عمر سيدي محمد - من قاموس الحسّانيّة (65) أسلوبي في تأصيل الكلمة من الحسّانيّة الجزء الثاني:

الجزء الثاني:

يبقى المعنى المقصود من الكلمة هو مدار البحث ومعرفته هي أوّل الانطلاق في سبيل البحث السليم.
ومن أجل العثور عليها في المعاجم الأمازيغية لابدّ من معرفة مقابلها في اللغة العربية الفصحى التي بُنيت عليها هذه المعاجم. فلو كنت أبحث عن كلمة أَگُشَاطْ فإن لم أكن أعرف أن مقابلها في الفصحى هو الأصلم سيصعب عليّ الوصول إلى تأصيلها.
1- القلب والإبدالُ:
قاعدة إبدال حرفٍ من كلمة بحرف آخر قريب منه في المخرج، أو قلبه من حيثُ التقديم والتأخير في كلمة واحدة. هذا في الألفاظ الحسّانيّة بشقيها الصنهاجي والفصيح، كل ذلك ماينبغي أن يبعدنا عن البحث السليم من أجل تأصيل منهجي سليم، وسأعطي أمثله ليتضح المقصود:
من أمثلة إبدال حرف بحرف في الكلمات الحسّانيّة من أصل فصيح التالي:
- إبدال الجيم زَايًا مثل لِعْزُوزْ عن العجوز ، السّرز عن السّرج، ئِحِزّْ بينهم عن يَحْجِزُ بينهم، يِزِّي عن يُجْزِئُ، اِِلزَّزْ هو جَزُّ الصوف، والباب واسع.
- إبدال الذال ظاءً أو إبدال الضاد ذالا مسموع في الحسّانيّة.
ئِظُوگْ: بدلا من يذوق / يَرْذَخْ (رَذْخُو امْعَ التّْرابْ) بدلا من يرضخ
ابن فارس: (رضخ) الراء والضاد والخاء كلمة تدل على كسر.
الفيروزآبادي: رَضَخَ به الأرضَ: جَلَدَهُ بها.
- إبدال الثاء فاءً: مسموع في الحسّانيّة ومن أمثلته: الجِّفَّة عن الجُثَّة / فَمَّ عن ثَمَّ
القاموس المحيط: ثَمَّ، بالفتح: اسْمٌ يُشارُ به، بمعنى هناكَ، للمَكانِ البَعيدِ ظَرْفٌ لا يَتَصَرَّفُ.
- من غريب الإبدال في الحسّانيّة إبدال الهمزة في أوّل الكلمة باللام في بعض الكلمات مثل أَفْعَى و إِشفَى فإنهما بالحسانيّة لَفْعَى و لِشْفَى لِلنَّكِرَة وأمّا الأفعى والإشفى فإنهما اللّفْعى واللّشْفَى وقس على ذلك الأوّلين فإنها اللّوّلين…
و مِن أمثلة إبدال حرف بحرف في الكلمات الحسّانيّة من أصل صنهاجي التالي:
أ- قاعدة إبدال الضاد في الكلمة الأمازيغية طاءً في نفس الكلمة عند ورودها في الحسّانيّة:
وجدت كثيرا من الكلمات الحسّانيّة التي أصلها صنهاجي وبها حرف طاء أنّ أصله ضاد أو تاء في الكلمة الصنهاجية لمن يريد البحث في المعاجم الأمازيغية، وسوف أورد أمثلة على ذلك متتبعا القواعد التي أوضحتها في الجزء الأول من أسلوب التّأصيل.
- أَفَلَّجِيطْ: والمقصود بها السّنا في الحسّانيّة وعند البحث عن السّنا في المعاجم الأمازيغية نجد من أسمائه أفلجيض (ⴰⴼⵍⵊⵉⴹ)
- أَگِرْطْ: والمقصود به عُكَّة السّمن الصغيرة أو وعاؤه أو سقاؤه. وعند البحث عن أيٍّ من هذه المعاني الثلاثة فإنك تجد كلمة أگرض (ⴰⴳⵔⴹ)
- شَرْوِيطَة: والمقصود بها في الحسّانيّة قطعة من قماش تكون في الغالب قديمة. وجاء في المعاجم الأمازيغية أشرويض قطعة القماش البالية.
- أَگِرْمَاطْ: والمقصود به في الحسّانيّة ذو الأذنين الصغيرتين وتسميه العرب الأصلمَ وكذلك تسمّي مقطوع الأذنين. وأمّا في الحسّانيّة فإنّ مقطوع الأذنين أو جزءا من إحداهما فهو أَگُرَارْ براءين مرققتين. وقِسْ على ذلك أَگُشَاطْ، أَگُنَاطْ، أگِصْمَاطْ، كلهن كلمات حسانيّة متقاربة المعنى مع بعض الفروق الدقيقة. وجاء في المعاجم الأمازيغية أگرماض وهو الأجمّ من الكباش وهو الإناء لاعروة له. وجاء فيها عند كلمة صلم: الأَصْلَمُ، المُصْلَمُ، منَ النَّاسِ والحيوان، الصَّغير الأذنين أگوري (ⴰⴳⵓⵔⵉ)
- يِكْرِطْ لِكْرَاطَة: يِكْرِطْ فعل يحمل معنى الحلق أو الكشط. وما لصق من طعام بقعر المرجل بسبب الشَّيْط فهو "لِكْرَاطَة" ومن حلق لحيته قلنا كَارِطْ. ولقد ورد في المعاجم الأمازيغية: ئكرض: حَلَقَ، حَلَّقَ، اِحْتَلَقَ، الرَّأْسَ / أَكْرَاضْ: الكشْطُ
- أَفِرْطَاصْ: وهو حليق الرأس في الحسّانيّة، ولقد ورد في المعاجم الأمازيغية أفرضاس هو الأصلع أو الأقرع.
- حرطاني: أصلها أَحَرْضَانْ وتعني الخِلاسيَّ وهو الولد بين أبوين أسمر وأبيض.
ب- قاعدة إبدال التاء في الكلمة الأمازيغية طاءً في نفس الكلمة عند ورودها في الحسّانيّة:
- تَوْجَّاطْ: وهي الحمّى الموسمية في فصل الخريف حيث تساقط الأمطار وتكاثر البعوض ونسمّيها كذلك "حِمِّة النَّامُوسْ" وهي الملاريا. وفي المعاجم الأمازيغية تاودجات حُمَّى المستنقعات.
- بُو فِرْطِطَّه: وهو الخفاش وفي المعاجم الأمازيغية أفرتطّا: الخفاش.
2- الحذر من الخلط بين الكلمة الحسّانيّة الأصيلة والكلمة الدخيلة
اِلْبَطَّة / اِلْبِطّْ، (pot) اِلْبَطَّة: كلمة حسانيّة أصيلة ولها أصل فصيح بنفس المعنى، وهل تذكرون الرّْبِيعة كانت تحفة للعروس تجمع فيها بعض حاجياتها الخاصة ومن منهن لم تجد "ارْبيعة" استخدمت بَطَّة.
وأمّا اِلْبِطّْ فهو كلمة دخيلة من الفرنسية أو الإسبانية ونقصد بها وعاء الحديد الصغير المفتوح من جانب ويصلح للغرف مثل "بِطّْ الْگِدْرَه"
اِلرُّوسِي / اِلرُّوسِي (reçu)
3- الحذر من التملص من أي كلمة حسَّانيَّة لم يتبادر لنا أنها ذات أصل عربي ومحاولة نسبتها إلى أي لغة أخرى دون بذل أي جهد في النظر في إمكانية أن تكون صنهاجية.
ومن أمثلة ذلك كلمة أَمَلَاژْ والتي تعني في الحسّانيّة المُترْجِمَ. بما أنّ الترجمة اشتهرت وازدهرت في عهد المستعمر الفرنسي وكان يمتهنها موظفون تابعون له بسبب ذلك خُيّل إلينا أنها كلمة فرنسية.
ولقد تأكد عندي في النهاية بعد بحث طويل عن أصل هذه الكلمة، تأكد أنه في لغة صنهاجة كلمة أملاس مشتقة من فعل يولس الذي هو بمعنى نَقَلَ، الكَلاَمَ، عَنْ قَائلِهِ....
ونحن في الحسّانيّة أبدلنا السين بالزاي المفخمة وهذا وارد.
جاء في معجم أماوال:
ألّاس الإعَادَةُ / ئلس التُّرْجُمَانُ، فِي مَعنَاه المجَازِي ترجمان
ومن غريب مااستوقفني هو استخدامنا في الحسّانيّة للمخاطب ذكرا كان أو أنثى كلمة وَهَايْ
وللجماعة رجالا كانوا أو نساءً كلمة وَهَاوْ، هاتان الكلمتان من أكثر الكلمات الحسّانيّة استخداما ومن أوّل ما يتعلمه الطفل منّا، ولقد كنت أسأل نفسي ما أصلهما وهما بمعنى هَيّا أو هَلُمَّ أو بمعنى تَعالَ وإن كانت الأخيرة نستخدمها لنداء الحيوان فقط، لم أزل كذلك إلى أن حصلت على معجم الأستاذ الكبير محمد شفيق فَصُعِقْتُ من الدهشة وسوف أرفق لكم صورة من جزء الصفحة التي تحمل الكلمتين.
ولنا متابعة مع بعض القواعد المهمة لمن يريد تأصيل أي كلمة حسّانيّة.



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى