ابتدأت ساعته الجدارية دقاتها محفِّزة كل خلاياه المتبلِّدة. تحولت دقاتها إلى حركة تمتصها كل الأشياء التي تبعثرت حوله لتعيد استفزازه من جديد. تنحّت أمام عمائه جدران الغرفة واحداً تلو الآخر. استطاع أن يرى أسراب الليل تتراخى على كل منزل تخايل له من نافذته، مطفئة الأبصار الكسولة عن الحركة والضجيج...
توقف أزيز حفّارته فجأة بعد نصف ساعة مجهدة من الوقوف أمام كرسيّه القديم، وقد جلس عليه رجل مترهل الهيئة فاتحا فمه بعجز وتوسّل، وعينان تغبّان جرعات من ألم صامت، تدمعان فلا يأبه لهما الطبيب، بل يزيد من سرعة حفّارته تلك، لعلها تأكل صوت صمته المزعج حقاً؟!
توقف ونزع قطع القطن المصطبغة باحمرار قانٍ من...