محيي الدين محجوب

في انقطاعها مؤنسة الأحياء والأموات أصير مثل هاتفٍ خارج التّغطية يرتبك الهواء في شرايين بيتي وتنسى الطّيور أنْ تتغذّى بالموسيقى وبالشّعر حَنجرة الرّوح وبالصّباحات النّظيفة على أحصنتها الأسطورية تقودنا الصّحراء إلى الكهوف المهدّمة بمعاول التّاريخ وتتجهّز الشّمس ليوم القيامة ببراكين التكنولوجيا. ...
لأدفق بأصابع الرّوح لحني في ناياتٍ أُهيّج ثقوبها تعرف أنّها هبة الفراغ لعلّ الشّحارير قبل أن يفقد الهواء أل التّعريف تلحس العسل في آلة موسيقى. . حان الوقت لأستأنف الحياة قرب أسطوانة أكسجين وفوق الأرض ذاتها (الأرض التي لم تعترف أنّها أنجبتني) سأظلّ إلى يوم القيامة أقطع الطّريق على الخريف. وأُمدّد...
كلّ يومٍ أُوزّع الكلمات مثل شروقٍ ينقر أبوابي لنشيد صباحٍ تُؤدّيه جحافل النّمل. . كلمةٌ تبتسم لي كأمّي تعصر عنب الخيال وتثيرني في القصيدة. . كلمةُ كلّما أردتُ الكتابة تلعب معي. . كلمةُ سرٍّ أحمل وزره قصيرة كتنّورة مراهقة ومختزلة كنهد تمشي إلى حليبها وتشدّني للأرض. . كلمةُ حبٍّ أُخرجها من شغاف...
نحن التّبن والقشّ جرفتنا بدهائها قشعة البرق. نحن من أفسحنا لها رغباتنا وكأنّنا نطارد نواةً غرّرت بأصلابنا وحين نفترش بطوننا على موائد الجوع نتذكّر الخالق واهب الحياة وكيف أنّ علاقتنا به تتأثر بتقلّبات الجيب وتضاريس المعيشة. نحن الذين جفّفنا أياّمنا في الخيام والسّرادق نستذكر مآثر السّنوات...
يا مسكين.. الروح طريقك، أترك لحمك بعيدا. اعرف الوردة التي تشمها. لا تذهب إلى مكان أنت قابع فيه. تستيقظ دائما خارج روحك. لا وصول لفهم يقظتك. في ضوء الشمس أنت ممتن للعصفورة...
. دم في كل مكان في العروق.. يجري أرخص من غائط. في لغة تتجلط على شفتيها القبلات. في وردة أحترمها كمصحف. في ضحكة لا أحفاد لها. في رماد خانه طائره. في انتظار أم ثكلى لتحرير فلسطين. في الركوع إلى الله أو إلى الطغاة. في هدوء نفق جواده. في هواء لا يعلمني الطيران. دم في القصيدة أكتبها وتحطم...
حان الوقتُ لأكون لساني. أنا أشلاءُ فخّارٍ في شخصياتٍ متعدّدةٍ مستبدًا كشهوةٍ. تتبّعتُ حيطانَ ترتجفُ أردتُ أن أكون هواءً فاختنقتِ الأشجارُ. جبروتي لا يُغسلُ بالماءِ دلوي مليءٌ بالآبارِ وأملكُ مفتاحَ الجنّةِ. أمّي التي جعلتني شاعرا لم تفلِ رأسي من المجاعاتِ والحروبِ والدّمار. عرشي بين عجلاتِ...
لن أكون حطبك أيّتها الحرب إن لم تغربِ عنّي سأُسلّط عليك خبرًا عاجلًا يجفّف ريق عزرائيلك. أرجوك لا تُريني وجهك المأهول ببشاعةٍ مركّزةٍ. إنّني بحاجةٍ لضوء أمّيَ يمحو أمّيّتي كلّ يومٍ حتّى أتعلّم الحياة. لا حاجة لي للكُرهِ سأناوله منديلاً يمسح وجهه. حاجتي للماء أُحدّثه عن أشجاري كي يعتصم...
إلى: محي الدين بن عربي. للبكاء.. طريق تخون العيون للنّزيف.. يكذب الدّم على الدّم للقلب.. جرثومة السّر القتيل وللثرثرة.. ميراثها من الصّمت المريب. أيّها البحر في داخلي.. أنزف رثاءك من موسيقى نعي ورماد فأنا الميّت دون موت أنا ببغاء الجموح أنتعل وسواس التّراب غامض كلّ شيء حولي الأسود.. قناع...
تنازلت عن حصّتي من الحبّ لقلبٍ يكفي أنّه يعرفني يمسح بيده الملائكيّة على رأسي ويمرّن وجهي على الابتسام لأغنية تمطر برضاب الصّباح. تنازلت عن الجنّة لطفولةٍ ربّتني على صدرها كي أصير شاسعًا وأنبت في قطرة ضوءٍ. تنازلت للخلوة عن بابٍ أكلته تجاعيد الأيّام لا أريده يكبّل خطوي بفردة حذاء واحدة...
كلّ يومٍ أُوزّع الكلمات مثل شروقٍ ينقر أبوابي لنشيد صباحٍ تُؤدّيه جحافل النّمل. . كلمةٌ تبتسم لي كأمّي تعصر عنب الخيال وتثيرني في القصيدة. . كلمةُ كلّما أردتُ الكتابة تلعب معي. . كلمةُ سرٍّ أحمل وزره قصيرة كتنّورة مراهقة ومختزلة كنهد تمشي إلى حليبها وتشدّني للأرض. . كلمةُ حبٍّ أُخرجها من شغاف...
إلى: محي الدين بن عربي. للبكاء.. طريق تخون العيون للنّزيف.. يكذب الدّم على الدّم للقلب.. جرثومة السّر القتيل وللثرثرة.. ميراثها من الصّمت المريب. أيّها البحر في داخلي.. أنزف رثاءك من موسيقى نعي ورماد فأنا الميّت دون موت أنا ببغاء الجموح أنتعل وسواس التّراب غامض كلّ شيء حولي الأسود.. قناع...
محبط كنملةٍ أصابها الأرق العصفور يتهيّأ للزقزقة. . محبط كبئرٍ لا تبتهج فيها الدّلاء لا أشجار أو سنبلة تنحني لمنجل. . محبط كقلبٍ ينزف قرب حبيبته إسفنجةٌ تمتصُّ الهموم. . محبط كتابوت فاغر فمه سألني عن عمري. . محبط كحديقة قُطفتْ أحلامها لتذبل في مزهرية. . محبط كنهرٍ فقد مجراه يفيض بكثير من الاحباط...
ضمن شعراء ليبيا المعاصرين، يتصدر محي الدين محجوب قائمة ممن يتحول عندهم الشعر من حالة إبداعية ونظم أبيات ورصها وتنسيقها ليكون رسالة يرسلها مرسل لمتلقٍّ، ومن حافز ومؤثر محطته الأخيرة الإبداع، إلى سر فلسفي عميق، لاقرار ولا نهاية له. مؤسساً بذلك لما ذكره أدونيس من أن الشعر «يفلت من كل تحديد، لإنه...
كلما التجأت إلى قلبي تصدني غفلة. . كلما أخلو إلى موسيقى غبطة تفيض في وحشتي تبذر بهذا البياض الكآبة. . كلما افترضت لوقتي سماء تاهت جنود أحلامي في لجة ضريرة. . كلما أردم عتبات الضلال تنهض الآلام من نومها. . كلما أفتح للروح شرفة لأهش ذباب الهذيان يعفِّـرني الجمر. . أهذه روحي تغلي...

هذا الملف

نصوص
17
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى