القصة عملية ابداعية .. والعمل الابداعي خليط من الواقع والحلم والطموح والاسقاط الداخلي والخارجي ، القاص الناجح الذي يجسد في قصصه هموم الناس يزداد التعامل معها حينما يجد القارئ همومه ولغته فيها ، تكون أكثر ابداعا عندما تتخلى القصص عن الحشو الزائد ..
القاص علي البدر يمتلك وعياً عميقاً بجماليات...
كوابيسٌ.. تتنكر بهيئة أحلام خادعة، لا فرّق بين لحظات اليقظة ولحظات الحلم، فقد كانت السماء سمراء، وكانت أطراف المدينة قاحلة مثل داخلها ليس من حياة فيها سوى الريح التي تهُزّ بقايا الأشجار وتدفعها أمامها مثل قطيع هائج، أوراقها الساقطة على الأرض، وأكياس النايلون المتناثرة على طول الفراغات المتعاقبة...
انا ( ح ).. دائما ابحث عن مجهول بين المقابر وفي جوف السماء البعيده .. انني أغامر وفي جيبي الورقة الخاسرة ، فقد كانت الأبواب جميعها موصدة ، وقليلا من الكوارث التي تشد عزيمتي علمتني الحياة الكثير ومازلت اتعلم مما دفعني ان ابصق في كفي .. واحمل سوطي فأنهلت به ضربا على القبور المنتشرة ، حتى السماء...
عندما تقرأ أعمال دوستوفيسكي تتلذّذُ بالقراءة وتحسَّ بنشوة عارمة تسري في الجسد ، الجريمة والعقاب التي تدور أحداثها في أزقّة "بطرسبورغ " الأزقة القذرة والبيوت الضيقة وسط معاناة سكانها ، فالبيوت التي يعيش فيها أبطال الرواية مثل "راسكولنيكوف وصوفيا " ضيقة ، مكتظّة ، معتمة ، تقع في أحياء مزدحمة...