د. محمد عباس محمد عرابي - (الأساليب البلاغية في تفسير نظم الدُّرر في تناسب الآيات والسّور) (للبقاعي ت 885 هـ) للباحث: عقيد خالد العزاوي

[HEADING=2]( الأساليب البلاغيـــة في تفسير نظــم الدُّرر في تناســب الآيـــات والسّـــور ) [/HEADING]
( للبقــاعي ت 885 هـ )أطروحة تقدّم بها الباحث عقيـــد خـــالد حمودي محيي العـــزاوي إلى مجلس كلية التربية ـ ابن رشد ـ جامعة بغداد، وهي جزء من متطلبات نيل درجة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها بإشراف الأستاذ الدكتـــور/ محـسن عبـــد الحميـــد أحمـــد في العام الدراسي 1422هـ /2002م
مكونات الدراسة :
تكونت الدراسة من :مقدمـة ، وثلاثـة فصـول ، وخاتمـة تتضمن نتائج البحث .
فيما يلي تعريف موجز لها :
الفصل الأول الجهود البلاغية في علم المعاني عند البقاعي :
حيث تناول الباحث الظواهر : الخبر والإنشاء والتقديم والتأخير ، والفصل والوصل والحذف والذكر وأسلوب القصر . وسبب اقتصار الباحث على هذه الظواهر من علم المعاني أنَّ هذا النوع من علم البلاغة واسع اتساع البحث بأكمله ، فرأى الباحث اصطفاء تلك النماذج االبلاغية المهمة . وقد عوّل الباحث على الكتب المشهورة في تعريف الأغراض البلاغية ، والدلالات لكل نوع من أنواع علم المعاني المذكورة . ومن تلك الكتب مفتاح العلوم للسكاكي والتلخيص والإيضاح للقزويني وتهذيب السعد للتفتازاني والإتقان للسيوطي . ثم انتقل الباحث بعد ذلك إلى دراسة هذه الظواهر عند البقاعي . ثم وازن بينه وبين بقية المفسرين بحسب الترتيب الزمني ابتغاء الوصول إلى التطور التاريخي للمصطلح البلاغي إن وجد وما وبيان زياداته عليه لمعرفة كونه مقلدا أو مبتكراً ، وبيان ما يخرج إليه الخبر والإنشاء من أغراض بلاغية مختلفة .
وتعد ظاهرة التقديم والتأخير من الظواهر التي وقف عندها البقاعي وبيّن اغراضها البلاغية لذلك كان لزاما علي الباحث أن يقف عند هذه الظاهرة ويبحث في أسباب التقديم والتأخير في الجملة الفعلية والاسمية وفي الجملة والمفرد وما أشكل معناه بحسب الظاهر . وعوَّل الباحث على البرهان للزركشي ، والإتقان للسيوطي ، ومفتاح السعادة لطاش كبري زادة … زيادة على مصادري الأساسية . وقد أكد الباحث العلاقة بين دراسة التركيب النحوي ، وفهم المعنى البلاغي من خلال دراسة التقديم والتأخير ؛ لأنّ قسماً من أنواع البلاغة يرجع في أصله إلى العامل والمعمول من حيث تلازمهما أو تباعدهما.
وفي الجزء الأخير من الفصل الأول تناول الباحث الفصل والوصل عند البقاعي مهتماً بمواضع الفصل في القرآن الكريم ، وذكر الباحث ضوابط الفصل والوصل معتمداً على القزويني في كتابيه الايضاح والتلخيص ، ثم درس الفصل في الجملة الواحدة وما يخرج إليه من أغراض بلاغية ، كالتأكيد وغيره ، ثم أسلوب الفصل والوصل والحذف والذكر ، ثم انهى الباحث الفصل بما وصل إليه من نتائج في علم المعاني في تفسير البقاعي .
الفصل الثاني : جهود البقاعي في علم البيان
وفيه ذكر الباحث أغراض التشبيه والاستعارة ، والمجاز العقلي ، والمجاز الإسنادي ، والكناية مورداً أمثلة من تفسيره ، وقد حلل الباحث هذه الأمثلة ودرستها معتمدا ًعلى السياق العام للآيات ؛لأنّ دراسة الظاهرة معزولة عن سياقها تفضي إلى تحليل غير دقيق ونتائج مجانبة للصحة ، فعلم البيان بما يحتوي عليه من أنواع مختلفة ، ومسميات متعددة عند البقاعي كان الأصل الذي اعتمد عليه مفسرنا ، وإن لم يصطلح على ضروب البلاغة كافة لأنّ همّهُ كان البحث عن المعنى القرآني ، والصورة القرآنية ، وفهم المعنى الفقهي والسياقي من التشبيه أو الاستعارة … .
وفيما يتعلق بالمجاز العقلي من خلال تحليل النصوص نجد البقاعي قد سمّاه الإسناد مرة والمجاز العقلي مرة أخرى . وذكر علاقاته ، وكان يتابع الزمخشري في تقسيماته علم البيان ، وما فيه من أساليب .
أما الكناية فالبقاعي يذكرها صراحة ونادراً ما نجده يقول بالرمز ، ونجد البقاعي يذهب إلى أنه لا يجوز في كل كناية إرادة المعنى الحقيقي ولاسيما الحقائق الدينية المتعلقة بذات الله وصفاته فهو يُقرَّب الفكرة المجردة من الصورة المُحسَّة مخافة الوقوع في المحظور .
الفصل الثالث : علم البديع وأساليبه
فذكر الباحث أغلب الأنواع البديعية والأساليب التي أوردها البقاعي ، وقد خلص الباحث من هذه الدراسة إلى أنَّ البقاعي ينكر السجع جملة وتفصيلاً ثم ينكر الفاصلة القرآنية وقام الباحث بذكر أدلته وناقشها في فصلها.
منهج الدراسة :
سار الباحث في هذا البحث على منهج وصفي تحليلي يصنف الظواهر بما تشترك فيه ، عارضاً رأي البقاعي أولاً ، ثم آراء المفسرين مراعياً التسلسل التاريخي لحياتهم واقفاً على أرجح الآراء ، مبيناً سبب ترجيحه لرأيه .
الخاتمة :
جاءت الخاتمة لتعرض النتائج الرئيسة والعناصر العامة لدراسة الأساليب البلاغية ودلالاتها عند البقاعي فكانت تكتظ بالأفكار والأغراض البلاغية السابرة لمعنى النص القرآني التي تُبيّن استقلالية مفسرنا في تفسيره في أمور ، وعدم رسوخ بعض المصطلحات عنده في أمور أخرى ، والخلط بين بعض أنواع البلاغة وأساليبها ثم وضعت في آخر الرسالة ثبتا بالمصادر وملخصاً باللغة الانكليزية .
مصادر البحث :
رجع الباحث إلى العديد من المصادر أبرزها : تفسير الكشاف للزمخشري (ت538هـ) والجامـع لأحكام القرآن للقرطبي (ت671هـ) . والتسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي (ت741هـ) والبحر المحيط لأبي حيان الأندلسي (ت745 هـ) وتفسير أنـوار التنزيل للبيضاوي (ت791هـ) وغلبـت التفاسير وكثرت ؛ لأنَّ طبيعة البحث تقتضي تنوع التفاسير ما بين قديم وحديث بحسب حاجتنا إليها .
ومن أهم المصادر التي رجع إليها الباحث: كتـاب معـاني القرآن للفراء (ت207 هـ) وكتابا (أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز ) للجرجاني (ت471 هـ) وكتاب التبيان في إعراب القرآن لأبي البقاء العكبري (ت 616 هـ) وكتاب مفتـاح العـلوم للسكاكي (ت626 هـ) وكتابا تلخيص المفتاح ، والإيضاح للخطيب القزويني ( ت739 هـ) وكتاب البرهان في علوم القرآن للزركشي (ت794 هـ) وكتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (ت 911 هـ) ، وغيرها من المراجع النحوية ، والبلاغية ، والأدبية نتائج الدراسة :
توصل الباحث من خلال دراسته البلاغية في تفسير نظم الدرر متمثلة للعديد من النتائج ذكرها على النحو التالي :
1. من حيث المنهج: كان منهج البقاعي في البلاغة يعتمد على تفسير القرآن بالقرآن او الاستعارة القرآنية بالاستعارة القرآنية ، واستشهد البقاعي بالشعر العربي والحديث الشريف وكلام العرب في تأكيد معاني البلاغة الموجودة في الآيات القرآنية . وكان البقاعي يعرض الآية ثم يبين أوجه الإعراب إذ الإعراب فرع من المعنى ، وينتقل بعد ذلك محللاً المعنى اللغوي ثم يقودنا إلى المعنى البلاغي للآية إن وجد في هذه الآية القرآنية أو تلك .
2. اعتمد البقاعي على آراء اللغويين والمفسرين الذين سبقوه كابن عباس والفراء والزمخشري وأبي حيان والقرطبي والبيضاوي .
3. أما فيما يتعلق بظاهرة التأثر والتأثير فقد رأينا تأثير الزمخشري وأبي حيان والبيضاوي في البقاعي من جهة إذ نقل البقاعي في تفسيره آراء الزمخشري البلاغية ؛ ولكنه استطاع أن يزيد على ما قاله الزمخشري وبقية المفسرين إذ وجدناه يذكر أنواعاً لم يلتفت إليها الزمخشري فيما يخص علم البديع .
وقد اتبع البقاعي أسلوب الزمخشري في التفسير البلاغي القرآن ي وطرق في تفسيره أنواع البلاغة ببيانها ومعانيها وبديعها ولم يقتصر منهجه على تسمية أنواع البلاغة بل كان يقف عند الاستعارة ، ويبين المستعار والمستعار له ، ويذكر الأغراض البلاغية لكل نوع إلا إنّه أهمل قسماً من الأغراض وهو في خضمّ الحديث عن معاني القرآن .
أما فيما يتعلق بالتأثير والتأثر فكان واضحاً ، بل إن العبارات تتكرر في أحيانٍ كثيرة .
إن البقاعي في تفسيره البلاغي مرتبط أشد الارتباط بكتاب الزمخشري بل إنه ينقل عنه قسماً من العبارات كما هي ، ويستعير أسلوبه في السؤال والإجابة كما رأينا في أسلوب التقديم والتأخير .
4. أما في التفسير عموماً فقد عُدَّ البقاعي مقلداً أكثر منه مجتهداً أو جامعاً أكثر منه محققاً إذ كان كثير الاعتماد على أفكار المفسرين السابقين ، وكثير الاقتباس من تفاسيرهم .
5. وبحث البقاعي في التشبيه ودلالاته النفسية واللغوية وحلل التشبيه في أغلب الأحيان وأظهر مكوناته وأطرافه وربط التشبيه بتناسب الآيات مع بعضها واظهر أغراض التشبيه البلاغية .
6. لقد كان فهمه دقيقاً للاستعارة وإن لم يسمِّ الأنواع كلها ، وتعمق في معانيها واعتمد على كلام الزمخشري في التجريديّة والترشيحيّة ، واستخرج من قسم من الاستعارات مدلولات علمية ، واستدل من القسم الآخر على قضايا في التشريع الإسلامي .
7. ناقش الاستعارة الاحتماليّة والأصليّة والمكنيّة والتبعيّة والتجريديّة والترشيحيّة والمطلقة والتصريحيّة ، لكنه لم يحلل طبيعة الأفعال المستعارة وما توحي من دلالات نفسية ، ولم يناقش الاستعارة من جهة الحواس كالبصريّة والذوقيّة ...
8. والمتقصي في تفسير البقاعي يجد أنه يطلق اسم المجاز من غير أن يحدد العلاقة أو يصرح بها ، فإن همه الأول هو تفسير معاني القرآن .
9. البقاعي لا يذكر نوع الكناية إنما يفسرها ويحللها وربما لا يذكر ما يدل على لفظها وأنه فصلها عن المجاز لأنه لم يذكر في تفسيره للآيات التي احتوت على الكناية على لفظ المجاز وإنما اكتفى بعبارة هي ( كناية عن كذا ) .
10. وفي دراسته للأسلوب الخبري في القرآن اعتمد على السياق العام للآيات من أجل فهم الخبر ومعانيه البلاغية وأحياناً ويتكئ على النحو في توضيح معانيه .
11. وفي دراسته للإنشاء وما يخرج إليه من الأغراض البلاغية يتابع بقية المفسرين في ذلك . وأحيانا يعتمد الترادف بسبب بنائه لتفسيره على أساس الوحدة الموضوعية والمناسبة .
12. استدل على أغراض الأمر وما تخرج إليه هذه الأغراض متابعاً المفسرين السابقين والبلاغين في ذلك .
13. وفي النهي لا يذكر البقاعي الأغراض البلاغية وانّما فسرها مباشرة ضمن معنى الآية .
14. وهناك طائفة من الآيات تحمل غرضين معاً قد ذكرهما في تفسيره فالإهانة ترافق التيئيس عنده .
15. وتعد ظاهرة التقديم والتأخير من الظواهر التي استطاع أن ينص عليها وعلى أغراضها ونراه يقتصر أحيانا على الدراسة النحوية من دون البلاغية . ودراسته تعود للتركيب النحوي وفهم المعنى الدلالي للآيات .
16. وقد ذكر مبحث الفصل والوصل وما يخرج إليه من أغراض بلاغية . وقد تابع أكثر المفسرين والبلاغيين في ذلك وكان تابعاً لأبي حيان في القسم الأكبر من هذا المبحث .
17. وكان حديثه عن القصر بـ ( إنّما ) من أوسع ما تحدث به ؛ إذ خالف الزمخشري في قسم من مواضع القصر وكانت أدلته أكثر توفيقاً .
18. البقاعي يذكر القصر مرة ويذكر الحصر مرة أخرى فالمصطلح عنده واحدٌ في دلالته وهو لا يفرق بينهما .
19. توسع البقاعي في أسلوب الحذف وقد تناوله بالشمولية وتناول أغراضه ودلالاته البلاغية وهو يتابع الزمخشري فيه .
20. توسع البقاعي في توجيهاته للقراءات القرآنية وذكرها وكان لها ابلغ الأثر في بيان رسوخه في هذا العلم .
21. تحدث البقاعي عن حذف الحروف وكان له رأيه الخاص وشخصيته المستقلة وخالف قسماً من المفسرين وعلى رأسهم الزمخشري والبيضاوي وابن جزي وإنّ دلالات حذف الحروف تركزت في فهمه للسياق القرآني وكانت شخصيته الواضحة في مخالفته لرسم المصحف عندما تحدث عن حذف الواو من الفعل خطأ ولا موجب لحذفه من العربية لفظاً وعلل رأيه فيما أخذه عن شيخه ابن الجزري صاحب النشر في القراءات العشر في مسألة الأخذ بالرواية وموافقة الرسم ، إن ما كانت فيه رواية اتبعت وإن خالفت الرسم أو الأصل ، وما لم يرد فيه عن أحدٍ منهم رواية اتبع فيه الرسم وان خولف الأصل .
22. انفرد البقاعي برأيه الخاص في إنكاره للفاصلة القرآنية والسجع إذ علل ذلك بأن ترتيب القرآن الكريم لأجل الفواصل والسجع مذموم لأنّه يأتي تكلفاً ، واللفظ فيه أصل ، والمعنى تابع له ، والأصل في ذلك كله كمال الانتظام ويرد على من قال بتقديم هارون على موسى في سورة طه . ويرى أنّ هذه العبارة ويقصد الباحث أن الفاصلة تسللت من كتب التفاسير ، عن طريق المفسرين الذين تأثروا بقواعد البلاغة ومصطلحاتها المقننة . ولأن القول برعاية الفاصلة إثبات للضرورة . والقرآن الكريم منزه عن ذلك لأّنه ليس بشعر ، ولا التزام فيه للسجع ، وهو من الله  .
23. لقد أوسع من ذكر الأساليب البديعية التي كانت سائدة في عصره وهو عصر الزخرف اللفظي والمعنوي مع إنه أحسن استعماله في تفسيره وقد ذكر اشهر الأساليب البديعية وفاق الزمخشري والبيضاوي في استعماله لهذه الأساليب ومسمياتها .
24. كان للالتفات أثر بارز في تفسيره إذ وقف على القسم الأكبر منه وما يخرج إليه من أغراض بلاغية في علوم البلاغة الثلاثة وهو يستعمل لفظ العدول والالتفات والانتقال فالمصطلحات واحدة لا تختلف في مدلولاتها .
25. وفي أسلوب تأكيد المدح بما يشبه الذم يذكر بيت النابغة الذبياني ( ولا عيب فيهم ) للدلالة على هذا المصطلح مستشهداً بالشعر العربي .
26. وقد تناول البقاعي المبالغة وصيغها وما تخرج إليه من أغراض بلاغية في علوم البلاغة الثلاث وتوسع في ذكرها وتقسيماتها وجاء تفسيره حاشداً بالأمثلة
27. وخاتمة المسك كان لمصطلح الاحتباك ، ودلالاته البلاغية من ابتكار البقاعي . وهذا الفن يؤدي أغراضاً بلاغية نص عليها مفسرنا ، وأنّه فن نفيس عزيز ، ويأتي الاحتباك في علوم البلاغة الثلاث وأكثر من ذكِر أمثلته ، وله كتاب في هذا الأسلوب ذكره في مقدمة تفسيره لم يحصل الباحث عليه .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى