د. بومدين جلالي - نجيب محفوظ بين المحاكاة والإبداع

ما قبل البدء:

من الثابت تاريخيا أن الثقافة العربية عرفت في مسارها القادم من جذور التاريخ(1) مسألتين مهمتين، أولاهما أنها لم تكن منعزلة منغلقة على ذاتها وإنما كانت متفتحة، تتبادل مع غيرها من الثقافات الكثير من العناصر التي وقف الباحثون على جزئيات منها، ولم يقفوا بعد على أكثرها إلى يوم الناس هذا. والثانية أنها لم تكتف بالتبادل الذي حدث بسبب الجوار والتجارة والحرب والرحلات والإعلام والترجمة وغير ذلك، بل تفاعلت معه تفاعلا منمازا بما وفرته ظروف الخصوصيات الزمانية المكانية، وما اقتضته الحاجات الروحية الاجتماعية للإنسان الناطق باللسان العربي في مستوى من مستوياته المتعددة(2) في ما يعرف -اصطلاحا- بالثقافة العالمة والثقافة الشعبية.

وضمن إطار “التبادل المتفاعل”* توجد مجموعة من المعطيات الثابتة تاريخيا بدورها، منها مسألتان أخريان تهمان هذا البحث. تكمن المسألة الأولى في أن الثقافة العربية أنتجت لنفسها سرديتها الخاصة التي يمكن تقسيمها إلى سرديات متنوعة، من أهمها سردية الشعر(3) وسردية الفابيولا(4) وسردية النثر الفني(5) وسردية الحكي ذي الأصول الشعبية(6)، هذا إضافة إلى السرديات الدينية(7). وتكمن المسألة الثانية في أن الثقافة العربية اكتشفت بدء من عصر نهضتها الحديثة في القرن 19م مدارس السرد الأوروبي وتقنيات السرد فيها، وذلك عن طريقة القراءة باللغات الأوروبية مباشرة، والاقتباس من بعض نصوصها، وترجمة العديد من أعمالها ذات المستوى الفني الراقي(8). وبالتوازي مع هذا الاكتشاف، وبعده خاصة، وقف المثقفون الوسطاء* على ما بين الثقافتين العربية والغربية – بما فيها من خصوصيات فنية كالسرد وغيره- من ائتلاف واختلاف، كما وقفوا على أن التاريخ الأدبي والتنظير النقدي فصلا القول نهائيا في أن الرواية جنس أدبي غربي(9)، وبالتالي ليس له ما يضاهيه في الثقافة العربية قبل استقبالها للثقافة الأوروبية في العصر الحديث. وبما أن الرواية جنس أدبي غربي النشأة، والاكتمال الفني، والاتجاهات التطورية؛ فإن هذا يدعو إلى تناول الموضوع المنصوص عليه في العنوان المذكور أعلاه وفق الأسئلة التالية:

– ما هي ميزات نجيب محفوظ التي أهلته إلى البروز الكبير في هذا الجنس الأدبي الوافد؟

– ما هي أهم اتجاهات مدونته الروائية وما خلفية اختياره لها؟

– ما دلائل المحاكاة في مدونته؟

– ما دلائل الإبداع في هذه المدونة ذاتها؟

– كيف نظر خصومه وأنصاره إلى حصوله على نوبل؟

– ما هي العوامل التي يمكن إضافتها إلى منظور الخصوم والأنصار للجائزة؟

أولا: نجيب محفوظ روائيا بارزا.

من خلال ما عرضته مختلف المصادر، تظهر حياة نجيب محفوظ (1911- 2006) عادية جدا، فقد ولد في أسرة متوسطة متماسكة، ثم درس دونما اضطراب يذكر من الابتدائي إلى التدرج الجامعي في اختصاص الفلسفة التي تخلى عنها بعد أن سجل فيها موضوعا لنيل الماجستير، ثم توظف حكوميا في وزارتي الأوقاف فالثقافة، وبالتوازي مع الوظيفة تزوج وأنجب، وحين تقاعد أصبح من كتاب مؤسسة الأهرام(10)، غير أنه داخل هذه الحياة العادية التي تتقاطع مع حياة معظم الناس تتجلى ومضات غير عادية، هي التي أهلته وجعلته يتميز في الجنس الأدبي الذي اختاره. وهذه الومضات الملفتة للنظر تتمثل فيما يلي:

‌أ- الذكاء العجيب:

عند قراءة أعماله الكبيرة التي أهلته للعالمية وكانت وراء العديد من الجوائز التي تم تكريمه بها؛ يلاحظ القارئ أن هذا الروائي المنماز كان يحصر نفسه غالبا في مدينة واحدة هي “القاهرة”، وفي حيز واحد منها هو “الحارة”، وفي طبقة اجتماعية واحدة هي “الطبقة الوسطى”، وفي نموذج بشري واحد هو “الفتوات والحرافيش”، وبرغم هذه الأحادية الدقيقة في زوايا متعددة من أعماله الروائية المركزية إلا أنه لم يكرر نفسه ولم يتورط في إعادة إنتاج ذاته بصورة من الصور، وإنما كان ذلك الإنتاج السردي يكمل بعضه بعضا ليعطي في نهاية المطاف رؤيا وجودية شاملة من خلال مشروع متماسك، له ما له وعليه ما عليه في نظر النقد، لكنه يدل على ذكاء عجيب أدى إلى بصيرة تنظيمية عجيبة.

‌ب- الوعي بالملكة الإبداعية:

لم يكتشف أحد ملكة الإبداع عند نجيب محفوظ، ولم يوجهه أحد إلى هذا الجنس الأدبي أو ذاك، وإنما فعل ذلك بنفسه مخيرا لا مجبرا، إذ – بعد دراسته للفلسفة- اكتشف وهو ناجح فيها أنه خلق من أجل الإبداع الأدبي فتخلى عن الفلسفة بصورتها الرسمية الأكاديمية نهائيا، وخاض تجربة الكتابة الإبداعية التي قادته إلى الرواية.

‌ج- عدم الاحتفال بالنقد:

يبدو أن نجيب محفوظ كانت له ثقة مطلقة في ملكته الفنية وقناعة تامة بمشروعه الإبداعي، لذا لم يحفل كثيرا بالكلام على الكلام طوال مساره الأدبي. تجاهل النقاد إنتاجه القصصي والروائي الأول فلم يثنه هذا عن مواصلة المسيرة، وبعد أن سطع نجمه انقسم النقاد إزاء ما كتب ما بين مادح وقادح كما انقسم المجتمع الانقسام نفسه فلم يحرك كل ذلك منه ساكنا ولم يغير في مسيرته شيئا(11). من هذا يظهر أنه كان يكتب دون أن يضع رغبات المتلقي في اعتباراته، كيفما كان هذا المتلقي.

‌د- الهدوء المتأمل:

لم يكن نجيب محفوظ منفعلا ولا من أصحاب ردود الأفعال حين الأزمات، بل كان هادئا هدوء متأملا فيه شيء من التصوف الانغلاقي على الذات(12). إذ بحثت له عن موقف واضح وصريح بالمساندة أو التنديد في كبريات الأحداث التي هزت زمانه كالحرب العالمية الثانية وحرب الفيتنام والتفجيرات النووية وأزمة خليج الخنازير والحرب العراقية الإيرانية وما يجري هذا المجرى، فلم أجد ما يشفي الغليل، كما بحثت أيضا عن موقف متميز له في أكبر القضايا العربية كالمقاومة الفلسطينية وثورة الجزائر ونكسة 1967م وما شابه هذا، فلم أجد أيضا تصريحات صارخة تقطع قول كل خطيب، كما بحثت كذلك عن موقف له في القضايا المصرية المصرية كسقوط الملكية وقيام ثورة 1952م وما إلى ذلك، فلم أجد كذلك شيئا كثيرا. والاستثناء الوحيد الذي يلفت النظر هو موقف التأييد الذي وقفه لمعاهدة كامب ديفيد التي قسمت العالم العربي وزعزعت الدور الريادي المصري فيه، ولعل ذلك جاء من علاقته المسالمة بنظام بلاده ومن ميله للتطبيع مع إسرائيل بوصفها نموذجا أعلى للحياة التي يراها على الأقل بعض أبطال رواياته حياة، إذ يقول في روايته “زقاق المدق” على لسان بطلته حميدة “حياة اليهوديات هي الحياة حقا”(13)، ويقول في روايته “المرايا” على لسان بطله صادق عبد الحميد “إننا مطاردون، يطاردنا التخلف وهو عدونا الحقيقي لا إسرائيل، وليست إسرائيل عدونا إلا لأنها تهددنا بتجميد التخلف”(14). وهذا الهدوء المتأمل المرافق لحياة روتينية بعيدة عن كل اصطخاب خارجي هو الذي كان وراء تركيزه على فنه دون سواه.

‌ه- التلذذ بالكتابة:

يبدو لي أن الكتابة الإبداعية الخالدة تواطؤ تام بين المبدع وأدواته الفنية وتيمته التي اختارها موضوعا لإبداعه. من هذا يظهر أن “فعل الكتابة عند نجيب محفوظ يرصد العجائبي والمدهش، يرصد حياة تعاش في الواقع وأخرى في السرد والحوار”(15)، وفي رصده هذا فهو يتلذذ مرتين، مرة بتيمته في واقعها ومرة بتحويلها من عالم الواقع إلى عالم الفن. ففيما يخص التلذذ الأول -الذي يمكن اعتباره تأسيسا للثاني- يظهر في ارتباط الروائي بمجتمعه القاهري، لاسيما مجتمع طبقته الوسطى في الأحياء الشعبية العتيقة، ارتباطا ظاهره سجن روتيني وباطنه عشق مقدس. فالروائي قضى معظم حياته في حيز مغلق ينطلق من البيت الأسري ليمر بالوظيفة الحكومية وينتهي في المقاهي الشعبية وفق نظام دقيق، لا صدفة فيه ولا احتمال. وداخل هذه الحياة الميكانيكية كان يرصد ويتلذذ بما يرصد. فهو يرصد بأدق التفاصيل الواقع المعيش والواقع المحكي، ويتلذذ بحركة الإنسان داخل هذين الواقعين. يتلذذ بجماله وقبحه، بقوته وضعفه، بحركته وسكونه، بفقره وغناه، بعلمه وجهله، بصدقه وكذبه، بصحته ومرضه، بحبه وكرهه، بانتصاراته وانهزاماته، بلغيه في كل مستوياته العليا والدنيا، بمختلف سلوكاته اليومية بغض النظر عن كونها مقبولة أو مرفوضة. وفيما يخص التلذذ الثاني – الذي يمثل أقصى ما يحب نجيب محفوظ- فهو يظهر في انبعاث الواقعين المعيش والمحكي انبعاثا جماليا سرديا، ينقل حياة الحارة بأهلها من حيز الحي الشعبي إلى حيز أوراق الكتابة، بالتركيز على المدهش العجائبي حتى تستمر اللذة ما دامت أعمال نجيب تُقرأ بلغتها أو بغيرها…

‌و- الحرية ذات الأبعاد العلمانية.

على خلاف ما تنماز به شخصية نجيب محفوظ في حياته الواقعية العادية من هدوء ومسالمة ومحافظة على النظام بانضباط دقيق، مما يوحي بأنه إنسان محافظ لا ينشد أي تغيير، فإن فلسفته المطلة من خفايا كتاباته هي عكس ذلك تماما، إذ مارس – من خلال شخصياته- مبدأ الدوس المقصود على القيم الدينية والأخلاقية والوجدانية والسياسية. وهذه الممارسة لا معنى عندها للمحرم والمحلل دينيا، والممنوع والمباح أخلاقيا، والذي يغضب والذي يرضى وجدانيا، والمرغوب والمرفوض سياسيا. وقد وصل الروائي إلى التوظيف الفني لهذه الحرية العلمانية في سردياته بعد أن مارسها واقعيا في مستويين آخرين على الأقل. مارسها -أولا- في مستوى رصده للحياة في الأحياء الشعبية لمدينة القاهرة، إذ رصد بعين الفنان الحر ما يُشاهد وما لا يُشاهد، ومارسها -أيضا- بالتوازي في مستوى سماعه لحكي المقاهي التي كانت حيزا لاسترجاع ما فات بحبكة حكواتية تشد إليها زبائنها الذين لا يمكن أن تكون بدونهم. وما أراه – من خلال واقعية نجيب محفوظ التي لا تخلو من تسجيلية- أن هذا الروائي الكبير كان لا يجد أدنى حرج في مشاهدة أي منظر أو سماع أي حكي، بل بالإضافة إلى اللاحرجية كان يتلذذ بكل مدهش متجاوز للقيم، ويسجله إما شعوريا وإما لاشعوريا ليعيد صياغته الفنية لاحقا انطلاقا من رؤيته الذاتية للحرية الحقة.

‌ز- جودة التفاعل مع الثقافة الغربية الوافدة:

عصر نجيب محفوظ كان عصر استقبال ثقافة الغرب والتفاعل معها بصورة من الصور من لدن نخب العرب. وضمن ذلك التفاعل، لقد رفض الثقافة الوافدة فريق فنتجت عن ذلك الرؤية المنغلقة، وذاب فيها فريق فنتج عن ذوبانه ضياع الهوية، وتعامل معها تعاملا انتهازيا فريق فكان ظهور ازدواجية الخطاب الذي لا هو في حقيقته إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، واستثمره استثمارا فلكلوريا فريق فنتجت عن ذلك النزعات الأزيائية العابرة(14). وفي منظوري الخاص، مع أني أختلف اختلافا يتسع ويضيق مع ما ورد في مدونة نجيب محفوظ، أرى أن هذا الروائي الكبير كان بعيدا عن كل التقسيمات الواردة أعلاه. فهو لم يستقبل الثقافة الغربية استقبالا فضفاضا تسطيحيا ضجيجيا، لا بالموالاة ولا بالمعاداة، وإنما تفاعل معها تفاعلا فلسفيا عميقا في تشكيله لفنه بحيث لا تظهر رؤاه إلا من خلال شخصياته وهي تحيى وفق ما اختاره لها من فنيات سردية تتنقل بمتعة بين الموروثين الشرقي والغربي، وتزاوج بينهما بتحكم فني يجعل تأويلية الموقف والموقف المختلف ممكنة ومتعددة. ولم يكتف بهذا، بل اكتشف بذكائه العجيب الذي قاده إلى عمق التفاعل أن النقد الغربي برغم تطوره الكبير لم يصنع كاتبا عظيما وإنما الكاتب العظيم هو الذي انطلق من إبداعه هذا النقد المهيمن على العالم. لذا، لم يلتفت إلى ما دار حوله من مدح وقدح. كما اكتشف أيضا أهمية الصورة التي أصبحت لها قوة تتجاوز غالبا قوة الكلمة بدرجات متباعدة، فصنع لنفسه طريقا إلى مصادر القرار في صناعة السينما المصرية التي كانت بداية من أربعينيات القرن العشرين السينما الأولى عربيا، فشاهد عموم الناس إنتاجه قبل قراءته. وهكذا كانت بداية خروج نجيب محفوظ من حارته القاهرية، إلى مصر، ثم إلى العرب، ثم إلى العالمية.

· ثانيا: اتجاهاته الروائية ومعالم المحاكاة فيها.

تناول النقد الأدبي بإسهاب كبير اتجاهات الرواية عند نجيب محفوظ وكانت فيه من الاستنتاجات ما يتلاقى حينا ويختلف حينا، وقد ركز في جملته على واقعية التوجه في المنجز الروائي المحفوظي ضمن تجريب موزع ما بين التاريخية والاجتماعية والنفسية والرمزية وغيره من أنواع التجريب الذي لا يخرج في معظمه عن المدرسة الواقعية(17). وهذا التجريب يدعو إلى التساؤل التالي: هل كان تجريبا جديدا أم كان مسبوقا عالميا وعربيا؟

‌أ- التجريب التاريخي:

يتمثل هذا التجريب في الروايات ذات التيمات الفرعونية (“عبث الأقدار” و”رادوبيس” و”كفاح طيبة”) وهو تجريب مسبوق عالميا وعربيا، إذ نجد – من باب التمثيل لا غير- والترسكوت الإنجليزي (1771- 1822) كتب “وايفرلي”، وألكسندر دوما الفرنسي (1802- 1870) كتب “الكونت دي مونتي كريستو”، وليو تولستوي الروسي (1828- 1910) كتب “الحرب والسلم”، كما نجد على المستوى العربي جرجي زيدان (1861- 1914) كتب “عذراء قريش”، ومحمد فريد أبو حديد كتب “ابنة المملوك”، وغير ذلك من الأعمال التاريخية لهؤلاء الكتاب وغيرهم…

‌ب- التجريب الاجتماعي:

يتمثل التجريب الاجتماعي في الروايات المبنية على أسس الفلسفة الاجتماعية التي اتخذت من “الحارة” بحياة الطبقة الوسطى فيها تيمة رئيسة، مثل (“خان الخليلي”، زقاق المدق”، “بين القصرين”، “قصر الشوق”، “السكرية”، “أولاد حارتنا”، وغيرها…) وهو تجريب بدوره مسبوق عالميا وعربيا، إذ نجد – مثلا- أونوريه دي بلزاك الفرنسي (1799- 1850) كتب مجموعة أعمال روائية تحت عنوان “الكوميديا الإنسانية”، وغوستاف فلوير الفرنسي أيضا (1821- 1880) كتب “مادام بوفاري”، ومن العرب، وبتيمة “الحارة” نفسها، نجد يحيى حقي (1905- 1992) كتب “قنديل أم هاشم”، وغير ذلك من الأعمال الروائية الواقعية.

‌ج- التجريب النفسي والرمزي:

يتمثل التجريب النفسي عند نجيب محفوظ في رواية وحيدة (السراب) التي كان بطلها فتى معقدا مرتبطا بأمه ارتباطا مرضيا منذ طفولته الأولى وطوال أحداث الرواية. وهو تجريب بدوره مسبوق عالميا في الآداب القديمة والحديثة، ومنطلق انطلاقا مقصودا من علم النفس كما نظّر له سيغموند فرويد النمساوي (1856- 1939) تأسيسا على عقدة أوديب. ومن أكبر الأعمال التي سبقته نجد – مثلا- “الإخوة كرامازوف” للروسي فيدور دوستويفسكي (1821- 1881). ويتمثل التجريب الرمزي عنده في رواية “الشحاذ” المؤسسة على خصوصيات المدرسة الرمزية ذات الانطلاق الأصلي من المدرسة الرومانسية. والاتجاهان معا: الرومانسي الأصل والرمزي الفرع، فيهما من الأعمال الروائية الكبيرة ما كانت متقدمة زمنيا وفنيا على الرواية العربية. ومن أشهر هذه الأعمال نجد – مثلا- الرواية الرومانسية “بدون عائلة” التي كتبها هكتور مالو الفرنسي (1830- 1907) والرواية الرمزية “بحثا عن الزمن الضائع” التي كتبها مارسيل بروست الفرنسي (1871- 1922).

وهكذا فإن نجيب محفوظ يمارس المحاكاة بوضوح تام لا تمويه فيه، فالجنس الأدبي الأول عنده “الرواية” موجودة منذ موت روايات الرومانس وظهور “دون كيشوت دي لامانشا” على يد ميكاييل دي سيرفنتيس الإسباني (1547- 1616)، والاتجاه الاجتماعي الواقعي الذي تبناه في معظم أعماله هو الاتجاه المسيطر على قطاعات واسعة من الثقافة والحياة في القرنين 19 و20 الميلاديين في أوروبا جمعاء، والخلفيات الفكرية التي تتجلى في حياة مجمل أبطاله هي نتاج مذاهب أوروبية وصلت إلى العرب في نهضتهم الحديثة مع البعثات والمؤلفات والترجمات والإعلام وغير ذلك. هذا إضافة إلى أن التأسيس الروائي العربي يعود لأسماء أخرى سبقت هذا الروائي الكبير، منها – مثلا- جبران خليل جبران (1883- 1931) في “الأجنة المتكسرة”، ومحمد حسين هيكل (1888- 1956) في “زينب” وغيرذلك من الروائيين والروايات.

وهذه المحاكاة الثابتة زمنيا وجماليا وفكريا لا تنقص من وزن نجيب محفوظ مثقال ذرة، بل تزيد في ثقله الأدبي والتاريخي لأنها تدل على أنه استطاع بعبقريته الخاصة أن يصنع لنفسه – كسارد- ويصنع للسردية العربية -كخصوصية فنية- مكانة متميزة ضمن التبادل الثقافي العالمي باستثماره للأدوات الفنية والأفكار الفلسفية نفسها التي استثمرها ويمكن أن يستثمرها أي فنان عبقري آخر، في أية نقطة من أصقاع العالم الحديث والمعاصر. وهنا يجابهنا السؤال التالي: فيم يكمن التميز المبدع ضمن هذه الهالة الواضحة من المحاكاة؟

· ثالثا: دلائل الإبداع المتميز في المدونة الروائية المحفوظية.

كان العرب في تاريخهم الثقافي الطويل أمة سماع أكثر منها أمة قراءة، فالشاعر أو الراوي أو المغني ينشد والجمهور يسمع، والخطيب في مختلف المحافل القديمة والحديثة يخطب والجمهور يسمع، والحكيم يتحدث والجمهور يسمع، والحكواتي يقص والجمهور يسمع، والإخباري يروي والجمهور يسمع… والأمر ذاته في الثقافة الدينية، فالمقرئ يتلو والجمهور يسمع، والمحدث يروي والجمهور يسمع. ولما وصلت السردية الحديثة ممثلة بخاصة في الفن الروائي بأصوله الغربية حدث – ولو مؤقتا- تحول من ثقافة السماع الجماعي إلى ثقافة القراءة الفردية، قبل أن تغطي ثقافة الصورة على الاثنين معا. واللافت للنظر أن نجيب محفوظ قام بدور كبير في هذا التحول عند مختلف فئات المتعلمين بالحرف العربي، إذ حصر الشعر “ديوان العرب” في نخبوية ضيقة جدا، وجلب الكثير من الفئات ذات اللسان العربي إلى ديوان جديد هو “الرواية”، بقلمه ثم بأقلام غيره. ولعل ذلك حدث لتميز أعماله بإبداع متعدد، منه ما يلي:

‌أ- تشكيل مشروع روائي متطور متعدد:

برغم ارتكاز نجيب محفوظ على الاتجاه الواقعي في الكثير من سردياته، وبرغم إسقاطه للدين الإسلامي كمكون أساسي للمجتمع في أعماله الكبيرة الأولى، وبرغم اضطرابه الواضح بعد نكسة 1967م إلا أنه استطاع أن يشكل عالما روائيا، متطورا عبر الزمن، متماسكا في رؤيته الفنية العامة، وذلك بدء من رواياته التاريخية، ومرورا بمختلف ما مارسه من تجريب واقعي متنوع، وانتهاء برواياته الفلسفية(18). وهذا العطاء المستمر والمتطور هو الذي جعل القارئ العربي – رافضا لطروحاته كان أو متقبلا لها- في انتظار جديده، ثم انتظار ما يثيره من نقد طيلة ما يقارب ثلثي قرن من الزمان. وبالتالي كان هذا المشروع عاملا رئيسا في انتشار كتاباته بين الناس.

‌ب- اختفاء الأنا وراء أقنعة متعددة متغيرة:

الثقافة العربية في الكثير من تجلياتها الإبداعية قديما وحديثا يسيطر عليها “الأنا” المباشر، في صيغتيه الفردية والجماعية، وذلك في أجود ما جادت به. مثلا، في الشعر ديوان العرب الأول إلى زمن قريب، كل المعاني الرئيسة تتمسرح حول “أنا” المبدع أو معادله الموضوعي “الآخر” الذي يضاهي المبدع واقعا أو تخييلا(19)، وما يُستثنى من هذا إلا الإنتاج ذو الغايات التكسبية، بأي شكل من أشكال التكسب، كالحصول على المال أو الوجاهة أو مرضاة السلطان وما يجري هذا المجرى. غير أن هذا الأنا المباشر لا نجده في إبداع نجيب محفوظ حاضرا حضورا مباشرا بالصورة المعهودة في الثقافة العربية الإبداعية ذات الجودة الفنية، كما لا نجده غائبا غيابا كليا أو جزئيا كما هو في إنتاج الدرجة الثانية وما بعدها، وإنما نجده وراء الأقنعة الفنية الفكرية(20) ذات التعدد المتغير والتطور المستمر. إذ – للوهلة الأولى- لا يظهر شيء من ذات الكاتب ولكن ما إن يلج المتلقي إلى رحم إبداع نجيب محفوظ حتى يجده مرة وراء التيمة التي اختارها موضوعا رئيسا لمعظم أعماله المركزية، ومرة وراء الاتجاه الإبداعي الذي انتخبه ليكون فضاء خاصا لجل كتاباته، ومرة وراء الموضوع الذي اكتسى في رحلته ما بين التسجيل والتخييل بالكثير من إيحاءات قناعة الكاتب الفكرية، ومرة في موقف جزئي أو تصريح إقراري لأحد أبطاله في هذا العمل أو ذاك. وهكذا ظل الأنا حاضرا غائبا خلف أقنعة تمويهية بكثافة وتميز غير مسبوقين في الثقافة العربية.

ويبدو لي أن مرد ذلك يعود إلى عوامل مركبة كثيرة، أولها أن نجيب محفوظ فنان كبير يمتلك ملكة إبداعية متكاملة جعلته يتحكم في فنه الروائي ويوجهه التوجه الذي أراده له دون أدنى معاناة، وثانيها أنه يحمل رؤى وطروحات وافدة هو يعلم جيدا أنها تتناقض وتتعارض مع قيم المجتمع العربي المسلم وطموحاته، وعليه أن يكون لبقا ماهرا ليساهم في انسلاخ هذا المجتمع من ذاته وإدخاله في الذات الأخرى التي يريدها له – ولعل هذا هو الذي جعله يضطرب اضطرابا شديدا بعد النكسة التي كشفت زيف ما قبلها-، وثالثها أنه غير منسجم مع الأنظمة المسيرة للذين يكتب لهم، والأقنعة تدخل في باب الحذر، كل الحذر على إطلاقه بأبعاده السالبة والموجبة، هو سلاح الإنسان الذي لا استعداد له بغية ممارسة التضحية…

‌ج- استثمار المحلي المعلوم:

فيما قدمه نجيب محفوظ للمتلقي العربي من مزيج يتقاطع فيه الإيديولوجي بالسياسي بالتأملي في قالب جمالي منماز، لقد اختار مشهدية محلية لا نشاز فيها. مشهدية تدخل في إطار المعلوم بالمعايشة الواقعية اليومية(21)، بالنسبة للمصريين أولا عن طريق مسرحة الأحداث في حاراتهم الشعبية وبأبطال وبطلات من هذه الحارات نفسها، وبالنسبة لغيرهم من العرب عن طريق استثمار ما أحدثه الإنتاج السمعي البصري المصري -الأول والمسيطر الوحيد عصرئذ في عموم الساحة العربية مشرقا ومغربا- إذ جعل المحلية المصرية بلغتها وخصوصياتها الاجتماعية وتناقضات الحياة فيها محلية وطنية ثانية بجانب كل محلية وطنية حقيقية في معظم المجتمعات العربية التي أقبلت على الطرب المصري والمسرح المصري والسينما المصرية إقبالا منقطع النظير لأسباب ليس هذا مجال عرضها. والملاحظ هو أن هذا الاستثمار المحلي المصري الذي أصبح عربيا بفعل العوامل المذكورة أعلاه لم يكن لا عفويا ولا موضوعيا عند نجيب محفوظ، وذلك لأنه في معظمه استثمار انتخابي بغية تمرير توجيهات محددة سلفا عن طريق مسرحتها شعبيا وإبعاد صورة النخبوية عنها بحكم أن النخبة متهمة غالبا في بلاد العرب بنزعاتها التغريبية، كما أنه ناقص الموضوعية بإسقاطه حينا لعوامل أساسية في بنية الحياة الشعبية كالدين الإسلامي، العامل الأقوى في تلاحم المجتمعات التي تدين به، وتحويله حينا آخر عن كل ما هو مضيء فيه، ديانة وثقافة وحضارة. وبرغم هذين الخللين الكبيرين في العالم الروائي المحفوظي إلا أن استثماره في المحلي المعلوم عند خاصة المتلقين وعامتهم هو أحد العوامل الهامة التي صنعت شعبية هذا العالم الروائي الشاهد على عصره سلبا وإيجابا.

‌د- البساطة الإعجازية في الأداء الفني:

يبدو أن نجيب محفوظ قد أدرك شعوريا أو لاشعوريا من خلال تعامله مع محيطه الخاص والعام أن النهضة العربية الحديثة – التي دخلت في قرنها الثاني حين بدأ يبدع- لم تنتج متلقيا نموذجيا يضاهي المتلقي النموذجي الذي أنتجته قبل ذلك نهضة الغرب المنبهر به. من هذا الإدراك كانت اختياراته المشار إليها سلفا، ومنه أيضا لقد حدد طبيعة الأداء الفني المناسب لهذا المتلقي شبه القاصر. ومن أهم ما حدده وظل يرافقه في كل كتاباته ما يلي:

د- 1- بساطة الأداء اللغوي ومحدودية قاموسه:

ما كان نجيب محفوظ ضعيفا في اللغة العربية ولا في لغتيه الأجنبيتين الإنجليزية والفرنسية، كما يذكر كتاب سيرته(22)، بل كان ممتازا – طالبا وقارئا لعيون الأعمال في هذه اللغات وما ترجم إليها- ومع هذا فلغته الروائية – ذات التأسيس الفصيح- يغلب عليها طابع السيناريو السينمائي أكثر من الطابع الأدبي ذي الدرجة العالية. فقاموسه المستثمر فنيا ليس قاموس المنفلوطي الذي قرأ له في بداية حياته، ولا قاموس البشير الإبراهيمي أو حسن الزيات أو العقاد. ومرد ذلك يعود إلى مستوى الطبقة الوسطى التي مسرحها في أعماله من جهة، ومن جهة ثانية إلى الاتجاه الذي تبناه والداعي إلى الالتزام بتوظيف المعلوم، ومن ثالثة إلى تفكيره في السينما حتى من قبل أن يحول أعماله إليها، ومن رابعة إلى عدم ثقته في ثقافة المتلقي الذي يظهر في الروايات وفي الواقع الذي سجلته أنه – وإن لم يكن جاهلا كل الجهل- شبيه بالجاهل. مع الإشارة إلى أن هذه البساطة لم تؤد إلى زعزعة الأداء بل كانت عنصرا أساسا من عناصر الجمالية الأسلوبية العالية في السرديات المحفوظية، كما كانت عاملا مساعدا على سهولة قراءة هذه السرديات عند المتلقي الخارج عن دائرة النخبة.

د- 2- الدقة التوصيفية في مشهدية حية:

ما كان السرد مجرد حكي جميل في روايات نجيب محفوظ وإنما كان حكيا مؤسسا على حوارية الشخصيات بالتزام حالاتها الاجتماعية والنفسية، ومحاطا بتوصيف دقيق(23) لا يستخدم أدوات الرسام الذي يوقف حركية الزمان، بل استخدم تقنيات الإخراج السينمائي الذي يلتقط المشاهد الحية بحركيتها وانفعالاتها وديكورها، ثم يركبها تركيبا فذا يجعل المتلقي يرى فيلما من الطراز العالي وهو يقرأ رواية من الطراز نفسه. والشاهد على هذا الاستنتاج ليس هو المشهد “س” أو المشهد “ص” في الرواية كذا أو كذا، وإنما هو المشاهد كلها بلقطاتها الجزئية وتركيبها الكلي التي شكلت المدونة الروائية المحفوظية بمختلف عناوينها. وهذه المشهدية التوصيفية الدقيقة مضافة إلى الأدوات الفنية الأخرى هي التي كانت وراء انتشار أدب نجيب محفوظ بين عموم حملة الحرف العربي من ذوي الاهتمامات الفنية برغم انقسامهم إيديولوجيا إلى مناصر ومعــارض لهذا الأدب الذي لا ينكر أدبيته إلا من لا تربطــه -أصلا- أية علاقة بالأدب.

د- 3- امتداد أفق الانتظار وسرابية احتمالاته.

الكثير من الإبداع الأدبي عند الغرب والعرب على حد سواء، وذي الطابع السردي منه خصوصا، مؤسس على مبدإ “التطهير” الذي قال به قدماء الإغريق وفصلت القول فيه نظريات القراءة في الزمن الراهن(24)، إلا أن المتأمل في غالب كتابات نجيب محفوظ لا يجد مقصدية التطهير وإنما يجد عكسها تماما. إذ ما إن يتغلغل المتلقي في رواية من روايات هذا الأديب الكبير حتى ينزاح تدريجيا من وضوح مشهدية الواقع الممكن الذي انطلق منه الكاتب إلى سرابية مشهدية الواقع المتخيل الذي نسجه بجمالية آسرة، وفتح فيه نوافذ متعددة مؤدية إلى آفاق انتظار ذات احتمالات متعددة. وما إن يحتمل شعوريا أو لاشعوريا مخرجا من المخارج حتى يخيب ظنه وتهتز ثقته في احتمالاته. وبعد حركة ذهنية كهربائية – متقاطعة صعودا نزولا- تلغي احتمالاته كلها أو بعضها، يجد ذاته العاجزة في صدمة كبيرة أو صغيرة، بحسب مستواه ودرجة وعيه اللذين يحددان طبيعة الصدمة وما ينجر عنها من استفهامات وتعجبات ومراجعات ومعارضات… ولعل مبدأ “إثارة الصدمة” هو الذي أثار ما دار من حراك نقدي وسياسي وديني وشعبي حول هذا الروائي المتميز بجدارة، توافق معه من توافق وتعارض من تعارض. ومن باب الإسقاط، يظهر لي أن ما قاله ابن رشيق منذ قرون في عمدته عن أبي الطيب “… ثم جاء المتنبي فملأ الدنيا وشغل الناس” تكرر بصورة أوسع وأعمق مع نجيب محفوظ.

· أخيرا: جوائز نجيب محفوظ بين المدح والقدح.

كما هو معلوم، نال هذا الروائي الكبير عدة جوائز أهمها جائزة نوبل التي لم يتفق الناس على مبرراتها إلى يوم الناس هذا. فمن قائل إنها كانت بسبب كثافة الإنتاج واستمراريته، ومن قائل إنها بدعم اللوبي الصهيوني وإسرائيل، ومن قائل إنها بسبب الريادة في تثبيت الرواية عربيا، إلى غير ذلك من الأقاويل التي لست بصدد عرضها ولا مناقشتها. فالأهم في نظري هو أن الأدب العربي نال هذه الجائزة وأن الأسباب التي ذُكرت قابلة جميعها للنقد عرضا وطولا وعمقا، دون إلغائها أو التقليل من أهميتها.

وبناء على ما تم تناوله في هذا المقال – المختصر بالضرورة- يمكن القول إن نجيب محفوظ يستحق التكريمات لعاملين إضافيين لم يذكرهما أحد فيما أعلم. أولهما أنه من أحسن من مارسوا التبادل المتفاعل فنيا مع ثقافات عالمية عديدة، هذا إن لم يكن أحسنهم على الإطلاق في حقل الرواية المتميزة عنده بما سلف ذكره من غير مجاملة ولا مبالغة، وثاني العاملين أنه أفضل من عبر – فنيا دائما- عن فشل النهضة العربية الحديثة في زمنين مختلفين: – ما قبل نكسة 1967م- بتوجهاتها المتنكرة حينا والمعادية حينا لأهم قيم الأمة، و- بعد نكسة 1967م- بالاضطرابات الناتجة عن خيبة الأمل من جهة، ومن جهة ثانية عن فقدان البديل الحقيقي بالبحث عنه دائما في المصدر الذي جاءت منه الخيبة السابقة…



الإحالات:

1) ينظر: “المعلقة العربية عند جذور التاريخ”- نجيب محمد البهبيتي- دار الثقافة- ط1- 1401 هـ / 1981م.

وينظر أيضا “المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام”- جواد علي- دار العلم للملايين/ بيروت، مكتبة النهضة/ بغداد- ط1- 1972م.

وينظر كذلك: “إرهاصات المقارنة في التراث العربي القديم”- مقال: بومدين جلالي- مجلة “متون” الصادرة عن جامعة سعيدة/ الجزائر- ع1- 2008 م.

2) ينظر: “فقه اللغة”- علي عبد الواحد وافي- دار نهضة مصر للطباعة والنشر- ط 8.

وينظر أيضا: “تسامي الأنا في الشعر الجاهلي”- بومدين جلالي- مخطوط ماجستير في جامعة وهران- 1996م.

وينظر كذلك: “الإنسان والحضارة”- يوسف الحواراني- منشور العصرية- بيروت- صيدا- ط2- 1973م.

* التبادل المتفاعل: هو مصطلح اصطنعته للدلالة العامة على التبادلات الحادثة بين كل الثقافات والتفاعلات الحادثة في كل منها نتيجة لاستثمار هذه التبادلات عن قصد أو بدونه.

3) سردية الشعر: مثل ما جاء في “أيام العرب” الذي يقص أخبار الحروب القديمة…

4) سردية الفابيولا: مثل ما دون ابن المقفع في “كليلة ودمنة” على ألسنة الحيوانات…

5) سردية النثر الفني: مثل ما كتب بديع الزمان في مقاماته…

6) سردية الحكي ذي الأصول الشعبية: مثل ما ورد في سيرة عنترة، وسيرة سيف بن ذي يزن، وسيرة بني هلال، وألف ليلة وليلة…

7) السرديات الدينية: مثل السردية القرآنية، وسردية الحديث وقصص الوعاظ…

8) من الذين فصلوا القول في ظاهرة اكتشاف الثقافة الغربية: رفاعة الطهطاوي وعلي مبارك وطه حسين وغيرهم…

* المثقفون الوسطاء: هم من أتقنوا عدة لغات بثقافاتها وأصبح كل واحد منهم وسيطا معرفيا بين هذه وتلك بما أنجزه من إنتاج ثقافي، مثل محمد بن أبي شنب من الجزائر وطه حسين من مصر…

9) ينظر: “الرواية كملحمة برجوازية”- جورج لوكاتش- ترجمة جورج طرابيشي- دار الطليعة- بيروت- ط1- 1979م.

10) ينظر: “نجيب محفوظ/ سيرة ذاتية وأدبية”- حسين عيد- الدار المصرية اللبنانية- ط1- 1997م.

11) ينظر: “النقاد ونجيب محفوظ/ الرواية من نوع السردي القاتل إلى جماليات العالم”- د.علي بن تميم- هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث- 2008م.

12) ينظر: “نجيب محفوظ/ المحطة الأخيرة”- محمد سلماوي- دار الشروق- 2006م.

13) زقاق المدق- نجيب محفوظ- دار مصر للطباعة سعيد جودة وشركاه- د.ط.د.ت- ص 41.

14) المرايا – نجيب محفوظ- دار مصر للطباعة سعيد جودة وشركاه- د.ط.د.ت- ص 152.

15) مجلة فصول- عدد خاص عن نجيب محفوظ- افتتاحية بقلم هدى وصفي- ع 69 صيف خريف 2006م.

16) ينظر: “العولمة وموقفنا منها”- بومدين جلالي- دار الحمراء- ط1- 2013م.

17) ينظر: “الخطاب الروائي والخطاب النقدي في مصر”- إبراهيم فتحي- الهيئة المصرية العامة للكتاب- ط1- 2004م.

18) ينظر: “نجيب محفوظ/ من الرواية التاريخية إلى الرواية الفلسفية”- عبد الله خليفة- الدار العربية للعلوم- ناشرون/ بيروت- منشورات الاختلاف/ الجزائر- ط1- 2007م.

19) ينظر “تسامي الأنا في الشعر الجاهلي”- بومدين جلالي- مرجع سابق.

20) ينظر مجلة “ثقافات” – الصادرة عن كلية الآداب- جامعة البحرين- ع3- صيف 2002م- مقال محمد بدوي/ “أقنعة نجيب محفوظ/ أفكار أولى حول كتابة الذات”.

21) ينظر مجلة “ثقافات”- مرجع سابق- ع10- ربيع 2004م- مقال سعيد محمد مكي “نجيب محفوظ والعلم/ رؤية جديدة”.

22) ينظر: “نجيب محفوظ/ سيرة ذاتية وأدبية”- مرجع سابق.

23) ينظر: “أسلوبية الرواية/ مقارنة أسلوبية لرواية زقاق المدق لنجيب محفوظ- قصوري إدريس- عالم الكتب الحديث- 2008م.

24) ينظر: نظريات القراءة والتأويل الأدبي وقضاياه”- حسين مصطفى سحلول- منشورات اتحاد الكتاب العرب- دمشق- 2001م.





تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى