قالوا الحياة
هي لونُ عينَيْ ميّتِ
هي وقعُ خَطو القاتلِ المتلفّتِ
أيامُها المتجعداتْ
كالمعطفِ المسموم ينضَحُ بالمماتْ
أحلامُها بَسَماتُ سعْلاةٍ مخدِّرةِ العيونْ
ووراءَ بسمتِها المَنُونْ
قالوا الأملْ
هو حَسرةُ الظمآنِ حينَ يرى الكؤوسْ
في صورةٍ فوق الجدارْ
هو ذلكَ اللونُ العَبُوسْ
في وجه عُصْفورٍ...
أبداً، لا نتعود على الموت. يظل مفاجأة باستمرار، حتى ولو كان الشخص العزيز على فراش المرض القاتل منذ سنوات فكيف إذا كان اسمه نازك الملائكة؟!.
يغدو الموت جريمة حين يقترب من مثل هذه الأسماء اللطيفة التي كانت تعزّينا بصوتها الرقيق المرتعش، من لذة الشعر أن بؤسنا ليس ثقيلا الى الحد الذي كنا نتصوره ما...
يا ظلامَ الليــلِ يا طــاويَ أحزانِ القلوبِ
أُنْظُرِ الآنَ فهذا شَبَحٌ بادي الشُحـــــوبِ
جاء يَسْعَى ، تحتَ أستاركَ ، كالطيفِ الغريبِ
حاملاً في كفِّه العــودَ يُغنّــــي للغُيوبِ
ليس يَعْنيهِ سُكونُ الليــلِ في الوادي الكئيبِ
****
هو ، يا ليلُ ، فتاةٌ شُهد الوادي سُـــرَاها
أقبلَ الليلُ...
يا عام لا تقرب مساكننا فنحن هنا طيوف
من عالم الأشباح, يُنكرُنا البشر
ويفر منّا الليل والماضي ويجهلنا القدر
ونعيش أشباحًا تطوفْ
نحن الذين نسير لا ذكرى لنا
لا حلم, لا أشواقُ تُشرق, لا مُنى
آفاق أعيننا رمادْ
تلك البحيرات الرواكدُ في الوجوه الصامتهْ
ولنا الجباه الساكتهْ
لا نبضَ فيها لا اتّقادْ
نحن...
-1-
إذا نزل الليل هذي الروابي فقم يا رفيق
نراقبه من ثقوب الدجى في السكون العميق
لعلّ الظلام يعدّ مؤامرة في الخفاء
ويحبكها مع ضوء النجوم وصمت المساء
فهذي الروابي وذاك الطريق
وهذا الدجى , كلّهم عملاء
وسوف نفتّش حتى الأريج وحتّى المطر
نقلّب حتى خيوط الضياء ولون الزهر
ونفضح ما دّبرت كلّ جاسوسة...
لم يكد يستفيق من حربه الأو = لى ويهنا حتى رمته الرزايا
رحمة يا حياة حسبك ما سا = ل على الأرض من دماء الضحايا
انظري الآن هل ترين سوى آ = ثار دنيا بالأمس كانت جنابا
ليس من سحرها سوى سود أحجا = ر تثير الدموع والأشجانا
أين نعماك يا بقايا القصور ال = بيض أين الأزهار والأطيار؟
هجرتك الطيور...
سكَن الليلُ
أصغِ إلى وَقْع صَدَى الأنَّاتْ
في عُمْق الظلمةِ, تحتَ الصمتِ, على الأمواتْ
صَرخَاتٌ تعلو, تضطربُ
حزنٌ يتدفقُ, يلتهبُ
يتعثَّر فيه صَدى الآهاتْ
في كل فؤادٍ غليانُ
في الكوخِ الساكنِ أحزانُ
في كل مكانٍ روحٌ تصرخُ في الظُلُماتْ
في كلِّ مكانٍ يبكي صوتْ
هذا ما قد مَزّقَهُ الموتْ
الموتُ...
نازك الملائكة شاعرة عراقية تمثل أحد أبرز الأوجه المعاصرة للشعر العربي الحديث، الذي يكشف عن ثقافة عميقة الجذور بالتراث والوطن والإنسان.
ولدت نازك الملائكة في بغداد عام 1923 وتخرجت في دار المعلمين عام 1944، وفي عام 1949 تخرجت في معهد الفنون الجميلة "فرع العود"، لم تتوقف في دراستها الأدبية...