براءة الأيوبي - روحٌ نابضة بالسحر والمعرفة والغوص في عوالم الكتابة الإبداعية.. قراءة في كتاب "أوكسيجين ضار" للروائي د. أمير تاج السر

إن أول مشهد يطالع القارئ في الكتاب، ويلفت انتباهه، الوجه الإنساني والإبداعي لكاتب مثقف، يعي ماذا يريد ماسكاً زمام خياراته بحزم وثقة كبيرين.
عندما يبلغ الفرد مرحلة متقدّمة من الثقافة والوعي والخبرة في مجاله، يزداد تواضعاً وإنسانية وهي بالتمام حال كاتبنا الذي نبضت نصوص كتابه إنسانية وتواضعاً..
ولعل أول مقال "البوكر 2019" أكبر دليل عل ذلك. فقد استهل د. أمير الكتاب بنص مميز عن الكاتب إبراهيم نصر الله الفائز بجائزة البوكر لعام 2018، آخذاً بتعداد مآثره وتفوقه في المجال الروائي والشعري، مشيراً إلى تجربته اللامعة في الكتابة على مدى سنوات طويلة استطاع خلالها أن يكتسب الخبرة اللازمة ل"سدّ الثغرات" التي قد تتواجد في النصوص الجيدة...
وبالرغم من كون د. أمير كان من بين المرشحين المنافسين لإبراهيم نصر الله للفوز بالبوكر، إلا أن عدم حصول نصّه عليها، وفوز الخصم (الأخ) بها، لم يغيّر شيئا من قناعاته حول جديّة الجائزة التي اعتبرها على جانب كبير من الأهمية، مقدّماً نموذجاً في المشاعر الإنسانية النبيلة والصادقة، والتي لا يملكها إلا قلّة من المشاهير اليوم في أي مجال كان فنيّ أو إبداعي .
والحالة الإنسانية تنتقل مع دكتور أمير بأناقة تامّة من نص إلى آخر...
فها هو في معرض حديثه عن الترجمة في مقال "ترجمة ومترجمون" يسوق المديح لتقنيات الترجمة التي تحصل وللقائمين عليها سواء من مترجمين غربيين ينقلون الروايات العربية إلى لغات أخرى كوليم هتشنز واكزافيه لوفان...... أو مترجمين عرب يعيدون بناء النصوص الأجنبية لوضعها بين أيدينا في ثوب إبداعي جديد لا يقل قيمة عن النص – الأم، بل في أحيان كثيرة قد يتفوق عليه.
وهو في ذلك لا يتحدث بالعموميات، بل يورد مجموعة من الأسماء، ويقوم بتمجيد تجربتها في مجال الترجمة، كصالح علماني وخالد جبيلي وسامر أبو هواش وغيرهم....
الإنسانية والتسامح الكبير، يسطعان بوضوح في "لعبة الحوارات"...
فكيف لكاتب أن يتقبّل ببساطة عملية اختراع حوار أجري معه، وأن يعتبره أيضاً "إختصار ذكي للوقت الذي قد يُهدر في تحضير أسئلة معقّدة والانتظار لأيام وشهور حتى يتم الرد عليها...!"... إن لم يكن يحمل كمّاً كبيراً من التسامح وتفهّم الآخرين وإعطائهم أعذاراً حتى في المواقف التي لا يمكن أن تخطر ببال أحد..
وفي "مشاريع" نرى الكاتب يتحدث بمحبة كبيرة ومصداقية عن الراحل المصري صبري موسى، ممجداً تجربته الكتابية واصفاً إياها بالجيّدة، ومعتبراً إياه "كاتباً مميّزاً بالفعل"...
وفي معرض الحديث عن عمليات الترجمة وما يرافقها من جوائز مميزة، يعرض أمامنا دكتور أمير معضلة كبيرة يعاني منها الأدب العربي وهي النظرة الغربية الدونية للتجارب الأدبية العربية حتى المخضرمة منها، بحيث يستمر الغرب بالتعامل مع المؤلفات العربية والتي قد تتفوق في كثير من الجوانب على سواها، ك"أدب رضيع" يحتاج إلى الكثير والكثير لينمو وينافس... وفي "إشراقة الشعر" يعود الكاتب ليؤكد الفكرة نفسها عندما يتحدّث عن "عنصرية المتلقي التي دائماً تطال آداب العالم الثالث، خاصة العالم العربي"...
وهنا يعتبر د. أمير في نصه " بشرى الفاضل وجائزة كوين "، أن الكتابة العربية لا تزال بعيدة جداً عن القارئ الغربي على الرغم من عراقتها بسبب عدم الإيمان الغربي بها وبجدوى ترجمتها.
كذلك في "كتابة الفانتازيا"، يلفت الكاتب انتباهنا إلى مسألة هجرة الأدمغة العربية، والتي يمكن مثلاً أن تقدّم عملاً روائياً عربياً يصنّف كخيال علمي ولكن "علماؤنا الذين يستطيعون ذلك هم في النهاية غربيون عثر عليهم الغرب وضمهم إلى مملكته.."
هي القدرة على استنباط العبر من المشاهدات والملاحظات المتكررة، والتي يبرع بها دكتور أمير، بحيث يجعلنا كقراء نتجاوز وضع القارئ، لنرتدي ملاءة المفكّر والمحلل والباحث...
ومن الأمور اللطيفة التي تطرّق إليها دكتور أمير مسألة "الأرشيفات" العائدة للكتاب، والتي اختلفت كثيراً بين زماننا الالكتروني الجامد والذي قد يؤدي إلى فقدان الكاتب لأرشيفه الكبير بسبب "فيروس" قد يغزو الحواسيب على حين غفلة... وبين الزمان الفائت حيث كانت المسودات والقصاصات الورقيّة تشكل المواد الأولية للأرشيف العائد لأي كاتب، والذي قد يسهل العثور عليه عند البحث في مقتنياته الشخصيّة القديمة. وبالتالي تجميعه وإعادة تقديمه للجمهور حتى بعد وفاته (كاقتناء جامعة تكساس الأميركية لأرشيف غبريال ماركيز لأغراض علمية بحتة)...
وهنا يدخلنا دكتور أمير إلى عالمه الخاص بالحديث عن أرشيفه الورقي القديم الذي عثر عليه، والمتنوع بين قصائد عامية وعمودية وروايات غير مكتملة...
ومن نص إلى آخر، يعبر القارئ مع د. أمير، بسلاسة دون أدنى شعور بالملل أو الانزعاج، فالنصوص على قوتها، تحمل بين طياتها عاملاً جاذباً هو مزيج من أسلوب أنيق مبدع في استخدام اللغة ومفرداتها، وموضوع محفِّز تتخلّله من وقت لآخر سخرية محبّبة،مع اقتناص لأحداث واقعيّة تكون مبعثاً لدهشة القارئ بداية ومنطلقاً لطريق طويل من التفكّر والتحليل والاستنتاج... وهي بالتأكيد أحداث قد تكون نواة لروايات لم تُكتَب بعد، كما يشير دكتور أمير....
وما يميز مقالات دكتور أمير، أنها لا تُكتب لمجرّد الكتابة فقط، فهناك دائماً هدف واضح لا بدّ وأن يصل إليه النص، وهو غالباً عبارة عن خلاصة أو حكمة توصل د. أمير إليها من جرّاء تجارب وخبرات طويلة عاشها أو عايشها. فمثلاً نص جميل ك "ذكرى كاتب عظيم" لم يُكتب فقط في سبيل الحديث عن مآثر غابريال ماركيز وجمال نصوصه وتفوقه على نفسه في أكثر من عمل إبداعي، ولكن أيضاً لاستخلاص العبر والخروج باستنتاجات عامة ووضع القارئ موضع تساؤل وإثارة واهتمام حولها، كاعتبار "الكتابة حتى برحيل العظماء تبقى واقفة ومسنودة، وفي كل جيل يأتي عظماء ويذهبون وتبقى الكتابة هي السيدة وهي المبتغى"...
من يقرأ مقالات "أوكسيجين ضار"، يمكنه أن يلمس الذكاء الأدبي للكاتب، حيث يبدو واضحاً جداً البراعة في التعامل المرن مع النصوص مختلفة المواضيع، والانتقال من فكرة إلى أخرى بلياقة أدبية دون أن يشعر القارئ بالتشويش الذهني، أو التعقيد الذي يعتبر سبباً جوهرياً في فشل كتاب بعينه دون سواه، على أهميته وقيمته سواء العلمية أو الأدبية...
كما يتجلى ذكاء الكاتب في أسلوب تعامله مع النصوص نفسها، بحيث ينطلق فيها من التخصيص إلى التعميم، طارحاً أفكاراً نظرية تستقطب اهتمام من يحبذون هذا النوع من الكتابات، ومنقحاً إياها بأمثلة واقعية عن كتّاب أو كتابات، تقرّب المعنى لمن تستهويهم المشاهدات الحيّة وتقرّب إليهم فهم النصوص...
فنرى كيف أن د. أمير يتعاطى في نصوصه بمهارة مع مختلف أنواع القراء، دون الاكتفاء بتركيز اهتمامه على فئات معينة، بحيث يصبح الكتاب تحفة أدبية ترضي جميع الأذواق والقدرات...
يقدّم د. أمير للقارئ في "كتابة الفانتازيا" مفتاحاً للكتابة الروائية، قد لا يلفت انتباه البعض على أهميته، ألا وهو اعتماد أحداث قد تبدو فقيرة بمعطياتها، ولكنها تصلح بذرة لنصّ روائيّ يُغذّى بخيال الكاتب طبعاً ليكون المنتَج عملاً إبداعياً مميزاً... فمن "معطيات فقيرة تلهب الخيال وتصنع قصصها" تأتيك الأعمال الأكثر إبداعاً وتميّزاً... إذ ليس على الكاتب أن ينتظر أحداثاً ضخمة ككوارث طبيعية أو حروب أو ثورات وغيرها ليهبط الإلهام ،على أثرها، على طبق من ذهب، ولكن الكاتب الذكي هو من يقتنص النصوص من أحداث بسيطة قد لا يلاحظها آخرون، أولا تثير فيهم أدنى اهتمام حتى لو عايشوها.
والكاتب كما يؤكد د. أمير في " صور مخزّنة " يستطيع الاستفادة حتماً من "مخزون ذاكرته" عن طريق قيامه باستعادة شخصيات وأمكنة عرفها سابقاً " وتكون " مستعدة دائمًا أن تهب خواصّها، لتخوض في نصوص جديدة...".
وفي نص "تدريب الذاكرة" يوضّح لنا د.أمير أهمية العمل على تمرين الذاكرة لاستعادة أحداث ماضية والاحتفاظ بها بعيداً عن أي تشويش أو بهتان قد يصيبها. ولتدريب الذاكرة "على عدم الصدأ" هناك استراتيجيات يمكن اعتمادها كالاستمرار في استعادة حوادث الطفولة والصبا
والشباب بأدقّ تفاصيلها، وأيضاً استعادة المؤثرات القديمة التي أثّرت في التكوين الحياتي والإبداعي.. وما إلى ذلك من أمور.
أما عن "كتابة الفانتازيا" بحدّ ذاتها فتحتاج إلى طريقة تفكير مختلفة لدى الكاتب، ومهارات جديدة "صبر ومثابرة واحتيال" تمكّنه من "ابتكار ما ليس موجوداً"...
والخيال، بالنسبة لدكتور أمير هو الركيزة الأساسية والأهم في ركائز الكتابة، و "هو البطل المنقذ المستعد دائمًا لملء فراغات الحكاية، حين تتوقف بسبب معضلة ما.." وهذا ما ورد في نص "ذكرى هاري بوتر"...
فلو أن القارئ عرف كيف يتعامل مع النصوص المطروحة في "أوكسيجين ضار"، والمقدّمة إليه بسلاسة،دون أن تكون قراءته عابرة سطحية وإنما عميقة وذكيّة، لملك فعلياً سرّ الكتابة المميزة.
في "أوكسيجين ضار"، يضعنا د. أمير أمام واقعنا العربي الأخلاقي الرثّ، والذي طال جوانب مختلفة من حياتنا، حتى الأدبيةّ منها.
فها هو في "السرقة والاستعارة"، يشير إلى عمليّة سرقة النصوص الإبداعيّة بل السطو عليها، بحيث لا يكتفي السارقون باقتباس الأفكار ولكن أيضاً بنسخ "أساليب الآخرين" دون أدنى شعور بالذنب... فإن كانت الأفكار تتوارد وتتكرر وهي " واحدة وتكاد تكون محدودة ".. وأن " الكاتب هو عموما هو رهين أفكار الدنيا ولا وجود للتجديد في الفكرة.." كما ورد في نص "استخدام الفكرة"، ولكن كيف يمكن لأسلوب كتابيّ يطبع كاتباً بعينه أن يُنقل كما هو؟ ومن أين يأتي السارق بهذه الجرأة، بل لماذا يخاطر بافتضاح أمره "رغم عدم وجود مكسب كبير من الكتابة"...!!!
وهو ما أكّده د. أمير في نصه الآخر " الأفكار والمعالجة "، بحيث يمكن أن يكون هناك استخدام واحد للفكرة نفسها من قبل الكثيرين ولكن المهم هو اعتماد البصمة الخاصة في الصياغة، واختلاف الأسلوب حتى لا يعتبر العمل مجرّد اقتباس عن عمل آخر..
وفي "لعبة الحوارات"، نرى أنفسنا كذلك أمام هذا الواقع اللا أخلاقي البائس، بحيث يلجأ كثيرون، لأسباب عديدة كالشهرة أو غيرها، إلى صياغة حوارات مختلَقة مع المشاهير في الأدب والفن والرياضة، بحيث يفاجأ المعني بها منشورة في الصحف وعبر وسائل التواصل المختلفة... هو تزييف للآراء من قبل أشخاص يصعب الوصول إليهم ومقاضاتهم في "غابة الإنترنت المعقّدة"...
ولعل أبرز الوجوه اللاأخلاقيّة التي أشار إليها د. أمير في نص " نحتاجك بلا رصيد "، مسألة باتت من مسلمات العصر الالكتروني الحالي، وهي الرنّات الفائتة التي يرسلها أصحابها طالبين من الآخرين إعادة الاتصال.. قد يبدو الأمر شبه اعتياديّ في أيامنا. إلا إذا اعتُمد من قِبَل صحيفة في تعاملها مع كاتب مخضرم... الصادم إذاً " أن ترن صحيفة يومية، بلا رصيد
لكاتب، من أجل أن يتصل ويحصل على خبر استكتابه "....
اللاأخلاقي في الموضوع، أنه في معرض احترام الكتابة واحترام الكاتب لا بدّ وأن تتمّ الدعوة لأي نشاط بطريقة لبقة تحفظ كرامة جميع الأطراف.
ومن الطبيعي في ميدان كتابة المقالات وعرضها، أن تظهر الهواجس الأساسيّة التي تؤرق الكاتب، وتحتلّ جزءاً مهماً من تفكيره وهمومه...
ولعل أبرز هذه الهواجس مسألة الحنين الذي يضج ويصخب بين السطور... إنه الحنين للوطن.. لأرض "الصرخة الأولى".. ل " المنبع الرئيسي للحكايات، والثدي الأول الذي يرضع من حليب أجوائه المبدع ...".،
ومن أقدر من دكتور أمير على إثارة الحنين في النفوس، وهو الطبيب والأديب المهاجر والذي عانى ويعاني حتماً من أزمة الاغتراب النفسية، والتي وإن لم تظهر سلوكيّاً، لا بدّ وأن تتجلى نصوصاً وكلمات.
الذكريات بما تحمله من عاطفة جيّاشة تطفو على السطح، في "من المنابع" وأيضاً "ذاكرة مدينة "، وتحمل القارئ إلى ماضيه، بحيث تغدو ذكريات بورتسودان بتفاصيلها وشوارعها وشخوصها، شعلة تؤجج لدى القارئ ذكرياته الخاصّة التي تكاد ، بفعل الزمن أو المشغوليات،أن تتحوّل إلى رماد متراكمٍ في الروح...
يصحو القارئ من النص، ليعثر على ذاته غارقة بين كراكيب الطفولة، وصخب أمكنة وعوالم وشخوص ظنّها غادرت بلا رجعة...
والأمر ذاته نلمسه أيضاً في نص " تدريب الذاكرة " في معرض الحديث بشيء من الشجن عن مدينة بورتسودان بمعالمها القديمة التي تبدّلت وحلّت مكانها أخرى، بفعل " السطو الحداثي الجديد "...
هي البراعة، ليس فقط في نسج النصوص، ولكن أيضاً في غزل المشاعر باقات، وتقديمها للقارئ على طبق من فرادة ، سحر، وغرائبية.
ومن الهواجس الأساسيّة المتجليّة في النصوص، مسألة الكتابة والتي يعتبرها د. أمير "مرضاً مستعصياً" للذين أصيبوا بها... ولطالما تحدّث د. أمير عن هذا الموضوع وكيف أن الكتابة بالنسبة إليه تستتبع حالات نفسية صعبة، وخاصة أثناء فترة كتابة نص جديد، مع عدم القدرة على مغادرتها لأنها تصبح شراً لا بدّ منه... إنها "الشقاء الكتابي" كما أورد الكاتب في "مشاريع"...
وفيما يتعلّق بالكتابة هناك أيضاً مسألة التعديات الكثيرة التي باتت تتعرض لها، مع انتشار ما يمكن تسميته بوهم الكتابة، خصوصاً "بعد ظهور الجوائز وتعددها"... ففي "المرض الكتابي" يستعرض لنا د. أمير هذه الظاهرة بكثير من الواقعية مع إيراد العديد من الأمثلة لشخصيات صادفها أو سمع بها مصابة بهذا الوهم – الداء والذي يعتبر من" أكثر مضاعفات الكتابة جنوناً وإحراجاً "...
وحتى "محبة الكتب"... قد تغدو هاجساً يؤرق الفرد، بحيت يجد نفسه فجأة أمام كمّ هائل من الكتب ذات المواضيع والمجالات المتنوعة، والتي لم يسعفه الوقت لقراءتها لأسباب كثيرة أبرزها تتعلق بالوقت... وهي تماماً حال الكاتب الذي دفعته محبة الكتب التي صنعت لديه "ميلاً كبيراً لاقتنائها"، إلى تجميع الكثير والكثير منها والتي ما زالت، رغم مرور سنوات، قابعة في مكانها بانتظار أن يعبر إليها... مع أن ذلك على حد قوله يبدو مستحيلاً "والممكن في الوقت الحاضر هو الطواف بها وتقليبها...".
وفي النصوص تطالعنا أيضاً معضلة كبار الكتّاب في معارض الكتب. بحيث بتنا في زمن قلبت فيه الموازين.. فمثلاً في نص تحت عنوان "في معرض الكتب " يستعرض د. أمير
" نموذج الكاتب الجاد الذي لم يأت إلى سكة الكتابة مصادفة، ولا خلف مبلغ مدفوع يشتري به يوم لمعان ". مثل هذا الكاتب المخضرم يظل جالساً بين كتبه، محبطاً، يناظر المارّين في انتظار من يلتفت إلى كتابه ويطلب توقيعاً، في الوقت الذي تزدحم فيه طاولة أخرى، لشبه كاتب، بالمعجبين المطالبين بتوقيع وصورة وابتسامة... لقد بات "الرديء يأكل الجيد " وهي عبارة تضمنها نص " داخل المكتبة خارج العالم"...
ويُخلص د. أمير في كل ذلك إلى أنه ومن الأفضل لكل من كان يعتز بكتابته "ويعتبرها جزءاً من نزفه "، أن لا يجلس في معارض الكتب في انتظار قرّاء يوقع لهم إنتاجه، بل أن " يترك
كتبه حرة على رفوف المكتبات، يشتريها من أرادها..."..
وبالطبع مهما بلغت أهمية الكاتب، فإنه لا يستطيع الاستمرار دون قرّاء،.." فلا يوجد كاتب
يستطيع أن يتقدم خطوة بلا قارئ جيد، ولا قارئ جيد، يستطيع تجويد قراءاته أكثر بلا كاتب جيد "، كما ورد في نص " داخل المكتبة خارج العالم ".
إذاً هو هاجس الكتابة والقراءة ، والغيرة على الأدب من الدخلاء الذين قد يعبرون إلى عالم الكتابة بمركب من وهم وجنون.

براءة الأيوبي



تادج السر.jpg


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى