سمير لوبه

في صباح مثل تلك الأصباح التي يستبدل فضاؤها بنباح الليل شقشقة النهار، من نومه ينهض خميس ، لم نكن في حاجة الآن لذكر اسمه لكن على كل حال كان على خميس بسيوني أن يغادر ضيق شقته المبعثرة سريعا، في الحارة الناعسة تسابق خطاه المسافات فبلوغه الشارع الرئيس يستغرق ربع الساعة سيرا على الأقدام عبر الحارات...
بينما أسعى بحثا عن ضالتي تغمرني تلك الذكرى تسيطر علي سيطرة تامة لا تتوقف عن ملاحقتي ، تحاصرني في صحوي وفي منامي ، شيء ما يزج بها في رأسي فتبدأ في الدوران حولي ، لا أعرف أهي ذكرى جديدة أم قديمة ، يبدو أنها جديدة وقديمة في آن واحد ، صارت أقرب من الواقع ولا يمكنني تجاوزها ، علي أن أجاريها ربما...
مع نهايات الخريف تعيث الرياح في الآفاق ؛ تلقي بأوراقها الأشجار ، تبلل دموع الغيم الطرقات في مدينته الساحلية التي كانت مثل اللوحات الفنية كلما نظر إليها تزداد جمالا في كل مرة فتحمل لوجدانه سيمفونية عشق ، على شطآن الذكريات لا يخط سوى اسمها على الرمال فتمحوه الأمواج وما بيديه حيلة ، كلما...
(1) بعد أن التهم الزمن فصول عمره الأربعة في سفره الطويل بين موانئ العالم ، يقرر البحار العجوز للمرة الأولى أن يغادر السفينة ينظر إلى البحر يستنشق هواءه بقوة كان اليوم شديد البرودة ، فلا يُسمع سوى دوي الرياح ، مع الغروب يخرج من الميناء يبحث في الجوار عن حانة قريبة يسهل منها الرجوع للميناء ، ها...
جاءه الموعد السنوي المعتاد فالورقة تحمل ذات الرقم السنوي مع اختلاف السنة فاليوم الرابع عشر من مايو، يتكئ " عدنان " على وحدته شاردا في لا أحد ، على كتفه الحطة الفلسطينية في إحدى يديه العقال ، يسير بخياله على جانب سكة حديد ممتدة على قضبان شامخة تتحدى الزمن لتقول للجميع : - كنا هنا ذات يوم...
في البيتِ الحزينِ . يجلسُ على الأرضِ واضعًا راحتيه على فخذيه. يطوحُ رأسَه يمنة ويسرة مبتسمًا . تعلو ضحكتُه عاليةً كلَّما سمع صوتَ القطارِ الذي يمرُّ من المحطةِ التي يطلُّ عليها بيتُهم . تنظرُ إليه أمُه في أسى ؛ فلمْ يعدْ الآنَ ذلك الجسدُ الصغيرُ الذي كانت تحملُه . صار اليومَ رجلاً لكن لا تتعدى...
ما أن عثر الجندي بوشار على حجر جديد حتى أسرع به ليفك شامبليون رموزه ، حجر آخر وُسِمَ بنقوشٍ لم تمحها نيران الزمن ، يعكف عليه شامبليون يسجل في أوراقه ما نطق به الحجر : فزع الصغير من نومه على صراخ أمه وهي تلتقفه وتحضنه وتجري به مسرعة في الحقول بين نساء وأطفال ، الكل يعدو بعيدا ، ورجال...
في قاعة عرشه المزدانة يجلس على كرسيه الذهبي الصاخب ، تحت أقدامه أحراس بينهم بيدبا بلا قرطاس أو قلم ، وبخيلاء وعنجهية ينظر دبشليم نظرة قاسية فيصيب الحرس زعر في حين يرفع بيدبا ناظريه للملك مفتر الثغر في مهابة - حرقنا قراطيسك وكسرنا محبرتك ، وبلغني أن لديك جديدا ( يقول دبشليم ) يجيب الفيلسوف...
بدا الإرهاق واضحا على " أبو المكارم " ؛ بيده المرتعشة يتكئ على عصاه لتعينه على المشي . تسكب الشمس ضوءها على وجهه تنفث لهيبا في حين تزحف الترام العجوز على القضبان بعد أن استباح زحام المدينة وقتها فلا هي واقفة ولا هي على قضبانها تسير . تمر من أمامه متهالكة شاحبة فيرى بداخلها بقايا أشباح أنهكها...
على كورنيشِ البحرِ ينظر " عادل " إلى الأفقِ ؛ ربَّما يلمحُ بصيصاً من نورٍ، تتراكمُ السحبُ ، تتزاحمُ الذكرياتُ في مخيلته ، وإذْ فجأةً يخترقُ أسماعه إيقاعُ مقادم حِصانٍ يتهادى في رشاقةٍ يجرُّ عربةَ حنطورِ قادم نحوه في تلك الساعةِ المتأخرةِ م- ن الليلِ ، تحدثه نفسه : • ربَّما النزهةُ بالحنطورِ...
ما أن دقت الساعة السادسة صباحا حتى هرعت أسرع في أداء طقوسي اليومية استعدادا للذهاب للعمل . فقد وصلني بالأمس إخطار بالندب في إحدى مدارس قرى ضواحي مدينتي الساحلية ، ولزاما علي أن أسرع كي أتمكن من الوصول مع بداية اليوم ؛ ركبت إلى محطة مصر، وهناك لم أستغرق سوى دقائق حتى عثرت على الميكروباص الخاص...

هذا الملف

نصوص
11
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى