لا أدري كم زجاجة ليل احتسيت لحدّ الآن
الآن، هو توقيت خرافي لا يعترف بعقارب السّاعة
و لكنّ عيني المفقوءة
تشير لما بعد المنتصف بقليلْ
و المنتصف من كلّ شيء لا يكفي رجلا مثلي
رجل يؤمن بأنّ الحياة
هي الطريق الوحيد نحو الموتْ
و العدم هو الطريق الوحيد نحو الكذبة المنجية من الجحيم
أسأل سيجارتي
تُرى كم...
المرأة التي أهدتني علبة نوتيلا بحجم عائليْ
وأشياء أخرى
هل كانت ستفهم ارتباك أصابعي؛
أصابعي التي كانت سترسم بيننا:
طريقا واسعا، رصيفين، أحذية لا تعرفنا
وإشارة مرور ضوئيّة تمنعنا من العبور؟!
تلك المرأة
الوحيدة كحبّة كراميل خبّأها طفل مشاغب تحت سريره
ونسي
لو أنّنا التقينا
لكانت أخبرتني أن لا فائدة...
عادة، لا يموت الشّعراء كما يليق بهم!
عادة، يغادرون كما تُغادر صفحةٌ، مزقّتها طفلة غاضبة، كتابا
أو يعلقون في الموت
كما تعلق طائرة ورقيّة صنعها طفل
بأسلاك الكهرباء
في آخر يوم من العطلة الصّيفّيّة
وقد يموتون كما تموت جلّ قصص الحبّ في بلدي...
لهذا مازلتُ أفكّر في خاتمة تليق بنهاية "شاعر"!
لو أجعلُه...
بعد اللّعبة، تنامين
كما تنام قطّة - بلّلها مطر خفيف - قرب مدفأة.
لا أظنّ اللّعبة أتعبتكِ!
ولكنّ شعرك الذي أفضّله طويلا
ستقصّينه، حتما، في أحلامكِ
ليصير قصيرا كما تفضّلينه
وكما لم تفعلي في اللّعبة
ستطالبينني بأن أزرع مليون وردة من شفتيّ
في أرض الآلهة المكشوفة، الآن
والممتدّة ما بين شحمة أذنك...
تطيرُ الحمامة، في الوشم على زند السّجين!
في الوشم، أيضا، سفينة و بحر و شمس
لكن.. كيف الوصولْ
ولا موانئ إلّا في الحكايات القديمة؟!
جثّة الرّجل الغريب
كانت معلّقة على الجدار بجوار معطفه الطّويل
وتحدّقُ
في لوحة السّجين على الجدار المقابل
بينما الحكاية، كلّها، كانت على الطّاولة!
تقول الحكاية:
كما...
أنا شبيهك أيّها المسيح؛
إنّهم لم يدقّوا المسامير في عظامي
ولا توّجوني بالشّوك ملكا على الغرباء
لكنّهم
حين صرخت:
ليس وطنا؛
وطن تحكمه البغال و الأبقار.
جعلوني أحمل صراخي الثّقيل
على ظهري
ثمّ صلبوني على أعمدة الجوع
بينما حواريّوي
يضحكون
وهم يأكلون ويشربون من لحم موتي
في العشاء الأخير...
متعبٌ أنا
من هذا الجسد
الذي أقطنه منذ أكثر من أربعين سنة
ومع هذا لم تمنحني بلديّة السّماء شهادة في ملكيّته
خوفا من أن أؤجّره،
لامرأة حزينة ووحيدة،
مَزَارِعَ
تُربّي فيها:
لُهاث أنوثتها، أسماءها
وقصائد لا تكفّ عن الصّراخ !
يُتعبُني
هذا الجسد الذي لا يُشبهُ الطّفل الذي يضحك،
في مكان ما منّي ولا...
كنت أشياء أخرى
قبل أن تفقس رأسي وتنسل منها كلّ هذه المدن...
كنت صورة رجل وسيم
تحتفظ بها شابّة داخل محفظة أوراقها
وتنتظر
أن يعود الجنود من المقابر الجماعيّة
و من نساء كنّ
على رصيف الحرب
يبعن لهم
ما يشبه قبلات حبيباتهن
وأسرارا صغيرة عن كيف يمارس جنود الأعداء
الجنس
والحزن !!
هذا الصّباح، أَضَعْتُ...
الجوّ بارد، هذا المساء...
في الخارج،
ليل سافل يدخّن الكثير من أعمدة الإنارة
و يترنّح على الأرصفة !
يد الصّقيع تمسح على فرو كلب يختبئ داخل حاوية قمامة فارغة
و يطالع رواية "الكلاب تخون.. أيضا"
ولأنّ الرّوايات لا تحمل مذاق اللّحم و لا الخبز
يتوقّف الكلب عن المطالعة
ويبدأ في النّباح حتّى لا تسطو...
الشّعراء يلتهمون الكثير من اللّغة
ومن الأرصفة
فتُصاب أصابعهم بمتلازمة القصائد المثقّفة
وبصقيع المفردات الغريبة
و تتحوّل أقدامهم
إلى قطارات سريعة تعجّ بمسافرين لا يحملون تذاكر سفر ولا يتذكّرون عناوينهم...
الشّعراء لا ينمون خارج حقول المجاز،
يعتمرون القبّعات حتّى لا يرى أحد كلّ تلك الثّقوب في...
تهاجر أسراب اللّغة
من على أشجار المجاز في ربوع قصائدي
إلى.. أقصى أصابعكِ في الشِّعر
فيقع الصّمت بيننا
و أنا.. رجل لا يطير
لأصير لغة تتكلّم بها،
بفصاحة نبي،
استدارة خصرك حين يصيبها الرّقص
و لتدوّن بها تأريخ أنوثتك
حمّالة صدر صفراء
على أعمدة حرائقي
أو لتتناقلها النّوافذ المزدحمة بوجهك في الأغاني...
جميلة أنت كصلوات الأطفال
و كما النّهايات السّعيدة في حكايات جدّتي؛
فمن علّمك كلّ هذا البكاء؟ !
نعم؛ أنا أحبّ الشّاي حلوا،
أشرب قهوتي مرّة
و صرت أحبّ الحليب مذ
تهجّت عيناي بياض فخذيك في التنّورة السّوداء القصيرة !
هل يزعجك أن أفتح النّافذة
و أن نطلّ، أنا و هي، على شفتيك المبتسمتين
بينما أصابع...