د. جورج سلوم

بيب.. بيب .. إنه صوت إنذار المِصعَد الكهربائي بأنّ الحمل يفوق الثقل الأقصى المسموح ، وبالتالي سيبقى الباب مفتوحاً ولن يصعد بنا . بيب.. بيب .. بيب .. والضوء الأحمر المتوهّج على لوحته الإلكترونية ينذر الأشخاص الصاعدين بأنّ الوزنَ الجمْعيّ للراكبين تجاوز الحدّ الأعلى . بيب..بيب .. وكأنهم صمٌّ...
وقال لمساعده الذي يشاركه العمل في ورشةٍ صغيرة لتصليح الهواتف الجوّالة : -وهل تمّ إصلاح الآيفون ؟ -إنه جاهز يا صديقي -ممتاز ، وأجرة التصليح تتماشى مع سعر الجهاز كما تعرف ، فلا تتساهل مع الرزق الحلال وقد جاءنا على قدميه يسعى ، خذ أجرةً مضاعفة وابتسم المساعد بخبث وكان يغوص في القطع الصغيرة...
يلتقيان كلّ بضعة أيام عندما تسنحُ لهما فرصة ...يسيرانِ على شاطئ البحر ..يجرّان قدميهما فوق الرّمال الرّطبة ..تنغرسُ أحذيتهما ..يرسمانِ خطين متوازيين لا يلتقيان مهما امتدا .. ويعاودان المسير بعد بضعة أيام ...ويحاولان رسم نفس البصمات على الرمال ..قد يجدان لاحقاً آثاراً لها ..أو قد تكون امّحت...
أبحثُ عنكِ....في عالمي الضيّق المدجّج بالرّجال ...في مخيّلتي المزدحمة بالصور ..في مرمى مدفعي الرشاش ..في منظاري المقرّب خلف َ التلال...ثم أحتضن سلاحي وأُرخي العنان لأحلامي الجامحة تقودني إليكِ .... وعندما رأيتكِ تتوسّدين ذراعي رسمتُ على شفتيَّ ابتسامهْ.. - (لا تمكثي طويلاً يا فتاتي ...فقد...
سقف بيتي حديد .. ركن بيتي حجر مع أنه لا يتقن العربية ، لكنه يفهمها ، ويخاف منها في موروثه الفكري . لذلك كان نتنياهو يتغنّى بمطلع هذه القصيدة العربية لبث الطمأنينة في نفوس جمهوره ..وكان يقصد قبته الحديدية ، وأركان بيته من جدار متعال ملتف كالأفعى ، ليقسم الحقول والبيادر آمناً إلى ما خلف الجدار ...
وقد يظنُّ البعض من أنصار التقدم الطبي الحضاري ومهلّلي الحداثة الكاذبة أنّ الطبَّ يقدر ويقدر ، ويحيي العظام وهي رميم ، ولا ينفكّون يعدّدون إنجازاتٍ هنا وإعجازاتٍ ومعجزاتٍ هناك ! ولكن يبقى العجز الحقيقيّ ماثلاً مهما التفّوا حوله وأخفوه ، فيزّينون انتصارهم الوقتيّ في معركةٍ ما ، ويتعامَون عن...
يحتفظ بدفتر صغير في محفظته فيه مواعيده المستقبلية واستحقاقاته المبرمَجة ، ويشطب ما فات منها وما تمَّ تجاوزه . وتلك المهمّات المُخَطَّط لها يعطيها أرقاماً حسب أهمّيتها وضرورتها وأولويّاتها ، وبعضها ممّا كان يتوجّس منه يكتب بجانبه عبارة (بإذن الله) عسى أن يتمّ الأمر بمشيئة الله ، فأنا أريد وأنت...
لا يذكران متى جرى ذلك الأمر لأوّل مرّة ، لكنّ البداية كانت قديمة قليلاً ، والأمر صار متّفقاً عليه بأنّ البداية جدّ قديمة ، وما من أحد يريد نبش التواريخ لتسجيل نقطة البدء ، لأنّ الأمرَ بات متكرّراً ومعتاداً ومقبولاً بل ومن المسلّمات ، وبحكم الأمر الواقع وقالت لزوجها هامسةً : -عسانا ننتقل من ها...
كفاكم قتلاً للأجساد فلن تستفيدوا شيئاً لن ينقص الزّحام في تلك الأرض المكتظّة تلك الأرض عنيدة ومعنّدة، وستُنبِت الأطفال الحاقدين رغماً عنكم والتربة تلك غنيّة بالبذور المدفونة على ضيم، لأنّ كل قتيل سيتمّ دفنه مع بذرته، والبذرة ستنتش، وتعود لتشقّ وجه الأرض كنباتٍ طفيليّ، رغماً عنكم. رغماً عنكم...
عندما أرسل نزار قباني رسالته الشهيرة من تحت الماء، وصدح بها عبد الحليم متغنّياً بكلماتها، إني أتنفّس تحت الماء، إني أغرق، كانا كلاهما على البرّ. وتهيّأ لنزار إنه غاص في البحر، وتذكّر وهو يهوي إلى قاعه الفكريّ بأنه لا يعرف فنّ العوم، وظلّ يردّد، إني أغرق، إني أغرق، منتظراً من حبيبته أن تنتشله من...
لا أذكر كيف سرقني النوم، ولكني صحوتُ الآن لأراكِ نائمة بجانبي. أوّاه من خجلي ممّا فعلتُ بكِ! لا .. لا تستيقظي الآن، فأنا أخجل من عيونكِ التي قد تعاتبني عمّا اقترفت، وأخجل من خفق أجفانك التي قد تبكّتني عمّا ارتكبت، وأخجل من دموعك التي تخجل عن أن تسيل، وأخجل من خجلكِ الذي يتوارى ويتخفّى فلا...
- إنها معلومات دقيقة وموثّقة، ورسميّة وقانونية، تلك المكتوبة في جواز سفرك. ولذا لا يمكن لجواز السفر أن يكون كاذباَ كما تتّهمه. إنه كالهويّة الشخصية، لا بل هو أقوى من الهوية، إذ يتّخذ صفة العالمية العابرة للحدود، وتبقى البطاقة الشخصية مربوطة الإزار ضمن حدود بلادك. وطعنك الغريب بمعلوماته سيجعله...
كالوردة تحتاج مَن يسقيها ! في مدينة الجفاف المعبّأ بالزجاجات، وقبيلة القحط المقنّع، وبلاد صلاة الاستسقاء هناك حيث تعلّمتْ السجود للمطر لأنّ المطرَ بعيدٌ كما يبدو في تلك البطاح وقد ينساها المطر في زحمة الأسماء المنتقاة وإن تذكّرها متأخّراً، فلن يأتيها رذاذاً وبرداً وسلاماً، بل قد يأتي تهطالاً...
تعالي نقتسم الأرزاق بيننا، فمنّي الخبز ومنكِ الملح، والماء الشّروب يبلبل منّا الريق. كالمتسكّعين في أزقّة الزّحام العمياء والمشرّدين من فراغ اللاعمل واللامأوى واللاهدف والمنتظرين على مقاعد الحدائق العامة يتأمّلون ويأمَلون وينتظرون . والليل إذا أتانا تدريجياً لا يُخيفنا ولا يرهبنا، فنحن...
دائماً تتلاعب بها وهي تتدلّى على صدرها ، قلادتها الثقيلة معلّقة بسلسال ثقيل ..وأحياناً لثقلها تغور خلف فرجة قميصها ، وتتذكّرها فجأة وتسحبها لتظهِرَها وتعود لتتلاعب بها . تنجذب عينه إلى قلادتها التي تشغلها ، فيدقّق النظر فيها ، كأنها كتابٌ مغلق بدفّتين ولها قفلٌ يبدو ظاهراً ، قد تكون بداخلها...

هذا الملف

نصوص
182
آخر تحديث
أعلى