جمال الدين علي الحاج

في محطة سير القطار المتجه من جنوب فرنسا لجبهة القتال الشرقية; توقف القطار المعبأ بالجنود والآت القتل. الرجال على الرصيف يهتفون. والنساء ينثرن صلواتهن ودموعهن مع حبات الأرز وزهور الفل. والجنود من النوافذ يلوحون بقباتعهم بيد; وبأصابع اليد الأخرى يرفعون علامة النصر. وأسلحتهم قلادة قتل تتدلى على...
بخيوط الظلام سحب أنفاس الفاجعة الثقيلة وهال فوق جثة صديقه التراب. ثم جلس فوق قبره يقرأ عبارات الشوق التي بعثتها له فتاته في خطابها الأخير الذي لم يستلمه سوى الآن. كانا يحتسيان الخمر البلدي في الحانة الشعبية; وكلما ارتشف كأسا من الغيرة; كان يشعر بوخز الألم في جدار رحم الثأر وتتفجر صرخة مكتومة من...
كانوا يبحثون عنه بالرصاص; واليوم يزورون قبره بالشموع. يضعون على ضريحه الورود بآلية. ثم يؤبون منكسي الرؤوس. وكنت على يقين أنهم سيندمون. تاه الدرب; سلك فراغا عريضا يؤدي إلى مألات العدم. رياح النسيان محت آثاره من على الخارطة. كنت أرعى غنم أبي عند التل قرب الجرف; ومع أن أمي حذرتني مرارا من الذهاب...
لا أدري. هكذا هبط النصيب فجأة من السماء في شكل رجل طويل ونحيل وقد جاء خاطبا يدها. أسبلت عينيها بحركة لا إرادية; حين سألها أبوها عن رأيها في العريس. - لقطة. أجابت أمها نيابة عنها. أما هي; فلم تتب عيناها من هذا الفعل المنكر أو أنها أدمنت الانكسار في مواجهة سطوة الجسد ومتطلباته البيلوجية. كررت...
فكر أن يقتلها ويغسل بدمائها لطخة العار التي علقت بثوب شرفه الأبيض الشفاف. (نعم .. نعم لابد من ذلك. سيكون قبرها في تلك الزاوية; عند التقاء الجدارين القديم والجديد; يسار النافذة المطلة علي الحديقة). تمتم قائلا وهو يرسم أفكاره وخططه أمام المرآة المثبتة إلى الجدار; فتنعكس صورة وجهه الشاحب الحزين...
اعتصر قميصه ونفضه في الهواء; فتطاير الرذاذ على وجهي; فادرته نحو الشط. بصق في وجه البحر وقال. - ألديك خطة؟. - خطة؟! - نعم. خطة لحياتك الجديدة. بعد أفلحت في عبور البحر. أي أحمق هذا؟ تساءلت في سري. التفت ناحيته وبصقت على حياتي السابقة التي كانت في الجانب الآخر من الشط; فأكتشفت أني بصقت على وجه...
( الآن كل شيء بات معدا كما يجب). قال وهو يفرك كفيه وتراجع ثلاثة خطوات للوراء عن الطاولة; كان قد حسبها من قبل في مرات سابقة وعدته بالمجيء ولم توفي بوعدها; و بحركة مسرحية تدرب عليها كثيرا هي أيضا انحنى مادا يده وباسطا كفه ( تفضلي سيدتي). ابتسم كنادل يدعي الظرف( هذا الورد اخترته بنفسي). ولما لم...
جلست وأسندت مرفقيها إلى طاولة مكتبها واضعة كفيها على خديها محدقة في نقاط هلامية كانت تتساقط من ذهنها وترتطم بسطح المكتب محدثة دويا هائلا; قلبت تصرفاتها الأخيرة في مقلاة العقل مثل فطيرة; لم تكن هكذا أبدا لقد كانت تتسم بالرزانة والود ومع أنها كانت توصم من بعض زملائها في العمل بالجدية وربما...
(محكمة). في اللحظة التي صرخ فيها الحاجب بصوت جهور بتلك الكلمة المقدسة; دخل القاضي إلى قاعة المحكمة; و جلس بوقار; و أخذ يقلب في أوراق القضية التي أمامه; بينما وقف ود المبارك ساهيا وأخذ يجول ببصره في القاعة المكتظة بالأنفاس. ذهنه كان شاردا من عقال عقله في الفضاء الزمني الممتد إلى تخوم القرية. في...
(محكمة). في اللحظة التي صرخ فيها الحاجب بصوت جهور بتلك الكلمة المقدسة; دخل القاضي إلى قاعة المحكمة; و جلس بوقار; و أخذ يقلب في أوراق القضية التي أمامه; بينما وقف ود المبارك ساهيا وأخذ يجول ببصره في القاعة المكتظة بالأنفاس. ذهنه كان شاردا من عقال عقله في الفضاء الزمني الممتد إلى تخوم القرية. في...
قعر البئر سحيق; الظلام دخان أسود كثيف غطى جدران الصمت وصلت خيوطه لسقوف الأمل ; والجو كله خانق يحبس الأنفاس. بمعول يصم أذن الزمن القاسي و ويجفل سكينة الأرواح; أرواح الأسلاف; يحفر الفأر البائس قلب حلمه أو شبر قبره بموالة نملة لا تعرف الشفقة طريقها الى جسدها المنهك. ومع كل ضربة معول يخرج زفير من...
قعر البئر سحيق; الظلام دخان أسود كثيف غطى جدران الصمت وصلت خيوطه لسقوف الأمل ; والجو كله خانق يحبس الأنفاس. بمعول يصم أذن الزمن القاسي و ويجفل سكينة الأرواح; أرواح الأسلاف; يحفر الفأر البائس قلب حلمه أو شبر قبره بموالة نملة لا تعرف الشفقة طريقها الى جسدها المنهك. ومع كل ضربة معول يخرج زفير من...
بعد أن اختطفتني عنقاء الغربة وحملني جناحاها الأسطوريان وحلقا بي في سموات بعيدة. شرقية وغربية. لعقت شفتيها وقد امتصت رحيق عمري ومن ثم فتحت نافذة زمن الضياع ورمتني منتوف الأعضاء مثلما تسقط الحديا ريش العصفور الصغير. وجدت نفسي أقف أمام باب الدار التي نشأت وترعرعت فيها. دار جدي لأمي محمد ود عوض...
بعد أن اختطفتني عنقاء الغربة وحملني جناحاها الأسطوريان وحلقا بي في سموات بعيدة. شرقية وغربية. لعقت شفتيها وقد امتصت رحيق عمري ومن ثم فتحت نافذة زمن الضياع ورمتني منتوف الأعضاء مثلما تسقط الحديا ريش العصفور الصغير. وجدت نفسي أقف أمام باب الدار التي نشأت وترعرعت فيها. دار جدي لأمي محمد ود عوض...
في القرية المنسية منذ زمن سحيق داخل جيب من جيوب جبة التاريخ القديم. تقبع طاحونة اللبيب في ركن قصي على حواف الذكرى الداخلية لأهل القرية كعلامة الصانع التجارية. مثل رسم باهت بقطعة قماش بالية لم تفلح مساحيق الزمن في غسله من الوجود. ينتصب عمودها لأعلى ينفث الدخان في الهواء مثل محارب قديم يسترجع...

هذا الملف

نصوص
62
آخر تحديث
أعلى