الدكتور محمد عباس محمد عرابي - البائع الجوال والموز في ديوان (حليمة والصوت والصدى "بائع الموز")

تحدث الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي عن البائع الجوال والموز في ديوانه ( حليمة والصوت والصدى " بائع الموز " ؛حيث رسم لنا صورة مشرفة للفتاة في القرية ممثلة في حليمة الفتاة الريفية القروية الأصيلة ؛ صورة تصور لنا عفة وأخلاق البنت العربية الأصيلة، والحق يُقال وأشهد أنا كاتب هذا المقال شهادة حق على ما رأيته بنفسي في قريتي ؛ فأنا قروي نشأت في قرية أصيلة طيبة وطيب أهلها؛ وجميع بيوتها وساكنيها وجميع عائلاتها أصيلة مرموقة رفيعة الشأن تشتهر بالأخلاق الحميدة الفاضلة ،والعادات العربية الأصيلة (قريتي قرية العلم والأخلاق والشهامة ) نشأت وتربيت بين أهلها الطيبين فرأيت الأخلاق والعزة والكرامة تمشي على الأرض ،أشهد بالأخلاق الحميد ة لجميع فتيات وفتيان القرية المسيحي منهم قبل المسلم ، ومن هذه الأخلاق ما يصوره لنا الشاعر القدير الدكتور عبد الرحمن العشماوي وهو يقول على لسان بائع الموز ولسان حليمة مصورًا عفة وأخلاق أبناء وفتيات القرية :
فها هو (بائع الموز) ينادي : شاري الموز ،و شاري التفاح وفي هذا يقول الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي على لسان بائع الموز :
يا شاري الموز ** يا شاري التفاح
الحلو لا يخفى **عن طرفك اللماح
والعين لا تغفو ** والقلب لا يرتاح
إلا لمن غنى **لحني، ومثلي باح .(1)
صوت :قالت حليمة :...يا بائع الموز المعطر بالعرق
بيني وبينك مثل ما
بين السلامة والغرق
بيني بينك بابُ نافذة ٍ
ومصراعٌ كبيرْ
وعيون أم حول نافذتي تدور
وهزيم "نحنحة "
يجود بها أبي عند الحضور
لا ،والذي أعطاك من عرق الجبين
مالا حلا لًا لا يشين
لا ،والذي أعطاك صوتًا
يبعث الشوق الدفين
ما حدثتني النفس إلا بالصواب
شوقي يُزعزعني
ويحفظني التورع والحجاب
خوفي من الرحمن أكبر من جنون المغريات
لكنني أخشى الظنون
وما يثير الشائعات
قالوا :بأن لبيتنا شرفًا قديمْ
وبأن مثلي ..
لا تُزف سوى إلى رجل عظيم
أهلا وسهلا بالذي قالوا
ولكن ..
أين لقمان الحكيم ؟
يا بائع الموز المعطر بالأنين
هذا السحاب يريح صدر الأرض
من طول الحنين
هذي انبثاقات الصباح
تُضيء درب التائهين
حدّث جنون العاشقين
أن الحياة تموت عند الخائنين
يا بائع الموز المعطر.(2)
وها هو يبين لنا الشاعر أن البائع الجوال(3) في القرية في الصباح عند غناء البلبل الصداح منذ عقود من الزمان كان يخبر من يريد أن يشتري موزًا بما عنده من موز ،ويصور لنا الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي هذا المشهد في القرية فيقول :
هذا هو الليل الطويل
يشق من أسف رداءه
والفجر ينثر فوق قريتنا ضياءه
والشمس تنسج ثوب طلعتها وراءه
والبلبل الصداح يسمعنا غناءه
والبائع الجوال يسكب في مسامعنا نداءه
صدى :
الموز يا غادي ** الموز يا رائح
قد أقفر الوادي ** إلا من الصائح
هل يرتوي الصادي **من نبعه المالح
اليوم ميعادي **فليربح الرابح .(4)
وها هو بائع الموز (البائع الجوال) يحمل قفته مخبرًا بما عنده من فواكه (موز وتفاح وشار) ،وفي هذا يقول الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي مصورا هذا القرية مشيرًا إلى جمال طبيعة القرية :
ولطالما رسمت بابتسامتها المرايا
وتساءلت
والشوق يقطر من حروف سؤالها :
أو لست زهرة هذه الدنيا
وأغنية الربيع ؟
أو لست دفئًا في عروق شتاء قريتنا ...
يذوب به الصقيع ؟!
ويتيه في فمها السؤال
ويعانق الإنصات مسمعها
فتصغي
ويلفها صمت التأمل والحنين
والبلبل الصداح يشدو
والبهم في الساحات
تعدو
والدمع يرسم في محاجرها
ملامح حزنها
وتروح حسرتها وتغدو
ودوائر الصمت الكبيرة في اتساع
والبحر يلعب بالشراع
والسائرون يرددون على صدى خطواتهم
لحن العمل
أملٌ أملُ
والبائع الجوال يحمل قفته
موز وتفاح وشار
يا رب عونك ما لنا ** في هذه الدنيا قرار .(5)




المراجع :
عبد الرحمن صالح العشماوي، ديوان ( حليمة والصوت والصدى " بائع الموز " )،الرياض ،مكتبة العبيكان،1422هـ

(1) عبد الرحمن صالح العشماوي، ديوان ( حليمة والصوت والصدى " بائع الموز " )،الرياض ،مكتبة العبيكان،1422هـ ،ص45
(2) منذ عقود في القرى النائية عن المدن كان يعقد سوق القرية ،وفي غير أيام السوق كان يأتي للقرية الباعة الجوالون، ولكن في ظل التطورات الحديثة انتشرت في القرى النائية محلات البيع والشراء وفق أنظمة محددة يحددها المسؤولون .
(3) عبد الرحمن صالح العشماوي، ديوان ( حليمة والصوت والصدى " بائع الموز " )،الرياض ،مكتبة العبيكان،1422هـ ،ص45- 46 -47
(4) عبد الرحمن صالح العشماوي، ديوان ( حليمة والصوت والصدى " بائع الموز " )،الرياض ،مكتبة العبيكان،1422هـ ،ص12
(5) عبد الرحمن صالح العشماوي، ديوان ( حليمة والصوت والصدى " بائع الموز " )،الرياض ،مكتبة العبيكان،1422هـ ،ص 16-17

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى