د. أيمن دراوشة - قراءة فنية اجتماعية في رواية الكاتب اللبناني طارق البكري "الأبيض لا يليق بكم"

ملخص الرواية:

تتناول رواية "الأبيض لا يليق بكم" موضوع الأخطاء الطبية وتأثيرها الإنساني العميق، تركز الرواية على قصة شاب يدعى منير الذي يعاني من المرض ويتعرض لسلسلة من التشخيصات الخاطئة والعلاجات الفاشلة قبل أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى بعد معاناة مؤلمة في المستشفى.


من خلال شخصيات مثل ليلى وعامل النظافة، يرسم لنا مؤلف الرواية طارق البكري صورة واقعية للتجارب الإنسانية والمعاناة التي يمر بها المرضى وأسرهم في مواجهة الإهمال الطبي والقضاء الظالم.

الرواية تتحدث أيضًا عن التأثير العاطفي والاجتماعي للأخطاء الطبية على الأفراد والمجتمع، وتركز على رحلة منير وكيف تأثرت حياته، وحياة أسرته؛ بسبب هذه الأخطاء القاتلة والمدمرة معًا.

تتميز الرواية بقدرتها على استعراض الجوانب الإنسانية والاجتماعية لهذه المشكلة بطريقة مفصلة ومؤثرة من خلال تسليط الضوء على حياة الشخصيات المتأثرة بالأخطاء الطبية.

بالإضافة إلى ذلك، تبرز الرواية رسالة قوية عن العدالة والإنسانية، حيث تركز على الصراع بين القوى الطبية والقضائية والأفراد المتضررين، وكيفية التصدي للظلم والإهمال بشكل فعّال.

العناصر الفنية المؤثرة في الرواية

1- العنوان:


"الأبيض لا يليق بكم" يُعد عنصرًا بارزًا في الرواية ويحمل العديد من الدلالات والمعاني منها:

- الرمزية اللونية: يرمز اللون الأبيض عادة إلى النقاء والبراءة، ومع ذلك، في سياق الرواية، يتحول هذا اللون إلى رمزية سلبية، حيث يشير إلى الإهمال والخطأ الطبي. يقترن الأبيض هنا بالطب، حيث ينبغي أن يكون لونًا يرمز إلى الشفافية والسلامة، لكنه يظهر هنا كرمز للظلم والفساد.

- الاستفزاز: يحمل العنوان بداية استفزازية للقارئ، حيث يتساءل كيف يمكن للأبيض - الذي يُرتبط عادة بالنقاء والسلامة - ألا يليق بالأفراد، مما يجذب انتباه القارئ ويشجعه على استكشاف المزيد في الرواية؛ لفهم معاني العنوان.

التناقض والتعبير البصري: يخلق التناقض بين اللون الأبيض، وما يمثله عنصرًا بصريًا قويًا، حيث يظهر التناقض بين الصورة النمطية للأبيض، وبين الواقع المؤلم الذي تصوره الرواية.

2- الأسلوب الفني:


يتميز الأسلوب الفني بالوصف الدقيق والشاعري للمشاعر والأحداث، حيث يقدم الكاتب صورًا حية وواقعية لتجارب الشخصيات ومعاناتها، حيث تتخلل الرواية تشبيهات واستعارات تعزز من تعقيدات الأحداث وتعمق في معانيها، مما يثري تجربة القارئ ويجعله يعيش القصة بكل تفاصيلها.

3- الحوار المثير:

تُبرِز الرواية بشكل واضح شخصياتها المختلفة وآرائها ومشاعرها، حيث يعكس الحوار تناقضات المجتمع وتعقيد العلاقات الإنسانية فيما بينها، وقد تميَّز الحوار بالواقعية والمصداقية، مما يجعلنا نتفاعل مع شخصيات الرواية، ونعيش معها الحدث بكل تفاصيله.

4- الشخصيات:


تتميَّز الشخصيات بالتنامي والعمق والتنويع، حيث يقدم الكاتب لنا شخصيات متعددة تعكس مختلف جوانب الإنسانية، وتتفاعل بشكل معقد مع الأحداث، قد يجسد منير رمزًا للضحية، بينما تمثل ليلى رمزًا للنضال والعدالة، مما يجعل من السرد الروائي متشابكًا ومشوقًا معًا.

5- التشبيهات والاستعارات:

تستخدم التشبيهات والاستعارات في الرواية لتعزيز المعاني وتوجيه الانتباه إلى التفاصيل الدقيقة، فعلى سبيل المثال، قد يصف الكاتب معاناة منير بأنها "كالرحلة في الظلمة دون بوصلة"، مما يوحي بمدى الضياع واليأس الذي يعيشه الشاب منير.


الميتافيزيقا والرمزية: استخدم الكاتب الميتافيزيقا والرمزية لنقل المعاني العميقة، والتعبير عن المفاهيم الكبيرة بطرق مباشرة وغير مباشرة.

6- التركيب الجملي والنغمات:

يتأثر تركيب الجمل وصوتها النغمي بالمزاج والأحداث في الرواية، قد يكون للجمل الطويلة والمعقدة تأثير مختلف عن الجمل القصيرة والبسيطة.

"الاعتراف بالخطأ فضيلة".

7- النهاية المغلقة:


تأتي النهاية المؤلمة في الرواية، بشكل مفاجئ ومأساوي، حيث يفقد بطل الرواية "منير" حياته بعد معاناة طويلة مع المرض والإهمال الطبي، مما يعكس الواقع المرير الذي يعيشه الكثيرون في مواجهة التحديات الطبية والاجتماعية.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى