عقيل هاشم - "د. خالد عبد الغني" كنز ثقافي كتاب للأديب والباحث د. صباح محسن كاظم .. قراءة وعرض

يعتبر علم النفس من أهم العلوم المرتبطة بالإنسان و حياته اليومية و سلوكياته و تأثره بالمتغيرات ، والتي غيرت في الطباع البشرية و أصبحت جزءً منها ، لذلك فهو علم من علوم أساسية مستمرة و قائمة، و الدراسات المتعلقة بهذه العلوم و بالأخص علوم النفس و الإنسان كثيرة و متنوعة ، ترتبط بالمتغيرات من الفطرة لدى الجنس البشري و حتى التصرفات و الطباع المكتسبة و المرتبطة بالواقع و الثقافات ، فكانت الحاجة لوجود كتب معتمدة في علم النفس لتحقيق غاية الباحث و تأمين ملاذ آمن للمحتوى الذي يقدمه ومنها مجموعة من مؤلفات د.خالد الغنية بالمعرفة .
في كتابه الذي أمامنا يسلط الأديب والباحث د.صباح محسن كشافه المعرفي على أبرز معالم د.خالد الانسانية الشخصية والفكرية والبحثية وفي مجالات متعددة .
وقد تمكن الاستاذ المؤلف من كشف حجم الدور الذي لعبه الدكتور خالد في مجال المصطلح وتقعيده وعلاقة الأدب والثقافة والفن التشكيلي وعلوم النفس والتربية وتجلت هذه الكشوفات في سرديات تطبيقية للروائي نجيب محفوظ في شخصيات رواياته بكل مقوماتها النفسية .
وقد أشار المؤلف في التقدمه ان د.خالد عبد الغني ناقدًا حصيفًا، وقد تميزت معالجاته النقدية بحس راق إلى أبعد الحدود، وبتواضع في معاملة النصوص وباحترام للإبداع، وبقدرة فائقة على الكشف عن مواطن الجمال والتميز، كان نقده هادئًا. وقد عبر نقده عن شخصيته ، وقد بقيت أستاذيته مع طلابه ومن خلال رسائلهم البحثية التي أشرف عليها بصمته معرفية واضحة في آلاثار العلمية التي تم مناقشتها ، وهي أستاذية مرموقة دالة على عقل كبير وعلم غزير.
فيشير المؤلف الى مكانته الشخصية فقد كان أستاذا كبير النفس عزيزًا، مهذبًا، راقيًا، هادئًا، منجزًا. كان علمه بالتربية وعلم النفس. استوعب العصر وحاجات الانسان اليوم الذي حقق التألق في مؤلفاته إلى الدرجة التي تبرز معها عقليته التي القت بضلالها على مستوى التطبيق والدرس الاكاديمي.
في تاريخ الدراسات الأدبية فقد كان د.خالد صاحب الفضل الأوفى في توثيق الصلة بين علم النفس (كعلم وليس كثقافة فحسب) ودراسات الأدب، وقد صادف توجهه هذا النجاح المأمول بفضل ما كانت البيئة الثقافية قد عرفته من جهود في هذا الميدان.
يتكون الكتاب من فهرست متنوع فكريا ويحتوي على أكثر المواضيع نقاشًا في العصر الحالي؛ حيث يبيِّن عبر فصوله كثير من التنوع ، وبإسلوب استنباطي ولغة تعتمد على الكثير من المعلومات في حقل نظرية علم النفس،
هذا ما وضَّحته مقدمة الدكتورة دينا السيد الجميلي لهذا الكتاب، ان د.خالد فائق الالتزام بكل شيء، بالموعد وبالمبادئ وبالخلق الكريم وبالأداء السامي المترفع، وكان يحظى باحترام أقرانه وطلابه وتواضعه.
كما وإنها فعلًا تكون أزالت الغموض عن شخصيته ومجموعة الآثار التي يتجلَّى فيها العقل الإنساني - الفن الكتابي، الذي يُحسن فيه الإنسان التعبيرَ عن حسن التفكير، والأدبُ الخالص. ويكشف عن صور الحياة، ويعبر عن الخواطر والمشاعر النفسية، نسَّقها كاتب الكتاب برؤية وذوق، وقد بعث فيها منهجية المعرفة والدهشة.
الفهرست:
قبل التقديم- ملامح من سيرته-خالد عبد الغني في افق ضيق –سيكولوجية رسوم الاطفال-الشخصية المحورية في الرواية العربية-اضواء على قضايا علم النفس الايجابي-الحج وكونية الاسلام-الضغوط النفسية واسر ذوي الهمم-سيكولوجية العنف والارهاب-قضايا الاسرة والتربية الخاصة لذوي الهمم-تشخيص وعلاج امراض النوم-سرديات نجيب محفوظ- اضطرابات التواصل –كتب خالد عبد النبي عما يعرفه-اضطرابات الهوية الجنسية والقلق والضغوط-جدحات بكتاب مسيرة النقد النفسي للأدب-علم النفس الثقافي محاولة اجتهادية لفرع جديد-ملحق خاص لبعض الصور..
السيرة الذاتية ..خالد محمد عبد الغني: دكتور في علم النفس وكاتب مِصري، وُلد بمحافظة «القليوبية» عام ١٩٧٠م. تخرَّج في كلية الآداب بجامعة بنها عام ١٩٩٢م؛ حيث نال درجة الليسانس من قسم علم النفس. وفي عام ١٩٩٦م نال درجةَ دبلوم الخدمة النفسية من شعبة علم النفس الإكلينيكي من قسم علم النفس بكلية الآداب، جامعة عين شمس. وفي عام ١٩٩٨م نال درجةَ الماجستير بتقدير ممتاز من قسم علم النفس بكلية الآداب، جامعة عين شمس، عن موضوع: «أنماط اضطرابات النوم لدى الراشدين والمُسِنين وعلاقتها ببعض المتغيرات النفسية، دراسة مقارنة بين الذكور والإناث». وفي عام ٢٠٠٣م، حصل على درجة الدكتوراه في الآداب بمرتبة الشرف الأولى من قسم علم النفس بجامعة بنها، وذلك عن موضوع: «دراسة تطوُّر رسوم الأطفال والمراهقين العاديين في اختبارِ رسم المنزل والشجرة والشخص، ومقارنتها برسوم المرضى النفسيين والفئات الخاصة.
د.خالد .. له الكثيرُ من المُؤلَّفات، نذكر منها: «التحليل النفسي والأدب»، و«الذكاء والشخصية»، و«الدلالات النفسية لتطوُّر رسوم الأطفال»، و«نجيب محفوظ وسردياته العجائبية»، هذا فضلًا عن العديد من المقالات والبحوث العلمية المنشورة.
يسعى الكاتب المصري والمختص في علم النفس الإكلينيكي والتحليل النفسي الدكتور خالد عبد الغني في كتابه الثالث الذي حمل عنوان (الدلالات النفسية لتطور رسوم الأطفال والمراهقين) ان تدريب ومعرفة تأثير الرسوم على الاطفال دون السن الخامسة عشرة وتحديدا أطفال أكبر من ست سنوات كون أكثر الكتب المتوفرة تناقش الرسم لدى الاطفال فوق عمر 15 سنة.
يعتبر الكتاب من فبل المؤلف قراءةٌ وتعاليق مسترسلة، ﺁخذٌ بعضُها بأيدي بعض؛ ربطًا للمعاني، وتأويلًا للمقاصد؛ بهدف تتبُّع منطق التأليف والتنسيق، اعتمادًا على مفاهيم مستخلَصة من النظريات المعرفية في ميدان علم النفس؛ لحضور الطابع التعليمي، بمنهجٍ علمي ضمنه كاتبه المختارات بأسلوب شائق، وعرض مُعلَّل، نقتفي أثره لنتعرَّف كيف يمكن أن نجعل القارئ لا يكتفي بالمعرفة حاضرة مباشرة كما عهِد، بل يُفتِّش بين السطور عن ضالَّته معتمدًا الاستنباط والاستخراج ليكوِّن فسَيْفِسَاءه الخاصة, الكتاب بمثابة أبحاث ذات جرأة عالية تكشف عن علم النفس بالدراسات الثقافية .
ولهذا فإن ما قدمه الدكتور في كتبه الخاصة برسوم الاطفال هي لسبر أغوار الطفل النفسية من خلال التطبيق العملي وليس النظري فحسب من خلال اختيار واختبار عينة ميدانية من الاطفال والمراهقين (عن طريق معرفة عناصر الرسم التي تميز الأطفال والمراهقين العاديين، ومؤشرات تطورها، ومقارنتها برسوم الفئات الخاصة) من أجل التوصل الى الدلالات النفسية التي تعبر عن النمو العقلاني والسمو النفسي والقدرات العقلية، والبيئة، والجنس، ونوع الإعاقة في عناصر الرسم،
ولم يقف الدكتور عبد الغني عند حدود التأثير بما جاء به علم النفس بل ذهب الى التراق ليستفيد منه والتي تطرقت الى سيكولوجية الشخصيات في سرديات الروائي نجيب محفوظ, والروائي العراقي علي لفتة سعيد. ودراسات ثقاقية متنوعة ..
من هنا تنطلق فصول الكتاب رحلة بعد رحلة تحمل مَسْحَةَ علمية بثوب جمالٍ لُغَوي، يعزف على أوتار التفاعل النفسي العميق، تجذب القارئَ ليدخل دائرة الترغيب والتحفيز، ويخوض غمار القراءة بعوالِمها السحرية العجائبية، وآفاقها اللامتناهية،
في مقام سيد المعرفة، وتتحرك في قالب تَوْعوي،
المؤلف اشار بشكل جلي الى ان يُعتبر علم النفس الثقافي علم قائم بذاته يدرس الانساق الثقافية كونه أحد فروع علم النفس العام، حيث يختصّ بدراسة الأثر الذي تُحدثه الثقافة على الإنسان باعتبارها عنصراً أساسياً في عملية بنائه. أي أن هذا العلم يبحث في جدوى قدرة الثقافة على تغيير سلوك الإنسان الاجتماعي والتنموي والمعرفي.
يقف علم النفس الثقافي على أساسين ثابتين هما: الأول أنَّ الثقافة ملازمة للعقل ككل غير قابل للفصل، والثاني أنَّ النظرية المتأصّلة في ثقافة واحدة تكون محدودة القابلية على التطبيق عندما نطبّقها على ثقافة أخرى مختلفة.
يطرح الكتاب سؤالاً: هل يكتسب النمو المعرفي طابعاً ثقافياً؟ ويبدأ بالإجابة عن السؤال بدايةً بضرورة تحليل التحديدات المتعلقة بمفهوم الثقافة على ضوء سياقات التطور البشري والتفاعلات القائمة بين هذه السياقات من جهة والفرد من جهة ثانية.
يقول المؤلف: "ليست الثقافة هي التي تصنع الفرد بل الأفراد هم الذين يصنعون ثقافتهم. فالثقافة ظاهرة رمزية تتيح لأعضاء مجتمع معين إمكانية تحديد هوية ظاهرات وأحداث وأوضاع وموضوعات باستخدام تصنيفات مقسّمة. علماً بأن هذه المقولات تكون غالباً مكتسبة بصورة ضمنية غير واعية، الأمر الذي قد يظهرها وكأنها طبيعية.
فقد تطورت العلاقة بين الأدب والفنون وعلم النفس عبر الزمن حتى تشكل لدينا ما يمكن أن نطلق عليه " علم نفس الأدب والفنون " . وأما "علم نفس الأدب" فهو الذي يختص بدراسة شكل ومضمون العمل الأدبي : التصور الذي يعطي العمل الأدبي شكله ، الفنتازية التي يمثلها ويقدمها العمل الأدبي ، والسلوك الإنساني الذي يصفه أي عمل أدبي . وبعد ذلك دراسة كل هذه المواضيع في ضوء ما نعرف من اللاوعي ووظائف الشخصية .
من الطبيعي أن تقوم علاقة بين الأدب وعلم النفس. ومع أهمية دراسة النفس البشرية ، رغم ما نعرف من دوافع وغرائز وسلوكيات ،
اقول سعىى الكتاب الى الاحاطة بحالات متعددة من علم النفس لتحقيق غايات الكتاب و الباحثين في نشر كل ماله علاقة بالمجال النفسي ليضيفوا كل جديد من اكتشافات و أبحاث بهدف تحقيق مستقبل أفضل للمجتمع عن طريق طرح موضوع أو مشكلة ما منتشرة في المجتمع و اقتراح الحلول الممكنة لها و تحقيق الوعي و التثقيف لأفراد المجتمع .
يُفسر السلوك الإنساني من خلال دراسة الدوافع الداخلية للنفس ومُحركات الفعل الإنساني — التي تعكس السلوك — من غرائز وعواطف ومشاعر تنبع من خبراتنا وأفكارنا عن ذواتنا وعن العالم؛ فيكون الفعل الإنساني مختلفًا عن الحيواني، فيتميز الفعل الإنساني بأنه محكوم بالإرادة الأدبية النابعة من الضمير والعقل، وما غُرس فينا من تقاليد وتعلمناه من أخلاق تقود سلوكنا ناحية المُثل العليا، بالإضافة إلى ما فُطر عليه الإنسان من مشاعر كالرحمة والإيثار والحب بأنواعه. ويبين المُؤلف في هذا الكتابِ السلوكَ الحسن، وتعريفه، وتحديد ماهية الفضائل والرذائل، ، والأسس التي توضع على ضوئها التشريعات؛ حيث نُحسِّن سلوكياتنا باستمرار للوصول للكمال المُطلق، كما يعتقد المُؤلِّف.
وختاما اقول إن الكتاب هو منهج متكامل ومتدرج يمكن أن تخرج بعده بكم مهول من المعرفة يشبه أن تقرأ مرجعا في علم النفس، مما يجهزك لقراءات أشمل، وأستطيع أن أؤكد أن الكتاب يشرح علم النفس بشكل رائع، والميزة الأكبر هي أنه يعرض المادة العلمية بأسلوب مدرسي ممنهج، من الجانب التجريبي لعلم النفس، وهو موضوع مهم للغاية إن كنت تود أن تتعرف إلى علم النفس عن قرب ويعطي مقدمة غاية في الروعة للسلوك البشري لكن عبر وجهة نظر نفسية..





1.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى