زقزقة عصافير الصباح
قصيدة
وأنا اشتهي قطعة حلوى
بعيداً عن مفردات اللغة
وكلمات الشعراء
جسور المعاني
والمجاز
قطعة شوكولا
تغدو معها الحروف سلسة
بمذاق قبلة فتاة عالقة بين الآجام
تزيل النباتات بمنجل
لتسلك طريق الحرية
صباحي مرّ المذاق
وأناملي صبّارة أبت أن تزهر
تخدش قلب القصيدة
كلما لامس جسدها أصبع...
شاعرة فاشلة أنا
لا أجيد سرد الحكايا
رسم ابتسامة على شفاه الصباح
رجم شيطان الشعر بحصوات
استفزه لينهض من سباته
ليكمل رحلة الغواية
أوسوس في أذنه
أن شياطين الأرض قد سبقوه
لوليمة العهر
شاعرة فاشلة أنا
لا أجيد السباحة في بحور الشعر
أغرق في أول شطر
وتضيع مني قافيتي
لذا انثر بذور كلماتي في حقل الغام...
أكنس عن وجه الصباح
غبار القلق
حديث جدار أبله
ترقب النافذة
أرق الباب
وكآبة المقبض
ألملم بقايا دمع
التصق بوجه الوسادة
أهديها لغيمة عابرة
لتمطر أكثر
لتغسل شوارع الموت
وأخبار المجاعة من ذاكرتي
أرتب فوضى سريري
أعيد للشرشف توازنه
أمسّد تجاعيده
أنفض عنها كوابيس الخوف
رعشات السنابل امام فم منجل
كلها...
اليوم صباحاً
خرجت أبحث عني
أجوب الشوارع بين ضحكات المارة
تحت الجسور
على الشاطىء حيث تشرب قهوتها
وهي تراقب المراكب المغادرة للصيد
محمّلة بشباك الحظ وابتسامة مثقوبة
لم أجدَني
تجولت في الغابة
أسأل الأشجار والطيور
حتى النمل المتسلق صدر صخرة
لم يشاهدوها
رغم دفء المقعد الخشبي
الذي نبتت على أطرافه...
وأنت تبتعد عن مسار كلماتي
لاتنسَ أغلاق الباب
لاتدع عرق آخر لهاث يجف
وأنت ممسكٌ بقبضته بين ال نعم وال لا
عند الفراق
لافرق بين بندقية أو وردة
حين يكون المدى غياب أخرق
موغل بالأوهام أنتَ
تستهويك همسات آخر الليل
قرع مفاجىء على هامش جدار
آيل للسقوط
تشلّ صباحك
هذا المساء
لا منديلاً يلوّح بيد نجمة...
من يهبني ممحاة سحرية
لأزيل قصائد القهر من ذاكرتي
رماد أشجار الزيتون
جذعاً حرقوا أولاده
يستنجد بفأس ليُنهي ألمه
من يهدي أحلامي نظارة
لترى بأن لاشيء هناك وراء الأفق
سوى العواء
وأيادٍ مرفوعة من فتحة جحيم
تلوّح للسماء
طالت مسافة الوعد
والرحلة تئن من الوجع
العصافير التي شاركتني رحلة الخلاص
تحولت...
على شرفة الأحتمالات
تترنح كؤوس الليل ثملة
حين كان الفجر غايتي
والسماء تفتح ازرار قميصها لغواية الشمس
في طرقات المنفى
كل ماحولك أعمى يتخبط باللاشيء
حتى آخر شهقة بحر
حيث مراكب السهر تقتحم مرافيء الترقب
لسوسنات الفجر نعومة الزبد
تغسل وجه النوم من صراع أحتمالات البقاء
السير مجدداً في دروب الحيرة...
حروفي الهزيلة لم تعد تحتمل الحرب
كل القذائف التي هوت في قلب مدينتي
دكت مضاجع الحنين وحطمت نوافذ الأمل
ولم أبادلها الركام
و لاتستهويني حروب الورق
طرقة باب تفاجئ هذا الصمت المطبق حول عنق اللحظة ..
رعشة انامل تجفل مقبض
شجرة بابي
ولا أحد هناك سوى طيف آخر مفقود
من آخر حرب
أيا حروفاً من صاعقة جبلت...
نحن السوريين
يحبنا الله كثيراً
نُخْتبر بالبلاء
ولكي نريح الملائكة
نتفنن بالموت
تارةً
نتأرجح على حبل
جسد بعنق مكسور
يتدلّى على صدر القهر
وتارةً
وجبة طازجة لأسماك
سمعت بان لحم السوري لايسبب تلبك معوي
لنقاء دم طهّر جسده
قبل ان يركب البحر بحثاً عن إنسانيته
وتارة
فئران تجارب لأكتشاف معجزة
وقود...
أنا أليق بي
أنا كل مشاوير العشاق تحت الشرفات
أنا الحصى و الزجاج ال ينتظر تحطمه بلهفة
أنا تلك الليالي الباردة، على شرفات الحلم
نزق أنامل انتظار ،تنحت جدار الذاكرة منارة
لتهتدي السفن التائهة بين شك ويقين
رغم ضجيج اجنحة النوارس
أنا تلك الحكاية ،التي داعبت عيون الأطفال
لتدخل الفرحة إلى قلوب غضة...
حين قلت أحبكِ
كنت أعرف بأنك لاتعنيها
كان ينقصها
ذلك الضوء الذي يقود الفراشة إلى حتفها
كانت خالية من السكّر
لتلتصق بشغاف القلب
تعلق كغزل البنات بالأصابع
فألعقها بمزاج طفلة
حين قلت أحبكِ
لم يدق قلبي كطبل ريفي
وتتلعثم شفاهي
لم ترتبك قدمي وأنزلق
كلمة عابرة
ككل عابرات جنتك
يلتقطن حبات التوت بشغف...
أدور في حارات الغربة
نجمة نجمة
وفي جيبي ثمانية وعشرون زهرة
لاتتقن لغتهم الغريبة
أبعثر زهراتي قصائداً في سلال الشوق
متمردة بلاضفاف أحلق
أحضن شهاباً عابراً وأغفو
لم يعد يهمني
هذا اليباس الممتد على روابي القصيدة
وخط الأفق الذي تتبعه العرافة
في باطن كفي
وتقول أنه يؤدي إليك
عصافير الحقل
لا تخاف...
في الآونة الأخيرة
أنسى كثيراً
ركوة القهوة
تمسّد وجه النار لحد الانطفاء
أصيص الزهر
انحناءة رؤوسها الذليلة
طلباً لجرعة ماء
أوراقي المبعثرةعلى الطاولة
تستنجد لغلق نوافذ الريح
تُلقي بها على جدران الغرفة
لتسقط متهالكة على الأرض
إلا وجهك
أي درب أسلك إلى النسيان
ليلحق طيفك
بقهوتي وزهوري وأوراقي
يسافر...
سنوات مرّت
مازال طيفك رفيق ليلي
نجوب معاً
مدناً لم نزرها
أغنية وزهرة توليب
تدغدغ أنامل الوداع
كل شيء لاشيء
كتب اصفرت أوراقها
من أرق الخريف
قلم جف ريقه من اللهاث
بين أزقة الانتظار
سنوات ؛
و يدك تحيط بخصر ذاكرتي
تراقصها على نغمة أنفاسك
كأس نبيذ و عبق تبغ
ثمالة آخر ليلة
وعودك خبأتها بين...