702 - هكذا هي النفوس البشرية
قال أبو القاسم السلوى الفخار: دخل علينا شيخنا الإبل يوما وأنا أعجن طين الفخار، فقال لي: ما علامة قبول هذه المادة اكمل صورة ترد عليها؟ فقلت أن تدفع عن نفسها ما هو من غير جنسها من حجر أو زبل أو غيره، فأدركه وجد عظيم حتى إنه صاح وقام وقعد، وبقى هنيات مطرقا برأسه مفكراً ثم قال: هكذا هي النفوس البشرية.
703 - قضيب البان الموصلي
في (تاريخ ابن الوردي): عزم قاضي الموصل أن يقول للسلطان في إخراج قضيب البان من الموصل. قال: فرأيت قضيب البان مقبلا على هيئته المعروفة، فمشى خطوة فإذا هو على هيئة كردي. . . ثم مشى خطوة فإذا هو على هيئة بدوي. . . ثم مشى خطوة فإذا هو على هيئة فقيه. . . بصورة غير الصورة المتقدمة، وقال لي: يا قاضي، هذه أربع صور رأيتهن، فمن هو قضيب البان منهن حتى تقول للسلطان في إخراجه؟ فلم أتمالك أن أقبلت على يديه أقبلهما.
704 - اكتف بالبلاغة. . .
كتب عبد الله زياد الحارثي إلى المنصور رقعة بليغة يستميحه فيها فوقع عليها: إن الغنى والبلاغة إذا اجتمعا لرجل أبطراه، وإن أمير المؤمنين مشفق عليك فاكتف بالبلاغة. . .
705 - بأي ذنب نتفت
كان بلال بن أبي بردة لا يجيز شهادة من ينتف لحيته أو يأكل الطين. قال أبن طباطبا في بعض من كان ينتفها:
يا من يزيل خلة ... الرحمن عما خُلقت
هل لك عذر عنده ... إذا الوحوش حشرت
في لحية إن سئلت ... بأي ذنب نتفت
706 - أسم ممدود وجمعه مفصور في (بغية الوعاة) للسيوطي: هذه فائدة رأيت ألا أخلى منها هذا الكتاب: رأيت في تاريخ حلب لابن العديم بخطه قال: رأيت جزء من آمالي أبن خالويه: سأل سيف الدولة بحضرته ذات ليلة: هل تعرفون اسماً ممدوداً وجمعه مقصور؟ فقالوا: لا، فقال لابن خالويه: ما تقول أنت؟ قلت: أنا أعرف اسمين، قال: ما هما؟ قلت: لا أقول لك إلا بألف درهم لئلا تؤخذ بلا شكر، وهما صحراء وصحاري وعذراء وعذارى. فلما كان بعد شهر أصبت حرفين آخرين ذكرهما الجرمي في كتاب التنويه وهما: صلفاء وصلافي (وهي الأرض الغليظة) وخبراء وخبارى (وهي أرض فيها ندوة). ثم بعد عشرين سنة وجدت حرفا خامسا ذكره أبن دريد في الجمهرة وهو سبتاء وسباتي (وهي الأرض الخشنة).
707 - ما رأيت رهنا مثله قط
تقدم رجل إلى بقال يسأله شيئا، فامتنع، فدنا منه فسار فدفعه إليه. فقيل له ما قال لك؟ قال: رهننا طلاق امرأته (وذلك أنه حلف بالطلاق أنه يرده غدا).
فقال بعضهم: ما رأيت رهنا مثله قط.
708 - ولا قاص فأقضى ولا زوج فأرضي
قال أبو العباس الحضري: كنت جالسا عند أبي بكر محمد ابن داود (الظاهري صاحب كتاب الزهرة) فجاءته امرأة فقالت له: ما تقول في رجل له زوجة لا هو ممسكها ولا هو مطلقها؟ فقال: اختلف في ذلك أهل العلم، فقال قائلون: تؤمر بالصبر والاحتساب، ويبعث على التطلب والاكتساب.
وقال قائلون: يؤمر بالإنفاق، وإلا يحمل على الطلاق.
فلم تفهم قوله وأعادت مسألته، وقالت له: رجل زوجة لا هو ممسكها ولا هو مطلقها.
فقال: يا هذه، قد أجبتك عن مسألتك، وأرشدتك إلى طلبتك، ولست بسلطان فأمضي، ولا قاض فأقضي، ولا زوج فأرضي. انصرفي رحمك الله. فانصرفت المرأة ولم تفهم جوابه.
709 - وأبناء اليهود
قال الصفدي: كان أبو البركات بن ملكا يهوديا وأسلم، وكان كثيراً ما يعلن اليهود قال مرة بحضور ابن التلميذ: لعن الله اليهود.
فقال: نعم وأبناء اليهود.
فوجم أبو البركات لذلك وعرف أنه عناه.
710 - طبيب. . .
في (شذرات الذهب): قال أبن حجر: كان علاء الدين على بن نجم الدين - رئيس الأطباء بالديار المصرية - فاضلا مفتنا، وكان ذا حدس صائب جدا، يحفظ عنه المصريون أشياء كثيرة، وكان له مال قدر خمسة آلاف دينار قد أفرده للقرض، فكان يقرض من يحتاج من غير استفضال بل ابتغاء الثواب. قال المقريزي: كان يصف الدواء للموسر بأربعين ألفا، ويصف الدواء في ذلك الداء بعينه للمعسر بفلس.
711 ـ فعند بسط الموالي يحفظ الأدب
قال الحسن بن وهب لرجل رآه يعبس عند الشراب: ما أنصفتها، تضحك في وجهك، وتعبس في وجهها!
إذا ذاقها وهي الحياة رأيته ... يعبس تعبيس المقدم للقتل
وقد أحسن الشيخ صدر الدين حيث قال:
إذا أقطب وجهي حين تبسم لي ... فعند بسط الموالي يحفظ الأدب
712 - السكر، السكران
السكر مازال معه العقل حتى لا يفرق بين السماء والأرض، ولا بين الطول والعرض.
وقيل هو أن يجمع بين اضطراب الكلام فهما وافهما، وبين اضطراب الحركة مشيا وقياما.
ويحكي أنه لما جلس أبو بكر محمد بن أبي داود الأصفهاني الظاهري بعد أبيه يفتى استصغره فدسوا أليه رجلا وقالوا له سله متى يكون الرجل سكران؛ فسأله الرجل فقال: إذا عرت عنه الهموم، وباح بسره المكتوم. فعلم بهذا الجواب موضعه من العلم. قيل للأمام أحمد بن حبل بماذا يعلم الرجل أنه سكران؟ فقال: إذا لم يعرف ثوبه من ثوب غيره. ونعله من نعل غيره.
مجلة الرسالة - العدد 667
بتاريخ: 15 - 04 - 1946
قال أبو القاسم السلوى الفخار: دخل علينا شيخنا الإبل يوما وأنا أعجن طين الفخار، فقال لي: ما علامة قبول هذه المادة اكمل صورة ترد عليها؟ فقلت أن تدفع عن نفسها ما هو من غير جنسها من حجر أو زبل أو غيره، فأدركه وجد عظيم حتى إنه صاح وقام وقعد، وبقى هنيات مطرقا برأسه مفكراً ثم قال: هكذا هي النفوس البشرية.
703 - قضيب البان الموصلي
في (تاريخ ابن الوردي): عزم قاضي الموصل أن يقول للسلطان في إخراج قضيب البان من الموصل. قال: فرأيت قضيب البان مقبلا على هيئته المعروفة، فمشى خطوة فإذا هو على هيئة كردي. . . ثم مشى خطوة فإذا هو على هيئة بدوي. . . ثم مشى خطوة فإذا هو على هيئة فقيه. . . بصورة غير الصورة المتقدمة، وقال لي: يا قاضي، هذه أربع صور رأيتهن، فمن هو قضيب البان منهن حتى تقول للسلطان في إخراجه؟ فلم أتمالك أن أقبلت على يديه أقبلهما.
704 - اكتف بالبلاغة. . .
كتب عبد الله زياد الحارثي إلى المنصور رقعة بليغة يستميحه فيها فوقع عليها: إن الغنى والبلاغة إذا اجتمعا لرجل أبطراه، وإن أمير المؤمنين مشفق عليك فاكتف بالبلاغة. . .
705 - بأي ذنب نتفت
كان بلال بن أبي بردة لا يجيز شهادة من ينتف لحيته أو يأكل الطين. قال أبن طباطبا في بعض من كان ينتفها:
يا من يزيل خلة ... الرحمن عما خُلقت
هل لك عذر عنده ... إذا الوحوش حشرت
في لحية إن سئلت ... بأي ذنب نتفت
706 - أسم ممدود وجمعه مفصور في (بغية الوعاة) للسيوطي: هذه فائدة رأيت ألا أخلى منها هذا الكتاب: رأيت في تاريخ حلب لابن العديم بخطه قال: رأيت جزء من آمالي أبن خالويه: سأل سيف الدولة بحضرته ذات ليلة: هل تعرفون اسماً ممدوداً وجمعه مقصور؟ فقالوا: لا، فقال لابن خالويه: ما تقول أنت؟ قلت: أنا أعرف اسمين، قال: ما هما؟ قلت: لا أقول لك إلا بألف درهم لئلا تؤخذ بلا شكر، وهما صحراء وصحاري وعذراء وعذارى. فلما كان بعد شهر أصبت حرفين آخرين ذكرهما الجرمي في كتاب التنويه وهما: صلفاء وصلافي (وهي الأرض الغليظة) وخبراء وخبارى (وهي أرض فيها ندوة). ثم بعد عشرين سنة وجدت حرفا خامسا ذكره أبن دريد في الجمهرة وهو سبتاء وسباتي (وهي الأرض الخشنة).
707 - ما رأيت رهنا مثله قط
تقدم رجل إلى بقال يسأله شيئا، فامتنع، فدنا منه فسار فدفعه إليه. فقيل له ما قال لك؟ قال: رهننا طلاق امرأته (وذلك أنه حلف بالطلاق أنه يرده غدا).
فقال بعضهم: ما رأيت رهنا مثله قط.
708 - ولا قاص فأقضى ولا زوج فأرضي
قال أبو العباس الحضري: كنت جالسا عند أبي بكر محمد ابن داود (الظاهري صاحب كتاب الزهرة) فجاءته امرأة فقالت له: ما تقول في رجل له زوجة لا هو ممسكها ولا هو مطلقها؟ فقال: اختلف في ذلك أهل العلم، فقال قائلون: تؤمر بالصبر والاحتساب، ويبعث على التطلب والاكتساب.
وقال قائلون: يؤمر بالإنفاق، وإلا يحمل على الطلاق.
فلم تفهم قوله وأعادت مسألته، وقالت له: رجل زوجة لا هو ممسكها ولا هو مطلقها.
فقال: يا هذه، قد أجبتك عن مسألتك، وأرشدتك إلى طلبتك، ولست بسلطان فأمضي، ولا قاض فأقضي، ولا زوج فأرضي. انصرفي رحمك الله. فانصرفت المرأة ولم تفهم جوابه.
709 - وأبناء اليهود
قال الصفدي: كان أبو البركات بن ملكا يهوديا وأسلم، وكان كثيراً ما يعلن اليهود قال مرة بحضور ابن التلميذ: لعن الله اليهود.
فقال: نعم وأبناء اليهود.
فوجم أبو البركات لذلك وعرف أنه عناه.
710 - طبيب. . .
في (شذرات الذهب): قال أبن حجر: كان علاء الدين على بن نجم الدين - رئيس الأطباء بالديار المصرية - فاضلا مفتنا، وكان ذا حدس صائب جدا، يحفظ عنه المصريون أشياء كثيرة، وكان له مال قدر خمسة آلاف دينار قد أفرده للقرض، فكان يقرض من يحتاج من غير استفضال بل ابتغاء الثواب. قال المقريزي: كان يصف الدواء للموسر بأربعين ألفا، ويصف الدواء في ذلك الداء بعينه للمعسر بفلس.
711 ـ فعند بسط الموالي يحفظ الأدب
قال الحسن بن وهب لرجل رآه يعبس عند الشراب: ما أنصفتها، تضحك في وجهك، وتعبس في وجهها!
إذا ذاقها وهي الحياة رأيته ... يعبس تعبيس المقدم للقتل
وقد أحسن الشيخ صدر الدين حيث قال:
إذا أقطب وجهي حين تبسم لي ... فعند بسط الموالي يحفظ الأدب
712 - السكر، السكران
السكر مازال معه العقل حتى لا يفرق بين السماء والأرض، ولا بين الطول والعرض.
وقيل هو أن يجمع بين اضطراب الكلام فهما وافهما، وبين اضطراب الحركة مشيا وقياما.
ويحكي أنه لما جلس أبو بكر محمد بن أبي داود الأصفهاني الظاهري بعد أبيه يفتى استصغره فدسوا أليه رجلا وقالوا له سله متى يكون الرجل سكران؛ فسأله الرجل فقال: إذا عرت عنه الهموم، وباح بسره المكتوم. فعلم بهذا الجواب موضعه من العلم. قيل للأمام أحمد بن حبل بماذا يعلم الرجل أنه سكران؟ فقال: إذا لم يعرف ثوبه من ثوب غيره. ونعله من نعل غيره.
مجلة الرسالة - العدد 667
بتاريخ: 15 - 04 - 1946