صفاء عبدالمنعم

جلست المرأة العجوز خلف النافذة اليوم تحتسى الشاى. وتتأمل مشاهد الحلم الذى رأته بالأمس. لقد تعرفت على الشخصيات جيدا، وتذكرت الأحداث والحوارات التى دارت بينهم. المدهش فى الحلم. أنه كان يوجد شخصيات لا يمكن لها أن تجتمع فى الحقيقة، أو الواقع، ولا فى الحياة نفسها، لأن منهم الصغار والكبار...
كل مساء ، كنت اذهب إلى هناك ، أحمل كتبى تحت أبطى ، وأدخل إلى محراب العلم والهدوء . كانت تفتح لى الباب وتضحك : أدخلى يابنت الكلب ، وأوعى تعملى صوت ، الأستاذ لسه نايم . أدخل ، وأجلس إلى جوارها مثل قط أليف . وهى تطبق الغسيل وتضحك : أتعلمى يابنت الكلب كويس ، أوعى تطلعى خايبة ، سيبك من الهم اللى...
أصبحت الشوارع تنادينى! ما إن مررت مرة منها حتى عرفت رائحتي ولوني وشكلي،فصرنا صديقين. فى البدء نلتقى على أستحياء مثل مراهقين، ثم مرة فى مرة نصبح عاشقين، تجرجرني أقدامي المتعبة نحوها أستريح قليلا على مقهى من مقاهيها. فى كل شارع أصبح لى مقهى أستريح عليه نتبادل الخبرات والحوارات والشكوى. هى تشكو من...
. كان علىّ أن أقول له : لقد تأخرت كثير..!. وأغنى بحماس شديد، أغنية جورج واسوف(أتأخرت كتير ياحبيبي). كانت دموعها الحارة والتى تجرى على خديها مجرى النيل، وكادت أن تصنع أخدودا صغيرا على خديها، لم تستعطفه. وهى تمد يدها تودعه برداءها الأسود الحالك والذى أعتادت عليه كثيرا فى الفترة الأخيرة. كانت كلما...
ظللتُ أعد سيناريوهات عديدة فى رأسى، عن أصول التعامل والبرتوكول المتبع فى هذه الحالات، وانا أرتدى المعطف الجديد، واضع قدمى المتعبتين داخل حذاء قديم ذو كعب عالى كنتُ قد أهملته منذ سنوات طويلة، ولكن مازال به رونق جذاب. فالأول مرة أحضر لقاء بهذا الشكل. وهى تمرر أصبع الروج الأحمر القانى فوق شفتى،...
كان تدفقا جميلا للغبطة التى أشعر بها، عندما سمعت صوت الموسيقى أتيا من بعيد من أحد المراكب السيارة على صفحة نهر النيل، وأم كلثوم تشدو برائعتها(شمس الأصيل) أنا وحبيبى يا نيل نولنا أمانينا، مطرح ما يسرى الهوى، ترسى ما مراسينا. شعرت بنشوة الوجد، وأنا فى حضرة الموسيقى لا يسعنى إلا أن أندمج كاملة...
إلى / سهى زكى مشهد خارجى : الشمس ساطعة بعنف أغسطس، ولكنها تحاول أن تكون فى حنان سبتمبر. امرأتان تعبران الرصيف، كل منهما تتكئ على كتف الأخرى. الميدان يقترب. عند مقهى على ناصية باب اللوق تدخلان. من الداخل المكان رطب، رغم رعونة الشمس. الأرض قديمة وقذرة، رغم المحاولة المستميتة من عامل المقهى فى...
لم تكن تدرك تماما، مدى اندهاشها، وبهجتها، وشغفها بطفولية.. لرؤية الأشياء عندما شاهدت الصحراء الممتدة في وقار ووحشة أمامها. ومن آن لآخر تخرج رأسها من شباك السيارة (الشروكي) وتشير بإصبعها: شوف بابا، الصحراء واسعة. يهز رأسه تلقائيا دون أن ينظر: آه طيب. ثم تواصل هي نظراتها وفرحها بالإمتداد، والرمل...
بالأمس ذهبت إلى نادى القصة، وكنت لم أذهب إليه منذ سنوات طويلة، وأنا فى طريقى إلى هناك، مررت بميدان التحرير، وتحديدا أمام المجمع، وسمعت عن بعد صوت أم كلثوم تشدو برائعة بليغ حمدى( ليلة حب) كنت أود ان أجلس بجوار بائع الشاى والذى قام بذكاء شديد برفع صوت المسجل عاليا، فملأ المكان بعبير رائحة الشاى...
كان عليها أ ن تمشي من بين مبنى الاهرام إلى أخبار اليوم . الجيب الضيق المصنوع بحنكة , أضاف إلى جسدها تماسكا , وأعطاها انسيابية وتحكم فى خطواتها . المسافة .. شارع قصير . ولكن : كان عليها ان تقطعها بصعوبة وإمتاع , لأن حركة الجيب ضيقة , وخطواتها بطيئة , تحمل فرحا خاصا , داخل جسدها الذى بدأ يتحرر من...
شعاعا خفيفا ظهر فجأة من بين شقوق السقف،حين فتحت جدتى الرزونة العالية. أطلت الشمس ناشرة أشعتها الدافئة فى برد يناير،ونحن نجلس أسفلها نضحك وعمى الكبير يشير نحو النخلة العالية السامقة أمام باب الدار ويضحك وهو يحكى لنا عن طفولته البعيدة،وكيف كان يطلع العالية وتقف جدتى أسفل النخلة تتوسل إليه أن يهبط...
عندما تتداخل الصور، وترتبك الرؤية، يصبح من حق السيدة العجوز أن تزيح بعصاها كل الأشياء المحيطة بها، وتصرخ بأعلى صوتها فى الصباح الباكر، الباكر جدا(يامعين)ثم تخرج من حجرتها الداخلية متجهة نحو البهو الواسع للبيت وتنادى بعلو صوتها مرة أخرى(يامعين) لا أحد فى البيت الآن مستيقظا كى يمنع خروجها المباغت...
البيانو([1]) " لسعت النار كفيها . زمجر العجوز صارخا : أرفعى البيانو جيدا . كان عليها أن تحمل بيانو العجوز من الدور الأرضى إلى الدور العلوى صاعدة به السلم وهى مرهقة ومتعبة وبيديها لسع النار من أثر الحريق . كان البيت ..بيتا خرافيا . بناه العجوز فى منفاه الطويل سابحا فى أحلامه خالقا أسطورة حول...
أمسكت عن الكلام حين طلب منى أخى والذى يصغرنى بخمس سنوات ( طبق بامية ) وقال وهو يهز رأسه فرحا وسعادة : عارفه صديقى ماتيوس الخبير الألمانى الذى جاء معى بالأمس ، أعجب أشد الأعجاب بالبامية التى أكلها عندنا أمس ، وهو يريد أن يأكل منها مرة ثانية . ثم خفض أخى صوته ، وأصبح يشبه الوشوشة : ماتيوس صديقى...
ليلة حب. كان صوت أصالة المدهش يأتى إليها من الهول الواسع، البارد، يصدح بأغنية(يامجنون مش أنا ليلى ..) وهى فى المطبخ، تقوم بتنظيف البوتجاز، وغسل المواعين، وصنع الطعام الطازج واللذيذ لأولادها. ولكنها فجأة، سمعت صوت رنين الهاتف يأتى إليها من على الرخامة المجاورة لها، فتحت الموبايل، وسمعت صوته...

هذا الملف

نصوص
43
آخر تحديث
أعلى