إبراهيم أحمد

استيقظ صباحا متأخر أكثر من ساعة عن وقته المعتاد، وجد أن الساعة المنبهة القديمة قد تعطلت. قال في نفسه هذا نذير شؤم، وأحس بوحشة وحدته أليمة ممضة أكثر من ذي قبل. مع ذلك هرع ليعد شيئا يأكله قبل أن يتوجه إلى عمله في دائرة البريد. نظر من النافذة، كان فضاء بغداد متألقا بشمس ذهبية ونسيم فيه دفء، وعذوبة...
كنت أقترب من باب المحل الكبير، حين انتهت المرأة الطويلة الممتلئة من إيقاف كلبها عنده، ولوحت له مشجعة، بينما ربض هو مشرئباً مستندا على مؤخرته محدقاً بي باستنكار وتحفز؛ ما جعلني أرتد إلى الوراء وأعود القهقرى لأجلس على مقعد طويل على مسافة منه، متحاشياً المرور بجانبه ودخول المحل! أنا منذ طفولتي...
وأخيرا مات الشاعر الذي تنقل بين المنافي كثيرا، لم تبق أرض لم يقذف إليها. كان يقول ولدت وثمة مدفع ملتصق بظهري دائما. منذ العشرينات من عمره وهو مرفوض ومنبوذ ومطرود. اليوم وقد بلغ الثمانين لفظ أنفاسه الأخيرة في بلدة صغيرة في السويد تدعى أودفالا، شهد فيها مع زوجته الكثير من فصول حياته الأليمة، كان...
ثمة رجل في بغداد الخمسينات، كان بعد أن ينتهي من عمله اليومي المضني يعود إلى بيته، حاملاً مع حاجات العائلة، الضرورية، زجاجة ربع عرق هبهب رخيص، ليحتسيها في البيت بهدوء بعيداً عن صخب الحانات والشوارع ومشاكلها الكثيرة! ثم يأوي إلى فراشه وينام مع زوجته، لينهض وقد استعاد نشاطه ليواصل شوط عمل اليوم...
حين جاءه عزرائيل ليقبِضَ روحهُ كان هو يحتسي خمرته على مهلٍ ويحلم بأيامٍ جميلة قادمة توسّل إليه أَنْ يتركه ريثما يُكمل كأسَهْ رق قلبه عليه، فوافقه! كأسه الأليفة من مطلع العمر، استنفرت كل ما في الزجاج الشفيف من سحر! صار كلما أوشكتْ خمرته على النفاد يستجلبها من أعماقه الأولى حتى تفور وتملأه! ملّ...

هذا الملف

نصوص
5
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى