ابراهيم عبد القيوم جيب الله - الرمز والدلالة في قصة "أنصال في طين الروح".. قراءة

العلاقة بين الدلالة و " الرمز أو العلامة " علاقة تكاملية، الدلالة هي المعني الذي نستشفة من الرمز أو العلامة.
علم الدلالة علم حيوي تناوله العديد من الكتاب و الأساتذة الكبار منهم: د. احمد مختار عمر في كتابه "علم الدلالة" و د. كنال بشر في كتابه " دور الكلمة في اللغة " و د. إبراهيم أنيس في كتابه " دلالة الألفظ العربية و تطورها".
يقول د. احمد مختار عمر النظرة إلي التحليل الدلالي تغطي فرعين :
*الأول يهتم ببيان معاني المفردات وذلك حين تعمل الوحدات اللغوية كرموز لأشياء خارج الدائرة اللغوية.
* و الثاني يهتم ببيان معاني الجمل.
اما بالنسبة لأمثلة الرموز يقول د. احمد مختار عمر قد تكون علامات علي الطريق و قد تكون إشارة باليد او إيماءة بالرأس، كما قد تكون كلمات و جمل.
هنا و من منظور التحليل الدلالي نتناول قصة قصيرة بعنوان (أنصال في طين الروح) و القصة من ضمن المجموعة القصصية" 13 شهرا من إشراق الشمس" للكاتبة الإعلامية و الروائية السودنية " رانيا مامون ".
تحكي القصة عن إمراة فقيرة قليلة الحيلة لها إبن واحد تعطلت كليته و الكلية الأخري في طريقها للتعطل أيضا، ليس لها إخوة يساعدوها في علاج إبنها. بدأت رحلة المعاناة بخروجها من قريتها إلي العاصمة"الخرطوم" لعلاج إبنها، حركتها في الخرطوم كانت بين المستشفي التي يرقد فيها إبنها و ديوان الزكاة.
العنوان" أنصال في طين الروح يمثل عتبة هامة لمحتوي القصة دلالاته " الفقر/ المعاناة/ الألم ".
الشكل الفني للقصة إستخدمت له الكاتبة تكنيك الإخراج السنمائي في لقطات تتنقل بها كاميرا الراوي في سرده من مشهد لآخر و جاءت هذه اللقطات مسماة كعناوين جانبية لكل مشهد و كعتبات نصية للمشاهد المتنقلة و هي( لقطة واسعة/ لقطة تظهر شخصين/ فلاش باك "تكرر مرتين"/ لقطة كبيرة/ لقطة متوسطة "تكررت مرتين"/ لقطة بزاوية45 درجة/الكاميرا تتحرك بحركة المرأة/ zoom in). وهذه اللقطات لها دلالتها في التعريف بالمكان و نقل صورة طبيعة للمشهد و مساره في سياق السرد.
تم إستخدام الحجر بدلالتين مختلفتين دلاته الأولي لزجر الكلام التي كانت تتبع المرأة في طريقها الوعر من بيتها إلي الطريق العام لتقلها سيارة إلي الخرطوم ساعدها في ذلك شرطي الدورية عندما اطلق رصاصة طردت عنهاعامية الكلاب و الرصاصة هنا دلالتها الصوت الأقوي، أما الدلالة الثانية المختلفة للحجر كانت أمام ديوان و هناك كان تشير دلالته لكونه مقعد يجلس عليه الناس.
حامل الدرب في سرير إبنها ايضا لها دلالة ان هذا هو المكان الأنسب للإبن قبل العملية و حتي تتمكن الأم من الحصول علي المبلغ الذي يجود به ديوان الزكاة.
عندما حاولت الأم الدخول إلي مكتب موظف الزكاة طرقت الباب عدة مرات دون رد ثم فتحت الباب قليلا رأت حذاء الموظف و الرمز الحذاء هنا كانت له دلالة أن الموظف موجود و قد كان.
الهامش هو احد عتبات النص كما ذكرنا في محاضرة سابقة و يفيد المعني الهامش في هذه القصة كترجمة لرموز عامية ( جر جر و هو لفظ عامي تنهر به الكلاب / زول و تعني شخص / العنقريب و هو سرير بلدي يصنع يدويا)، وهذ الهامش افاد بإيضاح دلالات هذه الرموز،
ثمة دلالت حوارية مؤثرة مثلت دلالتها حالة الفقر و الألم الذي يعتصر قلب الأم و حالة اليأس التي اصابت الإبن في صعوبة الحصول علي مبلغ العملية قال لأمه
-خليني أموت يا أمي.
ردت الأم
- طيب أعيش أنا لمنو؟.
لعل اعمق رمز في القصة مثلته "دمعة" تلك الدمعة التي طفرت من عين الام في خاتمة القصة ممزوجة بالأسي و الذكريات.
كانت الدمعة قطرة كبيرة شفافة دائرية يظهر داخل محيطها زوجها المرحوم و هو متكئ علي العنقريب وقت الأصيل و إبنها و هو طفل ينتف شارب أبيه و يداعبه متقافزا بشقاوة و هي جالسة سعيدة ضاحكة أمامها ثلاثة اكواب و إبريق شاي با الحليب.
ابراهيم عبد القيوم ابو منذر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى