كان حارسُ المقبرة هذا مثل زهرةٍ صفراء أعلى القبر توغلت في حياتي بدون جهد، ونشرت عطرَها المثيرَ الفواح، وسلبت روحي المدينية. وفي هذا الربيع المزهر، كان هذا الشيخ القروي الأحمق وكأنه أذابَ نهراً جليدياً، مُبدداً كآبتي بخفة وسرعة، وبغموضٍ أيضاً. كان غريباً عني تماماً، لكن الأمر بدا وكأننا عملنا...
إنَّ ظاهرةَ النينو موجودة في الحقيقة، والدليل الأوضح على وجودها هو برودة فصل الشتاء عن السابق، حيث كان في السنوات الماضية يمر بسرعة كيعسوب يلامس سطح الماء، تاركاً الناس مرتبكين في حالة ما بين السعادة والحزن. خلال الشتاء كنت ما زلت مسؤولاً وقت الظهيرة عن توصيل ابنتي الصغيرة إلى المدرسة، وكنت أرى...
منذ أن هبط الضباب، نما لكل شيء في الأرجاء ريشٌ طويلٌ جداً لا يتوقف عن التواثب. كنت أمضي اليوم بأكمله محدقة العينين حتى أرى أي شيء بوضوح، وآلمتني عيناي أشد ألم. هذا الضباب اللعين الذي يغمر الأنحاء، حتى أنه يملأ الغرف كلها، كدخان كثيف متفجر، يغطي الفضاء من الصباح إلى المساء، تاركاً الجدران رطبة...
الموت حلوى مُدوَّرة
لا أستطيع ما أن أجلسَ وأبسُطَ الورق
الحديثَ عن الموت
هيَّا، لوِّنْ السماءَ أولاً بلونٍ برتقالي
أبعِد القلم، وارتشف بضعَ رشفاتٍ من حساءٍ بائت
الحياةُ بئرٌ صغيرة
تتسعُ لمختلفِ أنواع العصائر
تفيضُ بالمياهِ المُثقلةِ برائحةِ الأسماكِ والنباتاتِ الزنخة
وطعمُ العشبِ التقليدي الحلو...
“ وانغ شياو ني” و” لو يي مين”” شاعرتان من الصين
دع الضوءَ الأزرقَ ينساب
العمل
في أقصرِ نهايةٍ للقرن
تضطربُ الأرضُ
وينشغلُ الناسُ كقرودٍ بين الأشجار.
أمَّا يداي فتكونا
مرخيتين بخمولٍ في سماءِ الصين.
الطاولةُ والرياح
صفحاتُ ورقٍ أبيضَ ناصع.
أجعلُ رموزي
تتحققُ في المنزلِ فقط.
حين أغسلُ الأرز...
حلم العودة إلى مسقط الرأس
زنبقة مألوفة لي
(تساقطت بتلاتها على حافة النافذة)
أثارت حيرتي
صوت أنفاس يكاد يهمس في أذني
(وجهي مدفون في كفيّ)
جعلني منقطعةَ النفس
حتى معزوفة موسيقية بسيطة
(يد أمي، الريح خلف النافذة)
آه، أخيراً باستطاعتي البكاء
تفاصيل أُهْمِلتْ
وإلهام أفهمه من جديد
لقد عاد، شغفي
سطور...
قد نما من الأرض شعرُ الميت الأشيب
هذا يجعلني أصدق، أنَّ الإنسانَ يشيخُ بعد موته
الإنسانُ بعد موته تنقضُ عليه الكوابيس أيضاً
ويصحو مذعوراً، وترى عيناه
نهاراً جديداً يُولد من البيضة
وينشغلُ مسرعاً في التقاطِ الحبوب
كما يمكنه أن يسمعَ صوتَ خطواته
يسمعَ صوتَها في...
تهب رياح الشتاء في هذا المكان باردة تلسع العظام. في تمام الظهيرة، حين كنت في مأمورية عمل وركبت القطار الذي كان يسير بهدوء إلى محطة تدعى (زي شيا)، كانت عربات القطار كعادتها ذات جو ثقيل ممل، ولكن لم يتكبد أحد عناء فتح النوافذ لتهويتها. وعبر النافذة تأملت بإرهاق ذلك المكان، الذي بدا مدينة صغيرة...
حينما كان الابن جالساً في حضنه، طارت فراشة ناحيتهما، فراشة سوداء، كبيرة. قفز الابن من حضنه، وجرى ليمسك الفراشة. لم يستطع إمساكها، فركض هو ناحية الابن وأمسكه. وقال: “لا تمسك الفراشات.”
رفع الصبي رأسه، وسأله: “لماذا؟”
“لأن الموتى يتحولون إلى هذه الفراشات.”
قال الابن: “هل يتحول الجميع إلى فراشات...
الإعداد والترجمة عن الصينية: يارا المصري
“منحني الظلامُ عينين سوداوين
لكنني ألتمس بهما النور”
هذه القصيدة المكونة من سطرين بعنوان “جيل” والتي نُشرت في مجلة الشعر الصينية في الثمانينات، كانت السبب الرئيسي في شهرة الشاعر الصيني “قو تشنغ”، حيث اعتبرت أدق وصف وتمثيل لجيل ينشد المستقبل والمعرفة بعد...
“في شتاء عام 1978، غطِّى بكين ثلجٌ كثيف، وكانت الضاحية الجنوبية قريةً قليلةَ السكان، تبعد عن النهر وأرض السفارات بمسافةٍ كبيرة، وكانت تقع على الحدود بين المدينة والريف، ولهذا كانت تعتبر منطقة مهجورة تحت ظروف السلطة الديكتاتورية. وكان من بين البيوت الصغيرة في تلك الضاحية، بيتٌ مغطَّاةٌ نوافذه...
قصيدةٌ ليليةٌ مُهداة
ــــ مُهداة إلى ابنةِ الليل
انساب الليلُ مرتفعاً من الأرضِ الواسعة
وغطَّى السماءَ المشرقة
الأرض الواسعة المقفرة بعد الحصاد
الليلُ قد ارتفعَ من داخلِك
لقد جئت من بعيدٍ، وذهبتُ أنا بعيداً
ومرت المسافةُ البعيدةُ من هنا
وكانت السماءُ خاليةً من كلِّ شيء
فلماذا تمنحني المواساة...
السونيتة الثامنة:
حلم قديم
هذه الدنيا فوضوية
أرغب في أن أحلقَ على جناح طائر رخ
وأذهب للحديث مع نجمٍ هادئ.
هذا الحلم القديم يشبه عجوزاً
يشتاق إلى أحَبِّ أحفاده إلى قلبه
هذه الأيام سافر البعض إلى النجوم
ولكنهم لم ينسوا اضطراب هذه الدنيا وتعقيدها
كانوا دائماً من أجل أن يدرسوا
كيفية السفر، وكيفية...
قصيدةٌ ليليةٌ مُهداة
ــــ مُهداة إلى ابنةِ الليل
انساب الليلُ مرتفعاً من الأرضِ الواسعة
وغطَّى السماءَ المشرقة
الأرض الواسعة المقفرة بعد الحصاد
الليلُ قد ارتفعَ من داخلِك
لقد جئت من بعيدٍ، وذهبتُ أنا بعيداً
ومرت المسافةُ البعيدةُ من هنا
وكانت السماءُ خاليةً من كلِّ شيء
فلماذا تمنحني المواساة...