المهدي ضربان - هؤلاء هم في القلب: الكاتب الروائي جيلالي عمراني : مسارات لرحلة ابداعية ممتعة ..

الكاتب الروائي جيلالي عمراني :
مسارات لرحلة ابداعية ممتعة ..


1.jpg


كانت أياما جميلة بالنسبة لي ..كنت أعيش لغة تناغم مع الذات ومع كتابات كانت تنثرها مواقع هنا وهناك وكان الحرف الإلكتروني يزرع لغة ما بعد الورقي ..يحيلني ويحيلنا على الفرح ..كنا نتخندق في شاعرية الموقف الذي يهندسه لنا القدر وأسماء صنعت لنا احتفالية راقية ..كي نعيش فترات ذهبية بل كان يعيشها كل الكتاب الجزائريين.. في زمن إرتقى وهج الصحافة الورقية تعاصر كتابا وإبداعاتهم في الرقمي.. هندست أسماء ما كان يسمى بالموقع ..فأصبحنا نسمع أسماء مصممي المواقع ..كذلك عشت شخصيا هذا الأمر ونحن نعيش إحتفالية مواقع كتبنا فيها ورسمنا فواصلا من مضامينها الحالمة ..كتبت في موقع " أصوات الشمال " وأسست موقع " سيدي عيسى فضاء روحاني بأسماء من ذهب " ..وعايشت أسماءا كثيرة من الجزائر الفسيحة ..لكن لم أكن أتوقع أن أدخل خانة حالمة من عطاءات يسكبها عطر التلاقي مع أحباب وأسماء.. لم تكن تعرفها ولم تتعود أن تعيش في داخل باتولوجيتها عبر الزمان والمكان ..
الزمكان كان يصنع لي حكاية حالمة أعيش ثورة إسمية هندسها في الورقي الشاعر الدكتور " عمار عاشور" أو " إبن الزيبان" الذي صنع ملحمة من إضافات لونها عبر " أربعاء" كانت تنتج الإبداع والأسماء والجماليات من كل الأجناس الأدبية ..تصنع لك توليفة راقية عبر صفحات أربعة ..كان يشكلها الخط الإفتتاحي الثقافي ليومية " صوت الأحرار"..
و التي أفلحت في جمعنا عبر يافطة " صفحات أدبية".. نقرأ كلام المبدعين وننتظر ما يرصده لنا إبن الزيبان من إضافات يلونها عموده الجميل " فاتحة " ..ينثر عطر الكلام في واقعنا الثقافي الذي لم يكن هاربا أو رديئا أو متحاملا بل كان ينسج المعاني التي إزدهرت عبر بريق أسماء كثيرة ..
في تلك المرحة بداية الألفية شاء القدر أن تأتيني دعوة من مديرية الثقافة والفنون لولاية البويرة وكان يرأس المديرية وقتها شخص عجيب ..كان يحب الحرف وأصحابه كان يجيد لغة التعامل ..لايقصي طرفا ولا معنى ولا مواقفا ولا اقتراحات.. بل كان يسمع لنا وينصت كي نعيش عبره ما يمكن أن يجسده الإداري.. خدمة للمثقف والمولعين بالإبداعات المختلفة ..نعم هو مدير الثقافة السابق السيد " حسين ناشيطو " الذي إضطلع بأمور الثقافية في البويرة لينتقل بعدها لولايات المسيلة وايليزي وكذا وزارة الثقافة ..
في البويرة التي لم أكن أعرف عنها سوى طريقا وطنيا نسلكه برقم 05 يحيلك على الحراك والحركة ..ويفتح لك شهية أن يلتقي الشمال بالشرق ..معلنا عن معنى جميل يلازم واقعا كان فعلا يؤسس للنشاط الثقافي والملتقيات ..في البويرة كنا نلتقي كل يوم خميس وتعودنا أن نحج الى مدينة كانت تحتوينا وتعطينا تلك اللغة التناغمية الحالمة ..وكان هو من بين من كنت تعرفت عليهم ..
جميلا كان ووسيما ويرسم خلاصة بعث داخلي يرسم تراجمه التي استوت لتحيلنا على جمال شخص.. كان يزورنا في محطات المقاهي وكذا أروقة مختلفة.. كانت تصدر الثقافة ومشتقاتها ..جميلا كان وكان بروحه الجمالية يعرف جيدا بدون كليشيهات بروتوكولية أن تغوص روحه في ذواتنا أو قل كوكبتنا الإسمية الجميلة ..نعم عرفته مع مجموعة من ألمع الأسماء في محيط ولاية البويرة ..
نعم هو صديقي وأخي اللامع الروائي الجزائري المعروف جيلالي عمراني ومعه كان اللقاء الأسبوعي يلازمنا كي نتعرف عبره على أسماء حميمية ..الراحل سعيد جمعة ...شدري معمر علي ..عمر دوفي ..رابح بلطرش ..علي دواجي ..همال عبد الباسط ...اعمر بوجردة ..حسان فاضل ..رزق الله حكيمة واسماء أضافها القدر كي تنسج حكاية تناغم إنسانية ..
في مقهى باريس.. كان المعنى جميلا يحاكي " طونطون فيل" بالعاصمة وقبله صالونات " اللوتس " و" البورارا بورا "
و " الديك المقدام " و" نادي طالب عبد الرحمان" ..أن تلتقي الأدباء والكتاب دفعة واحدة.. في مكان يغريك ..كي تتسلح بشخوصه لتعيش إحتراقا ونغمة وإضافات ..نلتقي هناك أو نجد الشلة وقد إجتمعت هناك لتتصالح مع جديدها الإبداعي ..ينثر الراحل سعيد جمعة شعرا ..يؤكده له وزنا عروضيا رابح بلطرش.. ويقرأ جيلالي عمراني قصة ليصادق عليها صديقه المقرب الكاتب شدري معمر علي ..وتستوي الحكاية حينما يخرج عمر دوفي أوراقه معلنا عن خاطرة دسمة تحرك وجدان من كانوا يستمعون إليه أو من كانوا على علم أنه القادر على تفعيل الحروف والجمل والكلمات ..
وفي نسق جميل كنت متابعا ومتواصلا مع جيلالي عمراني الذي تصالحت معه من عهد عمي الطاهر وطار والجاحظية حينما حضرنا جمعية له في دار الإمام بالمحمدية أو حينما التقيته أيضا وسعدت في مكان شهد ميلاد تنظيم لاهو إتحاد كتاب ولا هو جاحظية.. التقينا وقتها بجانب المسرح الوطني الشعراء بن يوسف جديد وقذيفة عبد الكريم وفريدة بوقنة وآخرون.. نعيش حراكا تنظيميا لجمعية لم ترى النور لكنها كانت سببا في أن أعيش حكايتي مع جيلالي عمراني ..حينما رافقته من العاصمة الى البويرة عبر سيارته نعيش محطات من الذي ضاع منا ما بعد تواجد مدير الثقافة السابق حسين ناشيطو ..تلك كانت حكاية جمعتنا على نفس رؤى أيام البويرة الحالمة ..وفعلا إرتقى جيلالي عمراني بنفسه الى أن قام بشق طريقه إتجاه الرواية وأفلح فيها وفي التموضع الجيد حينما أحالنا على روايات خالدة جسدها عبر تراجمه وعبر إنتاجه الراقي لهذا اللون الأدبي المفخخ.. كانت له الكلمة المطلقة ..كي ينصهر في الحرف والمعنى والإتجاه الإحترافي الذي صنع منه إسما خالدا تخلده الدراسات النقدية ومحركات البحث العالمية التي أرغمها الرقمي كي تنسج شبكة معلوماتية تلازم إسمه المتميز ..
أعجبني كثيرا ما قاله الناقد الكاتب اعمر سطايحي في الروائي الكبير جيلالي عمراني :
" عمراني هذا من عائلة بسيطة ومحافظة، من اٍحدى قرى
أحنيف .. في سفوح جرجرة. وقد بدأ مسيرته الاٍبداعية،
بكتابة القصة القصيرة .. فنشر قصصه في الجرائد الوطنية،
ونال جوائزا أشهرها ..جائزة أوّل نوفمبر 1954.. كما له
كتيبات "أمجاد الثورة"، وهي محفوظة في متحف المجاهد.
ثم ما لبث القاص أن يمّم وجهته نحو الرواية ..وهو
الجنس الأدبي الرحب، الذي تتداخل فيه العلوم والفنون،،
وله منها: المشاهد العارية، أحلام الخريف، البكّاءة، الغسّال،
المنافي/حكايات شامية..
وبرواية البكّاءة، خرج الكاتب من معطف الأدب المحلي..
اٍلى الأدب العربي.. اٍذ نافست "البكاءة" روايات عربية، شاركت في مسابقة صالون نجيب الثقافية بالقاهرة، ونال بها
كاتبنا المركز الأول، وفي مصر، تمّ تكريمه(2018).
لكن من المؤسف أن بلده الحزائر لم يُعره بالا ولا اهتماما، مع أنه يمثّل سفير الوطن ..
غير أن بعض الجمعيات والمؤسسات، حفظت ماء الوجه،
فقامت بتكريم كاتبنا، نذكر منها:بصمات و أحاديث العشيات ببرج بوعريريج وأوزيا بسور الغزلان ودار الثقافة
علي زعموم بالبويرة وجمعية التاريخ والتراث التي يرأسها
الأستاذ "هلال يحي".. ليبقى الروائي جيلالي عمراني ذلك الاٍنسان الأمازيغي ، الوفي للغة العربية، تدريسا وتأليفا...وهو الرجُل المُحب، المسالم، المتواضع، المثقّف، الذي يفرض على جليسه ومُحاوره، أن يحترمه، لأنه صاحب دماثة في الخُلُق ..." ..إنتهى كلام اعمر سطايحي ..
كذلك عايشت محطات هذا الكاتب الراقي الجميل .. أتذكر تواجده في بيتنا الريفي في ضرابنية حينما تم تكريم والدتي المجاهدة الراحلة حمدي فطيمة زهرة ..كانت فرصة كي أضمه إلى قبيلتي وعشيرتي ..واحدا مني وأنا منه ..ومن يومها يمكنك القول.. أنه فعلا.. في القلب ..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى