لابد أن شيئا ما يُغبّر هذه الوجوه المُتعَبة التي لم تعد على استعداد لتقبل فكرة الابتسام، ولابد أنها مهمة شاقة عليك أن تسحبهم مرة أخرى إلى انفجار القهقهات والرجرجات وجعل الدموع العزيزة تطفر من العيون، والروح تتقافز صاعدة حتى تصبح على مسافة شعرة من الحلقوم. هذه الوجوه التي تُطالعك فى الحافلات والشوارع والمقاهي لم تعد تختنق بالضحك وتظل ساهمة عابسة. هل هي مؤامرة؟ هل جهات أجنبية؟ هيا عُد إلى نُكاتك، وأطلق قهقهاتك التي ترج الأجساد وتشخشخ الرؤوس وتغسل غبار الوجوه، عُد إلى زمن كان فيه الكثير من المُضحكات المُبكيات.
....
(1) مع أبى لهب:
كان مولانا السلطان، خفّف الله كربه وأزال بلاءه، قد دخل الجحيم بعد أن أتمّ حسابه عند ربه جل وعلا. وبينما هو ينزل السلم إلى أسفل دركات يحدث أن تطل عليه وجوه مُغبرة مشوهة عليها آثار العذاب الأليم. وقد حدث أن اعترض طريقه رجل عظيم الجثة مهيب الجانب مشوه الوجه وسأله:
- إلى أين؟
قال السلطان: إلى رقم 85..
- من أنت؟!
- أنا السلطان
- سُلطان مَن؟ أنا أبو لهب سلطان أهل جهنم ورقمي هو 75، قل لى ماذا فعلت فى دنياك حتى تستحق هذه المنزلة العظيمة وتتقدمني بعشر درجات في العذاب؟
......
(2) توزيع الأموال:
قال مولانا السلطان لوزيره الأول:
- قل لي يا وزيري: كيف توزعون الأموال في هذا البلد؟
- كما أمرت يا مولاى.. الثلث للسلطان والثلث لرجال الدرك والثلث الأخير لرعاياك.
- لا لا يا وزيري.. زوجة السلطان ستحزن.
- أمرك يا مولاي، سيتم التعديل على أن يكون الثلث للسلطان والثلث لزوجة السلطان، أبقاها الله وصان شرفها، والثلث لرعاياك.
- لا لا يا وزيري.. الإبن الأكبر للسلطان سيحزن.
- أمرك يا مولاي، سيتم التعديل على أن يكون الثلث للسلطان والثلث لزوجة السلطان، والثلث الأخير للإبن الأكبر للسلطان متعه الله بزينة الشباب.
- لكن أين نصيب الرعايا يا وزيرى؟
- سيأكلون التبن يا مولاي!
- لا تنس يا وزيري ان الذى سيتولى مسألة التبن هذه هو الإبن الأصغر للسلطان.
....
(3) الطوابير:
حين اشتد الغلاء بالناس وعمَّ الكرب وصاروا لا يجدون القوت، أمر مولانا السلطان أن يجهزوا له الموكب السلطانى ليرى ما كان عليه الناس. ومشى السلطان ووزيره الأول والأمراء بين الناس الذين كانوا يهللون بحياة السلطان أدام الله بقاءه. وكان أن نادى مولانا على أحد العامة وسأله عن أحواله فقال الرجل: كله تمام. فأمر السلطان برفع الأسعار طالما أنه ليس هناك مشكلة. وحين جهزوا له الموكب ومشى خلفه الوزير الأول والأمراء ونادى على واحد من السوقة وسأله عن أحواله فقال الرجل المبهدل: كله تمام. فأمر السلطان أن يقف على ناصية كل شارع جندي يضرب المار على قفاه شريطة المرور. وبعد مدة نزل الموكب السلطانى وخلفه الوزير الأول والأمراء ورجال الدرك، ولما رأى السلطان أعدادا من الطوابير مصطفة فى كل الشوارع نادى على أحد الواقفين المنتظرين لدورهم فى الصفع على القفا وسأله عن الأحوال. قال الرجل: كله تمام.. لكننا نطلب من مولانا السلطان، أعزه الله، أن يزيد في أعداد الجنود الذين يضربون على القفا حتى ننتهي بسرعة ولا نقف كل هذا الوقت في الطوابير الطويله.
.....
(4) حُلم:
يُحكَى أن مولانا السلطان حلم ذات ليلة -أعزّه الله وجعل أحلامه نورا- أنه رأى السلطان المرحوم والده لابسا لباسا أسود، وخلفه السلطان المرحوم جده لابسا لباسا أحمر بلون الدم، ورأى نفسه - حفظه الله من كل مكروه- لابسا لباسا أبيض كالحليب يمشى فى بستان أخضر كالجنة. فجاء بوزيره وسأله عن معنى هذا فأخبره الوزير أن الذى له القول الفصل فى تفسير الأحلام هو العالم "الحافظ العلامة كنز الدين العارف أبو العريف" . فلما مثل بين يدي السلطان وقصّ عليه ما رأى قال ( الحافظ العلامة كنز الدين العارف أبو العريف): السلطان الأب عليه لباس أسود لأنه نزيل ظلمة القبر، والسلطان الجد عليه لباس أحمر لأنه يتلظى في نار جهنم. قيل إن السلطان هب واقفا مفزوعا وصاح: وأنا لعنك الله! قال الحافظ العلامة: لا تقلق يا مولاى.. ترتدي الأبيض فى البستان لأنك رجل طيب القلب مثل ثور الله فى برسيمه.
....
(5) صورة:
تعطف مولانا السلطان، مثال الجود وعنوان الكرم، على ثلاثة من الرعية الدهماء بأن منح كلا منهم خمسة آلاف دينار، وأخبرهم أن يأتوه بعد عام ليرى ما فعلوه فى الأموال. ومر العام فمثل الثلاثة بين يديه. فنادى السلطان على أولهم:
- ماذا فعلت بأموالك؟
- تاجرتُ يا مولاى وخسرتُ كل شيء.
- وأنت؟
- سافرت وشبعت من الدنيا يا مولاى ونفدت أموالى.
- وأنت؟
- أصبحت غنيا جدا يا مولاى!
- كيف؟
- وتُعطيني الأمان؟
- أُعطيك.
- علّقتُ صورتين لك يا مولاي فى داري، وناديتُ سِرا أن البصقة بدينار والسحق بالحذاء بدينارين. وهكذا جمعت أموالى الكثيرة.
***
حسام المقدم
....
(1) مع أبى لهب:
كان مولانا السلطان، خفّف الله كربه وأزال بلاءه، قد دخل الجحيم بعد أن أتمّ حسابه عند ربه جل وعلا. وبينما هو ينزل السلم إلى أسفل دركات يحدث أن تطل عليه وجوه مُغبرة مشوهة عليها آثار العذاب الأليم. وقد حدث أن اعترض طريقه رجل عظيم الجثة مهيب الجانب مشوه الوجه وسأله:
- إلى أين؟
قال السلطان: إلى رقم 85..
- من أنت؟!
- أنا السلطان
- سُلطان مَن؟ أنا أبو لهب سلطان أهل جهنم ورقمي هو 75، قل لى ماذا فعلت فى دنياك حتى تستحق هذه المنزلة العظيمة وتتقدمني بعشر درجات في العذاب؟
......
(2) توزيع الأموال:
قال مولانا السلطان لوزيره الأول:
- قل لي يا وزيري: كيف توزعون الأموال في هذا البلد؟
- كما أمرت يا مولاى.. الثلث للسلطان والثلث لرجال الدرك والثلث الأخير لرعاياك.
- لا لا يا وزيري.. زوجة السلطان ستحزن.
- أمرك يا مولاي، سيتم التعديل على أن يكون الثلث للسلطان والثلث لزوجة السلطان، أبقاها الله وصان شرفها، والثلث لرعاياك.
- لا لا يا وزيري.. الإبن الأكبر للسلطان سيحزن.
- أمرك يا مولاي، سيتم التعديل على أن يكون الثلث للسلطان والثلث لزوجة السلطان، والثلث الأخير للإبن الأكبر للسلطان متعه الله بزينة الشباب.
- لكن أين نصيب الرعايا يا وزيرى؟
- سيأكلون التبن يا مولاي!
- لا تنس يا وزيري ان الذى سيتولى مسألة التبن هذه هو الإبن الأصغر للسلطان.
....
(3) الطوابير:
حين اشتد الغلاء بالناس وعمَّ الكرب وصاروا لا يجدون القوت، أمر مولانا السلطان أن يجهزوا له الموكب السلطانى ليرى ما كان عليه الناس. ومشى السلطان ووزيره الأول والأمراء بين الناس الذين كانوا يهللون بحياة السلطان أدام الله بقاءه. وكان أن نادى مولانا على أحد العامة وسأله عن أحواله فقال الرجل: كله تمام. فأمر السلطان برفع الأسعار طالما أنه ليس هناك مشكلة. وحين جهزوا له الموكب ومشى خلفه الوزير الأول والأمراء ونادى على واحد من السوقة وسأله عن أحواله فقال الرجل المبهدل: كله تمام. فأمر السلطان أن يقف على ناصية كل شارع جندي يضرب المار على قفاه شريطة المرور. وبعد مدة نزل الموكب السلطانى وخلفه الوزير الأول والأمراء ورجال الدرك، ولما رأى السلطان أعدادا من الطوابير مصطفة فى كل الشوارع نادى على أحد الواقفين المنتظرين لدورهم فى الصفع على القفا وسأله عن الأحوال. قال الرجل: كله تمام.. لكننا نطلب من مولانا السلطان، أعزه الله، أن يزيد في أعداد الجنود الذين يضربون على القفا حتى ننتهي بسرعة ولا نقف كل هذا الوقت في الطوابير الطويله.
.....
(4) حُلم:
يُحكَى أن مولانا السلطان حلم ذات ليلة -أعزّه الله وجعل أحلامه نورا- أنه رأى السلطان المرحوم والده لابسا لباسا أسود، وخلفه السلطان المرحوم جده لابسا لباسا أحمر بلون الدم، ورأى نفسه - حفظه الله من كل مكروه- لابسا لباسا أبيض كالحليب يمشى فى بستان أخضر كالجنة. فجاء بوزيره وسأله عن معنى هذا فأخبره الوزير أن الذى له القول الفصل فى تفسير الأحلام هو العالم "الحافظ العلامة كنز الدين العارف أبو العريف" . فلما مثل بين يدي السلطان وقصّ عليه ما رأى قال ( الحافظ العلامة كنز الدين العارف أبو العريف): السلطان الأب عليه لباس أسود لأنه نزيل ظلمة القبر، والسلطان الجد عليه لباس أحمر لأنه يتلظى في نار جهنم. قيل إن السلطان هب واقفا مفزوعا وصاح: وأنا لعنك الله! قال الحافظ العلامة: لا تقلق يا مولاى.. ترتدي الأبيض فى البستان لأنك رجل طيب القلب مثل ثور الله فى برسيمه.
....
(5) صورة:
تعطف مولانا السلطان، مثال الجود وعنوان الكرم، على ثلاثة من الرعية الدهماء بأن منح كلا منهم خمسة آلاف دينار، وأخبرهم أن يأتوه بعد عام ليرى ما فعلوه فى الأموال. ومر العام فمثل الثلاثة بين يديه. فنادى السلطان على أولهم:
- ماذا فعلت بأموالك؟
- تاجرتُ يا مولاى وخسرتُ كل شيء.
- وأنت؟
- سافرت وشبعت من الدنيا يا مولاى ونفدت أموالى.
- وأنت؟
- أصبحت غنيا جدا يا مولاى!
- كيف؟
- وتُعطيني الأمان؟
- أُعطيك.
- علّقتُ صورتين لك يا مولاي فى داري، وناديتُ سِرا أن البصقة بدينار والسحق بالحذاء بدينارين. وهكذا جمعت أموالى الكثيرة.
***
حسام المقدم