وكم أعشق تفاصيل أيامي الصغيرة
كوب قهوتي الساخن…
بلا سكر….
بلا نكهات إضافية…
فرشاتي التي أمشط بها شعري…
وخواتمي الذهبية ..
وإناء زهر أضعه على الرف…
فيهديني نغما…
جمالا…
و فرحة أبدية….
وعطري الذي يفوح كل صباح…..
ومحفظة نقودي الوردية………
ووعدا قطعته لي …
نقشته دهرا ….
وعمرا……
على جدار القلب …..
وفي...
في حوار تلفزيوني .. سألها الصحفي الأشقر عن قيمة قلمها اللامع المرصع بالفصوص الماسية، الذي تقلبه بين يديها ..
لوت شفتاها لا مبالية..
ثم وضعته أمامه على الطاولة وقالت ..
- لا شيء ..هذا القلم لا يساوي شيئا .
إن كنت تسألني عن الثمن ، فهذه الفصوص مزيفة ، وإن كنت تسألني عن الحبر ..فقد جف.
طالعها...
في العيادة ليلًا...حيث نال مني التعب والتثاؤب عند آخر مريض .
فتاة في العقد الثاني من العمر تجلس قبالتي ، ترتدي عباءتها، وتترقب بعينيها الحائرة خلف نقابها، نتائج الفحوص المخبرية.
التفت أحدثها بجدية وشيء من التعاطف :
- كما توقعت لقد نال مرض الذئبة الحمراء ، من الكلى ...وعلينا أخذ عينة ومشاركة...
وكان في حياتها دوما ضمير مستتر ،حلم خفي مليء بالشجن.
كل البشر لهم مبتدأ وخبر .
يظهرون على صفحة حياتها...
بتجرد...
بتمرد...
بلا خجل.
لكنه كان دوما في القلب...
جملة مبتورة...
صورة منقوصة ...
النص فيها لا يكتمل.
بحثت عن علة في وجدانها كي تنفيها ...
كي تصرفها ...
لكن صرف العلل، أصابها بالملل.
كيف؟...
بدأتْ تدرك منذ عامٍ واحد فقط، معنى الألوان، منذ أن وطأتْ قدمُها أرض القارة العجوز، قبلها لم تكن تدرك شيئاً.
ثلاثة عشر عاماً لم تُميز فيها لوناً.
كانت الأرواح تغطي جلود البشر، الناس في غانا لا لون لهم.
كثيرا ما ساورتها الشكوك بأن غانا أرض بلورية، كل شيء فيها شفاف، بلا لون، يلمع كما يلمع الماس...
تعلمت خطواتها الأولى سريعا، حروف الهجاء كانت على لسانها سهلة ...لم تكثر من أكل الحلوى كما بقية الأطفال... بل كانت تخبئ جزء منها تحت وسادتها لتأكل منها حين تكبر .
ذلك المشط الذهبي ...هدية عيد ميلادها السابع...كان شديد اللمعان... فآثرت أن تخبئه لسنوات شبابها الرائعة.
دراجتها ذات العجلات الثلاث...
زجاجة الماء المكسورة الملقاة على الطريق جرحت إصبع قدمه الصغير ... آلمه الجرح، لكنه لم يبال لذلك النزف البسيط في إصبعه... لقد اعتاده... واعتاد جروحا متكررة في أقدامه الحافية... جفاف يديه ذات الشقوق العميقة ... وقلبه الصامت ... ركل الزجاجة بقدمه العارية... لكنه عاد سريعا، والتقطها عن الطريق ...
وما أن يراها حتى يوقن بأن سحر قديم التراث يتملكه...
يسمع ترانيم <أفروديت > عندما تتحدث...ويكاد يجن من ألق البلور ونثرات الفضة التي تنطلق من أهدابها...
تأتيه غفوة عجيبة عندما يلمحها وهو في كامل يقظته...
يرى في يده غصن زيتون ينادي بالسلام...وعلى رأسه إكليل يوناني كالملائكة...يدخل معبد العشق في...
ما الذي يمكن أن تحظى به امرأة عاملة مثلي،كل صباح أفضل من اللطف؟! ...
(ماداهوري) أو ( ماداهيرا) عاملة النظافة الثلاثينية التي تعمل بالمشفى ، عز علي حفظ ونطق اسمها على نحو صحيح ....الأسماء الهندية غريبة... تربكني...لذا فضلت راحة لساني، واطلقت عليها اسم لطيفة...
لكن لم يعز علي بتاتا ، حفظ...
بقي على مغادرة المدرسة الثانوية أيام قليلة ،الكل منشغل بامتحان مادة الأحياء ، وبعدها تبدأ مراسم الوداع ..وداع كل شيء.
نعم حرفيا كل شيء.
الزي الرمادي الموحد،والأحذية التي لا كعب لها، وجرس الحصة.
يقال أن في الجامعة، لا أجراس ترن.
هذا أفضل ، لطالما أزعجني رنين الجرس وسبب لي الصداع.
وسنودع...