أقف نافراً أمامه، أيها السيد أنا غاضب، ومزاجي سيء جدا ووجودنا في هذا الوضع يشكل خطرا علينا نحن أعني الإثنين أنا وأنت فقط، ها أنت قد أغاظكَ خطابي ولجأت إلى تصنع الضحك الكاذب، كلما ادعيتَ أمراً فَنّدَتْهُ الوقائعُ فأنت الذي كنتَ تبحثُ عنّي وما بحثتُ عنك يوما، جلستَ تخططُ بخبثٍ وتهرفُ ليلَ نهار تذل...
ان اهمية توظيف الرمز, من اجل اضافة مساحات واسعة للقيمة الفكرية للنص القصصي, واعطاءه رؤية ديناميكية تفجر دواخل النص الى الظاهر العام, في لجة اثارة جملة من التساؤلات, واشغال الذهن في عملية تفكيك المغزى الرمز الايحائي, الذي نسج خيوط القصة, في لغة الرمز التعبيرية, المستلة من صلب الواقع, وفي عملية...
(قد يكونُ هذا العالم جحيمُ عالمٍ آخرَ….ألدوس هكسلي)
كان الوقتُ عصراً أو ضحىً ، لستُ أكيداً، الوقتُ تشابهَ عليَّ كتشابه البقر على قوم موسى ،غيابٌ تامٌ لقرص الشمسِ التي لم تبخلْ بذيولِ ضيائها الشاحبِ ،لم أكنْ متسكعاً ، كنتُ أقصد ذلك االمكان الذي يشبهُ صندوقا كبيرا وكأنني قد قررتُ الأمرَ سَلَفاً،...
(يمكنُ أنْ تكونَ الضحيةُ إنساناً أو شعباً أو بلداً ويمكنُ أن يكونَ المجرمُ إنساناً أو حاكماً طاغياً أو جيشَ بلدٍ مُستعمِراً غاشماً)
أفاقَ(ع) وركامُ الظلامِ يحيطُ بهِ إحاطةَ موجٍ بغريقٍ، يداهُ ورجلاهُ موثقتان برباقٍ كالذي تستخدمه جيوشُ هذا العصرِ في أسرِ ضحاياها، عَلِمَ ذلك حين حاولَ أن يفعلَ...
بَينما كُنا جميعاً غافلين نعيشُ في القريةِ التي اختارها آسلافـُنا من قبلُ بطريقةٍ تشبه الحلمَ،حدثَ ذلكَ بغتةً ففيما يُذكرُ عن الذين مضوا أن رؤوسَ الرجالِ والنساءِ الذين أتوا يبحثون عن جنةٍ صغيرة كانت تراودُهم خيالاً بين تلافيف أدمغتهم، تلك الرؤوس قد امتلأتْ بما حولها حتى كَفرَتْ بلونِ الصحراءَ...
(إذا ماتَ الضميرُ وُلـِدَ المِسخُ)
كانَ كلُّ شيءٍ عادياً عندما خلدتُ للنومِ والكتابُ آخرَ ما كنتُ أنظرُ أليه دون تركيزٍ إذ أن هذا الكتاب قد أدمنتُ قرائته فكلما نويتُ النومَ سريعاً، شرعتُ بقرائته، فعلتُ ذلك للمرة الألف ربما ولم أكمل من قرائته غير عشرين صفحة، حالما أتمدد على سريري و أبدأ بقرائته...
منذ ستةِ شهورٍ والأقفاصُ على حالها لم تحركْها يدٌ غريبة ٌ أنا فقط من يمد لها يدَ العناية ِعندما أمرر عليها فرشاة َ الريش ِ لأزيلَ ما تراكم َ فوقها من غبارٍ وليظهرَ عليها قليلٌ من لمعٍ قديمٍ لم يبقَ منه إلا ذكراه فأخبارُ انتشار سلالة ِ (الفيروس) الربيعي لأنفلونزا الطيور لم تبقِ مجالا ً لتأخير...
اجتمعَ الناسُ في ساحةِ المدينةِ خلفَ السوقِ وقد أَخَذَهمُ الذهولُ، الناسُ المحترمون فاجأهم نهيقٌ متصلٌ لحمارٍ يتسكعُ هناك مع حمارين يشبهانهُ تماما، كان الوحيدُ من بين تلك الحُمُر ينهقُ بينما كان الإثنان الآخران يرمّان ما يلفظهُ السوق بشراهة صامتين وكأنهما في سباق، ظلّ الحمارُ ينهقُ منذ صياحِ...
ساءتْ أحوالي وصارَ عيشي وسط البلدِ مستحيلاً مع شِحّةِ مواردي ومزاجيَ المتفلسفِ أحياناً والرافضِ لدعاوَى غضّ البصر تاركاَ لإيماني الراسخ بقوةِ الأشياء أنْ تسوقَني إلى أكثرِ ما يخافهُ الناسُ في الحياةِ وهو أن تجدَ نفسك بين ليلٍ وصبحٍ على شفيرِ الفقرِ والعوزِ وهكذا أحصيتُ ما استطيع توفيرَهُ فوجدتُه...
"الخيالُ يخلقُ الحقيقةَ"
ريتشارد فاغنر
شعرَ بتوعُكٍ ألمَّ بهِ إثرَ مُطاردتهِ القطّ العنيدَ ذا الأنفِ الخارقِ الذي يستطيع التقاطَ رائحةِ الشواءِ والقلي من مسافاتٍ بعيدةٍ ودُهِشَ لقدرةِ القطِّ على مواجهةِ الخطرِ المحدقِ به إثرَ إقدامهِ على السطو وعدم مبالاتهِ بما يُحتمَل من نتائج وهو يتجه...
بينما كانتِ السماءُ تتنقّلُ بينَ الزرقةِ والسوادِ والأرضُ تواصلُ إنشغالَها بدبيبِ الكائناتِ وكنّا نحنُ نواصلُ بمعرفتِنا الكاذبةِ مزيداً من الجهلِ إنسلّ خيطٌ من الضوء عميقا عبر ذلك المنفذ الوحيد المموه جيدا وكنّا أنا وصاحبي نظن أن العالم كما نراه قبل انسلال ذلك الخيط من الضوء لكننا وبسبب ذلك...
أحسّ دبيباً يجولُ في رأسهِ مثل دودٍ جائعٍ ينهشُ تلافيفَ دِماغِهِ الهامد المستسلم طوالَ الوقتِ حتى باتَ هذا الدبيبُ مألوفاً، أوهامٌ عتيقةً وعفنةً ركَدَتْ بعيداً في قعر الرأسِ واستقرّتْ دونَ أن يشعرَ لتبيضَ وتفقس كثيراً من ديدانها القديمةِ، بدا مُتبرماً مما آل إليه الحالُ لا يكادُ يطيق حملَ رأسه،...
(أكتب بنفس الجدية التي يلعب بها الأطفال)
خورخي لويس بورخس
كانَ عليَّ أنْ أفعلَ شيئاً قبلَ ذلكَ اليوم الذي سأخبركُم بما جرى فيه من أمورٍ تبدو عاديّة ما كانت لتلفتَ انتباهي يوماً لولا اطلالتي على ماحولي منْ وراءِ عينِ الدميةِ وكانَ ذلكَ بمحضِ الصدفة، إذ أنني ما اعتدتُ أن أرى الأشياءَ أو أن أصفَها...
لطالما استطعت أن أحيد عن مرمى تعليقات امرأتي اللاذعة و أرد عليها بدبلوماسية مفرطة تلافيا لحصول احتقان تاريخي، قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه وأقصد بذلك إنه ربما تتوتر شعرة معاوية حتى تنقطع فأنتفض ثائرا بوجه امرأتي ولسانها السليط ،لذلك كان علي أن لا أفعل ذلك لكنني اضطررت لفعله فأنا في الحقيقة طوال...
عندما التقيت بالسيد أورويل مصادفةً في مقهى (حسن عجمي)* تَلبَّسني السرور والإنفعال فبدوت مرتجفا وأنا أصافحه، لم يكن معتاداً على كل هذه الحرارة في لندن مدينة الضباب الباردة خاصةً وإنه ما زال يعيش أجواءها التي تخيلها في روايته (1984) تأفف وقال:
- ماهذه الحرارة؟ كيف تطيقون هذا الجحيم؟
- تعودنا...