ليس من شاف كمن سمع. هذا ما تعلمته هنا في السوق ، وأزيد عليه بأننى كنت قد سمعت عن الأستاذ كثيرا من المدح ، فالجميع يصفه بالسياسي المحنك ، وآخرين أكدوا أنه من القيادات الشابة التي تلائم المنعطف الثوري الذي تمر به بلادنا .
رأيت صورته كبيرة معلقة في صدر المكتب ، أيضا كانت يده ممدودة لبكباشي في...
نظلة امرأة العمدة عبد الحق البصراطي جاءت المحل في وقت العشاء ، عرفتها رغم أن " البيشة " كانت تلف وجهها في إحكام . جلست أمام المقعد الذى صادفها وكانت هذه أول مرة تحضر بدون زوجها الذى غالبا ما كان يمنحني بقشيشا دون أن أطلب ، و يجعلني في المواسم أربط فرسه بعمود الإنارة ريثما ينزل من البيت .
كان...
بعد العصر بقليل ينزل شيحة كمالو من منزله مرتديا البدلة الكاملة متجها إلى سوق الخضر القريب ، ليعود بعد مدة متأبطا جريدة الصباح ، حزمة من الفجل البلدي ، رغيفين ، وكيس الطعمية محوجا بالسمسم .
كانت تلك وجبته اليومية المفضلة ، وهو مدرس الفلسفة الأول الذى يهابه الناس ، لكنهم لا يزوجونه بناتهم ،...
أرادت أن تسيطر عليه ، بعد أن أحكمت حصارها حوله . فى المرة الأخيرة أيقن أنها تتلاعب به ، وأن نبرات صوتها التى تأتيه عبر الهاتف تشى بخديعتها .
كانت تقول له بصوت أنثوى يغرق فى العسل : أنت ..أنت ملك .
أوشك أن يصدق الكذبة غير أن الرأس الأشيب الذى كان يمشطه فى المرآة بغموض مستريب كشف اللعبة كلها .
فتح...
على المنضدة الدائرية مفرش مشغول بزهور التمرحنة بزهورها الصفراء المكتنزة ، وهما جالسان فى أقصى جنبات النادى .
بالحتم يذكرسنوات الخطوبة التى مرت كالنسمة الرقيقة . مساء كل جمعة كان يذهب إليها فى بيت العائلة، ويجلس معها على أريكة ناعمة لها كسوة من القطيفة الزرقاء ، ينظران إلى أطفال الحى من نافذة تطل...
قابلت الأستاذ فؤاد . قابلته في وقت لم أتبينه تماما ، غير أنني أتذكر أن طائر الكروان الذي يعبر فوق بيتي قد غرد مرتين ، وهو يمرق بسرعة في أحد الاتجاهين : شمالا أو جنوبا.
قابلت الأستاذ فؤاد ، بلا اتفاق ، بدا متجهما ، متوترا ، سألني إن كنت قد سددت ديوني بعد أن بارت تجارتي فأخبرته بثقة أن عليه ألا...
البنت مشيرة أم ضفيرتين صغيرتين سارحتين على الظهر ماتت اليوم .
مشيت في الجنازة البسيطة وكان قلبي يبكي ، ووجهها يلوح لي طوال المسافة الممتدة من جامع البحر التي خرج منه جثمانها وحتى قرافة الست الوالدة قرب " تعاليق شيحة ". بنت صغيرة بغمازتين ، ووجه باسم تستقر به عينان يسكنهما غيط برسيم أخضر في...
ـ " مات عبدالمجيد الجنزوري ! "
حشر جسده النحيل في الوصلة بين عربتي القطار ، وعندما جذب السائق يد الفرملة ، واصطكت العربات هوى في غمضة عين بين القضبان وحبات الحصى والزلط . ارتطم الرأس بساق معدنية ناتئة ، وسال الدم قطرات قطرات.
* يا أماسي الخوف والفزع . همهمات خائفة وليل مدنس برائحة البارود . أفتح...
وجدت عم جمعة يجلس كعادته أمام باب الجامع من الناحية المواجهة للسوق ، حيث المحلات قد بدأت فتح أبوابها مبكرا ، بينما البيوت تغط فى نوم عميق ،بعد أن أمتص الليل جهد الرجال .
عرفت كل ذلك مبكرا فى السوق ، فتحت عينى على الخفى والمبهم ،ورأيت أن أمارس فعل الستر لأن الله قد أمر به ، ولأن هناك أسرارا لابد...
عن وقائع حقيقية للكتيبة 18 مشاه خلال حرب أكتوبر والسنوات التالية في القطاع الأوسط من الجبهة.
………
إهداء
إلى شادي وهيثم ومحمد .
كان لا بد أن أجلس معكم . أحملكم بين ذراعي لكن وجوه المحاربين المرهقة اختطفتني . فرحت أستعيد ملامحها, وأنصت لحديث لم تبح به الشفاه .
………
تلك الأيام المليئة بالعزة...
بعد خمسة وأربعين يوماً بالتمام والكمال في معسكر الأساس ، حصلنا على أجازتنا الأولى . أدركنا أن أصحاب الزي الكاكي لا يغادرون ثكناتهم إلا بتصريح ممهور بإمضاء رئيس العمليات ، والخاتم الأسود على هيئة نصف دائرة حاملاً كودي الوحدة .
بعد عودتنا تم توزيع الجزء الأكثر عدداً على الكتائب الميدانية على ضفة...
كانت علاقتهما مسطحة . علاقة بلا عمق ، ولا مسارات متعددة. كل ما يمكنه قوله ، قيل في جلستين ثم حدث الزواج.
شعرت أنه اخترق كل ما عاشت لتخفيه عن الناس. المسألة لا تخص الجسد بل الروح التي ظلت شاردة ، وهفهافة.
أما هو فقد وجدها أمامه كالكتاب المفتوح ، مساحة من السطح المحايد البارد ، يمكنه أن يقرأها بعد...
في الستينات من القرن الماضي ـ أي منذ حوالي أ ربعين عاما ـ انطلق في سماء الأدب المصري شهابا جديدا , فأضاء سموات الإبداع , وترددت حينذاك مقولته المشهوره " نــحن جيل بلا أساتذه " وكان يعني بها ضرورة حدوث انقطاع فنى حتي لا يحدث التكرار والاستنساخ بين جيل الرواد الذي يجثم علي صدر الحركة الأدبيه ...
( حين يصير الحنين يماما على الكف ،
والراقصون مدائن
لاتقفل الليل أبوابها ، والصباح ) **
( إلى علي الدميني ، والمقطع السابق من ديوانه بياض الأزمنة) **
هذا بالضبط ما لم يفكر فيه البارحة . لقد نام خالي البال من أي شيء يكدر صفو هدوئه ، صحيح هو مسجون ، ولكنه يشعر بالراحة الأكيدة أن رأسه لم تعرف...
محمد كمال محمد
1
في سنة 1971 تخرجت من معهد المعلمين ، وعينت في مدرسة الإمام محمد عبده ، وقد اخترت ان أبدأ رحلتي المهنية بالتدريس للصف الاول الابتدائي. كان عدد الفصل 51 تلميذا ، منهم تلميذ تحضره فتاة في الصف الثاني الثانوي ، لأن والدته توفيت منذ أيام ، وحتى يهدأ باله ويطمئن نفسيا . تعرفت عليها...