(أبداً): ظرف زمان لتأكيد المستقبل، ويدل على الاستمرار، ويستعمل مع الإثبات والنفي، ومثال سياق الإثبات: قول الإمام علي(عليه السلام):( اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبداً واعمل لآخِرتك كأنّك تموت غدا ) أي: اعمل لدنياك كأنك مخلد إلى آخر الدهر، أي: دائما باستمرار، ومثال مجيئها في سياق النفي: قوله تعالى( إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدا مَا دَامُوا فِيهَا ).
أما(قَطُّ) بفتح القاف وتشديد الطاء المضمومة فهي ظرف زمان مبني على الضم، لاستغراق الزمن الماضي(المنتهي زمنه) ويختص بالنفي فقطْ، أي: لا تأتي في الإثبات، تقول: ما رأيته قطُّ، أي: ما رأيته فيما مضى من الزمان.
ولا تحدد صيغة الفعل استعمالهما، فقولك:(أبدا) لا يسبقها إلا الفعل المضارع لأنه يدل على الحال أو الاستقبال، أو(قطُّ) لا يسبقها إلا الفعل الماضي كلام غير صحيح، وإنما يحدد ذلك الزمان، فمثال سبق(قط) الفعل المضارع المنفي بـ(لم) قول حسان بن ثابت في مدح الرسول محمد(صلى الله عليه وآله): وأحسن منك لم تر قطّ عيني... وأجمل منك لم تلد النساء، والسر في ذلك أن(لم) تقلب زمنه إلى الماضي، ونجد في مقابل ذلك أن كلمة(أبدا) قد يسبقها الفعل الماضي الممتد إلى الزمن المستقبل كقوله تعالى( وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ )، وقوله تعالى( وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدا )، فـ(بدا) و(زكا) فعلان ماضيان في الصيغة وفيهما دلالة الاستقبال.
واستعملت(قطّ) في الاستقبال عند الزمخشري حيث جاء في تفسيره الكشاف ما نصه:( يعني أن ذلك الإخلاص الحادث عند الخوف لا يبقى لأحد قطّ )، ورأى الآلوسي أن مجيء(قطّ) في زمن الاستقبال مجاز، ومنهم من يخطئ هذا الاستعمال على وفق ما ذكرنا سابقا ناسيا أن الزمخشري هو أحد أعلام هـــذه اللغــة.
وقيل: إنّ(أبدا) إذا جاءت مع(لن) فإن(لن) تفيد التأبيد(دوام النفي واستمراره) فتكون قرينة لذلك، كقولك: لن يجود البخيلُ أبدا، والحق أن(لن) تفيد التأبيد بدونها كقوله تعالى:( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ )، وقوله عزّ وجلّ:( لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاب وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ )، فلم يستعمل كلمة(أبدا) في الآيتين، وقيل: القرينة هنا الاستحالة، واستعمل عزّ وجلّ(أبدا) مع(لن) كما في قوله تعالى(وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ) على سبيل التوكيد، قال أبو حيان الأندلسي بصدد هذه الآية:( لا يمكن أن يتمنى الموت أبدا ، ولذلك كان حرف النفي هنا(لن) الذي قد ادعى فيه أنه يقتضي النفي على التأبيد ، فيكون قوله: أبدا ، على زعم من ادعى ذلك للتوكيد، وأما من ادعى أنه بمعنى(لا) ، فيكون (أبدا) إذ ذاك مفيدا لاستغراق الأزمان. ويعني بالأبد هنا: ما يستقبل من زمان أعمارهم )، ولا شك من أن(لن) أقوى نفيا وأبلغ من(لا).
د. محمد نوري جواد
* نقلا لكل فائدةعن صحيفة الزمان
أما(قَطُّ) بفتح القاف وتشديد الطاء المضمومة فهي ظرف زمان مبني على الضم، لاستغراق الزمن الماضي(المنتهي زمنه) ويختص بالنفي فقطْ، أي: لا تأتي في الإثبات، تقول: ما رأيته قطُّ، أي: ما رأيته فيما مضى من الزمان.
ولا تحدد صيغة الفعل استعمالهما، فقولك:(أبدا) لا يسبقها إلا الفعل المضارع لأنه يدل على الحال أو الاستقبال، أو(قطُّ) لا يسبقها إلا الفعل الماضي كلام غير صحيح، وإنما يحدد ذلك الزمان، فمثال سبق(قط) الفعل المضارع المنفي بـ(لم) قول حسان بن ثابت في مدح الرسول محمد(صلى الله عليه وآله): وأحسن منك لم تر قطّ عيني... وأجمل منك لم تلد النساء، والسر في ذلك أن(لم) تقلب زمنه إلى الماضي، ونجد في مقابل ذلك أن كلمة(أبدا) قد يسبقها الفعل الماضي الممتد إلى الزمن المستقبل كقوله تعالى( وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ )، وقوله تعالى( وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدا )، فـ(بدا) و(زكا) فعلان ماضيان في الصيغة وفيهما دلالة الاستقبال.
واستعملت(قطّ) في الاستقبال عند الزمخشري حيث جاء في تفسيره الكشاف ما نصه:( يعني أن ذلك الإخلاص الحادث عند الخوف لا يبقى لأحد قطّ )، ورأى الآلوسي أن مجيء(قطّ) في زمن الاستقبال مجاز، ومنهم من يخطئ هذا الاستعمال على وفق ما ذكرنا سابقا ناسيا أن الزمخشري هو أحد أعلام هـــذه اللغــة.
وقيل: إنّ(أبدا) إذا جاءت مع(لن) فإن(لن) تفيد التأبيد(دوام النفي واستمراره) فتكون قرينة لذلك، كقولك: لن يجود البخيلُ أبدا، والحق أن(لن) تفيد التأبيد بدونها كقوله تعالى:( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ )، وقوله عزّ وجلّ:( لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاب وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ )، فلم يستعمل كلمة(أبدا) في الآيتين، وقيل: القرينة هنا الاستحالة، واستعمل عزّ وجلّ(أبدا) مع(لن) كما في قوله تعالى(وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ) على سبيل التوكيد، قال أبو حيان الأندلسي بصدد هذه الآية:( لا يمكن أن يتمنى الموت أبدا ، ولذلك كان حرف النفي هنا(لن) الذي قد ادعى فيه أنه يقتضي النفي على التأبيد ، فيكون قوله: أبدا ، على زعم من ادعى ذلك للتوكيد، وأما من ادعى أنه بمعنى(لا) ، فيكون (أبدا) إذ ذاك مفيدا لاستغراق الأزمان. ويعني بالأبد هنا: ما يستقبل من زمان أعمارهم )، ولا شك من أن(لن) أقوى نفيا وأبلغ من(لا).
د. محمد نوري جواد
* نقلا لكل فائدةعن صحيفة الزمان