اسعد الامارة - الجنس.. بين الرغبة والاشتهاء والتابو-المحرم

يقول علماء النفس ان المعايير تنظم السلوك الاجتماعي في كل المجتمعات ومن هذا السلوك، هو السلوك الجنسي لدى الافراد، السلوك الجنسي بكل اعتداله وتطرفه وشطحاته، ففي هذا السلوك عوالم وغياهب غير مألوفة ونزعات غير واقعية، ورغبات جنونية، انه الجنون تماما في ما يفكر به البعض ممن تطرف سلوكه الجنسي وبلغ اوجه في الاشتهاء حتى غمر هذا الاشتهاء كل مناحي العقل واحاله الى رغبات جامحة، واحال صاحبه بكل ماضيه وعواطفه وتحضره الانساني الى رغبة حيوانية تحركها الاهواء والبحث عن اللذة من طرف واحد. اننا نناقش الاشتهاء في هذه السطور ولنا في التاريخ اعظم العبر والدلائل، الم يعبر سوفوكليس عن عقدة اوديب عندما جعل " يوكاستا " تقول مخاطبة اوديب: " كم من فان قبلك ضاجع في الحلم امه، ولكن يسهل عبء العيش لمن لم يلق الى ذلك بالاً "
ان الرغبة الجامحة في الجنس وامتلاء المخيلة بالاشتهاء لا تمنعها قيم او معايير او ضوابط خلقية او دينية او اية موانع اخرى، الم تطالعنا الصحف والفضائيات بين الحين والاخر وتعرض للناس على مدار الكرة الارضية بان هناك من يمارس الجنس مع جثث الموتى في مستشفيات الطب العدلي قبل التشريح، الى اين قاد هذا الشبق الجنسي عند هذا الانسان حتى جعله يشتهي ممارسة الجنس مع الجثة بدون اية لحظة عقل او تأمل بالروادع الدينية او الخلقية، حتى ان صاحب هذا السلوك الذي يدفعه ميله الدافق القوي الى المواقعة الجنسية مع جسم الميت يحقق الرغبة الكاملة مع موضوعه الجنسي وهو جثة الميت، وتسمى هذه الظاهرة Necrophilia، اي ممارسة الجنس مع الموتى، الم يمارس البعض الجنس مع كبار السن بعد ان دفعه الاشتهاء الجامح للرغبة مع عجوز او كهل، حتى راح يضاجعها ويتخذها شريك جنسي رغم الفارق الكبير بالعمر، ويقول علي كمال تفسر هذه الحالة على انها مظهر من مظاهر تجميد الحياة النفسية والجنسية على مستوى " مركب اوديبوس" عندما يتاكد في نفسه التعلق بوالدته والنفور من والده او تعلق (الانثى) بوالدها والنفور من والدتها " مركب اليكترا " وبهذا يواصلان التعلق النفسي والجنسي بمن يكبرهما ولهذه الاستمرارية من التعلق اللاشعوري ان تؤثر في ميولهما الجنسية وتوجهها نحو ما يشابه الام او الاب عمرا وصفة.
ان الرغبة الجنسية مجنونة حينما يقترن معها الاشتهاء بقوة، هذا الاشتهاء قاد بعض الناس الى مضاجعة الحيوانات، كما هي احوال بعض سكان الريف في مختلف المجتمعات، او مضاجعة الذكور " اللواط " او مضاجعة الاناث لبعضهم البعض" السحاقية ". كيف تفسر هذه الافعال الجنسية على انها رغبة، والرغبة بها من الاشتهاء اكثر مما بها من التعقل،فالبعض يمارس هذه الرغبة حتى تغدو سلوكا مألوفا لا غبار عليه، يألفه مع نفسه ويتقبله كامر عادي فينحو بنفسه نحو ممارسته وتقبله ولا نغالي اذا قلنا ان بعض تلك الحالات المتطرفة لا تستهويها ممارسة الجنس مع اقرانها ممارسة جنسية سوية.
ان الجنسية السوية ما هي الا اتحاد الاعضاء التناسلية في فعل يعرف بالجماع ويؤدي الى اطلاق التوتر الجنسي وانطفاء الغريزة الجنسية انطفاء مؤقتا، وهو اشباع مماثل للشبع في الجوع او الارتواء في العطش لدى الطرفين " الانثى والذكر" بدون ان يشعر احدهما في هذه العملية بالفقدان او التجريح، فكلاهما مكمل للآخر في الفعل الجنسي السوي، بيد اننا نجد في هذه الفعل نقيضه في الممارسات الجنسية غير السوية وخصوصا في ممارسة المحرمات " التابو" اي بمعنى ادق ممارسة الجنس مع اقرب المقربين وهو ما يسمى ب " زنا المحارم " كما فعلها اوديب وضاجع امه او كما عبر (ديدرو)عن هذه العقدة في قصته (ابن اخ رامو) عندما قال في وصف الصبي الصغير: اذا ترك الامر لهذا الصغير المتوحش وظل على طيشه، وجمع بين قلة العقل التي تميز الطفل الصغير وعنف الشهوات التي نجدها لدى الرجل في الثلاثين فلن يحجم عندئذ عن ان يدق عنق ابيه ويضاجع امه.

اننا نقول استنادا الى الرؤية النفسية التحليلية بان امتداد الاهتمام الجنسي الى موضوعات اخرى غير المألوفة، لا يمدنا بشئ جديد من حيث المبدأ ولا يزودنا معرفة بالغريزة الجنسية التي تعلن على هذا النحو عزمها على الاستحواذ على الموضوع الجنسي مهما كان تكوينه او مصدره او نوعه، انه محكوم بالمغالاة في طلب الجنس وقوة الاشتهاء وعنف الرغبة، فبعض الاشخاص الذين يمارسون الجنس مع المحارم ،يدور في اذهانهم دائما ان الجنس واحد، وان لا حدود هناك بين القريب والغريب، فالرغبة تتجه حيوانيا نحو الاشباع ولا يكبحها مانع او يقمعها رادع او تسلط الضمير، تطالب هذه الرغبة بان تتعامل كأنها وحدة واحدة مع الموضوع الجنسي اياً كان نوعه او جنسه او صلة قرابته، ان ما يحكمها سوى النشوة بالفعل الجنسي واشباعه، ويتفاوت سلوك هؤلاء البشر في التكوين بعمق ارتباطاتهم، اي ثبات قوة رغباتهم واشتهائهم للموضوع الجنسي تبعا للحالة النفسية، فهؤلاء ينظرون الى الموضوع الجنسي(امرأة مسنة، او طفل صغير، او جثة امرأة، او حيوان، او ممارسة الجنس تحت ظرف الاغتصاب، او ممارسة الجنس مع الام او الاخت او البنت او زوجة الاخ او المحارم الاخرى)موضوعا لا اكثر ولا اقل، اياً كان نوعه ،وليس ضروريا الا بقدر ما يحقق وظيفة لهم ويحصلون على الاشباع الغريزي منه بلا مراعاة لحاجاته او رغباته او رضاه او ما تحكمه من محرمات ويقول علماء التحليل النفسي حتى الدوافع الانفعالية الايجابية تلبس صورة عدوانية بحيث تعبر العلاقة عن رغبات امتلاك وحشية عديمة الاعتدال والثبات، في سلوك بعض المنحرفين،لتدخل مشاعر الاثم والخوف، وهو ازاء ذلك فان المنحرف يزيح خوفه واثمه بان يغور اكثر في مغالاته لممارسة هذا السلوك البعيد عن القيم الانسانية، فهو يعتقد ان اشباع الرغبة يؤدي الى تفادي الشقاء، وهو في الحقيقة استمرار للصراع الداخلي بين الغرائز الحيوانية والقوى اللاشعورية القابعة في اعماقه والمقاومة لافراط الغرائز، ولكنه يفشل في كل مرة ويعيد الممارسة ويعيد الكرة تلو الكرة حتى يظل لاهثا بلا اشباع، وما قولنا الا ان نقول ولله في خلقه شؤون.

.
 
أعلى