خلف اللّوحة
نحت الجدار
ثقبا غائرا في الإطار،
وقّعه بلون منسيّ
و بقعة شاحبة
و مسمار..
كي لا تموت بلا سبب
علّق جدائل السّراب
على قشور القصب،
انحت في العرق
لحن التّراب
تيمّم بخرز النّايات،
كي لا تموت بلا سبب
فقط لا تمت ...
عبد السلام بنفينة
قيم هذا النص
إلغاء المتابعة وضع إشارة مرجعية
أنا الآن
ألحم النّار بالنّار
أرتق أزرار الشّعاع
بأهداب الشّمس ..
كم كنّا صديقين لدودين
أنا و القمر
و كانت ليالينا مُعتّقة
بالأحلام نفسها
بالأوهام نفسها
كم شربنا بما لا يكفي
لتثمل أغانينا ..
كم كنّا عدوّين حميمين
أنا و هذا الطّين اللّعين
ذلك...
قيم هذا النص
إلغاء المتابعة وضع إشارة مرجعية
كلّ موت
تتعلّم البذور
كيف تدفن سنابلها
كلّ حياة
تسقي القبور
أسماء أزهارها
هو الرّغيف
طريق سيّار
و الرّصيف
شارع أبكم
هي هكذا
سُنّة النّسيان
الموت
قاضي ضرير
و الحياة
شاهد أخرس
العلبة السوداء ..
كلهم يخشونها ،
الربابنة والملاحون
البحارة و فساتين المضيفات ؛
كلهم يخشونها ،
كما لو أنها
آخر شمعدان للغرق،
في سماء الانتحار ؛
لو أنهم يعلموا
أن للموت
طعم المساء
أن للبحر لون السماء
و أن الانتظار قوارب من ماء
ما احتشدوا
كل هؤلاء
الأحياء مع وقف التنفيذ
خلف شموع الوداع الأخير ...
في قرية الشمس
مازلنا نقايض
الماء بالماء
العرق مقابل
النار
الملح مقابل
الحلم
في قرية الشمس
تزرعنا البدايات
أضغاث بذور
في حقول الحصاد
في قرية الشمس
لا طعم للنوم
و لا ستائر
مياومون بلا أجر
حفاة و لا طريق
في قرية الشمس
على الأقل
مازلنا على قيد
الحياة ...
قيم هذا النص
إلغاء المتابعة وضع إشارة مرجعية
تلك الريّاح ؛
قد تأتي و لا تأتي ..
مثل نورس مهاجر عن سابق إصرار و ترصّد ،
مثل موجة تلطم - خقية - خدّ صخرة عجوز ،
مثل قارب أكتع ..
قد تأتي حين تلفظ الأسوار أسرارها ،
حين يحفظ الطّين صمته
لدى الماء ..
قد تأتي كما أول عناق
و آخر لقاء ..
و قد لا تأتي...
قيم هذا النص
متابعة وضع إشارة مرجعية
1
مثل جندي
أوْدَع ذكرياته
لرصاصة ..
لطالما توقعها
لطالما تربصّت به ..
مثل قلب
على مقامات حزنه
تتناوب ثقوب النايات ...
***
2
حتماً ستأكل البيادق بعضها
و على مقاس اللّون
تنتحر المَلِكات ..
هي هكذا سنّة الرّقعة القاتلة
أبيض و أسود
و ثالثهما
رماد
و بقايا...
ككفّ ليل يربّت على ظهر حلم من أرق مُقوّى ،
كانـتْ ..
كانت تشبه جدّتي كثيراً بما يكفي لنرضعَ حليب الحكايات من ضرع صباحاتنا القادمة مع وقف التنفيذ ..
فاتنة كانت
كقبلة
على نهد غيمة ،
كانت كالماء ..
كطابور لا آخر له و لا أول
كضفائر طفولة مهرّبة على مرايا الغدران ،
كبنزين مضرم على شاهد قبر منسي
كانت...
-1-
أنتَ هنا أيها القلب
لمْ تَمتْ بعدُ ..
هم يُغَيّرون كُلَّ ما و كلَّ من لا يمتُّ لهم بِصلة ..
هم يُغيرون على أعشاش الحمام
هم يغارون حتى من خفقة سنبلة ..
هم القتلــة ..
و أنتَ المُعَمَّدُ بالدماء في الشوارع
في الصفيح الكسيح
في الحرف الجريح ..
و في أعالي الجبال
أنت القنبلة ..
***
-2-
نـا أيضـا...
كنتُ أعرفهم جميعهم ،
كنّا في المقهى نفسها ،
نتقاسم كلّ شيء ..
الشاعر ذو السحنة القمحيّة ،
حين يبحث في جيب سترته الأيسر ،
عن مسودّة لفكرة طريدة ..
الرّوائيّ ذو الشّارب
الأمهق ،
و هو يحفر في جبينه ،
تفاصيل وجع غائر ..
بائعة المناديل ،
في المستوقف المجاور ..
أسماء الملوك و المشاهير ،
على أطراف...
في شارع الرباط ،
كان يصيح بأعلى صوته
بائع المناديل :
منديل عاشق ودع قلبه
منديل على صدر عجوز عاشقة
منديل مطرز بلحن غجري
منديل يلوح بصوت موؤود
منديل أخرس
و آخر أكتع
و آخر أعرج ..
في شارع الرباط ،
كل الميادين استشهدت ..
وحده بائع المناديل
معصب العينين
في انتظار رصاصة
صديقة ...
ذقن حليق يبحث بين الجرائد
عن مقهى تليق بكل الصّباحات ..
عن خبر أوجع من سابقه
عن بُنّ مسفوك
على خاصرة فنجان ...
الفرشاة ..
جدار أخرس
شراع آيل
للإبحار ..
الفرشاة ..
بسمة الموناليزا
المهدورة بين
فقاعات الألوان ،
شحوب الوقت
ما بين إطار و مسمار ..
الفرشاة ..
جبهة عرق مسبيّ
دراع من أرق مُقوّى
ساعد...
سيَّجني أحمرُ شفاهكِ
ثلاثين عاما
و قُبْلتين ..
كان صدركِ عاريا
كزنزانة ،
كان ثوبك أسود شفّاف
كليل شتاء قارس ..
و كنت ضريرا مثل قفير
مثل سندان أخرس
كلّما توالت عليه المطارق ،
أومأ لصمته
هل من مزيد ..
سيّجني نبضي ثلاثين موعدا
و جلستين ..
كانتا كافيتين
لتَحيكَ كلّ تلك الأنهار
حكاية
هذا
الدّم ...
أحلام جانحة على شواطئ القضبان ،
صورة الله المعلقة على الجدار ،
فصول بسبعة منازل ،
دوريّ أخرس
في النافذة المجاورة
للزنزانة المجاورة
للصّباح ..
بلاي باك :
موسيقى و أرداف ،
علب ليليّة و خائطة حناجر
على المقاس ..
بلاي أوف :
ضريرا ، سأتحسّس بقايا صوتي
و كلّ الذكريات ..
تبّا لميليشيات الشّاشات...
كلهم قد كبروا
أطفالي الصغار
كان حظي مني
ذكر و أنثى
قمر مهاجر
و شمس تطارد الشعاع
و كانت أمهم تطهو
ما لم يتبق من حسائنا
الملفوف بالإسمنت و العطش
أنا الآن أحبو بين الفؤوس
أبحث للشجرة عن عنوان
و أكتب وصيتي الأخيرة
هاكم فرحي كل فرحي
فقط لا تنسوا أن تدفنوا
معي كأسي و كل
حماقاتي
عبدالسلام بنفينة