أبتعد عن أمه التي بلغت من العمر عتيا، ترك معها أخاه ألأصغر وأخته، إستأجر منزلا متواضعا يعيش فيه مع زوجته وأولاده الأربعة الصغار في محلة (المحمودية) عيشة بؤس.. يشتغل ليله ونهاره لتأمين حياة أسرته..
في مساء شاحب خانق من أماسي الصيف الحارقة..عاد (عباس) متعبا.. ملابسه مبتلة منن العرق المتصبب من...
كان جدي رحمه الله يسعده أن يرانا حوله، يحتضن أحفاده الصغار، يزحف إليه (محمود) وتركض نحوه (فاطمة) ويتمسح به (أحمد) وهو بهيبته ووقاره يربت على أيدينا، ويداعب رؤوسنا. عناقيد العريشة تتدلى فوقه كالمصابيح، حبات العنب كبيرة لامعة تشف عما فيها من عصير سائغ رائق… تدعونا أمي بالتقاط حباته الناضجة.. نتلذذ...
أقبل ممطرا.. مظلما.. موحلا.. وبدأ موسم البطالة، أجلس في البيت عاطلا عن العمل ثلاثة أيام بطولها، أو أشتغل أشغالا صغيرة مختلفة. وفي الدكاكين كانوا يخدعوننا – نحن العمال – فيقدمون لحما نتنا، وطحينا عفنا، وشايا أستعمل فجفف من جديد.. كان المعاونون والممرضات ينهبوننا في المستشفى، وإذا ما كنا أفقر من...
صدى الذكريات أيقظ في نفسي ما حدث للشاب ( محمود ) ولا أدري لماذا ابتسم عندما أتذكر المشهد في ذلك اليوم الصيفي الحار . ومحمود شاب في الخامسة والعشرين من العمر . يسكن في قرية غافية على ضفاف نهر صغير . أسمر اللون . طويل القامة . قوي الجسم . متدين يقرأ القرآن والأدعية الرمضانية . يحفظ من التراث...