محمد مصطفى العمراني

منذ نقلي للتدريس في هذه القرية النائية وأنا أترحم على أيامي في المدينة حيث الخدمات قريبة وميسورة . أظل أغلب الوقت وحيداً في سكن المدرسين ، وحين احتاج إلى بعض المواد الغذائية أذهب إلى البقالة التي في القرية الأخرى ، تبدو قريبة لكن حين أذهب إليها اكتشف أن المسافة أبعد مما تصورت .! أمام البقالة...
الليلة قررت أن أرحل ، لقد كرهت هذه الحياة التي أعيشها مع زوجي كزوجة ثانية ، شتمني كثيرا ، وضربني أكثر دون أية أسباب سوى إرضاء زوجته الجديدة.! لقد تحملت كل هذا العذاب من أجل أولادي ، وهاهم قد كبروا ويستطيعون العيش بمفردهم ، أما الطفل الصغير فسأخذه معي. الان الوقت بعد منتصف الليل ولم أنم بعد من...
ما يزال كبار السن في قرية أكمة العقاب إلى يومنا هذا من الأميين ، باستثناء عبد السلام منصور " الفقيه " الذي يقوم بتحرير العقود وكتابة الوثائق ، يقرأ خطبة الجمعة ويصلي بالناس في جامع القرية . وقبل أن يتعلم فتيان القرية القراءة والكتابة في مدرسة القرية المجاورة كان الفقيه هو الشخص الوحيد الذي يقرأ...
استيقظ سمير نجل الشيخ على صوت عبده حزام الحارس في حقول الذرة وهو يصيح : - يا شيخ عبد العزيز قم يا شيخ . استقبله سمير بغضب : - ايش حصل ؟! - قتلته - قتلت من ؟ الله لا صبحك من صباح الصبح . - قتلت الوحش. جحظت عينا نجل الشيخ وشحب وجهه وهمس : - اصصصصه اسكت ولا كلمة ، الشيخ راقد. وأضاف : - هل علم أحد...
مقيل اليوم في سكن الأطباء كان باردا حيث خيم الصمت على الجميع ، بقينا نشاهد الأخبار ونادرا ما تحدثنا وبعد المغرب غادر الجميع بصمت .! فقد المقيل ضحكته وحيويته بغياب الدكتور أكرم سليمان ، ذلك الطبيب المرح الذي يضحك ويقول النكات ويروي الحكايات بطريقة مضحكة ، لقد جعلني أحب الطب والأطباء ، حتى صرت...
منذ الأمس والطفل يسعل ، في البداية لم نعر الأمر اهتماما ، وحين تواصل سعاله ذهبت إلى الصيدلية واشتريت الدواء ، نعطيه الجرعات المقررة بانتظام لكنه لم يتحسن .! في هذه الليلة وبعد منتصف الليل تفاقم الأمر ، صار يسعل بقوة حتى يكاد السعال يقصم ظهره ، لا تمر دقائق دون أن يسعل حتى شحب صوته وأحمرت عينيه...
عندما سمعت مسعدة عبد الكريم بأن موسم الحج قد أقترب قررت هذا العام أن تحقق أمنيتها بحج بيت الله وزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ، تلك الأمنية التي ظلت تحلم بها طيلة عمرها . طافت على إخوانها وحدثتهم عن رغبتها في الحج فقد قارب عمرها على الستين عاما ، وهي تخشى أن تموت ولم تحج وترى مكة والمدينة...
حين عملت بالتدريس في إحدى المدارس في ضواحي مدينه إب ، أستطعت بالتعاون مع البعض من المدرسين تحويل المدرسة إلى شعلة من النشاط والعطاء الذي تجاوز المدرسة إلى المناطق المجاورة ، محاضرات في المساجد ، أسمار ومهرجات ، رحلات ومباريات ، مسابقات وجوائز ، لقاءات في المقايل ، أنشطة دعوية وثقافية ، لكن سرعان...
قبيل مغرب تلك الليلة كنت عائدا من عرس أحد زملاء الدراسة ، هبطنا من ذلك الجبل ، في الطريق وقد بلغت نشوة القات الفاخر ذروتها قررت قتل عباس غالب زميلنا الذي كان يضايقني في الفصل ، قلت أخي الذي يرافقني : - سأقتل عباس غالب .. توقف عن المشي وسألني : - ايش قلت ؟! - سأقتل عباس غالب ، والله ما يمسي هذه...
عندما عاد المعلم مقبول حسن من المدرسة في الظهيرة كان في غاية الإرهاق والجوع ، فمنذ الصباح لم يذق لقمة .! فتح باب منزله ودخل ، لم يجد زوجته وأطفاله ، شعر بارتياح لمغادرتهم إلى منزل عمه ، على الأقل هناك سيجدون الطعام الذي يشتهون . لم يتسلم راتبه منذ أشهر ، وحتى السلة الغذائية التي كان يستلمها من...
منذ إرسال مشاركتي إلى مسابقة الملتقى للقصة القصيرة بالكويت وأنا أتخيل أنني قد فزت بالجائزة الأولى ال 100 الف دولار . مشاريع وخطط وأفكار عديدة بنيتها على هذه الجائزة. قلت للزوجة : - اذا فزت بالجائزة سأشتري أرضية في ضواحي المدينة وأبني عليها منزلا يريحني من كابوس الإيجار . وأضفت : من المؤكد سيبقى...
تعودنا في كل ليلة ما إن يأتي منتصف الليل حتى نغط في نوم عميق ، لكن الليلة الأمر مختلف تماما.! تخيل جاءوا بإنسان إلى جوار منزلك وقاموا بتعذيبه ، ويظل يصرخ ويتألم طوال الليل فهل ستستطيع حينها أن تنام ، أو تجلس في بيتك براحة وهدوء ؟! بالضبط هذا ما حدث ، لكن مع فارق بسيط وهو أن الذي يتعرض للتعذيب...
بعد أن تناولت الغداء في المطعم فوجئت بشاب من العاملين في المطعم يقف أمامي ويسألني وهو مضطرب : - أنت الأستاذ محمد مصطفى العمراني كاتب القصص ؟ - نعم . صافحني بحرارة وقد أكتسى وجهه بفرحة عارمة ، وحين طلب مني الانتظار لثواني قلت : ربما يريد التقاط صورة معي ، من المؤكد أنه من القراء القلائل للعبد لله...
حين وصل قاسم سعيد قريته " أكمة الغراب " بعد سنوات من الغربة في السعودية لم يخطر بباله لحظة واحدة أنه سيدفع ذلك الثمن الفادح لشقاوته مع تلك الطبيبة قبل أشهر .! نحن في منتصف الثمانينات لا هواتف ولا اتصالات ، الليل قد انتصف والجميع قد أسلموا أنفسهم لنوم عميق ، لا صوت سوى صوت بومة في الأكمة ، وكلاب...
الساعة العاشرة ليلاً وأنا على عجلة من أمري ، أريد العودة إلى منزلي فقد تأخرت والسماء بدأت تمطر وبرد صنعاء على أشده ، برد متوحش يغزو مفاصلي ويلفح وجهي ، أوقفت سيارة أجرة ودون أن أفاوض السائق بالأجرة فتحت الباب ورميت بنفسي على المقعد ، أخبرته بالمكان الذي أريده فهز رأسه ومضى بصمت . بدأ المطر...

هذا الملف

نصوص
62
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى