أيمن دراوشة - البعدان التشكيلي والموسيقي في ومضة الشاعر عزت الطيري الشعرية.

رَحَلَتْ

شعر / عزت الطيري

رَحَلَتْ

كمياهِ النهرِ الآبقِ

تَرَكَت

رملاً وحصى

وزوارقَ جاثيةً

ت

ب

ك

ي

1- البعد التشكيلي:

من المعروف أن الصورة الشعرية هي نتيجة للتفاعل اللغوي، ويصنع الشاعر قاسم تراكيب صورية تخصه كفنان يمتلك بصمته المميزة من خلال أساليب متعددة ومتجددة ابتداء من القيم البلاغية الكلاسيكية وانتهاء بأكثر إضافات الحساسية الشعرية الجديد عطاء وتدفقا، وبذلك يتحقق الإبداع، والشاعر هنا يعبر عن شخصيته الجديدة محققا معادلة التألق والانبهار الشعري متكئًا على خطوات واثقة صحيحة من خلال تجسيد حلم المعاصرة خاصتنا.

يبدأ الشاعر الدخول بكلمة " رحلت " التي يفصلها سطرا قصيرا عن كلمة " تركت" ولهذين الفعلين إيحاء خارجي فيوحد بين الكلمتين بتاء التأنيث الذي يشعرنا بقسوة الرحيل فالعلاقة هنا تفاعلية خارجية، كما هناك علاقة داخلية -نفسية- بنت فهمها لخصوصية الصورة التي خلقتها التجربة، وهي صورة تمتد جذورها من الواقعين الخارجي والداخلي، فتكون الدلالة عميقة شاملة نامية.

ومن الملاحظ استخدام الشاعر لأدوات البلاغة التقليدية "الكاف" التي وضعت بين طرفين متشابهين بالرحيل.

"كمياهِ النهرِ الآبقِ"

ثم ينتقل الشاعر إلى الاستعارة المكنية من خلال قرينة لفظية وهي الفعل المتناثر حروفًا

"ت – ب- ك - ي"

مما يصنع نسيجًا ممتلئًا بين هذه الصور الفنية التفاعلية.

المستوى الموسيقي :

فَعِلن

فَعِلن فَعْلن فَعْلن فاعلن

فَعِلن

فَعِلن فَعِلن

فَعْلن

موسيقى بحر المتدارك واعتماد الوزن التفعيلي أولى المستويات عند عزت الطيري ، حيث اعتمد الشاعر على تفعيلة فاعلن التي تعطي حرية موسيقية وإيقاعات سلسة على السمع إضافة إلى الاهتزاز الموسيقي والتطريب.

وقد ناسب هذه الومضة الشعرية بحر المتدارك من باب مطابقته للحركة في القصيدة والتي بدأت بالرحيل وانتهت بالبكاء.

وقد استخدم الشاعر أكثر تفعيلات المتدارك من زحافات وعلل مما أعطاها ملمحًا متميزًا عدم الهروب من صرامة البناء التفعيلي.

وقد كان تناثر الفعل "تبكي" جزء حميم في بناء القصيدة فزاد من كثافتها فهي توحي بالهشيم والإحباط والانكسار الذي جسده هذا التناثر؛ لتتوسع رؤية الشاعر وقدرته على نسج الحروف.

  • Like
التفاعلات: نقوس المهدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى