نجاتي صدقي

محمد نجاتي بن بكر صدقي ألاي أميني(1905-1979) كاتب وناشط وطني فلسطيني، وأحد أهم ناشطي الحركة الشيوعية في العالم العربي في بدايتها. اشتهر نجاتي صدقي بأسفاره المتعددة في خدمة الكومنترن وبنفاشاته مع خالد بكداش، الزعيم التاريخي للحزب الشيوعي السوري. ترجم نجاتي صدقي عدداً من عيون الأدب الروسي إلى اللغة العربية، كما ألّف عددأً من الكتب المتعلقة بنقده الأدبي وبتجربته السياسيَة.

ولد محمد نجاتي صدقي في الفدس في الخامس عشر من أيّار 1905. والده بكر صدقي كان مدرساً للغة التركية ومحباً للمسرح والموسيقى، والدته نظيرة مراد مقدسية. تعلم في المدرسة الصالحية ثم في الرشيدية والمأمونية فالمكتب السلطاني في القدس. بدأت أسفاره في سن الرابعة عشرة حيث رافق والده إلى الحجاز مع قوات الأمير فيصل الذاهبة لمحاربة الوهابيين. عاد مع أبيه بعد ذلك إلى سوريا ومنها إلى القاهرة ثم عاد إلى فلسطين حيث عمل في دائرة البريد والبرق (التيليغراف) حتى أواخر عام 1924. أثناء عمله هذا تعرف نجاتي صدقي إلى الحركة الشيوعية وانتسب إليها.

نشاطه السياسي والحركة الشيوعية

أرسل الحزب الشيوعي الفلسطيني نجاتي صدقي إلى موسكو للدراسة في جامعة كوتف. وقد غادر من يافا في السادس عشر من أيلول 1925 ومكث هناك ثلاثة أعوام انقضت بتقديمه أطروحة عن "الحركة الوطنية العربية من ألانقلاب الإتحادي حتى عهد الكتلة الوطنية. وعاد إلى فلسطين في عام 1929 ليشارك بنشاط في حياة الحزب.

أوفد في عام 1931,برفقة عضوٍ يهودي من الحزب، لحضور مؤتمر النقابات الدولية، في موسكو. ولدى عودته ألقت الاستخبارات البريطانية القبض عليه، حيث سجن في قلعة عكا حتى عام 1932. في عام 1933 انتقل إلى حيفا، ومنها انتقل إلى باريس بتعليماتٍ من الكومنترن. في أيلول عام 1933 بدأ صدقي بإصدار صحيفة "الشرق العربي" الشهرية والتي كانت نوزع سرّاً في البلدان العربية. اتخذ صدقي في هذه الفترة اسماً مستعاراً هو "مصطفى العمري". وقد استمرت هذه الصحيفة بالصدور حتى عطلها رئيس الحكومة الفرنسي لافال في عام 1936.

إاستدعي بعد ذلك إلى موسكو حيث قابل خاد بكداش وبرزت بينهما مجموعة من الخلافات فيما يتعلق بموضوع الوحدة العربية، إذ كان نجاتي صدقي (ممثلاًعن الفرع الفلسطيني للحزب) يعتقد بضرورة أن يكون العمل الثوري موجهاً، إضافةً إلى مسعى تحقيق العدالة الاجتماعية، إلى تحقيق الوحدة العربية، في حين أنّ خالد بكداش كان يعتقد بضرورة تحقيق الاشتراكية في كلَ قطر على حدة، قبل تحقيق الوحدة العربية.

سافر في عام 1936 إلى إسبانيا ليشارك في جهود الدعاية والبوباغندا الجمهورية ضد فرانكو. وقد كان مسؤولاً عن تحرير المنشورات الموجهة للجنود المغاربة المحاربين مع فرانكو. وقد ذهب إلى ساحات القتال لمخاطبة الجنود. وقد كان من المفترض أن ينشئ إذاعةً في الجزائر ناطقة بالعربية باسم الحزب الشيوعي الإسباني، لتبُث في المغرب العربي. إلّا أنّ أسباباً فنية حالت دون ذلك.

انتفل نجاتي في عام 1937 إلى لبنان ومنه إلى دمشق حيث أسندت إليه منظمة دمشق الحزبية. وبدأت علاقاته تسوؤ مع خالد بكداش. وهناك بدأ ينشر في الصحف مسلسلاً بعنوان "عربي حارب في إسبانيا"، من دون ذكر اسمه. إلّا أن المسلسل جمع لاحقاً ونشر في كتاب باسم خاد بكداش. وقد جمدت عضويته في الحزب في تلك الفترة. وفصل منه نهائياً عام 1939 بعد أن شنَّ هجوماً على اتفاقية عدم الاعتداء الموقعة بين هتلر وستالين في الحادي والعشرين من آب عام 1939.

نشاطه الأدبي والسنوات اللاحقة

عاد نجاتي إلى القدس عام 1940 وبدأ العمل في محطة إذاعة "الشرق الأدنى" وبقي فيها حتى حدوث النكبة سنة 1948. انتقلت الإذاعة إلى قبرص وانتقل معها إلى مدينة ليماسول وبقي فيها إلى عام 1950. حيث انتقل بعدها لبيروت وعمل في الصحافة والأدب وكتابة النصوص الأدبية.

تميزت هذه الفترة بإنتاجه الأدبي حيث أنه نشر، إضافةً إلى عمله كصحفي في الصحافة المرئية والمسموعة، عدداً من الكتب نذكر منها: بوشكين (1945) وتشيخوف (1947). كما وفام بترجمة عددٍ من الأعمال الروسية إلى العربية (قصص مختارة من الأدب الروسي بيروت1950). وكان نجاتي صدقي قد أصدر كتيباً في عام 1940 بعنوان " النازية والتقاليد الإسلامية" في مساهمة ٍمنه في دحض الدعاية النازية.

ألّف نجاتي صدقي عدداً من القصص القصيرة، نشر بعضها في مجلتي الرسالة والكتاب (منذ عام 1946) وأشهر هذه القصص قصة " الأخوات الحزينات".

حياته الشخصية

تزوج نجاتي صدقي من سيدة أوكرانية اسمها لوتكا (1905 - 2000) ورزق ببنتين وولد: دولت وسعيد وهند. انتقل نجاتي صدقي إلى أثينا حيث كانت تعيش ابنته في عام 1976. وهناك وافته المنية في السابع عشر من تشرين الثاني عام 1979 وبذلك أسدل الستار على حباةٍ ملأى بالترحال والإنتاج الفكري.

و قد تم نشر مذكرات نجاتي صدقي عام 2000 بعد أن حققها حنا أبو حنا ونشرتها مؤسسة الدراسات الفلسطينية.



نجاتي صدقي.jpg
أعلى