناعس فى وداعة طرية /..إلى آخر النص ، وفى نص صخب "عندما تشرقين على البحر/ يصاب الموج بالجنون" ص53 ،كذلك فى نص غرباء : كنت فى حلم سعيد/رايت اضواء بيضاء وأطفال يلوحون/باكف صغيرة/ وورودًا وبالونات"ص81 ، كما حفل النص بالإشارة إلى الأساطير مثل سيزيف دلالة على العذاب الأبدى و مثل العرافة فى التراث الشعبى دلالة على رغبة الإنسان فى تطلعه إلى العلم بالمستقبل كما فى قصيدة أسى فى عيون العرافات" لماذا كلما رأتك العرافات معى/ نظرن فى أسى وتمتمنَ كثيرا فى همسٍ/ مرتبك؟ "ص45.
كذلك حفل الديوان بتناصات أكثرها مع القرآن الكريم ومع غيره من المصادر مثل فيا نار كونى بردا وسلاما ص29 ، أم لابد لحم طير مما يشتهون"ص83 ، ، ولما جاءها المخاض إلى أهلها قالوا/ لقد جئت شيئا فريا "ص22 ، وضعت شمسا فى ردائها / وقمرا فى ضحكتها " ص44 صمت الحملان(اسم فيلم إثارة ورعب أمريكى عن رواية بنفس الاسم) وغيرها ويهدف التناص إلى الإشارة بطريقة موجزة إلى نص آخر لوجود علاقة بينهما وتحاور مما يؤدى إلى توسيع فضاء النص وتكثيفه .
ذكر الشاعر بإشارات سريعة إلى أسماء عدد كبير من الكتاب والفنانين والمشهورين السوريين فى نص حجر من قايسون وهو جبل يشرف على مدينة دمشق : مثل المخرج السورى هيثم حقى(عرف بموقفه الجرئ المعارض للنظام والمؤيد للثورة السورية) والمخرج نجدت أنزور، الممثل دريد لحام ، الشاعر محمد الماغوط ومظفر النواب ونزار قبانى وزوجته بلقيس وابن عربى وفتوحاته وابو ذر الغفارى الصحابى واسماعيل نصرت وعجاج الحكيم والعجلوتى وغيرهم ، كما يذكر الشاعرالمصرى إبراهيم داوود فى مقهى زهرة البستان نص آخر" وإبراهيم داوود لا يلعب الطاولة فى/ زهرة البستان" والإشارة سريعة إلى أسمائهم ربما هو نوع من الإستئناس بهم أو بالمكان .
اتسمت لغة الديوان بالبساطة والرشاقة اللغوية واستخدام الجملة الفعلية بكثرة خاصة الفعل المضارع مما ساعد على التعبير بالتقنية المشهدية فى النصوص كذلك هناك التعبير بأكثر من ضمير وتعديلها فى النص الواحد وهى الإلتفات فى البلاغة مثل ص39، كما حفلت اللغة بالمجاز فى كثير من نصوصه خاصة عن المسكوت عنه مثل اللقاء الجنسى بين الرجل والمرأة والذى ينجم عنه الخلق فى تعبير فنى مجازى رفيع كما فى نص بعنوان يوغل فى العتمة كى يضئ الضحكات "عندما قلبت فى تربتك/ وفتحت أقنية الماء إليك/ فاضت رائحة الخلق فى طينك المخمر/ وكان وردك يفتح أوراقه النشوانة / فى إرتواء / ويضحك "ص63 وكما فى نص شهوة "يفرح العاقول / بالأقدام العارية " ص78 والعاقول نبات يزيد الرغبة الجنسية لدى الرجل وله فوائد أخرى .
كان هناك توظيف لافت للإستعارة المكنية وهى التى ( ما حذف فيها المشبه به ورمز بشئ من لوازمه مثل محمد يزأر فى أعدائه ) وهى تناسب أنسنة الأشياء وبث الحياة فيها وتمثل سمة أسلوبية عند الشاعر كما فى الأمثلة السابقة "عندما يصرخ الضوء ،يرقص الهواء ،تميل الستائر، ترتعد المرايا ، تنحنى الموسيقى على أطراف الأصابع ،تمطى الليل ،والماء الحزين" وغيرها وكلها استعارات مكنية عبرت عن أنسنة الأشياء وهى كثيرة جدا فى الديوان ، كما اتسمت بتراسل الصفات فى عبارة "لكن الأغنيات بنفسجية" كذلك اللعب الفنى مع اللغة مثل"تلك الأسماك التى تلعب الغميضة " وهى تقنيات تهدف إلى إثارة الدهشة عند القارئ، كما هناك نزعة سردية فى الديوان والتعبير باللقطات المشهدية مثل ليلة الوحدة ص83 وراكب فى المقعد المكسور ص39 وغيرها كثير جدا حتى يكاد أن يكون سمة أسلوبية له وكلها تقنيات حديثة أضفت على نصوص الديوان الجاذبية والجمال والحداثة.
_________________________________________________________________________________
هامش : هو الديوان الثانى للشاعر أسامة جاد وقد سبقه ديوان الجميلة سوف تأتى 2013 ومجموعتان قصصيتان هما أحلام بيضاء رطية وصباح مناسب للقتل، صدر الديوان عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2024 فى مئة وست صفحات لكن للأسف ليس به فهرس لعناوين نصوص الديوان حيث وجدنا صعوبة فى الاستدلال على الاستشهاد بالتصوص حيث اضطررنا إلى أن نعود إلى البحث فى الديوان كله للعثور على نص من النصوص .
بقلم مصطفى فودة
هناك حضور لافت للماء بمفردات الديوان من حيث كونه بحرا أو نهرأ أو مطرا أو ما يدل على الماء مثل الشجر والبئر والغابة والسحاب ،ونستطيع أن نقول أن الماء يمثل ثيمة رئيسية بالديوان لا تغيب عن عين القارئ ، ونلاحظ أن العناوين المختارة لكثير من نصوص الديوان هى عناوين مائية بإمتياز مثل ماء حزين ،كأس ، عندما استيقظ البحر ، عندك بحرية يا ريس (أغنية لوديع الصافى)، غرق ، يلم خطواته ويرميها البحر، نحيب على ضفاف النهر، عقوبات خضراء ،عن شجرة ، أمطرت فى جواتيملا، سواقى تئن من ثقل الماء، فى وداعة نهر، نوة ، من أغانى الماء، فالس بحرى، أغنية نيلية، هذا على مستوى العنوان أما على مستوى المتن فيحوى الكثير من مفردات الماء كالشجر والغابة والبئر والسماء وكلها تدل على الماء، ويرتبط الماء فى التراث العربى بالحياة والبقاء والخلق والتطهر والخصوبة والأمل منذ الشعر الجاهلى حتى العصر الحديث وكان بدر شاكر السياب من أكثر الشعراء تعبيرا عن الماء فى دوواينه أنشودة المطر وغريبا على الخليج ،إذن للماء رصيد كبير فى التراث الشعرى العربى وبالقطع تأثر الشاعر بذلك التراث ولو على سبيل اللا شعور، وإذا كان الماء يرتبط بالحياة والخصب والنماء ويستدعى الأمل والحلم فهو ارتبط أيضا بالموت والحزن مثل قصيدة غرق :
"الرمل كثير أيها الربان/ فهل سيكفى الماء؟/ أنا ما خرمتها والله/ ولكن أهلها يغرقون/ والأسماك تقضى بوحشية/ فى القاع" .ص20 ويشير النص إلى الموت غرقا بإحدى السفن الغارقة وربما يشير النص وهو نوع من التأويل لدينا إلى غرق عبارة السلام وعلى متنها أكثر من ألف مواطن مصرى عام 2006 بالبحر الأحمر ولاشك أن النص يشير إلى الفساد الذى أدى إلى غرق السفينة وركابها وبها تناص مع قصة خرق السفينة والملك الظالم الذى يأخذ كل سفينة غصبا بالقرآن الكريم . كذلك عبر الشاعر عن أول ليلة فى القبر فى نص ليلة واحدة يقول الشاعر:
بالمناسبة كيف يكون حالنا / فى الموت/ وهل يعرفنا أحد فى المقابر/ هل تأتينا زيارات قد ينوء بها؟ / أم نتخفف تماما من عبء ارتداء / ثياب لائقة بالضيوف / لا نرتديها ربما احتفاء بانفسنا / وهل طعام هناك ؟ / كيف يكون/ كنت نباتيا فى الواقع / فهل أجد طعاما يناسبنى/ أم لابد لحم طير مما يشتهون"ص83 وبالنص تأمل لما بعد الموت واستحضار الحياة هناك وتساؤل عن ما نرتديه و نأكله كما به تناص عن طعام اهل الجنة وهو لحم طير مما يشتهون، ورغم براعة النص إلا أننا نفضل عدم تفسير الشاعر النص بقوله أول ليلة لنا فى القبر إلى آخر تفسيره حيث أنه مفهوم من النص ، كما أن التعبير بضمير الجماعة يبعد النص عن التجربة الفردية الخاصة بالشاعر ويجعله أقرب إلى التصور الفكرى الجماعى .
حفل النص بالرشاقة والرقص والغناء والإحتفاء بالحياة مثل نص عطور مختبئة "عندما يصرخ الضوء فى الغرفة / عندما يرقص الهواء / فى الشرفة / عندما تميل الستائر / وترتعد المرايا / عندما تنحنى الموسيقى / على أطراف الأصابع / وتخبئ العطر عن عينيَّ الساهيتين / لا تحتاجين لان تغيرى من صوتك مثلا/ أو تختبئى فى الظلام/وأنت تسالين من أنا؟"ص64 كما بالنصوص نزعة رومانسية مثل نص يوغل فى العتمة كى يضئ الضحكات "عشبك ذاكرة الاصابع/ وارضك خضراء / ووردك ناعس فى وداعة طرية /..إلى آخر النص ، وفى نص صخب "عندما تشرقين على البحر/ يصاب الموج بالجنون" ص53 ،كذلك فى نص غرباء : كنت فى حلم سعيد/رايت اضواء بيضاء وأطفال يلوحون/باكف صغيرة/ وورودًا وبالونات"ص81 ، كما حفل النص بالإشارة إلى الأساطير مثل سيزيف دلالة على العذاب الأبدى و مثل العرافة فى التراث الشعبى دلالة على رغبة الإنسان فى تطلعه إلى العلم بالمستقبل كما فى قصيدة أسى فى عيون العرافات" لماذا كلما رأتك العرافات معى/ نظرن فى أسى وتمتمنَ كثيرا فى همسٍ/ مرتبك؟ "ص45.
كذلك حفل الديوان بتناصات أكثرها مع القرآن الكريم ومع غيره من المصادر مثل فيا نار كونى بردا وسلاما ص29 ، أم لابد لحم طير مما يشتهون"ص83 ، ، ولما جاءها المخاض إلى أهلها قالوا/ لقد جئت شيئا فريا "ص22 ، وضعت شمسا فى ردائها / وقمرا فى ضحكتها " ص44 صمت الحملان(اسم فيلم إثارة ورعب أمريكى عن رواية بنفس الاسم) وغيرها ويهدف التناص إلى الإشارة بطريقة موجزة إلى نص آخر لوجود علاقة بينهما وتحاور مما يؤدى إلى توسيع فضاء النص وتكثيفه .
ذكر الشاعر بإشارات سريعة إلى أسماء عدد كبير من الكتاب والفنانين والمشهورين السوريين فى نص حجر من قايسون وهو جبل يشرف على مدينة دمشق : مثل المخرج السورى هيثم حقى(عرف بموقفه الجرئ المعارض للنظام والمؤيد للثورة السورية) والمخرج نجدت أنزور، الممثل دريد لحام ، الشاعر محمد الماغوط ومظفر النواب ونزار قبانى وزوجته بلقيس وابن عربى وفتوحاته وابو ذر الغفارى الصحابى واسماعيل نصرت وعجاج الحكيم والعجلوتى وغيرهم ، كما يذكر الشاعرالمصرى إبراهيم داوود فى مقهى زهرة البستان نص آخر" وإبراهيم داوود لا يلعب الطاولة فى/ زهرة البستان" والإشارة سريعة إلى أسمائهم ربما هو نوع من الإستئناس بهم أو بالمكان .
اتسمت لغة الديوان بالبساطة والرشاقة اللغوية واستخدام الجملة الفعلية بكثرة خاصة الفعل المضارع مما ساعد على التعبير بالتقنية المشهدية فى النصوص كذلك هناك التعبير بأكثر من ضمير وتعديلها فى النص الواحد وهى الإلتفات فى البلاغة مثل ص39، كما حفلت اللغة بالمجاز فى كثير من نصوصه خاصة عن المسكوت عنه مثل اللقاء الجنسى بين الرجل والمرأة والذى ينجم عنه الخلق فى تعبير فنى مجازى رفيع كما فى نص بعنوان يوغل فى العتمة كى يضئ الضحكات "عندما قلبت فى تربتك/ وفتحت أقنية الماء إليك/ فاضت رائحة الخلق فى طينك المخمر/ وكان وردك يفتح أوراقه النشوانة / فى إرتواء / ويضحك "ص63 وكما فى نص شهوة "يفرح العاقول / بالأقدام العارية " ص78 والعاقول نبات يزيد الرغبة الجنسية لدى الرجل وله فوائد أخرى .
كان هناك توظيف لافت للإستعارة المكنية وهى التى ( ما حذف فيها المشبه به ورمز بشئ من لوازمه مثل محمد يزأر فى أعدائه ) وهى تناسب أنسنة الأشياء وبث الحياة فيها وتمثل سمة أسلوبية عند الشاعر كما فى الأمثلة السابقة "عندما يصرخ الضوء ،يرقص الهواء ،تميل الستائر، ترتعد المرايا ، تنحنى الموسيقى على أطراف الأصابع ،تمطى الليل ،والماء الحزين" وغيرها وكلها استعارات مكنية عبرت عن أنسنة الأشياء وهى كثيرة جدا فى الديوان ، كما اتسمت بتراسل الصفات فى عبارة "لكن الأغنيات بنفسجية" كذلك اللعب الفنى مع اللغة مثل"تلك الأسماك التى تلعب الغميضة " وهى تقنيات تهدف إلى إثارة الدهشة عند القارئ، كما هناك نزعة سردية فى الديوان والتعبير باللقطات المشهدية مثل ليلة الوحدة ص83 وراكب فى المقعد المكسور ص39 وغيرها كثير جدا حتى يكاد أن يكون سمة أسلوبية له وكلها تقنيات حديثة أضفت على نصوص الديوان الجاذبية والجمال والحداثة.
_________________________________________________________________________________
هامش : هو الديوان الثانى للشاعر أسامة جاد وقد سبقه ديوان الجميلة سوف تأتى 2013 ومجموعتان قصصيتان هما أحلام بيضاء رطية وصباح مناسب للقتل، صدر الديوان عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2024 فى مئة وست صفحات لكن للأسف ليس به فهرس لعناوين نصوص الديوان حيث وجدنا صعوبة فى الاستدلال على الاستشهاد بالتصوص حيث اضطررنا إلى أن نعود إلى البحث فى الديوان كله للعثور على نص من النصوص .
بقلم مصطفى فودة