أكثر ليلي الصيف في مصر مقتطعة من فراديس النعيم لعشاق اللهو والاستمتاع يا لله!! كم ليلة قضيناها على شواطئ النيل نستمتع بانسياب أمواهه الهادئة، نشاهد مثاوي الأشباح تحت ظلال النخيل، نراقب أنوار المدينة ونجوم السماء تتناقص وتنطفئ وتتلاشى على بساط الفجر وإشعاع الشمس
يا لله! كم ليلة سمعنا فيها أغاني...
قلت لصديقي: لك الله من رجل غريب الأطوار! لقد أضفتنا الليلة ودعوتنا إلى تناول العشاء معك، فأين المطعم وأصناف الطعام المطبوخ من هذه الحانة والزجاجات والأقداح (والمزات) آليت على نفسك مخالفة المألوف واتباع هوى النفس وبداواتها في كل شيء؟؟
-: خل عنك يا صاح الملاحظات والمعارضات لأننا في ليلة خمر...
عرفته في المدرسة فتى وسيم الطلعة، صبوح الوجه، حيي الطبع، هادئ النفس، فتوددت إليه واكتسبت صداقته
عرفت من خصاله العبوسة والخشونة والتجهم والغضب كما عرفت منها الطيبة والسلاسة والصدق والوفاء.
كان تارة عنيف الحركة حتى الجنون، وطوراً ساكناً كأنه غارق فيها!
عرف معلموه فيه الإقدام بدون تردد، والأحجام...
لم يكن باقياً من سنة 1913 سوى شهر واحد وبضعة أيام وقتما وصلت مصر قادماً من دمشق هرباً من مطاردة الحكومة إياي.
الليلة عيد، وأجراس الكنائس تدق، والناس بين داخل البَيع بوجوه تعلوها سيماء الرضى والإيمان، وبين خارج منها مسرع الخطى إلى الفنادق الكبرى والمنتديات الخاصة تطلعاً إلى الاشتراك في حفلات...