نور الرواشدة

أرفعُ حاجبيَّ ثمَّ أعقدهُما، أُقَارِبُ بين عينيَّ بتكشيرةٍ وزمَّة فمٍ ثمَّ أُبَاعِد بينهمَا بفمٍ ممطوط.. ماذا لو واصلتُ الاستماع لأحاديث الجارات وأُصِبتُ بفوبيا الخطوط! ماذا لو كرهت الخطَّين العموديين وقد تبجَّحا بالظهورِ بعد أن استأت ثم انكمشا بعد أن ارتحت.. حقنة "بوتوكس" صغيرة كفيلة...
وليمةٌ لأعشابِ البحر، روايةٌ يصعبُ تأطيرُها في سياقٍ محددٍ، إنّها وليمةٌ سرديّةٌ دسمة. روايةٌ سياسيةٌ، فلسفيةٌ، عبثيةٌ، اجتماعيةٌ، إنسانيةٌ، واقعيةٌ، كلُّ ذلك أو غيرَ ذلك.... هيكلَت أحداثَها وقائعُ ومجرياتٌ سياسيةٌ دارت في ذلك الوقتِ في دولٍ عربيةٍ منها العِراق والجزائر..ومازالت إلى اليوم...
في ثانيةْ في لون المدى المتأصِّل في شفتيكَ غُيَّبتْ سنوات كانت فيها الأوردة كرة صوفٍ بالية يدحرجها الندم على ظلال على أنفاس رماديَّة.. في ثانيةْ انكمش الموت ثابَ القبر تنفَّستْ شاهِدةْ.. كانت خادعة لا يهم.. كانت عابرة لا يهم.. كانت رقمًا، ثانية لا يهم.. ثالثة أو رابعةْ خامسة أو سادسةْ لا يهم...
أحسدهُم أولئك الَّذين يديرون وجوههم يضحكون ثمَّ يمشون. أستطيعُ أن أدير وجهي أستطيعُ أن أضحك وأن أمشي.. لكنَّني لا أستطيعُ أنْ أفعل كلّ هذا الألم دفعة واحدة. ** أحسدهم أولئك الَّذين حينّ يتذكَّرون تلْمعُ دمعة في عيونهم وتألفهم المناديل.. أنا أتذكَّر.. أتذكَّر خنجرًا التمعَ في عينيكَ فأضعُ يدي...
بقلب مغمض أتمشَّى فوق زجاجِ الأصوات.. أعرفهم جيدًا كلّ الموتى الَّذين يلعبون الغميضة مع التراب.. أتفادهم بخفَّة البخُور المنبعثِ مِن جثَّةِ الوقت.. أطلقُ أصابعي للأمسِ لليومِ للغدِ لوجهكَ الأوحد المعجون في فراغاتها للريح.. بقدمين دامعتين أصل الحافة لا تقلب قلبكَ الرَّمليّ جنِّبني وجعَ أن أعودَ...
تلكَ المرأة الَّتي تتخلّلني وتسيرُ فيَّ وبي ومعي ليست على مقاسِ الوقت الَّذي تشطَّر لحزنين غائرين في اغترابِ الصوتِ عن ذاكرةِ الجسد.. ليست أمًّا للمعارِك لأضيقَ بِها لتضيقَ بي نحنُ المُعترَك.. يتركونَ جثثًا أسلحةً نياشينًا أحذية ثقيلة.. هي الَّتي على مقاسِ كلّ القبور أنا الحكَّاءة الحفَّارة أنا...

هذا الملف

نصوص
6
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى