رأفت عبد الحميد فهمي - الطهارة المزعومة

كثيراً ما تحدثنا الأيات القرآنية عن الجنة و نعيمها كما جاء في قوله تعالى : ولهم فيها أزواج مطهرة ( سورة البقرة -25) وقد تكررت كلمات الأزواج المطهرة في العديد من السور ولكنا نلاحظ أن الخطاب هنا ذو خصوصية ذكورية محضة لأنه موجه إلى المؤمنين الرجال دون المؤمنات من النساء حيث قال لهم فيها ولم يقل لهن فيها وجاء في تفسير القرآن العظيم للإمام الحافظ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي المتوفي سنة 774 هـ لسورة البقرة وهو يشمر عن ساعد الجد ويقول : قال ابن طلحة عن ابن عباس : زوجات مطهرة من القذر والأذى وقال مجاهد : من الحيض والغائط والبول و النخام والبزاق والمني والولد وفي رواية عنه لا حيض ولا كلف ( ص 75 ) وبالطبع لا نلمح أن لصاحبات اليمين من المؤمنات أي وعد برجال مطهرين أيضاً من القذر و الأذى ولكن الأية الصريحة جاءت كي تبعث الطمأنينة في قلوب وأخيلة الرجال أن زوجاتهم في الجنة سيصبحن مطهرات من كل أعراض الحيض والنفاس والحموضة والرطوبة والعرق والمخاط وكافة الروائح الكريهة لجميع أعضاء النساء الظاهرة منها والمستترة كالفم و الأنف والإبط حيث تتجلى الأهمية الخاصة للأعضاء التناسلية وذلك لأنها صاحبة الدور الأساسي والمحوري في عمليات المسيس والغشيان والحرث والوطء والنكاح وكأن الفكرة المراد التركيز عليها هي تصوير المتع الآتية والمباهج السحرية وسط عالم يموج بالنشوات واللذائذ ذات الشكل الفائق من الخيال الرومانسي كي ما يحلق المؤمنون في العوالم الوردية لهوس جنسي عارم .
وقد أوضحت الآيات يقينية الدلالة مدى التركيز على أن الله سبحانه وتعالى سيبدع للمؤمنين الداخلين جنات عدن خلق جديد من النساء المختلفات والمتطورات واللاتي قد تخلصن من كل صور المستقبحات والقاذورات المصاحبة لهن في دنيانا الفانية لذا فهن سيصبحن مطهرات نقيات من كل توابع عمليات الحرث والمسيس والغشيان وخاصة أنهن من النوعية الفائقة من الأنتاج الجديد وهن نساء الحوريات العُرب الأتراب المقصورات في الخيام كما جاء في قوله تعالى : وزوّجناهم بحور عين ( الدخان -54 ) و حور مقصورات في الخيام ( الرحمن – 72 ) فجعلناهن أبكارا عربا أترابا ( الواقعة – 37 ) .
لكن لم يتسلل إلى عقول المؤمنين الهائمة في النعيم الجنسي المرتقب أن الله الذي سيأتي بالأزواج المطهرة هو ذاته من آتى بالأزواج غير المطهرة للتعامل الدنيوي المتاح في حياتنا الدنيا الحالية وكأن الخلق الجديد خال من كافة العيوب المستقبحة والتي فرضها الخلق الأول من قذارات ونجاسة كي ما نفهم أن النساء في الخلق الجديد هن نساء ممتعات مشبعات و مبرآت من كافة توابع الخلق الأول كما قال سبحانه وتعالى : صنع الله الذي أتقن كل شيئ إنه خبير بما تفعلون ( النمل – 88 ) و لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ( التين – 4 ) .
فهل تناسى المؤمنون أن كلا عمليتي الخلق هما من صنع وابداع خالق واحد هو الله عزّ و جلّ وهكذا ينمو الخيال الأسطوري لدى طالبي متعة النكاح والوطء لكن في مخيال جديد لانتاج معدل و متطور خال من كافة المسقبحات الدنيوية فهنيئاً لأصحاب اليمين في جنات النعيم

.
 
أعلى