تذكرت اسمها الجميل (نعمات) حين تصادف واستمعت إلى أغنية "الكينج محمد منير" عن (نعناع الجنينة) الذي يظلله شجر الموز ، فيستدعي عشق البنات . ففي هذه الأغنية جاءت عبارة : "تلات نَعمات". وفي زمن مضى كنا في رحلة جماعية وتغنى "منير" بنعناع الجنينة ، فعلقت "نعمات البحيري" شاكرة للكينج أنه ذكر اسمها، الذي...
جاءني صوتها عبر الهاتف..ياااااه.... بعد عشرين عاما... نعم بعد عشرين عاما من الغياب في السفر والبعد والتنائي. ورغم الغياب ظلت حاضرة في روحي مع زمنها الجميل.
سرني أن بادرت أروى بالرغبة في اللقاء وحددت يومه وساعته، ناولت السماعة لزوجها ليحدثني ولم أكن عرفته قبلا.. علمت من أختها بأنها...
لم أعد أرى في الرجلين شيئا يميزهما، فقد صارا متشابهين تماما، حتى في الضجر الشديد الذي راح يرسم ملامحهما ونظرات العيون، لكن وجهي المتشبث بنصف ابتسامة أوحى لهما بأنني على مشارف محاولة جديدة. كنت أضغط بإصبعي على مجرى الأرقام حتى لا يخذلني الخط بذلك الصفير الحاد المتقطع فأدع السماعة لأحد الرجلين ككل...
بدا الأمر مثل بقعة حبر أسود، سقطت فجأة على ثوب مازال متشبثا ببياضه، وعشرات الطيور البيضاء غيرت ريشها في موكب عزاء. تجاوزت ـ على نحو ما ـ كابوس الصدمة الأولى منذ أتاني الخبر الحزين. شربت كثيرا من الليمون والينسون والقهوة، وتناولت كميات لا بأس بها من المهدئات والمنومات، وسمعت كما هائلا من كلمات...
عقد الفضة الذي خرجت به يده من عمق الدولاب هو غلة هذا النهار منذ بدايته. بدا له العقد القديم مثل صفقة فكتم غيظه وتحرك وسط ركام الفوضى التي أحدثها دأب بحثه في حجرة النوم، واتجه نحو مرآة التسريحة القديمة، وبقلم أحمر شفاه عتيق كتب كلاماً بذيئاً.
تكبد شهرا وأكثر وهو يراقب المرأة، حاسباً الوقت والزمن...
عوّدت نفسي في الليل على قراءة خفيفة أو سماع موسيقى أو متابعة فيلم سينمائي, بعدها أتهيأ لنوم عميق وأحلام أتوسّم أن تكون سعيدة.
لكن دائما تأتيني أصوات غير مألوفة لرجال ونساء يطالبونني بالحديث إليهم, ولحساسية وضعي كامرأة وحيدة في العالم الثالث, أتوجّس من هوية الطالب أو الطالبة فأتحصّن بالردّ بعنف...
البدايات دائما رحبة و فضفاضة و رقراقة كمياه النهر ، و ساحبة كالرمال الناعمة ، خاص في الحب و الزواج . نظل نغزل من الحلم أثوابا وردية فتتداخل الأفراح و تتباعد الأتراح و تتناءى الشرور ، و نتبادل الأسرار و نفتح الروح على لروح و القلب على القلب لتنفتح نوافذ على القمر و الشمس و السماء ، تجزل عطاءها...
هكذا يوحي ليل المدينة, وعشرات العمارات واقفة مثل أشباح أسمنتية, تترقب لحظة الانقضاض, حتى وهي مغمضة العيون. والعيون مغمضة بشيش مترب. كل ذلك وغيره يجعلني أفرط في تفادي مواجهة حقيقة لاذعة المرارة, أنني أسكن وحدي في الطرف الأقصى من الدنيا, فعندما تحتقن السماء بسحب داكنة, وتغرق المدينة في صمت مؤسٍ...
(أخذني عائد ـ الزوج ـ من يدي وشدني خلفه وأوقفني أمام صفيحة القمامة وراح يخرج تلك الكتلة المؤلفة من أوراق وفوارغ وتفل وقهوة وورق (كلينكس) وبقايا تنظيف
خضراوات وفاكهة كانت ورقة الجريدة التي مسحت بها زجاج نافذة الصالة مبلولة ومطوية وداخلة ضمن نسيج الكتلة وماذا في ذلك إن أمسح زجاج البيت بورق الجرائد...