الجنس والحب والعشق
من كتاب الحب في التراث العربي للدكتور محمد حسن عبد الله عن الأصمعي :
إذا تقادحت الأخلاق المتشاكلة وتمازجت الأرواح المتشابهة ألهبت لمح نور ساطع يستضيء به العقل وتهتز لإشراقه طباع الحياة ويتصور من ذلك النور خلق خاص بالنفس متصل بجوهريتها يسمى العشق .
تعليق : في عبارة الأصمعي هذه ربط بين الأخلاق والحب وهنا المقصود بالحب العفيف والبعيد عن الجنس ولا أعلم إن كان يوجد مثل هذا الحب في غير مخيلة الشعراء والرواة أو على وجه الحقيقة وقد يروى عن هذاوفي التراث العربي أن ليلى الأخيلية من المحبات حبا ً عفيفا ًولكن صاحبها توبة بن الحمير قد نزغ الشيطان له فجاء يطلب الجنس لكن ليلى صدته – يراجع الشعر ذكر سابقا ً–
في الكتاب نفسه خبر عن عمارة بن الوليد الذي ذهب سفيرا ً إلى النجاشي ليرد المسلمين عن الحبشة فعشق زوجة النجاشي أو عشقته ووشى به صاحبه فلقي حتفه
إن التسامي وعدم الإنصياع للغرائز بسبب والوصول بالحب إلى مراتب مثالية يعني أن الحب والعشق سلوك يفرضه المجتمع والحضارة وهو السائد لكن ذلك لا يعني عدم وجود النقيض وهو السلوك الذي ينصاع للفسلجة والغريزة وهو ليس سلوك المجتمع عامة أو الدعوة له ولا يعني دراسته وذكره هو إساءة للفكر أو السلوكيات العامة المرغوبة ودراسة النقيض لا تعني ذلك مطلقا فمن يذكر الكفر والكفار لايعني كافر حتى قيل ناقل الكفر ليس بكافر
يذكر الكتاب عن خبر يرويه ابن الجوزي عن رجل أحب زوجة أخيه في الجاهلية ويذكر أن للحب وجه آخر يسميه بالوجه الجنسي الصريح
فيقول ما نصه : العصر الجاهلي عرف الحب في مستوياته جميعا ًالحسية والعذرية الطبيعية والشاذة بين الفتيان والفتيات وبين العشاق من أزواج وزوجات وعواهر .
في هذه الخلاصة عن العصر الجاهلي تصريح واضح على أن العلاقة بين الحب والعشق والجنس واحدة حتى أنه يخلط الأزواج بالزوجات والعواهر معا ً وأرى أن ذلك صحيح في أي مجتمع لا تحده قوانين معينة في ممارسة الجنس بمعنى أن هذه الممارسة مباحة لا يحدها غير أخلاق المجتمع والقبيلة ولكن هذا لا يعني أن الدين يضع شروطا ًقاسية على الزواج ومتفهم لطبيعة الممارسة الجنسية وأولويتها لذلك كانت هناك تسميات للممارسة الجنسية مؤدبة في الكتب السماوية ومنها القرآن الكريم فسميت بالنكاح والتغشي وغيرها بمعنى آخر أن الاديان لم يخف عليها الزواج كممارسة جنسية مقننة في بابها الأول ودليل ذلك الفرحة والإحتفال بالزواج بشكل سمي بالإشهار وليس ممارسة الجنس في الزواج هو لإدامة البشرلأن إدامة الأجناس تتم في الحيوانات دون معرفة أو وعي بشروط الزواج وهي تديم نفسها بزواج الحيوان من أخته أو أمه أو أي حيوان آخر لقضاء حاجته دون شرط أو عقد.
أحل الإسلام تعدد الزوجات وحرم تعدد الأزواج وفسح المجال للذكور بالزواج بأربع زوجات مرة واحدة اشترط بها العدل ،والتسري بالإماء والجواري وخلاف ذلك وضع عقوبة الرجم والجلد ،ولو لم الدين يعلم أن الزنا موجود وسيستمر ويتفاقم لما وضع هذه العقوبة القاسية غير أن ماسمح به للذكور دون الإناث محبب للمجتمع الذكوري وغير محبب للمجتمعات التي تساوي بين الأنوثة والذكورة حتى أن البعض تطرق إلى مسألة وجود الحور العين في الجنة للذكور كهبة وجزاء للمؤمنين هو نوع من أنواع الإجحاف بحق الأنثى إذ تصبح وظيفتها في الدنيا والآخرة هو قضاء حاجة الذكور الجنسية دون إعطاء حق الإناث المؤمنات بتعدد الأزواج أو اختيارهم ولا بد من وجود رد مناسب على هذه الإشكالية .
فكرة عدم اختلاط الأنساب ومعرفة النسل ومخافة التزوج ممن هو محرم دينيا رد على مشكل عدم التعدد في الحياة الدنيا وفي هذا حرية كبيرة مباحة للذكور فعقاب الزنا وفق هذه الحال للذكور ليست كبيرة بسبب هذه الحرية والمساحة الكبيرة وليس فيه من العنف أو المبالغة من شيء نسبة إلى عقوبة الأنثى المحددة الحرية ومساحتها. غير أن فكرة عقاب ممارسة المرأة للزنا لا تجوز إلا بشروط صعبة جدا ًولا يمكن عمليا الوصول لها فشرط رؤية (دخول الميل في المكحلة) كما يوصف ومن قبل أربهة شهود من المحال تحقيقه أو رؤيته ولو كان الناظر على بعد قريب من الحادثة فكيف إذا عرفنا أن الزناة لا يمارسون الزنا على أعين الناس بل متخفين وفي الحادثة التي جرت في زمن الخليفة عمر بن الخطاب خير دليل على ذلك / ثم يسترسل في الكتاب بقوله :
(( إن الموقف من الزنا كان صارما ًفي عهد الرسول الكريم والخلافة الراشدة ثم ( مالبث أن تراخى حتى استرخى ) ويشير إلى نقطة مهمة باستحياء وهي أن ((العامل الإقتصادي والثروة التي سيظهر مردودها السلبي في العصر القادم )) مكتفيا ًبهذا التلميح ولم يذكر لنا من سيمتلك الثروة وماذا يعني بالعصر القادم ثم يشير إلى أن الإسترخاء قد تخفى في ثياب التسامح ولم يشر إلى سبب هذا التسامح وكيف بدأ .
هكذا في مجمل الكتاب مزج بين الحب والعشق والجنس دون تصريح بذلك أي أنه يريد القول أن الحب مقدمة للجنس وأولى صفحاته ويتخفى هو نفسه عن الجنس بثياب الحب وفي فكرة علمية نجد أن الحب شيء يكمن في النفس بينما الجنس تطبيق بالأعضاء الجسمانية وما المقصود بالحب حقيقة سوى المقدمة النفسية والروحية أي التهيئة لممارسة الحاجة الفسلجية وهذا مثل الإحساس بالجوع يتبعة تناول الطعام أو الإحساس بالعطش يتبعه شرب الماء وقد يفسر ذلك بأن الجوع والعطش والحاجة الجنسية سببها مادي صرف بوساطة افرازات أو قلة مواد معينة في الجسم فهذا صحيح تماما ًولكن يبقى هناك سؤال مهم وهو كيف يتم الإفراز عند الحاجة والشعور بالنقص هل هو مجرد عملية ميكانيكية أم هناك تاثير لعوامل شعورية غير مرئية تحفز الجهاز العصبي ليحفز بدوره الغدد الإفرازية التي تدعو الجسم لتلبية الحاجة الفسلجية على أنه بعد القضاء من الحاجة مباشرة تبدأ غدد افرازية أخرى بالعمل كما هو في افراز المني بعد الجماع والإفرازات الهضمية بعد الأكل أي أن الدماغ له مهمتان قبلية في التنبيه للنقص الحاصل وبعدية في التنبيه لحصول التلبية .
لكن الكاتب يشير لمسألة مهمة بوضوح وصراحة أن الفكر الديني في هذا الجانب بقي محصورا ًفي هدف النصوص الدينية المباشرة دون دراسة السلوك الإنساني والعواطف البشرية .
في الفصل الثاني يقرر الكاتب أن الميل الجنسي والتعاطف بين الذكر والانثى غريزة والشيء المكتسب هو طريقة التعبير عن هذا التعاطف ,
وبالطبع يخشى الكاتب القول بان هناك حلقة مفقودة بين الغريزة وطريقة التعبير عن التعاطف هو أن الغريزه شيء في تكوين الإنسان الخلقي والتعبير عنه يكون بوسائل أهمها الكلام وهو شيء مكتسب ثم تلي ذلك الممارسة الجنسية التي هي فسلجية غريزية السلوك وليس مكتسبة فطرق الممارسة واحدة عدا الشاذة بدليل ممارستها الحيوان دون تعلم إنما يعرف أن هذا السلوك التطبيقي يفضي إلى تلبية مطالب الغريزة تتبعها اللذة واكتفاء وقتي للشهوة ولذلك أشير في الدين له بموضع الحرث الطبيعي باستعارة تنأى عن فحش الكلام .
الحقيقة الجنسية ملازمة للبشر وهي نفسها منذ وجوده على سطح البسيطة ولا يمكن التغافل عنها أو سترها مهما كانت ولكن السلوك المصاحب لهذه الغريزة لا يجوز جعله سائبا ًغير خاضع لمواصفات وطرق مقننة وهذا فيه تأييد للفكر الديني وللعلم الصرف فكما أن الطعام والشراب والتنفس يقننه العلم ويحدد منافعه ومضاره في تناوله كيفما اتفق نوعا ًوكما ًفإن الدين يحد ويقنن الممارسة الجنسية ولم يكن الدين قد قنن ذلك وشرط شروطه من أجل تلبية مطالب الشريعة السمحاء في ممارسة الشعائر وإنما لتلبية الحاجة الخلقية أيضا ً،غير أن رجال الدين المتزمتين ووعاظ السلاطين والساسة منهم يحاولون جعل البشر يلتفتون إلى جانب ممارسة الشعائر والطقوس ولا يلتفتون إلى جانب الحاجة البشرية الغريزية بحجة أن ممارسة الشعائر والطقوس تفضي إلى التمسك بالقيم وتطبيق الممارسة في صورتها السليمة والمثلى وهو تعليل لا يبتعد عن الصواب كثيرا ًفيما إذا لم يكن المقصود منه اشغال الخلق والناس بأمور تبعد اهتمامهم بالعلم والعمل والتفكير والبحث في جوانب الحياة ومتطلباتها المتطورة يوما ًاثر يوم فعند ذاك هم أي رجال الدين يدفعون الناس قسرا ً إلى الأخذ بمقولة الصورة الأفيونية للدين وفي ذلك هم المسؤولون والسبب الذي يجعل الناس تنفر من الدين السماوي باتجاه الأديان الوضعية .
الزواج
ربط الزواج بالتكاثر والتناسل فقط وأولويتة من أزمات الفكر الديني ( ولا أقول الدين ) وأغلب الآيات القرآنية لم تقل بذلك والأولوية للجنس ودفع مخاطر ومهالك وعواقب وخيمة بدون الزواج وبممارسات خارجة عنه فالتناسل وحب الخلفة والذرية من الشهوات – زين لكم حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير-
فأول شهوة عند الانسان هي الجنس عبر عنها بالنساء ومن ثم التكاثر عبر عنه بالبنين وكان العرب قبل الإسلام يرون العزوة في البنين اذ هم الذين يعول عليهم القتال ولغزووالاخذ بالثار فلا وجود للدولة المدنية التي تأخذ الحقوق وتساوي بين الأفراد ثم تليها شهوة المال والإمتلاك عبر عنه تعالى بالقناطير المقنطرة وهذا هو عامل اقتصادي كان موقعه لثالث في بيئة صحراوية لا زرع فيها ولا ماء ولا يعني التكاثر غير مفيد فالثروة البشرية بدون النسل والتكاثر تكون منقوصة لا تؤدي غرضها لكن كثرة النسل هو في الوقت نفسه من معيقات التطورلذلك تسعى بعض المجتمعات الى تحديد النسل دون تحديد الممارسة الجنسية المشروعة ويتم ذلك بطرق مختلفة منها العزل ومعناه منع تلاقح الحيامن بالبيضة وتخصيبها ويتم ايضا ً باستعمال الحبوب المانعة للحمل أو من خلال بعض الدهون ومن خلال الواقي الذكري (الكوندم ) .
إن الزواج غايته الأولى درء مخاطر العزوبية والكبت الجنسي وتعطيل الغريزة وفي التراث العربي ما يؤكد ذلك فقد كان الحمارس التغلبي لا يزوج بناته، ويوما كان يبري وتدا ًفي فناء الدار وابنته ليلى تراه ، فقالت :
يامن يدل عزبا ً على عزب ْ = على ابنة الحمارس الشيخ الأزَب ْ
ممكورة الساقين خثماء الركب = تدارك الرهز إذا ( .... ) وقب
دقدقة البرذون في أخرى الجلب ْ.
فقال : مالك لا بارك الله فيك والله لأزوجنك أو من يخطبك
(اشعار النساء للمرزباني )
في هذه الحكاية دلالة على أمرين : الأول أن الحمارس كان غيورا ً ، وهذا عائد ربما إلى حالة نفسية في تخيل ابنته تحت رجل ، مقارنا ً ذلك مع ممارساته وممارسات أمها في فراش الزوجية. والثاني هو أن الأنثى كانت تفصح عن الحقيقة أمام أبيها وهذا ما لا تقدر عليه أنثى اليوم أمام أبيها ولا حتى أمام أمها وقد يعاب عليها ذلك ويعد خروجا ًعن الأدب بينما هو في حقيقته تعبير عن شعور وواقع وهنا نجد أن مجال الدراسات النفسية العلمية واسع في التراث الجنسي العربي وقال تعالى وخلقنا لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها ولم يقل لتتكاثروا أو لتتناسلوا .
.
من كتاب الحب في التراث العربي للدكتور محمد حسن عبد الله عن الأصمعي :
إذا تقادحت الأخلاق المتشاكلة وتمازجت الأرواح المتشابهة ألهبت لمح نور ساطع يستضيء به العقل وتهتز لإشراقه طباع الحياة ويتصور من ذلك النور خلق خاص بالنفس متصل بجوهريتها يسمى العشق .
تعليق : في عبارة الأصمعي هذه ربط بين الأخلاق والحب وهنا المقصود بالحب العفيف والبعيد عن الجنس ولا أعلم إن كان يوجد مثل هذا الحب في غير مخيلة الشعراء والرواة أو على وجه الحقيقة وقد يروى عن هذاوفي التراث العربي أن ليلى الأخيلية من المحبات حبا ً عفيفا ًولكن صاحبها توبة بن الحمير قد نزغ الشيطان له فجاء يطلب الجنس لكن ليلى صدته – يراجع الشعر ذكر سابقا ً–
في الكتاب نفسه خبر عن عمارة بن الوليد الذي ذهب سفيرا ً إلى النجاشي ليرد المسلمين عن الحبشة فعشق زوجة النجاشي أو عشقته ووشى به صاحبه فلقي حتفه
إن التسامي وعدم الإنصياع للغرائز بسبب والوصول بالحب إلى مراتب مثالية يعني أن الحب والعشق سلوك يفرضه المجتمع والحضارة وهو السائد لكن ذلك لا يعني عدم وجود النقيض وهو السلوك الذي ينصاع للفسلجة والغريزة وهو ليس سلوك المجتمع عامة أو الدعوة له ولا يعني دراسته وذكره هو إساءة للفكر أو السلوكيات العامة المرغوبة ودراسة النقيض لا تعني ذلك مطلقا فمن يذكر الكفر والكفار لايعني كافر حتى قيل ناقل الكفر ليس بكافر
يذكر الكتاب عن خبر يرويه ابن الجوزي عن رجل أحب زوجة أخيه في الجاهلية ويذكر أن للحب وجه آخر يسميه بالوجه الجنسي الصريح
فيقول ما نصه : العصر الجاهلي عرف الحب في مستوياته جميعا ًالحسية والعذرية الطبيعية والشاذة بين الفتيان والفتيات وبين العشاق من أزواج وزوجات وعواهر .
في هذه الخلاصة عن العصر الجاهلي تصريح واضح على أن العلاقة بين الحب والعشق والجنس واحدة حتى أنه يخلط الأزواج بالزوجات والعواهر معا ً وأرى أن ذلك صحيح في أي مجتمع لا تحده قوانين معينة في ممارسة الجنس بمعنى أن هذه الممارسة مباحة لا يحدها غير أخلاق المجتمع والقبيلة ولكن هذا لا يعني أن الدين يضع شروطا ًقاسية على الزواج ومتفهم لطبيعة الممارسة الجنسية وأولويتها لذلك كانت هناك تسميات للممارسة الجنسية مؤدبة في الكتب السماوية ومنها القرآن الكريم فسميت بالنكاح والتغشي وغيرها بمعنى آخر أن الاديان لم يخف عليها الزواج كممارسة جنسية مقننة في بابها الأول ودليل ذلك الفرحة والإحتفال بالزواج بشكل سمي بالإشهار وليس ممارسة الجنس في الزواج هو لإدامة البشرلأن إدامة الأجناس تتم في الحيوانات دون معرفة أو وعي بشروط الزواج وهي تديم نفسها بزواج الحيوان من أخته أو أمه أو أي حيوان آخر لقضاء حاجته دون شرط أو عقد.
أحل الإسلام تعدد الزوجات وحرم تعدد الأزواج وفسح المجال للذكور بالزواج بأربع زوجات مرة واحدة اشترط بها العدل ،والتسري بالإماء والجواري وخلاف ذلك وضع عقوبة الرجم والجلد ،ولو لم الدين يعلم أن الزنا موجود وسيستمر ويتفاقم لما وضع هذه العقوبة القاسية غير أن ماسمح به للذكور دون الإناث محبب للمجتمع الذكوري وغير محبب للمجتمعات التي تساوي بين الأنوثة والذكورة حتى أن البعض تطرق إلى مسألة وجود الحور العين في الجنة للذكور كهبة وجزاء للمؤمنين هو نوع من أنواع الإجحاف بحق الأنثى إذ تصبح وظيفتها في الدنيا والآخرة هو قضاء حاجة الذكور الجنسية دون إعطاء حق الإناث المؤمنات بتعدد الأزواج أو اختيارهم ولا بد من وجود رد مناسب على هذه الإشكالية .
فكرة عدم اختلاط الأنساب ومعرفة النسل ومخافة التزوج ممن هو محرم دينيا رد على مشكل عدم التعدد في الحياة الدنيا وفي هذا حرية كبيرة مباحة للذكور فعقاب الزنا وفق هذه الحال للذكور ليست كبيرة بسبب هذه الحرية والمساحة الكبيرة وليس فيه من العنف أو المبالغة من شيء نسبة إلى عقوبة الأنثى المحددة الحرية ومساحتها. غير أن فكرة عقاب ممارسة المرأة للزنا لا تجوز إلا بشروط صعبة جدا ًولا يمكن عمليا الوصول لها فشرط رؤية (دخول الميل في المكحلة) كما يوصف ومن قبل أربهة شهود من المحال تحقيقه أو رؤيته ولو كان الناظر على بعد قريب من الحادثة فكيف إذا عرفنا أن الزناة لا يمارسون الزنا على أعين الناس بل متخفين وفي الحادثة التي جرت في زمن الخليفة عمر بن الخطاب خير دليل على ذلك / ثم يسترسل في الكتاب بقوله :
(( إن الموقف من الزنا كان صارما ًفي عهد الرسول الكريم والخلافة الراشدة ثم ( مالبث أن تراخى حتى استرخى ) ويشير إلى نقطة مهمة باستحياء وهي أن ((العامل الإقتصادي والثروة التي سيظهر مردودها السلبي في العصر القادم )) مكتفيا ًبهذا التلميح ولم يذكر لنا من سيمتلك الثروة وماذا يعني بالعصر القادم ثم يشير إلى أن الإسترخاء قد تخفى في ثياب التسامح ولم يشر إلى سبب هذا التسامح وكيف بدأ .
هكذا في مجمل الكتاب مزج بين الحب والعشق والجنس دون تصريح بذلك أي أنه يريد القول أن الحب مقدمة للجنس وأولى صفحاته ويتخفى هو نفسه عن الجنس بثياب الحب وفي فكرة علمية نجد أن الحب شيء يكمن في النفس بينما الجنس تطبيق بالأعضاء الجسمانية وما المقصود بالحب حقيقة سوى المقدمة النفسية والروحية أي التهيئة لممارسة الحاجة الفسلجية وهذا مثل الإحساس بالجوع يتبعة تناول الطعام أو الإحساس بالعطش يتبعه شرب الماء وقد يفسر ذلك بأن الجوع والعطش والحاجة الجنسية سببها مادي صرف بوساطة افرازات أو قلة مواد معينة في الجسم فهذا صحيح تماما ًولكن يبقى هناك سؤال مهم وهو كيف يتم الإفراز عند الحاجة والشعور بالنقص هل هو مجرد عملية ميكانيكية أم هناك تاثير لعوامل شعورية غير مرئية تحفز الجهاز العصبي ليحفز بدوره الغدد الإفرازية التي تدعو الجسم لتلبية الحاجة الفسلجية على أنه بعد القضاء من الحاجة مباشرة تبدأ غدد افرازية أخرى بالعمل كما هو في افراز المني بعد الجماع والإفرازات الهضمية بعد الأكل أي أن الدماغ له مهمتان قبلية في التنبيه للنقص الحاصل وبعدية في التنبيه لحصول التلبية .
لكن الكاتب يشير لمسألة مهمة بوضوح وصراحة أن الفكر الديني في هذا الجانب بقي محصورا ًفي هدف النصوص الدينية المباشرة دون دراسة السلوك الإنساني والعواطف البشرية .
في الفصل الثاني يقرر الكاتب أن الميل الجنسي والتعاطف بين الذكر والانثى غريزة والشيء المكتسب هو طريقة التعبير عن هذا التعاطف ,
وبالطبع يخشى الكاتب القول بان هناك حلقة مفقودة بين الغريزة وطريقة التعبير عن التعاطف هو أن الغريزه شيء في تكوين الإنسان الخلقي والتعبير عنه يكون بوسائل أهمها الكلام وهو شيء مكتسب ثم تلي ذلك الممارسة الجنسية التي هي فسلجية غريزية السلوك وليس مكتسبة فطرق الممارسة واحدة عدا الشاذة بدليل ممارستها الحيوان دون تعلم إنما يعرف أن هذا السلوك التطبيقي يفضي إلى تلبية مطالب الغريزة تتبعها اللذة واكتفاء وقتي للشهوة ولذلك أشير في الدين له بموضع الحرث الطبيعي باستعارة تنأى عن فحش الكلام .
الحقيقة الجنسية ملازمة للبشر وهي نفسها منذ وجوده على سطح البسيطة ولا يمكن التغافل عنها أو سترها مهما كانت ولكن السلوك المصاحب لهذه الغريزة لا يجوز جعله سائبا ًغير خاضع لمواصفات وطرق مقننة وهذا فيه تأييد للفكر الديني وللعلم الصرف فكما أن الطعام والشراب والتنفس يقننه العلم ويحدد منافعه ومضاره في تناوله كيفما اتفق نوعا ًوكما ًفإن الدين يحد ويقنن الممارسة الجنسية ولم يكن الدين قد قنن ذلك وشرط شروطه من أجل تلبية مطالب الشريعة السمحاء في ممارسة الشعائر وإنما لتلبية الحاجة الخلقية أيضا ً،غير أن رجال الدين المتزمتين ووعاظ السلاطين والساسة منهم يحاولون جعل البشر يلتفتون إلى جانب ممارسة الشعائر والطقوس ولا يلتفتون إلى جانب الحاجة البشرية الغريزية بحجة أن ممارسة الشعائر والطقوس تفضي إلى التمسك بالقيم وتطبيق الممارسة في صورتها السليمة والمثلى وهو تعليل لا يبتعد عن الصواب كثيرا ًفيما إذا لم يكن المقصود منه اشغال الخلق والناس بأمور تبعد اهتمامهم بالعلم والعمل والتفكير والبحث في جوانب الحياة ومتطلباتها المتطورة يوما ًاثر يوم فعند ذاك هم أي رجال الدين يدفعون الناس قسرا ً إلى الأخذ بمقولة الصورة الأفيونية للدين وفي ذلك هم المسؤولون والسبب الذي يجعل الناس تنفر من الدين السماوي باتجاه الأديان الوضعية .
الزواج
ربط الزواج بالتكاثر والتناسل فقط وأولويتة من أزمات الفكر الديني ( ولا أقول الدين ) وأغلب الآيات القرآنية لم تقل بذلك والأولوية للجنس ودفع مخاطر ومهالك وعواقب وخيمة بدون الزواج وبممارسات خارجة عنه فالتناسل وحب الخلفة والذرية من الشهوات – زين لكم حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير-
فأول شهوة عند الانسان هي الجنس عبر عنها بالنساء ومن ثم التكاثر عبر عنه بالبنين وكان العرب قبل الإسلام يرون العزوة في البنين اذ هم الذين يعول عليهم القتال ولغزووالاخذ بالثار فلا وجود للدولة المدنية التي تأخذ الحقوق وتساوي بين الأفراد ثم تليها شهوة المال والإمتلاك عبر عنه تعالى بالقناطير المقنطرة وهذا هو عامل اقتصادي كان موقعه لثالث في بيئة صحراوية لا زرع فيها ولا ماء ولا يعني التكاثر غير مفيد فالثروة البشرية بدون النسل والتكاثر تكون منقوصة لا تؤدي غرضها لكن كثرة النسل هو في الوقت نفسه من معيقات التطورلذلك تسعى بعض المجتمعات الى تحديد النسل دون تحديد الممارسة الجنسية المشروعة ويتم ذلك بطرق مختلفة منها العزل ومعناه منع تلاقح الحيامن بالبيضة وتخصيبها ويتم ايضا ً باستعمال الحبوب المانعة للحمل أو من خلال بعض الدهون ومن خلال الواقي الذكري (الكوندم ) .
إن الزواج غايته الأولى درء مخاطر العزوبية والكبت الجنسي وتعطيل الغريزة وفي التراث العربي ما يؤكد ذلك فقد كان الحمارس التغلبي لا يزوج بناته، ويوما كان يبري وتدا ًفي فناء الدار وابنته ليلى تراه ، فقالت :
يامن يدل عزبا ً على عزب ْ = على ابنة الحمارس الشيخ الأزَب ْ
ممكورة الساقين خثماء الركب = تدارك الرهز إذا ( .... ) وقب
دقدقة البرذون في أخرى الجلب ْ.
فقال : مالك لا بارك الله فيك والله لأزوجنك أو من يخطبك
(اشعار النساء للمرزباني )
في هذه الحكاية دلالة على أمرين : الأول أن الحمارس كان غيورا ً ، وهذا عائد ربما إلى حالة نفسية في تخيل ابنته تحت رجل ، مقارنا ً ذلك مع ممارساته وممارسات أمها في فراش الزوجية. والثاني هو أن الأنثى كانت تفصح عن الحقيقة أمام أبيها وهذا ما لا تقدر عليه أنثى اليوم أمام أبيها ولا حتى أمام أمها وقد يعاب عليها ذلك ويعد خروجا ًعن الأدب بينما هو في حقيقته تعبير عن شعور وواقع وهنا نجد أن مجال الدراسات النفسية العلمية واسع في التراث الجنسي العربي وقال تعالى وخلقنا لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها ولم يقل لتتكاثروا أو لتتناسلوا .
.